ملاحظات هامة على حروف الحلق
مقتبس من كتاب (علم التجويد أحكام نظرية وملاحظات تطبيقية )
*****
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلق : هو الجزء الذي بين الحنجرة والفم , وهو فضلاً عن أنه مخرج لأصوات لغوية
خاصة , يستغل بصفة عامة كفراغ رنّان يضخّمُ بعض الأصوات بعد صدورها من الحنجرة .
وللحلق ثلاثة مخارج:
1- أقصى الحلق : أي: أقرب شيء إلى الصدر , وهي منطقة الحنجرة , ويخرج منه : الهمزة والهاء , مثل : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحدٌ ).
قال ابن الجزريّ : ثُمَّ لأقصى الحلق همزٌ هاءُ ........................
2- وسط الحلق : وتسمى : منطقة الغلصمة , أو لسان المزمار , ويخرج من : العين والحاء , مثل: ( نَعْبُدُ) و (الرَّحْمنُ)
قال ابن الجزريّ : ........................ ثم لوسطه فعين حاءُ
3- أدنى الحلق : أصلُ اللسانِ , وهو أقرب شيء إلى الفم , ويخرج منه الغين والخاء , مثل (غير المغضوب) و ( خالدين).
قال ابن الجزريّ : أدناهُ غين خاؤُها ........................
ملاحظات على حروف الحلق :
الملاحظة الأولى : بالنسبة للهمزة :
يجب أن تكون من أقصى الحلق مرقّقةً , شديدةً ,مجهورةًَ , منفتحةً , مهتوفةًَ ( الهتف والهتاف: الصوت الجافي العالي الشديد ) فينبغي عليك أن تنطق بها سلسةً سهلةً برفق بلا تعسّفٍ , ولا تكلُّفٍ , ولا تهوُّعْ ( النطق بها كهيئة المتقيء ).
والتدرب على النطق الصحيح في بداية الأمر يتم بأن تفتح الشفتين عرضاً إلى أقصى ما تستطيع حتى تحصلََ على أرقى درجات الترقيق. فإذا ضيّقت فتح الفم قليلاً خرجت الهمزة مفخّمةً – كما يفعله من فيه لُكْنَةُ أعجمية – وهذا لا يصح بحال , وينبغي أن تباعد بين الفكّين إذا نطقت بالهمزة مفتوحةً حتى يتحقّق الانفتاح , وأن تحكم ضمّ الشفتين عند نطقها مضمومة وإنما يتقن نطقها من تلقّاه من أفواه المشايخ المتقنين.
فكثيرون أولئك الذين يفخمونها في مثل قوله تعالى : (أَعُوذُ) , (خَطَئاً) , ( أَنْ رَّءَاهُ) , (يُؤْمِنُونَ). كما أن البعض يقلقلها قلقلة خفيفة ويقفز عنها بسرعة في مثل قوله تعالى : (الْمُؤْمِنُ) , ( يُؤْمِنُونَ) , (تَأْلَمُونَ).
الملاحظة الثانية :أما الهاءُ :
فهي حرف مهموسٌ , رخوٌ , مرققٌ , منفتحٌ , ويخطيءُ الناسُ في نطقها كثيرا: فمنهم من يفخّمها , مثل : (ضُحَاهَا) , (تَرْضَاهَا) , ومنهم من يبالغ في ترقيقها حتى تصير كأنها ممالة. كما أن البعض يبالغ في ترقيقها حتى تخرج وكأنها مشربةٌ بخاء رقيقة , مثل: (عَلَيْهِمْ) , (وَهِيَ).
الملاحظة الثالثة :
من الأخطاء التي يقع فيها كثيرون :
أنهم لا يظهرون الهاء إذا جاء بعدها حرف (الحاء) , مثل : ( اتَّقُوا الله حَقّ تُقَاتِهِ ) فلا يخرجونها من أقصى الحلق لأن في ذلك كلفةً , فتراهم يخرجونها قريبة من أقصى الحلق ضعيفةً مخفيةً .
الملاحظة الرابعة :
ينبغي التنبيه على عدم ضمّ الشفتين عند النطق بالهاء الساكنة وخاصةً إذا كان قبلها ضم , مثل : (مُّهْتَدُونَ) فالصواب أن يَضُمَّ القارىء الشفتين في الميم , فإذا وصل إلى الهاء أرجع الشفتين إلى حالتهما الطبيعية , أي: حال الانفتاح العرضيّ ,
وهذه ملاحظة عامّة , يجب الإنتباه إليها لأهميتها ومثل ذلك قوله تعالى : ( يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ ).
الملاحظة الخامسة :
مما يجدر التنبيه عليه ترقيق الهاء في لفظ الجلالة (اللهَ) وقفاً أو وصلاً , فإن الكثيرين يفخّمونها لأن اللام مفخمةٌ فتؤثرُ عليها , وهذا خطأ محض , والسبب في ذلك عدم انتباههم لهيئة الشفتين عند الوقف في لفظ الجلالة , فيبقون الشفتين عند الهاء على هيئة التفخيم , والصحيح أنه يجب إعادة انفراج الشفتين إلى هيئتهما حال الترقيق فيما لو نطقنا بالهاء مفردة.
الملاحظة السادسة :
ينبغي التركيز على تصفية الهاءات وتخليصها وخاصة إذا كانت متوالية , فإن بعض القراء لا يخرجها صافية , مثل : (جِبَاهُهُم) , (وُجُوهُهُمْ) , وهذا خطأ ينبغي الحذر منه والتنبيه عليه , كما ينبغي الاهتمام بتصفيتها وبيانها في مثل : (وَيُلْهِهِمُ) و ( فِيهِ هُدًى) فلا بد من تبيين تفكيكها , وملاحظة بيانها من غير عجلةٍ تجحف بلفظها , ولا تمطيط يزيد على المطلوب , ويثقل على الأسماع والقلوب.
