الرسالة السابعة عشر : نظارة الحب
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد ... أحبتي في الله ..
كيف حال حبكم لله تعالى ؟ أحببتموه أكثر ، تقربتم له بما يحب ، لعله يرضى ، حبه يملأ عليكم حياتكم ، حبه بدأ يزداد في قلوبكم .
والله
الذي لا إله غيره ، نحتاج إلى جرعات حب لله تعالى نتداوى بها ، نحتاج إلى
بلسم المحبة لتطهر قلوبنا من آثار الذنوب والمعاصي ، وتزكو أنفسنا من
آفاتها ، وإذا وقع الحب في القلب ، فك أسير الشهوات من أغلاله ، وعوفي
مدمن المعاصي من غفلاته .
نريد
اليوم أن نلبس نظارة الحب ، وننظر إلى الأمور بشكل مختلف ، هذا سيعمق الحب
في قلوبنا ، لأن القلوب كثيرًا ما تبتعد من سوء ظنها بربها أو عدم فهمها
عنه .
تعالوا نتأمل هذه الكلمات الذهبيات لابن القيم :
يقول : " وكلُ
ما منه إلى عبده المؤمن يدعوه إلى محبته ، مما يحب العبد ويكره ، فعطاؤه
ومنعه ، ومعافاته وابتلاؤه ، وقبضه وبسطه ، وعدله وفضله ، وأماتته وإحياؤه
، ولطفه وبره ، ورحمته وإحسانه ، وستره وعفوه ، وحلمه وصبره على عبده ،
وإجابته لدعائه وكشف كربه ، وإغاثة لهفته ، وتفريج كربته من غير حاجة منه
إليه ، بل مع غناه التام عنه من جميع الوجوه ، كلُّ ذلك داعٍ للقلوب إلى
تألهه ومحبته "
هل ما زلت لا تعرفه ؟ هل لا زلت لا تحسن الظن به ؟
يقول ابن القيم : " بل
تمكينه عبده من معصيته ، وإعانته عليها ، وستره حتى يقضي وطره منها ،
وكلاءته وحراسته له ، ويقضي وطره من معصيته ، وهو يعينه !! ويستعين عليها
بنعمه : من أقوى الدواعي إلى محبته ، فلو أنَّ مخلوقا فعل بمخلوق أدنى شيء
من ذلك ، لم يملك قلبه عن محبته ، فكيف لا يحب العبد بكل قلبه وجوارحه من
يحسنُ إليه على الدوام بعدد الأنفاس مع إساءته ، فخيره إليه نازل ، وشره
إليه صاعد ، يتحبب إليه بنعمه وهو غني عنه ، والعبد يتبغض إليه بالمعاصي
وهو فقير إليه ، فلا إحسانه وبره وإنعامه عليه يصده عن معصيته ، ولا معصية
العبد ولؤمه يقطع إحسان ربه عنه ، فألأم اللؤم تخلف القلوب عن محبة من هذا
شأنه ، وتعلقها بمحبة سواه "
هل
تتخيل ؟!! تعصيه فلم يحل بينك وبين ما تشتهي ، تخالف أمره فلم يعاجلك
بعقوبة ولم يهلكك ، ولم يفضحك ، بل تركك تقضى غايتك من هذه المعاصي وفيها
سخطه ، ولو شاء لجعلك هباءً منثورًا ، لكن أمهلك وتحبب إليك . يا لكرم
الله !!
ثمَّ يضيف ابن القيم من هذه المعاني الغالية عن جوده وكرمه سبحانه المستوجب لمحبته فيقول : " وأيضا فكل من تحبه من الخلق أو يحبك إنما يريدك لنفسه وغرضه منك ، والرب سبحانه وتعالى يريدك لك ، كما في الأثر الإلهي : " عبدي كل يريدك لنفسه وأنا أريدك لك " فكيف لا يستحيي العبد أن يكون ربه له بهذه المنزلة ، وهو معرض عنه مشغول بحب غيره ، وقد استغرق قلبه محبة ما سواه "
ويأبى
الله إلا أن يفهمنا هذا الدرس ولكن لجهلنا لا نفهم ، فمن منَّا لم يعرف
هذه الحقيقة المرة ، أنَّ كل النَّاس بلا استثناء ، ولو كانا أبويك أو
زوجتك أو عيالك أو إخوانك أو أصدقائك من منهم لم تعرف أنَّه لا يعاملك إلا
لمصلحته ومنفعته ؟! إن كنت لا تدري فتلك مصيبة ، وإن كنت تدري ثمَّ لا
تؤثر ربك فالمصيبة أعظم !!
