ثلاثون درسا للصائمين
الشيخ عائض القرني
المقدمة:
الحمد لله الملك القدوس السلام ، ذي الطول والعزة والإكرام ، هدانا للإسلام ، وشرفنا بالصلاة والصيام.
والصلاة والسلام على إمام المرسلين وخيرة المصلين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد.
فهذا كتاب "دروس للصائمين" جمعت فيه من الآيات أوقعها ، ومن الأحاديث أصحها ، ومن الأبيات أعذبها ، ومن المواعظ أرقها ، فهو كتاب للصالحين في مجالس السمر وللمتنقلين في منازل الأسفار ، وللأحباب في النزهات ، وللوعاظ في المحاضرات ، ولعل الأستاذ أن يستفيد منه ، والخطيب أن يعرج عليه وإمام المسجد أن يقرأ فيه .
جعلت من مقاصد هذا الكتاب أمورا ثلاثة :
أولها : توثيق مواعظه ورقائقه بآيات الكتاب العزيز والسنة الصحيحة الثابتة فلا اورد حديثا ضعيفا أبدا ولا قصة واهية ولا أثرا مستغربا.
ثانيها : قصدت به غرس الإيمان في النفوس وبناء اليقين في القلوب ، وما قصدت جمع المسائل الفقهية إذ كفاني في هذه المهمة الفضلاء فأثروا بما كتبوا المكتبة الإسلامية فجانب الأحكام كثيرة مادته ، ولكن الإيمانيات العبر الموحيات والنداءات الجليات هي التي تنقصنا ، فعسى أن يكون هذا الجهد ملبيا للطلب .
ثالثها : حرصت في هذه الدروس أن أكسوها بجلباب الأدب القشيب وأن أتوجها بتاج الفصاحة الأغر ، سيرا على منهج القران الكريم والسنة والرسول صلى الله عليه وسلم أذكر الذاكرين وأعبد العابدين ، جعل شهر رمضان موسما للعبادة ، وزمنا للذكر والتلاوة . ليله صلى الله عليه وسلم قيام يناجي مولاه ، ويضرع إلى ربه يسأله العون والسداد والفتح الرشاد، يقرأ بالسور الطوال ، ويطيل الركوع والسجود ، شأن النهم الذي لا يشبع من العبادة ، جعل من قيامه الليل زادا وعتادا ، وقوة وطاقة . قال تعالى ()يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) (المزمل:1) )قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) (المزمل:2) وقال تعالى ()وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الاسراء:79) .