أعمال خارج الخلية: 1 ـ جمع الرحيق
متوسط ما تحمله الشغالة من رحيق هو 40 ملليجرام، وأقصى ما تستطيع الشغالة حمله هو 70 ملليجرام (85% من وزنها) ولكن الشغالة تقوم فقط بتخزين حوالي 30 ملليجرام في الخلية وتحتفظ بالباقي لتزويدها بالطاقة، ومن الملاحظ أن الشغالة وهي في رحلتها لجمع الرحيق تطير بسرعة (7 ـ 18 ميلاً / ساعة) ولا تطير في خط مستقيم بينما في رحلة العودة إلى الخلية تطير بسرعة 13 ـ 16 ميلاً / ساعة وتطير في خط مستقيم.
ولكن كيف يتحول الشراب الذي جمعته الشغالة وحملته في بطنها إلى عسل في الخلية؟
يتم تحويل الرحيق إلى عسل بواسطة عملتين:
|
صورة لنحلة شغالة تقوم بجمع الرحيق
|
الأولى: طبيعية وذلك بخفض المحتويات المائية للرحيق حتى يصل إلى درجة النضج ونسبة الرطوبة فيه لا تزيد عن 14 ـ 18%.
الثانية: العملية الكيماوية حيث تتم بفعل إنزيم الانفرتيز وتفرزه الغدد اللعابية ويقوم بتحويل السكر الثنائي (سكروز) إلى سكر أحادي (جلكوز ـ فركتوز)، وبعد نضج العسل والذي يستغرق حوالي (2 ـ 5 يوم من جمعه) تقوم الشغالات بختمه بغطاء شمعي دقيق للحفاظ عليه.
وجمع العسل ليس بالأمر السهل أو الهين، بل قد يكون مستحيلاً في عالم البشر، ولكنه في عالم النحل شيء يسير، ذلك العالم الذي لا يعرف الخمول أو الكسل، فعلى سبيل المثال لكي نحصل على 1 جرام عسل فعلى الشغالة أن تجمع 3 جرام رحيق وتحصل على هذه الكمية من زيارة حوالي (500 ـ 1400) زهرة تفاح أو (3300 ـ 20000) زهرة كمثرى أو (1250 ـ 2000) زهرة رابس أو (500 ـ 1000) زهرة كاستانيا أو (500 ـ 30000) زهرة برسيم أحمر أو (7000 ـ 80000) زهرة برسيم أبيض وذلك للحصول على 100 حمولة وإذا كانت المسافة بين الخلية ومكان الزهور 1.5 كم، معنى ذلك أن النحلة تطير مسافة 300 كم للحصول على 1 جرام عسل.
ومن الإحصاءات التي أجريت وجد أن الرطل الواحد من العسل يحتاج إلى 37 ألف رحلة طيران تستغرق الرحلة ما بين 35 ـ 60 دقيقة تبعاً للمسافة وظروف الجو.
2 ـ جمع حبوب اللقاح:
وتختلف طريقة جمع حبوب اللقاح باختلاف نوع الزهرة مفتوحة (مثل أزهار الحلويات والموالح) أو مغلقة (مثل أزهار البرسيم أو الترمس) والشغالات صغيرة السن تجمع كمية كبيرة من حبوب اللقاح وذلك لكثرة عدد الشعيرات على جسمها، ويلتصق بشعيرات جسم النحلة عدد كبير جداً من حبوب اللقاح يتراوح من ( 250000 ـ 6000000) حبة لقاح.
