هل يجوز تفسير القرآن بما يسمى الاعجاز العلمي؟
(منقول بتصرف وتعديل . )
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد : لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الاعجاز العلمي في القرآن فما قول أهل العلم في ذلك؟ 1 _فتاوى للشيخ الفوزان : _ أحسن الله إليكم سماحة الوالد يقول السائل : كثر في الآونة الأخيرة كتب وأشرطة تتحدث عن الإعجاز القرآني وموافقة هذه النظريات للآيات البينات فما هو الضابط في ذلك وما هو واجب طالب العلم تجاه ذلك؟ الجواب: تفسير القرآن متقن ومضبوط وله طرق ذكرها أئمة التفسير لا يفسر بغيرها:يفسر القرآن بالقرآن ،يفسر القرآن بالسنة ،يفسر القرآن بتفسير الصحابة ،يفسر القرآن بتفسير التابعين،يفسر القرآن باللغة التي نزل بها أي اللغة العربية.هذه وجوه التفسير. أما من زاد عن هذا فجاء بوجه غير هذه الوجوه هذا شيء مبتكر ولا أصل له. ولا يجوز تفسير القرآن بالرأي.ذكر الحافظ ابن كثير في أول تفسيره الحديث و جوده :من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأمقعده من النار وأخطأولو أصاب. - أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة ، وهذا سائل يقول : هل يدخل في إعجاز القرآن ما يسمى الآن بالإعجاز العلمي؟ لا أدري ،الاعجاز العلمي هذا من عمل البشر يخطئ ويصيب .نظريات طبية أوفلكية قالها ناس قد يخطئون و يصيبون ،فلا نجعلها تفسيرا للقرآن الكريم ثم يأتي ما ينقضها و يكذبها ويبطلها ثم نقول القرآن ما هو صحيح لان هذه ماصارت صحيحة(...)والقرآن لا يفسر الا بوجوه التفسير المعروفة:أولا يفسر القرآن بالقرآن ،ثانيا يفسر القرآن بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم،ثالثا يفسر القرآن بأقوال الصحابة الذين تتلمذوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفوا تفسير القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم،رابعايفسر القرآن بأقوال التابعين الذين تتلمذوا على صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقوا التفسير عنهم وهم تلقوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم.أما كلام الناس وما يسمون بالاعجاز العلمي فكل هذه التخرصات لا دليل عليها .هذه مثل الاسرائيليات لا تجعل تفسيرا لكلام الله عز وجل. ولشيخنا الفوزان كذلك كلام نفيس في هذا المجال : سئل الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - : نسمع كثيرًا ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن ،فهل يجوز إلحاقه بمعجزات القرآن وتنزيل آيات القرآن على تلك المسائل ؟ فأجاب : ... لا يجوز تفسير كلام الله عز وجل إلا بأصول التفسير المعروفة : بأن يفسر القرآن بالقرآن ويفسر بالسنة ويفسر بتفسير الصحابة وتفسير التابعين ولا يُزداد على هذا فلا يفسر بالنظريات الحديثة لأنها تخطئ وتصيب ، وهي كلام بشر وعمل بشر،فلا نجعلها تفسيرًا لكلام الله عز وجل ،ونقول : هذا هو مراد الله بهذه الآية ،هذا قول على الله بلا علم تعالى الله عن ذلك . وكم من نظرية كانت مسلمة اليوم وبعد مدة يسيرة صارت خاطئة كاذبة وجاءت نظرية غيرها ( وما أتيتم من العلم إلا قليلا ) . فلا يجوز أن نفسر القرآن بهذه الأشياء ونقول هذا من الإعجاز العلمي. وسئل : ظهر الآن من يقول : إن معجزة القرآن رقمية بالنظر لعدد حروف كل سورة ويقوم بتأويل هذه الأرقام على ما يجرى ، فما الحكم ؟ فأجاب : هذا عمل أهل الطلاسم ، التعامل مع الأرقام والاستدلال بها ...هذا من الكهانة ومن الشعوذة ، ولا يجوز وأول من قال بالأرقام فيما نعلم ،خبيث مصري هو الذي جعل الأرقام ثم أخيرًا ادعى النبوة وقتل في أمريكا اسمه : رشاد خليفة ... وله مسجد هناك ، معبد سماه : مسجد فوسان فوسان هو الذي أسسه ، وعنده امرأة هذه مريدة له فإذا ذهب، تصلي هي بالجماعة . (سلسلة شرح الرسائل للإمام محمد بن عبد الوهاب.) شرح / د . صالح الفوزان ( ص : 159 ، 244 ) 2 _قول العلامة ابن العثيمين في ذلك: قال العلامة فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : ... أولئك الذين فسروا القرآن بما يسمي بالإعجاز العلمي ،حيث كانوا يحملون القرآن أحياناً ما لا يتحمل،صحيح أن لهم استنباطات جيدة تدل على أن القرآن حق ومن الله عز وجل وتنفع في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام ممن يعتمدون على الأدلة الحسية في تصحيح ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ،لكنهم أحياناً يحملون القرآن ما لا يتحمله ،مثل قولهم : إن قوله تعالي : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ) إن