ألم تفهم ؟ كلهم لن ينفعوك ، كلهم يريدك له ليس إلا ، أمَّا هو سبحانه فيريدك لك ، يريد مصلحتك ومنفعتك .
أليس في القلوب حياة ؟ والله كلمات تتفطر لها القلوب القاسية ، فما بال قلوبنا لا تتحرك .
واجبنا العملي :
(1) افهم عن الله من الآن ، واقرأ كل شيء من خلف نظارة الحب ، تتغير حياتك .
(2) استمعوا لهذه المحاضرة لترسيخ هذه المعاني :
http://www.manhag.net/droos/details.php?file=162
(3) عش في رياض اسمه " الستير " واسمه " الحليم " واستدعي حمرة الخجل والحياء منه سبحانه .
(4) الهج بهذا الثناء لترقيق قلبك ، وتحبب إلى ربك .
كان يحيى بن معاذ يقول في مناجاته : إلهي
ما أكرمك !! إن كانت الطاعات فأنت اليوم تبذلها ، و غدا تقبلها ، وإن كانت
الذنوب فأنت اليوم تسترها ، و غدا تغفرها ، فنحن من الطاعات بين عطيتك و
قبولك ، و من الذنوب بين سترك و مغفرتك . [ شعب الإيمان ]
اللهم
عصينا فسترتنا ، وخالفنا أمرك فأمهلتنا ، ونحن أهل العصيان وأنت أهل
التقوى وأهل المغفرة ، فارحم ذلنا الآن بين يديك ، واغفر لنا ما كان منَّا
، ولا تحرمنا ما عندك بسوء ما عندنا .
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد ... أحبتي في الله ..
كيف حال حبكم لله تعالى ؟ أحببتموه أكثر ، تقربتم له بما يحب ، لعله يرضى ، حبه يملأ عليكم حياتكم ، حبه بدأ يزداد في قلوبكم .
والله
الذي لا إله غيره ، نحتاج إلى جرعات حب لله تعالى نتداوى بها ، نحتاج إلى
بلسم المحبة لتطهر قلوبنا من آثار الذنوب والمعاصي ، وتزكو أنفسنا من
آفاتها ، وإذا وقع الحب في القلب ، فك أسير الشهوات من أغلاله ، وعوفي
مدمن المعاصي من غفلاته .
نريد
اليوم أن نلبس نظارة الحب ، وننظر إلى الأمور بشكل مختلف ، هذا سيعمق الحب
في قلوبنا ، لأن القلوب كثيرًا ما تبتعد من سوء ظنها بربها أو عدم فهمها
عنه .
