حال الناس مع النعم
الصنف الأول: من لا يعرفون النعمة بوجودها، ويعرفونها بزوالها:
كالذين لا يعرفون ولا يدركون مدى نعمة البصر والسمع والمشي والكلام، إلا
بعد فقْد أحدها، أو لا يعرفون نعمة الوالدين، أو نعمة القناعة، أو نعمة
الراحة النفسية، والطمأنينة والمال، وغيرها من النعم، إلا بعد فقدها،
ولربما جزع أحدهم وصاح، وبدأ يعاتب الأقدار - عياذًا بالله - فهم في غفلة
دائمة، مَثَلُهم مثلُ الأنعام والبهائم؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ
ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ
لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ
آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ
أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].
الصنف الثاني: من يعرفون النعمة بوجودها، ولكن لا يعرفون من أين أتت:
حالهم حال قارون في هذا، يعرفون أن السمع والبصر وغيرَها هي من النعم،
وإذا رأوا أعمى أو أصمّ، قالوا: نحن بخير، ويعرفون أن الراحة نعمة، وأن
المال نعمة، ولكن يقولون: هذا من عندِ أنفسنا، كالقائل : أنا بنفسي وجهدي
وصلت إلى هذا المنصب، أنا بجهدي وذكائي حملت شهادة الدكتوراه، أنا بجهدي
كونت هذه الرؤوس الطائلة من الأموال، أو من وراثتي جاءتني هذه الأموال،
وهكذا.
الصنف الثالث: من يعرفون
النعمة بوجودها، ويعرفون أنها من عند الله وبتوفيقه - سبحانه وتعالى -
ولكنهم مشغولون بها عن شكر الله - سبحانه وتعالى - أو قد يصرفونها في أمر
منكر:
كالذين يشكرون الله على نعمة البصر والسمع والحركة وغيرها باللسان فقط،
ولكنهم يستعملونها في معصية الله، ولا يتورَّعون عن سماع الأغاني،
والغِيبة والمحرمات، ولا يتورعون عن النظر إلى الحرام وهكذا، أو كأصحاب
المال والشركات والعقارات، يشكرون الله قولاً ويعصونه فعلاً، فتجدهم
ينشغلون بتنميتها ليلَ نهارَ، وبمتابعة البورصة، أو بالسعي وراءَ فلان
وعلان، والوزارة الفلانية لإجراء المعاملة الفلانية؛ لتحسين المنصب أو
الشركة، فتجدهم ينشغلون عن أداء الصلاة في وقتها، وعن حقوق الأزواج
والأبناء والأهل، وعن حقوق الله - تعالى - بل وربما صرفوا هذه النعمة
وسخروها لشيء يغضب الله - تعالى - كالفتاة الجميلة تحمَد الله على الجمال،
ولكنها تخرج متبرجة، ولا تتورع عن الرجال، أو كصاحب الوظيفة والمنصب الحسن
يحمَد الله عليها، ولكنه يصرف راتبه فيما يغضب الله.
وقد يقول أحدهم: الحمد لله، وفقني الله لكذا وكذا، وهو لا يعلم أن قوله
منكر عظيم والعياذ بالله، كالمغنية والراقصة والمغني، أعطاه الله حسن
الصوت والجمال، وهو يعلم أنه من نعم الله، ولكنه يسخره لأمر يُنزل غضب
الله عليه، وهو يقول بكل برودة : الحمد لله، وفقني الله لإصدار ألبومي
الأخير، وتصوير الفيديو كليب الفلاني، أو كصاحب المال يقول: الحمد لله،
وفقني الله لفتح أو شراء القناة الفضائية لبث الأغاني والأفلام، أو
لافتتاح إنترنت كافيه أو ما أشبه، ومثل هذا الصنف، كمثل الأعراب الذين قال
الله - تعالى - فيهم : {سَيَقُولُ
لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا
وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ
فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ
أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [الفتح: 11].
الصنف الرابع: هم الذين
يعرفون النعمة بوجودها، ويعرفون أنها من عند الله - تعالى - ولا ينشغلون
بها عن شكر الله، بل يسخرونها في طاعته - سبحانه وتعالى -:
وهؤلاء يحمدون الله ويشكرونه قولاً وفعلاً، كالذين يحفظون فروجهم
وأبصارهم، ولا ينظرون إلى حرام، ولا يسمعون حرامًا ولا يقولون حرامًا، ولا
يأكلون حرامًا، ولا يسعَون إلى حرام، بل يسمعون القرآن ويتلونه، ويتحدثون
فيما يرضي الله، ويسعَون إلى طاعة الله، وعبادته وحده، والدعوة إليه
والجهاد في سبيله، والإنفاق في سبيله، والصلاة والذكر، وبرّ الوالدين،
وصلة الرحم، والأخلاق الحميدة، وإكرام الضيف، والإحسان للناس، وغيرها من
أمور يزدادون بها شكرًا لله - تعالى - وهؤلاء هم الصنف القليل، الذين قال
الله فيهم: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].
فلننظر يا إخواني حالنا مع نِعم الله التي لا تحصى ولا تعد، ولا نجري وراءَ الدنيا وقضاء الأوطار.
