بسم الله الرحمن الرحيم
...........................
إدراك المعلم للأساليب التربوية الفعالة:
الأسلوب التربوي الفعال في تعليم تلاوة القرآن الكريم:
قال تعالى : (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمةو إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) الجمعة: 2
...........................
إدراك المعلم للأساليب التربوية الفعالة:
الأسلوب التربوي الفعال في تعليم تلاوة القرآن الكريم:
قال تعالى : (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمةو إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) الجمعة: 2
وقال تعالى: ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ،ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ) فاطر : 29 ، 30
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا القرآن مأدبة الله ، فاقبلوا مأدبته ما استطعتم ، إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ، ونجاة لمن اتبعه ، لا يزيغ فيستعتب ، ولا يعوج فيقوم ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق من كثرة الرد ، أتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول لكم ، الم ؛ حرف ؛ ولكن ألف ولام وميم " . رواه الحاكم في المستدرك .
وفي تـلاوة القرآن الكريم ثواب عظيم، فقد قـال عليه الصلاة والسلام: "عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء" أخرجه ابن حبان وروى الحديث الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري ولفظ الحديث عن أحمد : " أوصيك بتقوى الله تعالى فإنه رأس كل شيء ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام وعليك بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض.
ولكل قارئ للقرآن الكريم درجة حسب تلاوته ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " أخرجه البخاري ،وأخـرجه مسلم في فضـائل القرآن في باب فضيلة حافظ القرآن.
والتلاوة لها أجر عظيم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من استمع إلى آية من كتاب الله كتب له حسنة مضاعفة ، ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة " رواه أحمد
كما يلزم الخشوع والتدبر وتحسين الصوت بالقرآن الكريم في تلاوته .
كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله " . أخرجه ابن ماجه
ولعـل الأسلوب التربوي الفعال في تعليم تلاوة القرآن الكريم يتمثل في الآتي :
1- إخلاص النية من المعلم وطالب العلم في التلاوة بأنها تكون لله تعالى ، وذلك لأن تلاوة القرآن العظيم عبادة لله تعالى حيثيقول عز وجل (فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص) الزمر: 2 ، 3. لذا يجب إخلاص النية ، وإصلاح القصد ، وجعل تلاوة القرآن العظيم لله وحده ، ومن أجل مرضاته تعالى ، والفوز بالجنة ، حيث ينال الثواب العظيم لمن تلا القرآن العظيم خالصاً لوجه الله تعالى .
حيث لا أجر ولا ثواب لمن قرأ القرآن الكريم وتلاه وحفظه رياء وسمعة كما تدل على ذلك الأدلة التفصيلية من الكتاب والسنة .
2- الرغبة الصادقة من المعلم في تعليم القرآن الكريم لأولاد المسلمين ومحبة ذلك من أجل مرضاة الله تعالى .
3- أن يعـود المعلم تلاميذه بعدم تجاوز تلاوة سورة حتى يربط أولها بآخرها، حيث يجب أن تثبت تلاوة السورة في ذهـن الطلاب بشكل مترابط متماسك ، حيث يكون عندهم ما يسمى بحد التمكن في التلاوة والانتقال إلى تلاوة آيات أخرى .
4- أن يعِّود المعلم تلاميذه على التلاوة اليومية المستمرة ويكون من بداية ما تعلموه إلى آخر ما وصلوا إليه ، وإذا كان أحدهم قد أنهى تلاوة القرآن كاملاً فتكون تلاوته اليومية من بداية المصحف من سورة الفاتحة حتى سورة الناس فكلما ختم ختمة افتتح بأخرى ، فقد جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : الحال المرتحل ، وقال : وما الحال المرتحل ؟ قال : الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل " أخرجه الترمذي
ولذا ينبغي لطالب القرآن الكريم ألا يقوم بعد ختم المصحف حتى يفتتح ختمة جديدة فيقرأ حتى قوله تعالى ( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) البقرة: 5 .
