بسم الله الرحمن الرحيم
الآية : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون )
سورة التوبة (92) .
آية عظيمة .. موقف خالد .. صورة مؤثرة جداً .. يفيض في تأملها الدمع ..
ويرق لها الطبع .. ويعمّ النّفع .. ومما يزيدها جمالاً وجلالاً
أنها جاءت في سياق الجهاد والمجاهدين .. حيث تظهر النفوس
على حقيقتها .. وتقوم الجوارح بوظيفتها .. وتتألق الارواح في
ذروتها .. ياللعجب !! أيحزن الانسان أو يجزع أو يبكي أو يذرف الدمع
.. إذ يتخلف عن معامع القتال ؟! ويبقى بين الأهل والظلال ؟!
ومعه عذر الحال والمال ؟؟ أي أمة هذه تتقن صناعة الموت ..
تبحث عن الموت .. تعشق الشهادة . نعم والله
(رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) (المجادلة/22 ).
شمرت الحرب عن ساقها .. واقتربت ساعة الصفر .. وبدأ جيش الموحدين اللجب
بالزحف .. السفر طويل .. والمسافة بعيدة ، فلا بد من الراحلة أيّاً كانت ..
وتأتي مجموعة من الصحابة الكرام ذكروا بأسمائهم إلى القائد الحبيب
صلوات الله وسلامه عليه، يطلبون دوابّ تحملهم وتقّلهم .
فيكون الجواب (قلت لا أجد ما احملكم عليه ) حال من ا لكاف في
(أتوك) ، وقد قبله مضمرة . والمعنى : إذا ما أتوك قائلاً لا أجد ،
وكأنه قيل إذا ما أتوك لتحملهم تولّوا ، فقيل : ما لهم تولّوا باكين .
فقيل : (قلت لا أجد ما أحملكم عليه )1
قال السمين الحلبي : وفائدة ما سبق أن توليهم على حاله ، فيصير
الدمع ليس مترتياً على مجرد مجئيهم له عليه السلام ليحملهم ، بل على
قوله لهم : ( لا أجد ما أحملكم ) وإذا كان كذلك فقوله عليه السلام لهم
ذلك سبب في بكائهم فحسن أن يجعل قوله : ( قلت : لا أجد ما أحملكم )
جواباً لمن سأل عن علّة توليهم وأعينهم فائضة دمعاً 2
أظن أن ما سبق قد يعسر فهمه لذلك أضع أمامك الصورتين التاليتين
وبضدّها تتميز أشياء :
اولى : أنهم جاءوا بسبب ما من ضيق الحال ، يبكون تفيض أعينهم بالدمع ..
وطلبو من النبي أن يهيء لهم ما يحملهم عليه .
الثانية : أنهم خرجوا من مجلس النبي وعيونهم تفيض من الدمع لما اخبرهم
النبي أنه لا يجد ما يحملهم عليه . والان قل لي بربك أي الصورتين أعمق
وأدل ؟!
لا ريب أن الصورة الثانية أتم وأعم وأعمق وأوفق وأشمل وأكمل وأنور
وأوفر وتأمل شيئاً من الشذى من فصاحة القرآن الكريم .
- ( قلت لا أجد) قال أبو السعود : وفي إيثار ( لا أجد )
على( ليس عندي) من تلطيف الكلام وتطييب قلوب السائلين ما لا يخفي
كأنه صلى الله عليه وسلم يطلب ما يسألونه على الاستمرار فلا يجده
قيبقى باب الفأل والأمل مفتوحا .
- (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ) .. والسؤال . هل فاضت أعينهم ؟
أم دموع أعينهم ؟ يسعفك هنا الامام الفذ الزمخشري فيأتيك بالخبر
اليقين يقول :
( تفيض من الدمع ) كقولك تفيض دمعاً ، وهو أبلغ من يفيض دمعها ،
لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض ، فمن للبيان صورة ولا أروع ..
تعبير ولا أوقع ... أثر ولا أنفع (وبمثل هذه الروح ، انتصر الاسلام ،
وبمثل هذه الروح عزّت كلمته ، فلننظر أين نحن من هؤلاء .. ولننظر
أين روحنا من تلك العصبة ، ثم لنطلب النصر إن استشعرنا في أنفسنا
بعض هذه المشاعر .. وإلا فلنسدد ولنقارب
الكاتب - أحمد سليمان الرقب
الآية : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون )
سورة التوبة (92) .
