معــاً على طريق النجاح والتفوق للفرد والأسرة والطالب والمدرسة *
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد : -
قال الله - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ المجادلة 11 ] .
منذ ولادة الأبناء ، والأم والأب يحيطانهم بالدفء والحنان والرعاية والمحبة والتوجيه والتعليم ، وبدخولهم المدرسة تبدأ خطواتهم الأولى نحو مجتمع جديد ! وتجربة جديدة ! شعورسعيد ! ها هو ذا حلم الحياة الذي طالما انتظره الآباء بدأ يتحقق !! . خطوات ... لكننا نريدها خطوات راسخة على طريق الاستقامة ، على طريق التميز والنجاح والتفوق ، لعل الله - تعالى -أن يرفعنا بها ــ بعد ما ابتليت الأمة بكل هذا الهوان ــ .
نريد جيلا كأمثال الرعيل الأول ، نريد جيلا على قدر من المسؤولية ، نريد جيلا أهلا لحمل أمانة هذا الدين ، والذود عن حياض بلاد المسلمين .
ما أروع أن تتضافر الجهود " مدرسة وآباء وأبناء " لأداء عام دراسي متميز منذ بدايته ! ، ما أروع أن تتوحد الهمَّة للتغيير ، تغيير نحو الأفضل ، تغيير لبناء لبنات جيل فعال في مجتمعه .
قال الله - تعالى - :{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ } [ الرعد11 ] .
إن للمدارس ، ودورالعلم دوْر هام في تعليم الأبناء وتربيتهم ، إن ِ اتقى القائمون عليها ربهم فيمن ولاهم الله - تعالى - واسترعاهم عليهم ، ونتناول هنا دور الآباء والأبناء على طريق النجاح والتفوق .
[ دور الآباء ]
لا بد أن يهيئ الآباء أبناءهم للدوْر الذي تقوم به المدرسة ، بل وأن يكملوه أيضا ، فدورهم لا يقل أهمية ، وذلك من عدة وجوه : -
1 : – تنشئة الأبناء وتهيئتهم وتوجيههم وتعليمهم وتربيتهم التربية الإيمانية : إذ أنها بمثابة التطعيم ضد أمراض المجتمع الجديد الغريب الذي يخرجون إليه ، قبل أن تداهمهم .... وذلك بتعليمهم وبيان الشرع لهم ، بما يناسب أعمارهم ليرسخ في أذهانهم ، وبذل النصح المصحوب بالرفق واللطف في ردهم إلى الحق ، حتى لا يدعوا مجالا لشرك ، ولا بدعة تشب معهم .
قال الله - تعالى - : { يَا أَيُّهــَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُـونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم 6 ] .
إن الأبناء أمانة في أعناق الآباء ، وكل منهم عنهم سيسأل ، فالله ... الله ، ليحرص الآباء على تعليم أبنائهم علما يُبتغى به وجهَ الله تعالى والدار الآخرة ، إلى جانب علمهم الدنيوي .
للأسف . . . يحرص الكثيرون أشد الحرص على صحة أبنائهم الجسدية ، ومكانتهم العلمية الدنيوية ، ويتهاونون في صحتهم النفسية ، وتعليمهم وتربيتهم التربية الإيمانية ! .
لا يبالون إن علـّموهم في دور علم شرقية أو غربية ! . يتنافسون - بل يبذلون - من أجل ذلك الغالي والنفيس - وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا - ، غير آبهين بضياع لغة ، ولا شرع ، ولا دين . - إلا ما رحم ربي - ، والنتيجة ما نرى ونسمع من عقوق وفسوق .
قال رسول الله - صلى الله عليه سلم - : ( كل مولود يولد على الفطرة ، حتى يعرب عنه لسانه ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) صحيح رواه الطبراني في الكبيرعن الأسود بن سريع - رضي الله عنه - . [ صحيح الجامع 4559 ــ الصحيحة 402 ] .
إن صلاح الأبناء في ميزان حسنات الآباء ، وقرة عين لهم في الدنيا والآخرة إن اتبعتْهم ذريتهم بإيمان . قال الله - تعالى - : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } [ الطور 21 ] .
2 : - مراعاة الآداب والسلوكيات داخل الأسرة ، ليكون الآباء قدوة صالحة للأبناء ، وذلك : –
أ : ــ بتوفير الهدوء النفسي لهم ، وإكسابهم مهارات في حسن الخلق وفن التعامل مع الآخرين ، وإعانتهم على كسب الثقة بالمحيط الجديد الغريب عنهم .
ب : ــ بتنمية صفات الإخلاص ، والطاعة . . والتوقير لأولي الأمر والفضل ، ومحاورتهم بأدب واحترام .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف حق كبيرنا، فليس منا ) صحيح . رواه : (خد ، د) عن ابن عمرو رضي الله عنه . انظر : [ صحيح الجامع 6540 ] .