3 ـ جمع مادة البروبوليس (العلك):
تحصل الشغالات على العلك إما من حبوب اللقاح وفي هذه الحالة تستخدمه في صقل العيون السداسية قبل وضع الملكة البيض فيها، أو تجمعه من براعم وقلف بعض الأشجار والنباتات، وأهم المصادر الشائعة للبروبوليس هي من أشجار (جار الماء alder) (وكستناء الحصان horse chestnet) (والحور poplar) ( والبتولا birch) (والدردرار elm) (والعليق blackberry) (والصنوبريات conifers).
|
صورة لنحلة شغالة تقوم بجمع الرحيق
|
4 ـ جمع الماء:
الوظائف الأساسية للماء في حياة النحل: تخفيف العسل في الماء لكي يصبح صالحاً لتقديمه للحضنة، تعذر على النحل تغذية الحضنة من العسل حيث إن العسل المناسب لها يحتوي على 40% السكريات، ولابد من الماء لتخفيفه، وكذلك العسل الذي يتناوله النحل البالغ يخفف بالماء، كما أن النحل يعطش وخصوصاً في الصيف فيحتاج إلى الماء كذلك يستخدم النحل بالماء، كما أن النحل يعطش وخصوصاً في الصيف فيحتاج إلى الماء كذلك يستخدم النحل الماء لتخفيض درجة حرارة الطائفة فيقوم برش الماء وبعثرته في أرضية الخلية ثم يبخره بتسليط تيار من الهواء تولده بضع مئات من الشغالات بحركة سريعة من أجنحتها.
حيث إن تبخير الماء هو أفضل طريقة لترطيب حرارة الجو داخل الخلية.
التواصل داخل مملكة النحل:
يختلف أسلوب التفاهم في عالم النحل ذلك العالم الذي يعمل بالهام من المولى سبحانه وتعالى فالحياة داخل طائفة نحل العسل تعتمد على الإخلاص والولاء والعمل الجاد من أجل الطائفة جميعها حيث يختفي التفكير الفردي والجشع وحب الذات.
ولعل الكثير من النحالين يلاحظون عند فحصهم الأقراص الشمعية أن هناك نحلة أو أكثر تكون منهمكة في الرقص وهي تفيض بالانفعال فإن لديها رسالة تريد أن تنقلها إلى رفاقها والشغالات من حولها ترقبها باهتمام لتتلقى إشارتها والتي تعطي معلومات كافية عن اتجاه الغذاء وبعده عن الخلية.
وكارل فون فريش نمساوي الأصل من علماء علم الحيوان كان يعمل في جامعة ميونيخ، قضى أكثر من أربعين عاماً لفك رموز لغة النحل....... حينما أعلن أنه قد توصل إلى مدلول الرقص واستطرد في شرح معناه، لم يشأ أحد أن يصدقه وحتى الذين وهبوا وقتهم لدراسة النحل كانوا يعتقدون أن فون فريش قد تخطى الحدود المعقولة وحتى هو نفسه كان يقول إن ما أثبته وشاهدته أقرب ما يكون إلى القصص الخرافية منها إلى الحقائق العلمية.
الرقص في مملكة النحل يحدد ليس فقط الاتجاه والمسافة التي يبعدها مصدر الغذاء عن الخلية بل يحدد أيضاً مدى خصوبة وغزارة مصدر الرحيق وأيضاً يحدد المجهود المبذول والوقت اللازم للوصول إلى مكان الغذاء حيث إن اتجاه الرياح له تأثير قوي على هذا المجهود.
كذلك توجد عدة أشكال للرقص لها وظيفة في لغة الاتصال لم تتم دراستها جيداً.. ومنها:
الجري التصادمي Jostling run
ويقوم الجري التصادمي بإثارة الشغالات الأخرى ولفت انتباهها إلى السروح. وهو يحدث بعد الطيران الأول الناجح للشغالة للبحث عن مصدر للغذاء في حين أن الرقص الاهتزازي يحدث غالباً وفقط بعد عدة طيرانات.
الرقص التشنجي Spasmodic dance
يقوم النحل العائد بالجريان الجزئي في خط مستقيم موجه بشكل سليم ويعتقد أنه يعمل كإشارات فعالة لإنجاز عمل ما بصورة أكثر من أداء الرقص الاهتزازي.
الجري الطنان Buzzing run
يعطي النحل المعلومات لبدء التطريد Swarmingحيث إنه قبل أن يحدث التطريد يكون النحل داخل الخلية أو خارجها أمام المدخل في حالة من عدم النشاط.