فادي نضال عمر
الصنف الأول: من لا يعرفون النعمة بوجودها، ويعرفونها بزوالها:
كالذين لا يعرفون ولا يدركون مدى نعمة البصر والسمع والمشي والكلام، إلا
بعد فقْد أحدها، أو لا يعرفون نعمة الوالدين، أو نعمة القناعة، أو نعمة
الراحة النفسية، والطمأنينة والمال، وغيرها من النعم، إلا بعد فقدها،
ولربما جزع أحدهم وصاح، وبدأ يعاتب الأقدار - عياذًا بالله - فهم في غفلة
دائمة، مَثَلُهم مثلُ الأنعام والبهائم؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ
ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ
لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ
آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ
أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].
الصنف الثاني: من يعرفون النعمة بوجودها، ولكن لا يعرفون من أين أتت:
حالهم حال قارون في هذا، يعرفون أن السمع والبصر وغيرَها هي من النعم،
وإذا رأوا أعمى أو أصمّ، قالوا: نحن بخير، ويعرفون أن الراحة نعمة، وأن
المال نعمة، ولكن يقولون: هذا من عندِ أنفسنا، كالقائل : أنا بنفسي وجهدي
وصلت إلى هذا المنصب، أنا بجهدي وذكائي حملت شهادة الدكتوراه، أنا بجهدي
كونت هذه الرؤوس الطائلة من الأموال، أو من وراثتي جاءتني هذه الأموال،
وهكذا.
الصنف الثالث: من يعرفون
النعمة بوجودها، ويعرفون أنها من عند الله وبتوفيقه - سبحانه وتعالى -
ولكنهم مشغولون بها عن شكر الله - سبحانه وتعالى - أو قد يصرفونها في أمر
منكر:
كالذين يشكرون الله على نعمة البصر والسمع والحركة وغيرها باللسان فقط،
ولكنهم يستعملونها في معصية الله، ولا يتورَّعون عن سماع الأغاني،
والغِيبة والمحرمات، ولا يتورعون عن النظر إلى الحرام وهكذا، أو كأصحاب
المال والشركات والعقارات، يشكرون الله قولاً ويعصونه فعلاً، فتجدهم
ينشغلون بتنميتها ليلَ نهارَ، وبمتابعة البورصة، أو بالسعي وراءَ فلان
وعلان، والوزارة الفلانية لإجراء المعاملة الفلانية؛ لتحسين المنصب أو
الشركة، فتجدهم ينشغلون عن أداء الصلاة في وقتها، وعن حقوق الأزواج
والأبناء والأهل، وعن حقوق الله - تعالى - بل وربما صرفوا هذه النعمة
وسخروها لشيء يغضب الله - تعالى - كالفتاة الجميلة تحمَد الله على الجمال،
ولكنها تخرج متبرجة، ولا تتورع عن الرجال، أو كصاحب الوظيفة والمنصب الحسن
يحمَد الله عليها، ولكنه يصرف راتبه فيما يغضب الله.
وقد يقول أحدهم: الحمد لله، وفقني الله لكذا وكذا، وهو لا يعلم أن قوله
منكر عظيم والعياذ بالله، كالمغنية والراقصة والمغني، أعطاه الله حسن
الصوت والجمال، وهو يعلم أنه من نعم الله، ولكنه يسخره لأمر يُنزل غضب
الله عليه، وهو يقول بكل برودة : الحمد لله، وفقني الله لإصدار ألبومي
الأخير، وتصوير الفيديو كليب الفلاني، أو كصاحب المال يقول: الحمد لله،
وفقني الله لفتح أو شراء القناة الفضائية لبث الأغاني والأفلام، أو
لافتتاح إنترنت كافيه أو ما أشبه، ومثل هذا الصنف، كمثل الأعراب الذين قال
الله - تعالى - فيهم : {سَيَقُولُ
لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا
وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ
فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ
أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [الفتح: 11].
الصنف الرابع: هم الذين
يعرفون النعمة بوجودها، ويعرفون أنها من عند الله - تعالى - ولا ينشغلون
بها عن شكر الله، بل يسخرونها في طاعته - سبحانه وتعالى -:
وهؤلاء يحمدون الله ويشكرونه قولاً وفعلاً، كالذين يحفظون فروجهم
وأبصارهم، ولا ينظرون إلى حرام، ولا يسمعون حرامًا ولا يقولون حرامًا، ولا
يأكلون حرامًا، ولا يسعَون إلى حرام، بل يسمعون القرآن ويتلونه، ويتحدثون
فيما يرضي الله، ويسعَون إلى طاعة الله، وعبادته وحده، والدعوة إليه
والجهاد في سبيله، والإنفاق في سبيله، والصلاة والذكر، وبرّ الوالدين،
وصلة الرحم، والأخلاق الحميدة، وإكرام الضيف، والإحسان للناس، وغيرها من
أمور يزدادون بها شكرًا لله - تعالى - وهؤلاء هم الصنف القليل، الذين قال
الله فيهم: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].
فلننظر يا إخواني حالنا مع نِعم الله التي لا تحصى ولا تعد، ولا نجري وراءَ الدنيا وقضاء الأوطار.
قَدْ هَيَّئُوكَ لِأَمْرٍ لَوْ فَطِنْتَ لَهُ *** فَارْبَأْ بِنَفْسِكَ أَنْ تُرْعَى مَعَ الهَمَلِ |