وقال - صلى الله عليه وسلم - في رواية أخرى عن عباده بن الصامت - رضي الله عنه - : ( ليس منا من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ! ويعرف لعالمنا حقه ) حديث حسن ( رواه : حم ، ك ) ، انظر : [ صحيح الجامع 5444 ] .
ت : ــ الحرص على إبعاد الأبناء عن أجواء الخوف ، والتوتر، لكثرة الخلافات والمشاجرات الزوجية والعائلية ، أوكثرة التذمر، والإنفعال ، والإنتقاد ، خاصة أمام الضيوف والغرباء ، لأن هذا كله - بلا شك - يسبب حرجا وإحباطا ، ومعاناة أليمة يكتمونها في صدورهم ، تؤثر سلبا على مستقبلهم الدراسي والنفسي والإجتماعي .
3 : – التواصل الفعال مع الأبناء وذلك :
أ : - من خلال الاستماع لحديثهم والتحاور معهم ، والدعاء لهم لا عليهم ، واحترامهم وتقديرهم ، وتهيئة أسباب الراحة والهدوء لدراستهم ، وعدم الصراخ في وجوههم ، أونعتهم بصفات نقص إذا فشلوا في أداء عمل ما ، وعدم اعتبار الفشل نهاية المطاف . ولنجعل من الفشل حدثا وتجربة نأخذ منها العبرة . ومن تجرع مرارة الفشل يرنو لتذوق حلاوة النجاح ، فلنعينهم على ذلك ، وإلا ّ... وإلاّ حلَ اليأس والإحباط والإستكانة والإستسلام ، فإن من يتخبـّط في ظلمات الجهل ، ليس كمن يسير على بصيرة ، وعلى هدى ونور من ربه . قال الله - تعالى - : { أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ الزمر 9 ] .
ب : -- التواصل الفعال معهم من خلال متابعتهم في" الدراسة والمدرسة " ليتمكن الآباء من معرفة نقاط الضعف عند الأبناء ، والوقوف على حلها أولا بأول ، هذا التواصل يشعر الطفل بأهميته ، وإحساسه بالمسؤولية ، فلا يستهتر ولا يتهاون ، فتكون النتائج مُرضية بإذن الله - تعالى - . وقد لا تكون هناك أية مشكلة ، لكن تواجد الأبوين مع الأبناء وتواصلهما هام جدا وضروري ، يبعث على الراحة والطمأنينة في نفوس الأبناء .
4 : - تنظيم العادات الحسنة ، الى جانب الدراسه ، وذلك : -
أ : - بتنمية روح المسؤولية لدى الأبناء - منذ صغرهم - .
ب : – استخدام أساليب محببة لتعظيم الله تعالى وكتاب الله ، في نفوسهم، وتعظيم شعائر الله تعالى من عبادات وأذكار ، بتحبيبها ، وتوضيحها، وتنظيمها ، وضبط أوقاتها، وذلك بوضع برنامج أو جدول محدد لتعويدهم عليها ، وحثهم على التمسك بها ، وبمتابعتهم ، والدعاء لهم بالهداية والثبات على دينه .
ت : - ضبط أوقات الدراسة ، والأكل ، واللعب ، وتعويدهم على الإعتماد على أنفسهم بارتداء الملابس ، والإهتمام بجدول الدروس ، وترتيب الكتب، ووضع الأدوات الخاصة بهم ، كل شيء في موضعه ، لتوفير الوقت والجهد ، ودفع ما ينتج عن الفوضى من مشاكل .
5 : – وضع هدف سام راق يحث الأبناء نحو المسير إليه - " وبدافع ذاتي" - للتفوق والتميز : -
وذلك بزرع الثقة في نفوسهم ببناء علاقة احترام ومحبة مع الوالدين ، بالإبتسامة ، والقبلة ، والهدية ، والمدح ، والثناء ، وتقوية مشاعر الرغبة والتصميم والرضا عندهم ، ورفع الروح المعنوية وتعزيز السلوكيات الشخصية الإيجابية ، بلا مبالغة ، ولا غلو، وبلا تفضيل لتفاوت القدرات ، أو بين الأبناء والبنات ، فإن ذلك يوغر الصدور ، ويثيرالحسد ، والغيرة ، والأحقاد ، وتنقلب المحبة إلى سوء تربية ، أو سرف في القسوة ، أو الدلال ! .
من الأبناء من يَمَـلّ الإهتمام الزائد من الآباء بالتحصيل العلمي ، ويملّ الإلحاح عليهم بالدراسة ، وكثرة الأوامر والأسئلة ، فيشعر بالكبت والضغط ، وأحيانا بالخوف من الإقدام ، فتكون النتيجة عكس ما يَرجون ، فينبغي " الموازنة والإنتباه ".
