[size=21]عجيب أمر هذا القرآن لأنه كلام الحكيم الحميد الخبير ...، وإن المتدبر لآيات القرآن وكلماته وحروفه وحركاته ليستمتع بلفتاته ولطائفه وتلك نعمة غامرة من الله المنعم الكريم نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها ... نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه ..
وأعرض هنا لطيفة ولفتة أمام محبي القرآن ومتدبريه ...
وهي : ( واو الثمانية ) فما المراد بها ؟
هي : واو عطف تدخل على المعدود الثامن لتعطفه على ما سبق ويكون مغايرا لبعض المذكورين قبله في بعض الصفات .
وإليكم ثلاث آيات ليتضح هذا الأمر :
الآية الأولى: قول الله تعالى في سورة التوبة :
{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}
فقد ورد سبع صفات قبل دخول الواو على الصفة الثامنة ، والملاحظ أن الصفة الثامنة مغايرة للصفة السابعة فالنهي عن المنكر غير الأمر بالمعروف .
الآية الثانية : قول الله تعالى في سورة الكهف :
{سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاء ظَاهِرًا ولا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا} فالآية قد ذكرت ثلاثة أقوال في عدد أصحاب الكهف
والملاحظ : أن القول الأول والثاني ذكر فيهما الكلب بدون عطف.،
بينما القول الثالث عطف كلبهم عليهم بالواو (...وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ...)
وهي واو الثمانية التي دخلت على الرقم الثامن ،وبالتدبر يتضح ما يلي :
1-أن القرآن ذم القولين السابقين لأنهما رجما بالغيب ، بينما سكت عن القول الثالث بل أشار إلى إمكانية اعتماده والقول به حيث أثبت العلم بهم للقليل{ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ}.
ولذلك كان ابن عباس – رضي الله عنهما- يقول : أنا من القليل الذين استثناهم الله
كانوا: [ سبعة وثامنهم كلبهم ].
2- دخول الواو على كلبهم في القول الثالث الذي قاله العلماء له معنى أدبي وأخلاقي ذوقي ... فبهذه الواو فصل مابين أصحاب الكهف الأبرار الأطهار وبين كلبهم . والعطف يقتضي التغاير ، بينما نجد ذكر الكلب في القولين السابقين معهم بدون الواو كأنه واحد منهم !!!.
الآية الثالثة : ما ورد في الآية الخامسة من سورة التحريم : {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}
فالواو دخلت على الصفة الثامنة وهي : ( أبكارا ) والمرأة إما أن تكون بكرا أو ثيبا ولا يمكن أن تجمع بين الصفتين .
هذا وبالله التوفيق ...
[/size]