بسم الله الرحمان الرحيم
لم سمي الاسم المقصور بهذا الاسم ؟
قال الزجاجي ( أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق - ت337هـ) : " اعلم أن المقصور هو : كل اسم وقعت في آخره ألف،
وهي تكون على أربعة أضرب:
- تكون منقلبة من ياء ، نحو : فتى ورحى.
- وتكون منقلبة من واو ، نحو : عصا ورجا [الرجا: جانب البئر].
- وتكون زائدة للإلحاق ، نحو : أرْطى ومِعْزى [الأرطى: شجر ينبت بالرمل].
- وتكون للتأنيث ، نحو : حُبْلى وسَكرَى ، وما أشبه ذلك .
وحكم هذه الأربعة حكم واحد في أن الإعراب لا يدخلها، ثم يدخل التنوين ثلاثة أضرب،
وهي ما كانت ألفه منقلبة من ياء أو واو وكانت للإلحاق.
فإذا دخل التنوين عليه سقطت الألف من اللفظ لاجتماع الساكنين وثبت التنوين، لأنه عَلمٌ
للانصراف. وأما ما كانت ألفه للتأنيث ولا يدخل عليه التنوين فنحو : غضبَى وسَلوَى، وما
أشبه ذلك.
وإنما سمي هذا الجنس من الكلام مقصورًا لأنه قصِرَ عن الإعراب، أي مُنِعَ منه ، كما
تقول : قصرْتُ فلانا عن حاجته، وقصَرَ عن كذا وكذا ، ولم يُسَمَّ غيره من الأسماء المبنيات
الممنوعات من الإعراب مقصورا ، نحو : أينَ وكيفَ وأمسِ وحيثُ ومَنْ وكمْ ، وما أشبه
ذلك ؛ لأنها غير مستحقة للإعراب، والمقصور لم تدخل عليه علة توجب له الامتناع منه إلا
ثِقلُ اللفظ به وتَعَذرُه، وذلك لأن الأسماءَ المبنيةَ دخولُ الإعراب والحركاتِ عليها في اللفظ
غيرُ سائغ، لأنها غير مستحقة للإعراب، وهذا فرق ما بينهما.
وقد سمَّاه بعض العلماء منقوصًا [كما فعل سيبويه] ، لأنه إذا دخله التنوين سقطت لامه،
فنقص ولم يدخله الإعراب وهو منقوص.
فإن قال قائل : فهلا سمي مثل قاض ورام وغاز وداع، وما أشبه ذلك - منقوصًا لأن اللام
منه سقطت لاجتماعها مع التنوين وسكونها ؟
[قد سماه المتأخرون من النحاة منقوصا وهو الذي استقر في الاستعمال في زماننا (انظر شرح ابن عقيل)].
فالجواب في ذلك أن مثل قاض وغاز قد يتمُّ في حال النصب في قولك : رأيت قاضيا وغازيا
وما أشبه ذلك.
والمقصور ليس بمثل هذه الحال، وهو منقوص أبدًا إذا قارنه التنوين، فهذا فرق بينهما، وهو
واضح بَيِّن.
وقال بعض العلماء : إنما سمي المقصور مقصورا لأنه أقصر من الممدود المعرب ،
فرقا بينهما ، وكل قد ذهب مذهبا [ رجح ابن عصفور هذا التعليل في (شرح الجمل) ،
وكان علي بن سليمان قد جمع بين التعليلين في قوله ( وقيل له مقصور لأنه قصر عن المد
والإعراب، أي: حبس ) (كشف المشكل) ] . ا.هـ
----------------
انتهى قول الزجاجي ( كتاب الخط : ص30 ، ط1 / 2000م / دار عمار / الأردن ) .
قلت - حسين - : وضعَنا الزجاجي أمام تعليلين معتبرين لتسمية المقصور بهذا الاسم :
1- لأنه قصِرَ عن الإعراب، أي مُنِعَ منه .
2- لأنه أقصر من الممدود المعرب .
أما الأول فقد قال فيه الزجاجي ما يكفي . وإن كان التعليل نحويا في ظاهره ؛ إلا أن أصله
صوتي ، فالعرب لا تجمع في كلامها بين صوتين ذائبين أبدا [انظر : د.غانم الحمد : المدخل
إلى علم أصوات العربية ص139] ، فلما كان الألف (الفتحة الطويلة ) صوت ذائب امتنع
أن يتبعه صوت ذائب آخر (كفتحة أو ضمة أوكسرة) . مما يدلك على أن التعليل الأول تعليل
صوتي خالص ، بكونهم اقتصروا على صوت ذائب واحد بدلا من اثنين ، وذلك في كل
كلامهم .
أما التعليل الثاني فمرجعه صوتي أيضا ؛ بكون الهمزة سبب أساسي من أسباب مد الصوت
زيادة عن القدر الطبيعي ؛ يقول ابن جني: " الألف والياء، والواو، اعلم ... أن الأماكن التي
يطول فيها صوتها، وتتمكن مدتها ثلاثة، وهي: أن تقع بعدها ... الهمزة. أو الحرف المشدد.