تعالوا نتأمل هذه الكلمات الذهبيات لابن القيم :
يقول : " وكلُ
ما منه إلى عبده المؤمن يدعوه إلى محبته ، مما يحب العبد ويكره ، فعطاؤه
ومنعه ، ومعافاته وابتلاؤه ، وقبضه وبسطه ، وعدله وفضله ، وأماتته وإحياؤه
، ولطفه وبره ، ورحمته وإحسانه ، وستره وعفوه ، وحلمه وصبره على عبده ،
وإجابته لدعائه وكشف كربه ، وإغاثة لهفته ، وتفريج كربته من غير حاجة منه
إليه ، بل مع غناه التام عنه من جميع الوجوه ، كلُّ ذلك داعٍ للقلوب إلى
تألهه ومحبته "
هل ما زلت لا تعرفه ؟ هل لا زلت لا تحسن الظن به ؟
يقول ابن القيم : " بل
تمكينه عبده من معصيته ، وإعانته عليها ، وستره حتى يقضي وطره منها ،
وكلاءته وحراسته له ، ويقضي وطره من معصيته ، وهو يعينه !! ويستعين عليها
بنعمه : من أقوى الدواعي إلى محبته ، فلو أنَّ مخلوقا فعل بمخلوق أدنى شيء
من ذلك ، لم يملك قلبه عن محبته ، فكيف لا يحب العبد بكل قلبه وجوارحه من
يحسنُ إليه على الدوام بعدد الأنفاس مع إساءته ، فخيره إليه نازل ، وشره
إليه صاعد ، يتحبب إليه بنعمه وهو غني عنه ، والعبد يتبغض إليه بالمعاصي
وهو فقير إليه ، فلا إحسانه وبره وإنعامه عليه يصده عن معصيته ، ولا معصية
العبد ولؤمه يقطع إحسان ربه عنه ، فألأم اللؤم تخلف القلوب عن محبة من هذا
شأنه ، وتعلقها بمحبة سواه "
هل
تتخيل ؟!! تعصيه فلم يحل بينك وبين ما تشتهي ، تخالف أمره فلم يعاجلك
بعقوبة ولم يهلكك ، ولم يفضحك ، بل تركك تقضى غايتك من هذه المعاصي وفيها
سخطه ، ولو شاء لجعلك هباءً منثورًا ، لكن أمهلك وتحبب إليك . يا لكرم
الله !!
ثمَّ يضيف ابن القيم من هذه المعاني الغالية عن جوده وكرمه سبحانه المستوجب لمحبته فيقول : " وأيضا فكل من تحبه من الخلق أو يحبك إنما يريدك لنفسه وغرضه منك ، والرب سبحانه وتعالى يريدك لك ، كما في الأثر الإلهي : " عبدي كل يريدك لنفسه وأنا أريدك لك " فكيف لا يستحيي العبد أن يكون ربه له بهذه المنزلة ، وهو معرض عنه مشغول بحب غيره ، وقد استغرق قلبه محبة ما سواه "
ويأبى
الله إلا أن يفهمنا هذا الدرس ولكن لجهلنا لا نفهم ، فمن منَّا لم يعرف
هذه الحقيقة المرة ، أنَّ كل النَّاس بلا استثناء ، ولو كانا أبويك أو
زوجتك أو عيالك أو إخوانك أو أصدقائك من منهم لم تعرف أنَّه لا يعاملك إلا
لمصلحته ومنفعته ؟! إن كنت لا تدري فتلك مصيبة ، وإن كنت تدري ثمَّ لا
تؤثر ربك فالمصيبة أعظم !!
ألم تفهم ؟ كلهم لن ينفعوك ، كلهم يريدك له ليس إلا ، أمَّا هو سبحانه فيريدك لك ، يريد مصلحتك ومنفعتك .
أليس في القلوب حياة ؟ والله كلمات تتفطر لها القلوب القاسية ، فما بال قلوبنا لا تتحرك .
واجبنا العملي :
(1) افهم عن الله من الآن ، واقرأ كل شيء من خلف نظارة الحب ، تتغير حياتك .
(2) استمعوا لهذه المحاضرة لترسيخ هذه المعاني :
http://www.manhag.net/droos/details.php?file=162
(3) عش في رياض اسمه " الستير " واسمه " الحليم " واستدعي حمرة الخجل والحياء منه سبحانه .
(4) الهج بهذا الثناء لترقيق قلبك ، وتحبب إلى ربك .
كان يحيى بن معاذ يقول في مناجاته : إلهي
ما أكرمك !! إن كانت الطاعات فأنت اليوم تبذلها ، و غدا تقبلها ، وإن كانت
الذنوب فأنت اليوم تسترها ، و غدا تغفرها ، فنحن من الطاعات بين عطيتك و
قبولك ، و من الذنوب بين سترك و مغفرتك . [ شعب الإيمان ]
اللهم
عصينا فسترتنا ، وخالفنا أمرك فأمهلتنا ، ونحن أهل العصيان وأنت أهل
التقوى وأهل المغفرة ، فارحم ذلنا الآن بين يديك ، واغفر لنا ما كان منَّا
، ولا تحرمنا ما عندك بسوء ما عندنا .