ولكي يبقي المسلم على صلة وثيقة بتلاوة كتاب الله تعالى ، وتكرار ختم القرآن ختمه بعد ختمه رجاء ثواب الله تعالى.
وهذه التلاوة اليومية وإن كانت قليلة هي أنفع من تلاوة بعدها انقطاع وهجـران لكتاب الله تعالى عدة أيام حيث جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".
5- ويلتزم قارئ القرآن ومعلمه في هذه التلاوة اليومية وغيرها سواء في المدرسة أو في حلقات التحفيظ التنبيه على الطهارة والوضوء قبل الشروع في القراءة من الأستاذ المتخصص مشافهة، مع الاستفادة من الاستماع إلى أشرطة القرآن الكريم لمشاهير القراء ولا سيما أئمة الحرمين الشريفين وغيرهم من الحفاظ ، وتعويد اللسان على القراءة مع قراءتهم مع الاستقامة في الأمور كلها .
6- من الأساليب الفعالة في تلاوة القرآن الكريم تعويد الطلاب على التلاوة التأملية ، وذلك بحضور القلب واستشعار عظمة الله تعالى ، حيث القرآن الكريم كلامه عز وجل وهو موجه إلى الإنسان ، وأن الإنسان مخاطب بهذا القرآن العظيم من الخالق عز وجل .
وهذا يتطلب تكرار الآيات وتأمل معناها وأحكامها ، حيث القرآن الكريم يمثل منهج حياة المسلم ، يفعل ما أمره الله به ، ويترك ما نهاه عنه ، والتأمل في كلام الله تعالى وترديد الآيات لفهمها مطلوب من المسلم فعن أبي ذر رضي الله عنه قـال : قام النبي صلى الله عليه وسلم بآيَة حتى أصبح يرددها، وذكر أبو ذر الآية( ) وهي : قوله تعالى: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ). المائدة : 118
والتأمل في القرآن الكريم مطلوب من المسلم فقد روى مقاتل بن حيان رحمه الله تعالى : قال : صليت خلف عمر بن عبد العزيز فقرأ (و قفوهم إنهم مسؤولون ) الصافات : 24 ، فجعل يكـررهـا لا يستطيع أن يجاوزها ، يعني من البكاء
وعن محمد بن الحسن رحمهما الله تعالى قال : قام أبو حنيفة رحمه الله تعالى ، ليلة بهذه الآية.( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر . : ) القمر :46 )، ويبكي ويتضرع إلى الفجر.
ولهذا يطلب معلم القرآن الكريم من الطلاب التلاوة الصامتة وذلك مع تنبيههم على التلاوة التأملية بتدبر القرآن وفهمه مع الدعاء لهم بأن الله تعالى يفتح عليهم بفهم القرآن الكريم ويشرح به صدورهم ، وتستنير به قلوبهم ، حيث بذكر الله تعالى تطمئن القلوب .
الأسلوب التربوي الفعال في تعليم فهم القرآن الكريم :
لا يعني هذا الأسلوب التربوي الفعال في فهم القرآن الكريم أنه منفصل عن الأسلوب التربوي الفعال في تلاوة القرآن الكريم وإنما كل منهما يكمل الآخر ومحتاج إلى الآخر وإنما جاء التقسيم لغرض الفهم والدراسة والشرح .
وهذا الأسلوب الفعال في فهم القرآن الكريم له مكانة خاصة في التوجيه والتعليم ، حيث المقصود المهم من القرآن الكريم هو فهمه وتدبر معانيه للعمل به ، والعمل به يشمل الفعل والترك ، أي فعل ما أمر الله به أن يفعل ، حسب القدرة والاستطاعة وترك ما نهى الله عنه أن يترك ، وفهم القرآن الكريم هو لب معرفة القرآن الكريم ومفتاح العمل به يقول تعالى:
( كتاب أنزلناه إليك مبارك. ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ) ص: 29
وقال تعالى : ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) النحل:89
وقال الشافعي رحمه الله تعالى : " ليست تنـزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها "( ).