الرقص التنظيفي Grooming (cealning) dance
هذا السلوك يحث الشغالات المجاورة لها بالاقتراب منها والعمل بفكوكها لتنظيف خصرها وقواعد أجنحتها. وهذه الأجزاء هي التي لا تستطيع النحلة تنظيفها بنفسها. وله علاقة بمكافحة طفيل الفاروا.
الرقص الارتجاجي Jerking dance
أحياناً تقوم النحلة بلمس أحد رفقاء عشها بواسطة قرون الاستشعار أو أن تمسك بجسمها بواسطة أرجلها الأمامية أو أن تتسلق فوق جسمها. هذه الرقصة تحدث عندما تكون الطائفة في أفضل حالتها، هذا وما زالت هذه الرقصة غير معروفة.
الرقص الارتجافي Trembling dance
بعض الدلائل تشير إلى أنه دليل مرضي تسببه السموم التي قد تلتقطها الشغالات خلال سروحها.
الرقص التحذيري Alarm dance
ويكون ذلك نتيجة التسمم بالمبيدات حيث إن نسبة عالية من الموت تحدث بعد أداء هذه الرقصة بـ 1 ـ 2 ساعة وبعد 2 ـ 3 ساعات بعد ذلك تعود الطائفة إلى حالتها الطبيعية وتبدأ في نشاط الطيران مرة أخرى.
رقص الدفع Pull dance
وقد تسمى برقصة الرسالة Massage dance، وتحدث عندما تبدأ نحلة في ثنى رأسها على القرص بطريقة خاصة فيتم إثارة بعض النحل المجاور لها حيث يقوم بفحصها مستخدماً قرون استشعاره وأرجله الأمامية ويتسلق فوقها وتحتها ويلمس جوانبها بقرون استشعاره وفكوكه وأرجله الأمامية وينظف قرون استشعاره بشكل دوري.
وبعد هذا العرض الموجز لجوانب من حياة أفراد نحل العسل وإلقاء فكرة مبسطة عن أهم الأعمال التي تقوم بها سواء في داخل الخلية أو خارجها، نجد أنها في سلسلة من العمل المتواصل لتؤدي وظيفتها في الحياة من أجل طائفة النحل، موقنين ومقرين بعظمة الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ أن سهل لها من كل السبل، ونحمده ـ جل في علاه ـ أن سخر لنا ما في السموات وما في الأرض ولله الحمد من قبل ومن بعد.....
المصادر:
ـ مصطفى أحمد شحاته: وسائل التفاهم في المملكة الحيوانية ـ مجلة العلم (29) 1978م.
ـ كيرشنر & تاونى: الأساس الحسي للغة الرقص عند نحل العسل ـ مجلة العلوم (مترجمة) المجلد 11، عدد 2 1995م الكويت.
ـ علي المصري: مملكة النحل ـ دار الكتاب العربي ـ دمشق.
ـ محمد علي البنبى: نحل العسل ومنتجاته 1969م.
ـ محمد بهجت شاور: مذكرات في نحل العسل 2000م.
ـ أسامة محمد الأنصاري: النحل في إنتاج العسل وتلقيح المحاصيل ـ مركز الدلتا للطباعة ـ الإسكندرية 1998م.
ـ رمضان مصري هلال: رسالة ماجستير (جامعة طنطا)، أبحاث علمية، مقالات منشورة في المجلة العربية والفيصل (السعودية)، بيت النحل (الكويت)، النحال العربي (لبنان).
ـ محمد عباس عبداللطيف وآخرون: عالم النحل ومنتجاته ـ 1984م.
ـ تامة نادية الدخاخنى: الحديث والمتقدم في فرمونات نحل العسل (مقالة مرجعية) ـ جامعة طنطا 1998م.
ـ نتائج أبحاث علمية منشورة.
- Karl Von Frisch: Tanzsprache und orientierung der Bienen. (Berlin Heideiberg. New York 1965) مصدر الصور: موقع الموسوعة الحرة
مصدر المادة العلمية: منقولة من موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة nooran.o