أو أن يوقف عليها عند التذكر ... " [الخصائص].
وبالنظر إلى كتاب الخط للزجاجي السالف الذكر ، نجد أنه جمع بين الحديث عن المقصور
والممدود في باب واحد بعنوان (باب معرفة المقصور والممدود من الأسماء) [ص30] ،
ثم تجده بعد حديثه السابق عن المقصور يقول : "وأما الممدود فهو كل اسم وقعت في آخره
همزة بعد ألف " [ص33] ، ونفس التعريف عند سيبويه [الكتاب] وعند ابن درستويه
[كتاب الكتاب] ، ثم يذكر أضربه الخمس ويفصلها بقوله [انظر ص33]:
- تكون همزته منقلبة من ياء ، نحو : سقاء ، وشفاء .
- أو منقلبة من واو ، نحو : كساء وعطاء.
- وتكون زائدة للإلحاق ، نحو : حرباء .
- وتكون أصلية . نحو : حمراء وبيضاء .
- وتكون للتأنيث . نحو : قرَّاء [جمع قارئ] .
وكذلك نجد أن ابن درستويه في كتابه ( الكتّاب) قد أفرد بابين للحديث عن الممدود
والمقصور ، الباب الثاني باسم (باب المد) ، والثالث باسم (باب القصر) .
وكثيرا من كتب المتقدمين والمتأخرين من علمائنا ممن أفردوا كتبا في الإملاء والنحو
والصرف يجمعون بينهما غالبا لما بينهما من علاقة يعرفها المتأمل لما نقلنا من كلمات .
أما الأصواتيون المحدثون فقد جمعوا بينهما كذلك في الدراسات الصوتية ، نكتفي بمثال واحد
لذلك ؛ ألا وهو الدكتور غانم الحمد في كتابه ( المدخل إلى علم أصوات العربية ) حيث أفرد
لذلك تحت عنوان ( المد والقصر في الذوائب ) ص168.
ولعل هذا مما يعضد وصفه بالمقصور مقابلا للممدود ، لأن الممدود مد به الصوت لوجود
الهمزة . لكون الهمزة صوت حنجري بعيد .
ولمن أراد أن يقف على حقيقة القصر والمد صوتيا فليتمسها عن القراء .. فلم يذهب أصل
ذلك كما ذهب أغلبه من عندنا في هذا الزمان .
لم سمي الاسم المقصور بهذا الاسم ؟
قال الزجاجي ( أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق - ت337هـ) : " اعلم أن المقصور هو : كل اسم وقعت في آخره ألف،
وهي تكون على أربعة أضرب:
- تكون منقلبة من ياء ، نحو : فتى ورحى.
- وتكون منقلبة من واو ، نحو : عصا ورجا [الرجا: جانب البئر].
- وتكون زائدة للإلحاق ، نحو : أرْطى ومِعْزى [الأرطى: شجر ينبت بالرمل].
- وتكون للتأنيث ، نحو : حُبْلى وسَكرَى ، وما أشبه ذلك .
وحكم هذه الأربعة حكم واحد في أن الإعراب لا يدخلها، ثم يدخل التنوين ثلاثة أضرب،
وهي ما كانت ألفه منقلبة من ياء أو واو وكانت للإلحاق.
فإذا دخل التنوين عليه سقطت الألف من اللفظ لاجتماع الساكنين وثبت التنوين، لأنه عَلمٌ
للانصراف. وأما ما كانت ألفه للتأنيث ولا يدخل عليه التنوين فنحو : غضبَى وسَلوَى، وما
أشبه ذلك.
وإنما سمي هذا الجنس من الكلام مقصورًا لأنه قصِرَ عن الإعراب، أي مُنِعَ منه ، كما
تقول : قصرْتُ فلانا عن حاجته، وقصَرَ عن كذا وكذا ، ولم يُسَمَّ غيره من الأسماء المبنيات
الممنوعات من الإعراب مقصورا ، نحو : أينَ وكيفَ وأمسِ وحيثُ ومَنْ وكمْ ، وما أشبه
ذلك ؛ لأنها غير مستحقة للإعراب، والمقصور لم تدخل عليه علة توجب له الامتناع منه إلا
ثِقلُ اللفظ به وتَعَذرُه، وذلك لأن الأسماءَ المبنيةَ دخولُ الإعراب والحركاتِ عليها في اللفظ
غيرُ سائغ، لأنها غير مستحقة للإعراب، وهذا فرق ما بينهما.
وقد سمَّاه بعض العلماء منقوصًا [كما فعل سيبويه] ، لأنه إذا دخله التنوين سقطت لامه،
فنقص ولم يدخله الإعراب وهو منقوص.