6 :- الاهتمام بقدرات الأبناء ، بإذكاء روح المنافسة والتحدي النبيل بين أقرانهم ، وحثهم على المسابقة للفوز والنجاح . وربط لذة الفوز والنجاح والفرح به ، بالفوز برضى الله - تبارك وتعالى - والجنة ، والفرح بالنجاة من النار .
[ دور الأبناء ]
وللأبناء دور هام على طريق التفوق والنجاح طوال العام ، ويتمثل ذلك فيما يلي : -
1 : - إخلاص النية لله - تعالى - : إن الحياة الدنيا مرتبطة بالآخرة ، وغدا عنها سنسأل ، والغد غير مضمون إدراكه ، ومن فضل الله - تعالى -أنْ جعل بأيام الشباب فرصا غالية ، تنال بها رتب العلم العالية ، الدينية والدنيوية ، فهي أوقات يجتمع فيها القلب والفكر، لقلة الشواغل والصوارف عن التزامات الحياة . وكلما أحسن الإختيار، واستغلال الوقت ، كلما كان المحرك والدافع للعُـلى " ذاتيا وقويا حتى النهاية " بإذن الله - تعالى - ، ولإخلاص النية بلا رياء ولا سمعه ، ولاستغلال أيام العمر، بالعلم النافع والعمل الصالح .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إغتنم خمسا قبل خمس، حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك) (صحيح) رواه : (حم ، ك ، هب ، حل )عن عمرو بن ميمون - رضي الله عنه - مرسلا ، [ صحيح الجامع 1077 – اقتضاء العلم170 ] .
2 : - تحديد الهدف :- يقول الشاعر :
وإذا كانت النفوس كبارا .......... تعبت في مرادها الأجسام .
فمن كان ذا همة عالية ، وأراد نجاحا وعلو شأن ورفعة ، أو أراد تميزا وتفوقا ، وضع هدفا محددا وواضحا من البداية يسعى لتحقيقه ، لأن النجاح لا يأتي بالتمني ، ولا بالخمول والكسل ، إنما هو ثمرة جد واجتهاد ، وصبر وعمل .
إن كلمة ( النجاح ) كلمة هشة ، عائمة ، أما إذا حُددت بإطار هدف معين ، واقعي، واضح ، وطموح ، نافع - بإذن الله تعالى - للطالب وأسرته وأمتة ، كان حافزا لما يسعى إليه ، فيركز عليه اهتمامه ، مقتنعا به ، متوكلا على ربه سبحانه ، فيؤديه بدافع ذاتي كما يريده ، ويبذل الجهد بأمل وتفاؤل . متحسسا نقاط الضعف والقوة في قدراته ، يوظف الإمكانيات اللازمة لإزالة المعوقات ، وتحقيق الهدف، ولو على مراحل ، برغبة وحماسة مستخيرا الله - تعالى - ، ومستشيرا من يثق بمحبته وخبرته .
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ . فقد قال الله – تعالى – { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } [ الأحزاب 21 ] .
فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يسأل الله تعالى علما نافعا ، ويستعيذ بالله من علم لا ينفع .
ولتذكير النفس ما بين فترة وأخرى بأهمية النجاح وتحقيق الهدف ، يمكن للطالب كتابة هدفه ووضعه أمام ناظره على كتابه أو مكتبه أوفي غرفته ، والتضرع إلى الله - تعالى- بالدعاء الذي أمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - بقوله - سبحانه - : { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } [ طه 114 ] .
3 : - وينبغي للطالب أن لا يكلّ ولا يملّ ، متدرجا في طلب العلم صبورا، قال الله – تعالى - : { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } [ السجدة 24 ] ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – تعالى - في تفسير هذه الآية : ( بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ) . كذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب ) متفق عليه ،[ صحيح الجامع 3501 ] . فمن لا يصبر ، يذهب عنه خير كثير ، وقد يتخلى عن منهجه ومبادئه لأي استفزاز أوسخرية أو عقبة تعترضه . فعلى طالب العلم أن يعوٍّد النفس على الصبر، وعلى سعة الصدر لتوجيهات أولي الأمر وغيرهم ، وأخذ العبرة من تجاربهم . فكم من طالب أعرض ونآى بجانبه ، صم أذنيه عن سماع نصيحة قد تنفعه ، استهزأ واستهان بها - حتى ولو كانت من والديه - ، عض أصابع الندم ، ولكن بعد فوات الأوان ! - ولات حين مناص - .
4 : - ضبط الأوقات : يحبذ وضع تقويم سنوي على المكتب أو أمام البصر ، وتخصيص دفتر لتدوين الملاحظات والمهام والواجبات ومواعيد تسليمها ومواعيد الامتحانات حتى لا يفوتك شيء منها .
5 : - ترتيب الأشياء : وذلك بتخصيص مكان معين للاحتفاظ بالأدوات الخاصة بالطالب كالكتب ودفاتر المحاضرات ، والقرطاسية ، والملايس ، والجوارب ، والأحذية ، وغيرها حتى لا يمضي وقت أو جهد في البحث عنها .