قال ابن الجزريّ : ........................ وصَفِّ ها : جِباهُهُمْ عَليْهِمُ
الملاحظة السابعة :
أما العين فالناس فيها بين مفرط ومفرّط : فالبعض ينطقها قاسيةً يابسةً شديدةً في مثل : (يَعْلَمَ) , وبعضهم يضيف إلى ذلك ضم الشفتين عندها فتخْرُجُ مُفَخَّمَةً ويطغى تفخيمها على الياء التي بجوارها فتخرج الكلمة مفخمة الياء والعين , فهؤلاء المُفْرِطون , أما المفَرِّطون فإنهم يلفظونها رخوة: أي يكررونها في مخرجها. فينبغي أن يحترز القارىء من حبس صوت العين وحصره بالكلية إذا شدّدتْ , وذلك في مثل : ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) و ( يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنََّمَ دَعًّا) حتى لا تصبح من الحروف الشديدة.
الملاحظة الثامنة :
بعض الناس عندما ينطق العين وبعدها لام أو ميم , فإنه يقفز عن العين قفزاً ويدخل اللام فيها إدخالاً , وذلك في مثل : (يَعْلَمُونَ) و ( يَعْمَلُونَ) فينطق بنصف عينٍ , لا بعينٍ كاملة , وهذا خطأ وطريقة التخلص منه :
أن تنطق العين بهدوء وتعطيها حقها من الترقيق والبّيْنِيَّة , والمدة الزّمنية التي تستغرقها , فإن لكل حرف مدة من الزمن هي من حقه , وتختلف باختلاف صفاته , ولا يتحقّق كماله إلا بها , ثم بعد ذلك تنطق اللام بدون اتكاء عليها , مع ملاحظة عدم الفصل بينهما.
الملاحظة التاسعة :
وينبغي الاهتمام بنطق العين إذا تكررت , وذلك لصعوبتها على اللسان , وذلك في مثل قوله تعالى : (أَن تَقَعَ عَلَى الأرْضِ) و (يَنْزِعُ عَنْهُمَا) و ( فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) و (نَطْبَعُ عَلََى) و (يَشْفَعُ عِندَهُ) و (تَطَّلِعُ عَلََى) , فعلى القارىء أن ينتبه إلى عدم إدغامها , وإلى عدم تفخيمها.
الملاحظة العاشرة :
كما ينبغي الاهتمام بالعين إذا سكنت وجاء بعدها هاء , فيجب نطق العين بتحفظ حتى لا تصبح هاء , وتدغم فيها الهاء فتصير كأنها حاءٌ مشددة , وذلك في مثل : (أَلَمْ أَعْهَدْ) و (فَاتَّبِعْهَا) و (فَبَايِعْهُنَّ) و (لا تُطِعْهُ).
الملاحظة الحادية عشرة :
أما الحاء , فمن العيوب الدارجة فيها قلقلتها وعدمُ الهمس فيها مثل : (الرَّحْمَنِ) وخاصة إذا وقع بعد الحاء ياء , فترى اللسان يميل إلى كسر الحاء ليتهيأ لنطق الياء , وذلك في مثل : (مَحْيَاهُمْ) , ( فَأَحْيَاكُمْ) .
الملاحظة الثانية عشرة : من الأخطاء في الحاء :
بقاءُ الشفتين مضمومتين عند نطقها وهي ساكنة, ولا سيما إذا كان قبلها حرف مضموم , مثل: (الْمُحْسِنِينَ , يُحْيِ) فإن صفاء نطقها يتأثر بهذا الضمّ فلا تخرج صحيحةً , بل تخرج مشمومةً بالضمّ , وينبغي زيادة الانتباه لها إذا جاء قبلها مضموم وبعدها مضمومٌ , فههنا يكون النطقُ أصعب لأن القارىء يحتاج إلى أن يَضُمَّ الشفتين ثمّ يرجعهما كهيئتهما قبل الضم , ثم يضمهما مرة ثانية مثل : (احْشُرُوا) , (احْكُم).
الملاحظة الثالثة عشر :
أما الغين فالخطأ فيها: في قلقلتها , وعدم تفخيمها , وإشمامها شيئاً من الغنّة كما يفعله كثيرون في (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) , وكذلك نطقها قافاً فيلفظونها (قير المقضوب) , وإدغامها في القاف في قوله تعالى (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا) , ومن الأخطاء أن يؤثر تفخيم الغين على الحرف المرقق بجوارها , مثل: (غَفَرَ) و (أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا).
الملاحظة الرابعة عشرة :
أما الخاء : فيلاحظ على بعضهم عدم تفخيمها التفخيم المطلوب , مثل (أَخَذَ) (وَاتَّخَذُوا) لأنها بين مرقّقين فيؤثّران عليها , وينبغي أن يتنبه القارىء إلى تأثيرها على ما جاورها من المرقّق , مثل : (مَخْمَصَةٍ) و (مَّخْضُودٍ) فكثيرون الذين يفخّمون الميم لأجل الخاء , وكذلك يفخّمون اللام في (خلَطُوا) , وكل ذلك خطأ , لا يحس به إلا أهل هذا الفن الذين تلقّوْه عن المتقنين من القرّاء , أصحاب الحس المرهف .
منقول للفائدة جزا الله الكاتب خيرا