آية عظيمة .. موقف خالد .. صورة مؤثرة جداً .. يفيض في تأملها الدمع ..
ويرق لها الطبع .. ويعمّ النّفع .. ومما يزيدها جمالاً وجلالاً
أنها جاءت في سياق الجهاد والمجاهدين .. حيث تظهر النفوس
على حقيقتها .. وتقوم الجوارح بوظيفتها .. وتتألق الارواح في
ذروتها .. ياللعجب !! أيحزن الانسان أو يجزع أو يبكي أو يذرف الدمع
.. إذ يتخلف عن معامع القتال ؟! ويبقى بين الأهل والظلال ؟!
ومعه عذر الحال والمال ؟؟ أي أمة هذه تتقن صناعة الموت ..
تبحث عن الموت .. تعشق الشهادة . نعم والله
(رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) (المجادلة/22 ).
شمرت الحرب عن ساقها .. واقتربت ساعة الصفر .. وبدأ جيش الموحدين اللجب
بالزحف .. السفر طويل .. والمسافة بعيدة ، فلا بد من الراحلة أيّاً كانت ..
وتأتي مجموعة من الصحابة الكرام ذكروا بأسمائهم إلى القائد الحبيب
صلوات الله وسلامه عليه، يطلبون دوابّ تحملهم وتقّلهم .
فيكون الجواب (قلت لا أجد ما احملكم عليه ) حال من ا لكاف في
(أتوك) ، وقد قبله مضمرة . والمعنى : إذا ما أتوك قائلاً لا أجد ،
وكأنه قيل إذا ما أتوك لتحملهم تولّوا ، فقيل : ما لهم تولّوا باكين .
فقيل : (قلت لا أجد ما أحملكم عليه )1
قال السمين الحلبي : وفائدة ما سبق أن توليهم على حاله ، فيصير
الدمع ليس مترتياً على مجرد مجئيهم له عليه السلام ليحملهم ، بل على
قوله لهم : ( لا أجد ما أحملكم ) وإذا كان كذلك فقوله عليه السلام لهم
ذلك سبب في بكائهم فحسن أن يجعل قوله : ( قلت : لا أجد ما أحملكم )
جواباً لمن سأل عن علّة توليهم وأعينهم فائضة دمعاً 2
أظن أن ما سبق قد يعسر فهمه لذلك أضع أمامك الصورتين التاليتين
وبضدّها تتميز أشياء :
اولى : أنهم جاءوا بسبب ما من ضيق الحال ، يبكون تفيض أعينهم بالدمع ..
وطلبو من النبي أن يهيء لهم ما يحملهم عليه .
الثانية : أنهم خرجوا من مجلس النبي وعيونهم تفيض من الدمع لما اخبرهم
النبي أنه لا يجد ما يحملهم عليه . والان قل لي بربك أي الصورتين أعمق
وأدل ؟!
لا ريب أن الصورة الثانية أتم وأعم وأعمق وأوفق وأشمل وأكمل وأنور
وأوفر وتأمل شيئاً من الشذى من فصاحة القرآن الكريم .
- ( قلت لا أجد) قال أبو السعود : وفي إيثار ( لا أجد )
على( ليس عندي) من تلطيف الكلام وتطييب قلوب السائلين ما لا يخفي
كأنه صلى الله عليه وسلم يطلب ما يسألونه على الاستمرار فلا يجده
قيبقى باب الفأل والأمل مفتوحا .
- (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ) .. والسؤال . هل فاضت أعينهم ؟
أم دموع أعينهم ؟ يسعفك هنا الامام الفذ الزمخشري فيأتيك بالخبر
اليقين يقول :
( تفيض من الدمع ) كقولك تفيض دمعاً ، وهو أبلغ من يفيض دمعها ،
لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض ، فمن للبيان صورة ولا أروع ..
تعبير ولا أوقع ... أثر ولا أنفع (وبمثل هذه الروح ، انتصر الاسلام ،
وبمثل هذه الروح عزّت كلمته ، فلننظر أين نحن من هؤلاء .. ولننظر
أين روحنا من تلك العصبة ، ثم لنطلب النصر إن استشعرنا في أنفسنا
بعض هذه المشاعر .. وإلا فلنسدد ولنقارب
الكاتب - أحمد سليمان الرقب