[ وسائل تركيز الانتباه لحسن الإستيعاب والتفكر ]
1 : – اختيار وقت مناسب للدراسة ، بحيث لا يكون وقت راحة أو نوم . وأنسب الأوقات للمطالعة : الليل ، وللحفظ : الأسحار ، وللبحث : الأبكار، وللكتابة : بعد القيلولة في النهار .
2 : - الاستيقاظ مبكرا ، وتجنب المنبهات ، وكثرة السهر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) صحيح رواه : ( أحمد ، والأربعة ) عن صخر الغامدي - رضي الله عنه - ، [ صحيح الجامع 1300 ] .
3 : - تجنُّب تشديد قبض اليد على القلم ، والانكباب قريبا جدا من الكتاب ، لما فيه من انحناء للظهر، وآلام في الرقبة ، وضغط على الأعصاب .
4 : - اختيار مكان مناسب للدراسة ، بحيث يساعد على الإستيعاب ، جيد الإنارة ، متجدد الهواء ، بعيدا عن الضوضاء ، وعما يضيع الوقت ، ويصرف الذهن ، ويشغل الفكر عن الحفظ ، كالتلفاز والمذياع ، وصحبة السوء ، وفعل السوء ، وغيرها من المؤثرات الخارجية السلبية .
قال الإمام الشافعي رحمه الله - تعالى - :
شكوت إلى وكيع سوء حفظــــي .......... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقـــال إعلـــم بأن العلم نـــــــور .......... ونور الله لا يهــدى لعـاصي .
5 : - مراعاة ظروف الأهل ، فلا يكثرالغضب والتسخط إن ضاق المكان ، أو ساءت الظروف ــ بقدر الله تعالى ــ ، إذ أن بإمكان الطالب أن يتدرب على التركيز ، وأن يتكيـّـف مع الوسط الذي يعيش فيه ــ " بصبر واحتساب " ــ . لأن شدة الغضب ، وكثرة التسخط ، مضيعة للوقت وتبديد للجهد ، ناهيك عن العقوق .
[ الدراسة المثالية ]
تبدأ الدراسة المثالية : 1 ــ في قاعة الدراسة : يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - : ( للعلم ست مراتب :- أ - حسن السؤال – ب - حسن الإنصات والاستماع - ت - حسن الفهم - ث - الحفظ – جـ - التعليم - حـ - ثمرته : العمل به ، ومراعاة حدوده ) [ كتاب حلية طالب العلم ص 49 ] .
2 : - استعراض المادة بقراءة شاملة مجملة ، ثم القراءة مرة أخرى بتركيز أكبر وبدقة وإمعان وتفهم للمادة ، ضع سؤالا بجانب كل فقرة انتهيت من قراءتها ، وعند مراجعة القراءة ، ابدأ بقراءة السؤال ، فإن أجبته فذلك يدل على استيعابك للموضوع .
يمكنك تدوين أكبر قدر من الملاحظات والعلومات وحفظ النقاط الهامة ، والقوانين ، والعناوين الرئيسية والفرعية ، بطريقة منظمة مرتبة في كراسة ليسهل مراجعتها .
3 : - الاهتمام بالرسوم التوضيحية والخرائط والجداول بإعادة رسمها وحفظها مرة بعد مرة .
4 : - لا تراكم الواجبات ، فدراسة كمٍّ قليل من المعلومات ــ يوميا ــ ، أفضل طريقة للاحتفاظ بهذه المعلومات ، ابدأ بدراسة المواد الصعبة التي تحتاج إلى مجهود أكبرلإستيعابها ، لأن الطاقة في البداية تكون في ذروتها ، أما المواد السهلة أو التي يستمتع بها ، فبإمكانك تأجيلها إلى وقت آخر .
5 : - بإمكانك تقسيم الموضوعات الطويلة المراد حفظها وتجزئتها، لتسهيل عملية الحفظ ، وربط الجديد بالقديم ــ عند مراجعة الموضوع مرة أخرى ــ خاصة قبل فترات النوم والراحة .
6 :- من خلال القراءة ، يمكنك معرفة مواطن الضعف في الحفظ ، وإعادة التسميع لزيادة القدرة على التذكر وتثبيت المعلومات ، فإن كان الإختبار شفويا ، يفضل االمراجعة والتسميع أن يكون شفويا ، والأفضل أن يكون التسميع والمراجعة تحريرية إذا كان الاختبار تحريريا .
7 : - خذ قسطا من الراحة بعد عناء دراسة متواصة ، لتتمكن من الإستيعاب ، ذلك لأن الإسترخاء والتنفس بعمق ، أو ممارسة بعض الألعاب الرياضية ، تخفف من آثار التوتر والإجهاد والضغط الذي يمكن أن يؤثر سلبيا على المذاكرة .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد : -
قال الله - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ المجادلة 11 ] .