والناس يتفاوتون في فهم القرآن الكريم، كلٌ حسب توفيق الله تعالى له فيما تعلم. إن هذا القرآن العظيم حوى جميع المعارف والعلوم ولطائف الحكم فمن قرأه قراءة تدبر وفهم ، وعمل بمقتضاه فقد حصل له الغاية والفائدة القصوى من تلاوة هذا الكتاب العظيم.
وعلى أي حال فإن الأسلوب الفعال في فهم القرآن الكريم يتمثل في الأمور التالية :
أ – القراءة المستمرة في كتب التفسير لما يصعب فهمه من ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه مع التأمل لمعرفة مقاصد الآيات الشريفة للعمل به مع الجد والعزم من طالب العلم أن يكون ممن قال الله فيهم (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به) )البقرة: 121) ، وهو كتاب عظيم قد يسر الله فهمه وتلاوته وأحكم آياته وفصلها لكل من تدبر معناها ليعمل بهـا قال تعالى( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) هود: 1
ب – سؤال أهل الخبرة والعلماء والمتخصصين في التفسير عن معاني آيات القرآن الكريم ، حيث تظهر معاني القرآن الكريم في القلوب المؤمنة الحية التقية والنفوس الزكية الطيبة المنيبة لله تعالى، يقول عز وجل تبصرة وذكرى لكل عبد منيب : )ق: 8 ،) ولهذا يرى الغزالي رحمه الله فيما معناه أن الإنسان الذي آثر غرور الدنيا وزينتها على نعيم الآخرة دار القرار فهو ليس من أصحاب القلوب المنيبة التي تفهم القرآن الكريم حق فهمه وتتكشف لها أسرار هـذا الكتاب العظيم ، قال تعالى : (وما يتذكر إلا من ينيب ) ). غافر: 13)، وقال تعالى(إنما يتذكر أولو الألباب ) الرعد: 19 .
جـ – ربط القرآن الكريم بالواقع المعاصر ، وما يعيشه المسلم في حياته ، لأن القرآن العظيم هو منهج حياة الإنسان المؤمن الذي يلازمه في كل حركاته وسكانته ، ولذا على المعلم المسلم أن يركز على فهم ما ترمي وتدل عليه الآيات القرآنية الكريمة ، والتعمق في الفهم لكل ما تتضمنه سور القرآن وآياته من توجيهات في نواحي الحياة جمعيها وربط ذلك بما يؤدي إلى حياة سعيدة وعمارة الكون ، وحسن المعاملة ، وحسن التعايش بين أفراد الإنسانية جميعهم .
وقـد أرشـد القرآن الكريم إلى أعمـال الفكر والفهم في تدبر آياته وربطها بالكـون والأنفس قال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) الذاريات: 21
وقال تعالى : ( ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها الشمس: 7 – 10.
وإن تزكية تلك النفس من متطلبات فهم القرآن الكريم حيث يرشد القرآن الكريم إلى استقامة هذه النفس الإنسانية وصلاحها ، حيث بصلاح هذه النفس الإنسانية يصلح الكون كله ، فالكون كله من غير الإنسان قد سخره الله تعالى لهذا الإنسان قال تعالى:
(وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( الجاثية: 13
ثم أن الأسلوب الفعال لفهم القرآن الكريم من أهم الأمور التي تساعد على حفظ الآيات ولهذا على المعلم أن يوضح لطلابه تفسير الآيات ومعاني الكلمات التي يريدون حفظها حسب مستواهم العلمي ويربط تلك المعاني بحياتهم وكلامهم اليومي وأن القرآن الكريم خطاب لهم من الله تعالى بلغتهم ولكي يعملوا به .
وقد جاء في مدارج السالكين لابن القيم: (وليعلم طالب العلم ودارس القرآن الكريم أنه ليس أنفع له في معاده ومعاشه وحياته الدنيا وأخرته وأقرب إلى سلامته ونجـاته وسعـادته من تدبر القرآن الكريم وفهمه وإطالة التأمل فيه والعمل بمقتضاه، وصدق الله العظيم القائل (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) ق: 37
نفعنا الله وإكن بما نقرأ ونسمع ..
منقول ..