أنت تحبين الله .. ولكن هل تريدين أن يحبك الله ؟
جواب جميل...
فقد قال بعض الحكماء العلماء "ليس الشأن أن تُحِب إنما الشأن أن تُحَب"[1].
تريدين الطريقة؟
تقربي إلى الله يحبك الله...
قال تعالى في الحديث القدسي: (... ولا يزال عبــدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه... )[2]، ومن فازت بمحبة الله فقد سعـدت في الدنيـا والآخرة... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فـأحبوه فيحبـه أهـل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض"[3].
قال
الحافظ ابن حجر: "المراد بالقبول في حديث الباب: قبول القلوب له بالمحبة
والميل إليه، والرضاء عنه، ويؤخذ منه أن محبة قلوب الناس علامة محبة الله".
وإن قلتِ كيف أتقرب إلى الله حتى أفوز بمحبته؟
حسنا لقد بدأت إذن...
تعلمي كيف
تجمعين الحسنات: أي كيف تحتسبين الأجر والثواب من الله في جميع أعمالك،
تعلمي فن التخطيط لمستقبلك في الآخرة كما أتقنت فن التخطيط لحياتك
الدنيا...
وتعرفي على أفضل الأعمال.. وأفضل الأيام.. وأفضل الصدقات.
اسألي عن أعظم الأجور، وطرق كسبها...
ابحثي عن أهل الخير وابني معهم علاقات قوية... استفيدي منهم واستشيريهم تعلمي منهم كيف تتقربين إلى الله حتى يحبك سبحانه...
وشمري عن
العمل للآخرة كما شمرت من قبل للدنيا حينما كنت تستشيرين أهل الدنيا في
أمورها للحصول على أفضل النتائج،عندما كنت تسألين قريباتك وصديقاتك من أين
أشتري قماش الفستان؟
وأي المحلات أقل في الأسعار؟
وأي الأقمشة أجود في الأنواع ؟
وأي الألوان يناسب دمجه مع لون آخر؟ و...... ؟
لا حظي أنك هنا سألت.. وبحثت.. وتعلمت.. كل ذلك حرصا منك على إتقان عملك وظهوره في أفضل صورة.
إن
امرأة مثلك نبغت في أمر دنياها لا أظنها عاجزة أبدا عن النبوغ والتفوق في
أمر أخراها، لأن تفوقك في أمور الدنيا أكبر دليل لك أنت شخصيا على قدرتك
على الإنتاج والتفاني حينما ترغبين وفي المجال الذي تحبين... فلا تذهبن
أيامك من بين يديك هكذا وأنت تنظرين!
بل جددي وغيري...
فالناس
يحبون التجديد والتغيير في الأثاث... في الملابس... في الأواني، ولكن
تجديك هنا من نوع آخر، في أمر أرقى من ذلك وأعلى، تجديد من نوع خاص جداً،
إنه تجديد في نيتك... أي في حيــاتك كلهـــا...!
نعم...
غيري... للأفضل للنية الحسنة... غيري وتعلمي كيف تحتسبين الأجر من الله في
كل صغيرة وكبيرة في تبسمك وغضبك... في نومك... في أكلك... وفي ذهابك
وإيابك في كل شيء... كل شيء...
((وكذلك
تجري النية في المباحات والأمور الدنيوية، فإن من قصد بكسبه وأعماله
الدنيوية والعادية الاستعانة بذلك على القيام بحق الله وقيامه بالواجبات
والمستحبات، واستصحب هذه النية الصالحة في أكله وشربه ونومه وراحته
ومكاسبه انقلبت عاداته عبادات، وبارك الله للعبد في أعماله، وفتح له من
أبواب الخير والرزق أموراً لا يحتسبها ولا تخطر له على بال، ومن فاتته هذه
النية الصالحة لجهله أو تهاونه فلا يلومن إلا نفسه. وفي الصحيح عنه صلى
الله عليه وسلم أنه قال: "إنك لن تعمل عملاً تبتغي فيه وجه الله إلا أجرت عليه، حتى ما تجعله في فيّ امرأتك"))[4].
هاه... هل بدأت باحتساب الأجر؟
و{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الحديد: 21)
[1] - تفسير القرآن العظيم لابن كثير -رحمه الله- (2/25).
[2] - رواه البخاري في الرقاق، باب: في التواضع، ح: 6502 (الفتح 11/348).
[3] - رواه البخاري في كتاب الأداب، ح: 6640 (الفتح 10/467).
[4] - شرح جوامع الأخبار لابن سعدي رحمه الله.
أ. هناء بنت عبد العزيز الصنيع