منذ ولادة الأبناء ، والأم والأب يحيطانهم بالدفء والحنان والرعاية والمحبة والتوجيه والتعليم ، وبدخولهم المدرسة تبدأ خطواتهم الأولى نحو مجتمع جديد ! وتجربة جديدة ! شعورسعيد ! ها هو ذا حلم الحياة الذي طالما انتظره الآباء بدأ يتحقق !! . خطوات ... لكننا نريدها خطوات راسخة على طريق الاستقامة ، على طريق التميز والنجاح والتفوق ، لعل الله - تعالى -أن يرفعنا بها ــ بعد ما ابتليت الأمة بكل هذا الهوان ــ .
نريد جيلا كأمثال الرعيل الأول ، نريد جيلا على قدر من المسؤولية ، نريد جيلا أهلا لحمل أمانة هذا الدين ، والذود عن حياض بلاد المسلمين .
ما أروع أن تتضافر الجهود " مدرسة وآباء وأبناء " لأداء عام دراسي متميز منذ بدايته ! ، ما أروع أن تتوحد الهمَّة للتغيير ، تغيير نحو الأفضل ، تغيير لبناء لبنات جيل فعال في مجتمعه .
قال الله - تعالى - :{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ } [ الرعد11 ] .
إن للمدارس ، ودورالعلم دوْر هام في تعليم الأبناء وتربيتهم ، إن ِ اتقى القائمون عليها ربهم فيمن ولاهم الله - تعالى - واسترعاهم عليهم ، ونتناول هنا دور الآباء والأبناء على طريق النجاح والتفوق .
[ دور الآباء ]
لا بد أن يهيئ الآباء أبناءهم للدوْر الذي تقوم به المدرسة ، بل وأن يكملوه أيضا ، فدورهم لا يقل أهمية ، وذلك من عدة وجوه : -
1 : – تنشئة الأبناء وتهيئتهم وتوجيههم وتعليمهم وتربيتهم التربية الإيمانية : إذ أنها بمثابة التطعيم ضد أمراض المجتمع الجديد الغريب الذي يخرجون إليه ، قبل أن تداهمهم .... وذلك بتعليمهم وبيان الشرع لهم ، بما يناسب أعمارهم ليرسخ في أذهانهم ، وبذل النصح المصحوب بالرفق واللطف في ردهم إلى الحق ، حتى لا يدعوا مجالا لشرك ، ولا بدعة تشب معهم .
قال الله - تعالى - : { يَا أَيُّهــَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُـونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم 6 ] .
إن الأبناء أمانة في أعناق الآباء ، وكل منهم عنهم سيسأل ، فالله ... الله ، ليحرص الآباء على تعليم أبنائهم علما يُبتغى به وجهَ الله تعالى والدار الآخرة ، إلى جانب علمهم الدنيوي .
للأسف . . . يحرص الكثيرون أشد الحرص على صحة أبنائهم الجسدية ، ومكانتهم العلمية الدنيوية ، ويتهاونون في صحتهم النفسية ، وتعليمهم وتربيتهم التربية الإيمانية ! .
لا يبالون إن علـّموهم في دور علم شرقية أو غربية ! . يتنافسون - بل يبذلون - من أجل ذلك الغالي والنفيس - وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا - ، غير آبهين بضياع لغة ، ولا شرع ، ولا دين . - إلا ما رحم ربي - ، والنتيجة ما نرى ونسمع من عقوق وفسوق .
قال رسول الله - صلى الله عليه سلم - : ( كل مولود يولد على الفطرة ، حتى يعرب عنه لسانه ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) صحيح رواه الطبراني في الكبيرعن الأسود بن سريع - رضي الله عنه - . [ صحيح الجامع 4559 ــ الصحيحة 402 ] .
إن صلاح الأبناء في ميزان حسنات الآباء ، وقرة عين لهم في الدنيا والآخرة إن اتبعتْهم ذريتهم بإيمان . قال الله - تعالى - : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } [ الطور 21 ] .
2 : - مراعاة الآداب والسلوكيات داخل الأسرة ، ليكون الآباء قدوة صالحة للأبناء ، وذلك : –
أ : ــ بتوفير الهدوء النفسي لهم ، وإكسابهم مهارات في حسن الخلق وفن التعامل مع الآخرين ، وإعانتهم على كسب الثقة بالمحيط الجديد الغريب عنهم .
ب : ــ بتنمية صفات الإخلاص ، والطاعة . . والتوقير لأولي الأمر والفضل ، ومحاورتهم بأدب واحترام .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف حق كبيرنا، فليس منا ) صحيح . رواه : (خد ، د) عن ابن عمرو رضي الله عنه . انظر : [ صحيح الجامع 6540 ] .