هذا يعني الوصول إلى القمر وإلى النجوم وما أشبه ذلك لأن الله قال : ( لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) والسلطان عندهم العلم وهذا لا شك أنه تحريف وأنه حرام ان يفسر كلام الله بهذا، لأن من تدبر الآية وجدها تتحدث عن يوم القيامة، والسياق كله يدل على هذا ثم إنه يقول : ( أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) وهؤلاء ما نفذوا من أقطار السموات ، بل ما وصلوا إلى السماء . وأيضاً يقول : ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ ) وهؤلاء لم يرسل عليهم. والحاصل :أن من الناس من يتجاوز ويغلو في إثبات أشياء من القرآن ما دل عليها القرآن ،ومنهم من يفرط وينفي أشياء دل عليها القرآن لكن يقول هذا ما قاله العلماء السابقون ولا نقبله. لا صرفاً ولا عدلاً وهذا خطأ أيضاً. فإذا دل القرآن على ما دل عليه العلم الآن من دقائق المخلوقات فلا مانع من أن نقبله وأن نصدق به إذا كان اللفظ يحتمله،أما إذا كان اللفظ لا يحتمله فلا يمكن أن نقول به. و سئل _رحمه الله _: ما المقصود بالعلماء في قوله تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) ؟ فأجاب بقوله : المقصود بهم العلماء الذين يوصلهم علمهم إلى خشية الله وليس المراد بالعلماء من علموا شيئاً من أسرار الكون كأن يعلموا شيئاً من أسرار الفلك وما أشبه ذلك أو ما يسمى بالإعجاز العلمي. فالإعجاز العلمي في الحقيقة لا ننكره ،لا ننكر أن في القران أشياء ظهر بيانها في الأزمنة المتأخرة ،لكن غالى بعض الناس في الإعجاز العلمي حتى رأينا من جعل القرآن كأنه كتاب رياضة وهذا خطأ. فنقول : إن المغالاة في إثبات الإعجاز العلمي لا تنبغي لأن هذه قد تكون مبنية على نظريات والنظريات تختلف فإذا جعلنا القرآن دالاً على هذه النظرية ثم تبين بعد أن هذه النظرية خطأ معنى ذلك أن دلالة القرآن صارت خاطئة، وهذه مسألة خطيرة جداً... ولذلك فأنا أخشى من انهماك الناس في الإعجاز العلمي أن يشتغلوا به عما هو أهم.إن الشي الأهم هو تحقيق العبادة لأن القرآن نزل بهذا قال الله تعالى: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) أما علماء الكون الذين وصلوا إلى ما وصلوا إليه فننظر إن اهتدوا بما وصلوا إليه من العلم واتقوا الله عز وجل وأخذوا بالإسلام صاروا من علماء المسلمين الذين يخشون الله ,وإن بقوا على كفرهم وقالوا إن هذا الكون له محدث ،فإن هذا لا يعدو أن يكونوا قد خرجوا من كلامهم الأول إلى كلام لا يستفيدون منه ،فكل يعلم أن لهذا الكون محدثاً لأن هذا الكون إما أن يحدث نفسه وإما أن يحدث صدفة وإما أن يحدثه خالق وهو الله عز وجل. فكونه يحدث نفسه مستحيل ؛ لأن الشيء لا يخلق نفسه لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقاً ؟!ولا يمكن أن تُوجد صدفة لأن كل حادث لابد له من محدث ولأن وجوده على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باثاً أن يكون وجوده صدفة.إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده ،فكيف يكون منتظماً حال بقائه وتطوره ؟ ! وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها ولا أن تُوجد صدفة تعين أن يكون لها موجد وهو الله رب العالمين 3 _ وهذه فتوى اللجنة الدائمة في هذا الموضوع : سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (4/145) ما نصه: س : ما حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بـ (التفاسير العلمية)؟ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية؟ فقد كثر الجدل حول هذه المسائل. ج: إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } ، بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءًا منها، ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حارًا، وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس. إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها. وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى: { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } على دوران الأرض، وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه، وتخضع القرآن الكريم لما يسمونه نظريات علمية، وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات. وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها أصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة؛ لما فيها من القول على الله بغير علم. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.) | ||
(منقول بتصرف وتعديل . )