فإن قال قائل : فهلا سمي مثل قاض ورام وغاز وداع، وما أشبه ذلك - منقوصًا لأن اللام
منه سقطت لاجتماعها مع التنوين وسكونها ؟
[قد سماه المتأخرون من النحاة منقوصا وهو الذي استقر في الاستعمال في زماننا (انظر شرح ابن عقيل)].
فالجواب في ذلك أن مثل قاض وغاز قد يتمُّ في حال النصب في قولك : رأيت قاضيا وغازيا
وما أشبه ذلك.
والمقصور ليس بمثل هذه الحال، وهو منقوص أبدًا إذا قارنه التنوين، فهذا فرق بينهما، وهو
واضح بَيِّن.
وقال بعض العلماء : إنما سمي المقصور مقصورا لأنه أقصر من الممدود المعرب ،
فرقا بينهما ، وكل قد ذهب مذهبا [ رجح ابن عصفور هذا التعليل في (شرح الجمل) ،
وكان علي بن سليمان قد جمع بين التعليلين في قوله ( وقيل له مقصور لأنه قصر عن المد
والإعراب، أي: حبس ) (كشف المشكل) ] . ا.هـ
----------------
انتهى قول الزجاجي ( كتاب الخط : ص30 ، ط1 / 2000م / دار عمار / الأردن ) .
قلت - حسين - : وضعَنا الزجاجي أمام تعليلين معتبرين لتسمية المقصور بهذا الاسم :
1- لأنه قصِرَ عن الإعراب، أي مُنِعَ منه .
2- لأنه أقصر من الممدود المعرب .
أما الأول فقد قال فيه الزجاجي ما يكفي . وإن كان التعليل نحويا في ظاهره ؛ إلا أن أصله
صوتي ، فالعرب لا تجمع في كلامها بين صوتين ذائبين أبدا [انظر : د.غانم الحمد : المدخل
إلى علم أصوات العربية ص139] ، فلما كان الألف (الفتحة الطويلة ) صوت ذائب امتنع
أن يتبعه صوت ذائب آخر (كفتحة أو ضمة أوكسرة) . مما يدلك على أن التعليل الأول تعليل
صوتي خالص ، بكونهم اقتصروا على صوت ذائب واحد بدلا من اثنين ، وذلك في كل
كلامهم .
أما التعليل الثاني فمرجعه صوتي أيضا ؛ بكون الهمزة سبب أساسي من أسباب مد الصوت
زيادة عن القدر الطبيعي ؛ يقول ابن جني: " الألف والياء، والواو، اعلم ... أن الأماكن التي
يطول فيها صوتها، وتتمكن مدتها ثلاثة، وهي: أن تقع بعدها ... الهمزة. أو الحرف المشدد.
أو أن يوقف عليها عند التذكر ... " [الخصائص].
وبالنظر إلى كتاب الخط للزجاجي السالف الذكر ، نجد أنه جمع بين الحديث عن المقصور
والممدود في باب واحد بعنوان (باب معرفة المقصور والممدود من الأسماء) [ص30] ،
ثم تجده بعد حديثه السابق عن المقصور يقول : "وأما الممدود فهو كل اسم وقعت في آخره
همزة بعد ألف " [ص33] ، ونفس التعريف عند سيبويه [الكتاب] وعند ابن درستويه
[كتاب الكتاب] ، ثم يذكر أضربه الخمس ويفصلها بقوله [انظر ص33]:
- تكون همزته منقلبة من ياء ، نحو : سقاء ، وشفاء .
- أو منقلبة من واو ، نحو : كساء وعطاء.
- وتكون زائدة للإلحاق ، نحو : حرباء .
- وتكون أصلية . نحو : حمراء وبيضاء .
- وتكون للتأنيث . نحو : قرَّاء [جمع قارئ] .
وكذلك نجد أن ابن درستويه في كتابه ( الكتّاب) قد أفرد بابين للحديث عن الممدود
والمقصور ، الباب الثاني باسم (باب المد) ، والثالث باسم (باب القصر) .
وكثيرا من كتب المتقدمين والمتأخرين من علمائنا ممن أفردوا كتبا في الإملاء والنحو
والصرف يجمعون بينهما غالبا لما بينهما من علاقة يعرفها المتأمل لما نقلنا من كلمات .
أما الأصواتيون المحدثون فقد جمعوا بينهما كذلك في الدراسات الصوتية ، نكتفي بمثال واحد
لذلك ؛ ألا وهو الدكتور غانم الحمد في كتابه ( المدخل إلى علم أصوات العربية ) حيث أفرد
لذلك تحت عنوان ( المد والقصر في الذوائب ) ص168.
ولعل هذا مما يعضد وصفه بالمقصور مقابلا للممدود ، لأن الممدود مد به الصوت لوجود
الهمزة . لكون الهمزة صوت حنجري بعيد .
ولمن أراد أن يقف على حقيقة القصر والمد صوتيا فليتمسها عن القراء .. فلم يذهب أصل
ذلك كما ذهب أغلبه من عندنا في هذا الزمان .