وقال - صلى الله عليه وسلم - في رواية أخرى عن عباده بن الصامت - رضي الله عنه - : ( ليس منا من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ! ويعرف لعالمنا حقه ) حديث حسن ( رواه : حم ، ك ) ، انظر : [ صحيح الجامع 5444 ] .
ت : ــ الحرص على إبعاد الأبناء عن أجواء الخوف ، والتوتر، لكثرة الخلافات والمشاجرات الزوجية والعائلية ، أوكثرة التذمر، والإنفعال ، والإنتقاد ، خاصة أمام الضيوف والغرباء ، لأن هذا كله - بلا شك - يسبب حرجا وإحباطا ، ومعاناة أليمة يكتمونها في صدورهم ، تؤثر سلبا على مستقبلهم الدراسي والنفسي والإجتماعي .
3 : – التواصل الفعال مع الأبناء وذلك :
أ : - من خلال الاستماع لحديثهم والتحاور معهم ، والدعاء لهم لا عليهم ، واحترامهم وتقديرهم ، وتهيئة أسباب الراحة والهدوء لدراستهم ، وعدم الصراخ في وجوههم ، أونعتهم بصفات نقص إذا فشلوا في أداء عمل ما ، وعدم اعتبار الفشل نهاية المطاف . ولنجعل من الفشل حدثا وتجربة نأخذ منها العبرة . ومن تجرع مرارة الفشل يرنو لتذوق حلاوة النجاح ، فلنعينهم على ذلك ، وإلا ّ... وإلاّ حلَ اليأس والإحباط والإستكانة والإستسلام ، فإن من يتخبـّط في ظلمات الجهل ، ليس كمن يسير على بصيرة ، وعلى هدى ونور من ربه . قال الله - تعالى - : { أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ الزمر 9 ] .
ب : -- التواصل الفعال معهم من خلال متابعتهم في" الدراسة والمدرسة " ليتمكن الآباء من معرفة نقاط الضعف عند الأبناء ، والوقوف على حلها أولا بأول ، هذا التواصل يشعر الطفل بأهميته ، وإحساسه بالمسؤولية ، فلا يستهتر ولا يتهاون ، فتكون النتائج مُرضية بإذن الله - تعالى - . وقد لا تكون هناك أية مشكلة ، لكن تواجد الأبوين مع الأبناء وتواصلهما هام جدا وضروري ، يبعث على الراحة والطمأنينة في نفوس الأبناء .
4 : - تنظيم العادات الحسنة ، الى جانب الدراسه ، وذلك : -
أ : - بتنمية روح المسؤولية لدى الأبناء - منذ صغرهم - .
ب : – استخدام أساليب محببة لتعظيم الله تعالى وكتاب الله ، في نفوسهم، وتعظيم شعائر الله تعالى من عبادات وأذكار ، بتحبيبها ، وتوضيحها، وتنظيمها ، وضبط أوقاتها، وذلك بوضع برنامج أو جدول محدد لتعويدهم عليها ، وحثهم على التمسك بها ، وبمتابعتهم ، والدعاء لهم بالهداية والثبات على دينه .
ت : - ضبط أوقات الدراسة ، والأكل ، واللعب ، وتعويدهم على الإعتماد على أنفسهم بارتداء الملابس ، والإهتمام بجدول الدروس ، وترتيب الكتب، ووضع الأدوات الخاصة بهم ، كل شيء في موضعه ، لتوفير الوقت والجهد ، ودفع ما ينتج عن الفوضى من مشاكل .
5 : – وضع هدف سام راق يحث الأبناء نحو المسير إليه - " وبدافع ذاتي" - للتفوق والتميز : -
وذلك بزرع الثقة في نفوسهم ببناء علاقة احترام ومحبة مع الوالدين ، بالإبتسامة ، والقبلة ، والهدية ، والمدح ، والثناء ، وتقوية مشاعر الرغبة والتصميم والرضا عندهم ، ورفع الروح المعنوية وتعزيز السلوكيات الشخصية الإيجابية ، بلا مبالغة ، ولا غلو، وبلا تفضيل لتفاوت القدرات ، أو بين الأبناء والبنات ، فإن ذلك يوغر الصدور ، ويثيرالحسد ، والغيرة ، والأحقاد ، وتنقلب المحبة إلى سوء تربية ، أو سرف في القسوة ، أو الدلال ! .
من الأبناء من يَمَـلّ الإهتمام الزائد من الآباء بالتحصيل العلمي ، ويملّ الإلحاح عليهم بالدراسة ، وكثرة الأوامر والأسئلة ، فيشعر بالكبت والضغط ، وأحيانا بالخوف من الإقدام ، فتكون النتيجة عكس ما يَرجون ، فينبغي " الموازنة والإنتباه ".
6 :- الاهتمام بقدرات الأبناء ، بإذكاء روح المنافسة والتحدي النبيل بين أقرانهم ، وحثهم على المسابقة للفوز والنجاح . وربط لذة الفوز والنجاح والفرح به ، بالفوز برضى الله - تبارك وتعالى - والجنة ، والفرح بالنجاة من النار .
[ دور الأبناء ]
وللأبناء دور هام على طريق التفوق والنجاح طوال العام ، ويتمثل ذلك فيما يلي : -
1 : - إخلاص النية لله - تعالى - : إن الحياة الدنيا مرتبطة بالآخرة ، وغدا عنها سنسأل ، والغد غير مضمون إدراكه ، ومن فضل الله - تعالى -أنْ جعل بأيام الشباب فرصا غالية ، تنال بها رتب العلم العالية ، الدينية والدنيوية ، فهي أوقات يجتمع فيها القلب والفكر، لقلة الشواغل والصوارف عن التزامات الحياة . وكلما أحسن الإختيار، واستغلال الوقت ، كلما كان المحرك والدافع للعُـلى " ذاتيا وقويا حتى النهاية " بإذن الله - تعالى - ، ولإخلاص النية بلا رياء ولا سمعه ، ولاستغلال أيام العمر، بالعلم النافع والعمل الصالح .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إغتنم خمسا قبل خمس، حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك) (صحيح) رواه : (حم ، ك ، هب ، حل )عن عمرو بن ميمون - رضي الله عنه - مرسلا ، [ صحيح الجامع 1077 – اقتضاء العلم170 ] .
2 : - تحديد الهدف :- يقول الشاعر :
وإذا كانت النفوس كبارا .......... تعبت في مرادها الأجسام .
فمن كان ذا همة عالية ، وأراد نجاحا وعلو شأن ورفعة ، أو أراد تميزا وتفوقا ، وضع هدفا محددا وواضحا من البداية يسعى لتحقيقه ، لأن النجاح لا يأتي بالتمني ، ولا بالخمول والكسل ، إنما هو ثمرة جد واجتهاد ، وصبر وعمل .
إن كلمة ( النجاح ) كلمة هشة ، عائمة ، أما إذا حُددت بإطار هدف معين ، واقعي، واضح ، وطموح ، نافع - بإذن الله تعالى - للطالب وأسرته وأمتة ، كان حافزا لما يسعى إليه ، فيركز عليه اهتمامه ، مقتنعا به ، متوكلا على ربه سبحانه ، فيؤديه بدافع ذاتي كما يريده ، ويبذل الجهد بأمل وتفاؤل . متحسسا نقاط الضعف والقوة في قدراته ، يوظف الإمكانيات اللازمة لإزالة المعوقات ، وتحقيق الهدف، ولو على مراحل ، برغبة وحماسة مستخيرا الله - تعالى - ، ومستشيرا من يثق بمحبته وخبرته .
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ . فقد قال الله – تعالى – { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } [ الأحزاب 21 ] .
فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يسأل الله تعالى علما نافعا ، ويستعيذ بالله من علم لا ينفع .
ولتذكير النفس ما بين فترة وأخرى بأهمية النجاح وتحقيق الهدف ، يمكن للطالب كتابة هدفه ووضعه أمام ناظره على كتابه أو مكتبه أوفي غرفته ، والتضرع إلى الله - تعالى- بالدعاء الذي أمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - بقوله - سبحانه - : { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } [ طه 114 ] .
3 : - وينبغي للطالب أن لا يكلّ ولا يملّ ، متدرجا في طلب العلم صبورا، قال الله – تعالى - : { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } [ السجدة 24 ] ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – تعالى - في تفسير هذه الآية : ( بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ) . كذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب ) متفق عليه ،[ صحيح الجامع 3501 ] . فمن لا يصبر ، يذهب عنه خير كثير ، وقد يتخلى عن منهجه ومبادئه لأي استفزاز أوسخرية أو عقبة تعترضه . فعلى طالب العلم أن يعوٍّد النفس على الصبر، وعلى سعة الصدر لتوجيهات أولي الأمر وغيرهم ، وأخذ العبرة من تجاربهم . فكم من طالب أعرض ونآى بجانبه ، صم أذنيه عن سماع نصيحة قد تنفعه ، استهزأ واستهان بها - حتى ولو كانت من والديه - ، عض أصابع الندم ، ولكن بعد فوات الأوان ! - ولات حين مناص - .
4 : - ضبط الأوقات : يحبذ وضع تقويم سنوي على المكتب أو أمام البصر ، وتخصيص دفتر لتدوين الملاحظات والمهام والواجبات ومواعيد تسليمها ومواعيد الامتحانات حتى لا يفوتك شيء منها .
5 : - ترتيب الأشياء : وذلك بتخصيص مكان معين للاحتفاظ بالأدوات الخاصة بالطالب كالكتب ودفاتر المحاضرات ، والقرطاسية ، والملايس ، والجوارب ، والأحذية ، وغيرها حتى لا يمضي وقت أو جهد في البحث عنها .
[ وسائل تركيز الانتباه لحسن الإستيعاب والتفكر ]
1 : – اختيار وقت مناسب للدراسة ، بحيث لا يكون وقت راحة أو نوم . وأنسب الأوقات للمطالعة : الليل ، وللحفظ : الأسحار ، وللبحث : الأبكار، وللكتابة : بعد القيلولة في النهار .
2 : - الاستيقاظ مبكرا ، وتجنب المنبهات ، وكثرة السهر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) صحيح رواه : ( أحمد ، والأربعة ) عن صخر الغامدي - رضي الله عنه - ، [ صحيح الجامع 1300 ] .
3 : - تجنُّب تشديد قبض اليد على القلم ، والانكباب قريبا جدا من الكتاب ، لما فيه من انحناء للظهر، وآلام في الرقبة ، وضغط على الأعصاب .
4 : - اختيار مكان مناسب للدراسة ، بحيث يساعد على الإستيعاب ، جيد الإنارة ، متجدد الهواء ، بعيدا عن الضوضاء ، وعما يضيع الوقت ، ويصرف الذهن ، ويشغل الفكر عن الحفظ ، كالتلفاز والمذياع ، وصحبة السوء ، وفعل السوء ، وغيرها من المؤثرات الخارجية السلبية .
قال الإمام الشافعي رحمه الله - تعالى - :
شكوت إلى وكيع سوء حفظــــي .......... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقـــال إعلـــم بأن العلم نـــــــور .......... ونور الله لا يهــدى لعـاصي .
5 : - مراعاة ظروف الأهل ، فلا يكثرالغضب والتسخط إن ضاق المكان ، أو ساءت الظروف ــ بقدر الله تعالى ــ ، إذ أن بإمكان الطالب أن يتدرب على التركيز ، وأن يتكيـّـف مع الوسط الذي يعيش فيه ــ " بصبر واحتساب " ــ . لأن شدة الغضب ، وكثرة التسخط ، مضيعة للوقت وتبديد للجهد ، ناهيك عن العقوق .
[ الدراسة المثالية ]
تبدأ الدراسة المثالية : 1 ــ في قاعة الدراسة : يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - : ( للعلم ست مراتب :- أ - حسن السؤال – ب - حسن الإنصات والاستماع - ت - حسن الفهم - ث - الحفظ – جـ - التعليم - حـ - ثمرته : العمل به ، ومراعاة حدوده ) [ كتاب حلية طالب العلم ص 49 ] .
2 : - استعراض المادة بقراءة شاملة مجملة ، ثم القراءة مرة أخرى بتركيز أكبر وبدقة وإمعان وتفهم للمادة ، ضع سؤالا بجانب كل فقرة انتهيت من قراءتها ، وعند مراجعة القراءة ، ابدأ بقراءة السؤال ، فإن أجبته فذلك يدل على استيعابك للموضوع .
يمكنك تدوين أكبر قدر من الملاحظات والعلومات وحفظ النقاط الهامة ، والقوانين ، والعناوين الرئيسية والفرعية ، بطريقة منظمة مرتبة في كراسة ليسهل مراجعتها .
3 : - الاهتمام بالرسوم التوضيحية والخرائط والجداول بإعادة رسمها وحفظها مرة بعد مرة .
4 : - لا تراكم الواجبات ، فدراسة كمٍّ قليل من المعلومات ــ يوميا ــ ، أفضل طريقة للاحتفاظ بهذه المعلومات ، ابدأ بدراسة المواد الصعبة التي تحتاج إلى مجهود أكبرلإستيعابها ، لأن الطاقة في البداية تكون في ذروتها ، أما المواد السهلة أو التي يستمتع بها ، فبإمكانك تأجيلها إلى وقت آخر .
5 : - بإمكانك تقسيم الموضوعات الطويلة المراد حفظها وتجزئتها، لتسهيل عملية الحفظ ، وربط الجديد بالقديم ــ عند مراجعة الموضوع مرة أخرى ــ خاصة قبل فترات النوم والراحة .
6 :- من خلال القراءة ، يمكنك معرفة مواطن الضعف في الحفظ ، وإعادة التسميع لزيادة القدرة على التذكر وتثبيت المعلومات ، فإن كان الإختبار شفويا ، يفضل االمراجعة والتسميع أن يكون شفويا ، والأفضل أن يكون التسميع والمراجعة تحريرية إذا كان الاختبار تحريريا .
7 : - خذ قسطا من الراحة بعد عناء دراسة متواصة ، لتتمكن من الإستيعاب ، ذلك لأن الإسترخاء والتنفس بعمق ، أو ممارسة بعض الألعاب الرياضية ، تخفف من آثار التوتر والإجهاد والضغط الذي يمكن أن يؤثر سلبيا على المذاكرة .