الدور التربوي للحلقات القرآنية
الحمد لله الذي أعلى بالقرآن قدراً، وأعظم به أجراً، ووضع به وزراً، ورفع به ذكراً، والصلاة والسلام على أشرف من علمه، وأذكى من فهم وأفهمه، وعلى آله وصحبه الذين ترجموا القرآن واقعاً، واتخذوه إلى جميع المكرمات دافعاً، فسعدوا به في الدنيا ونهجاً في الآخرة شافعاً، أما بعد:
فما أحوج الناس اليوم إلى العودة إلى القرآن الكريم فهو النور الذي لا يخبو، والطريق الذي يسلكه لا يكبو، وهو المائدة التي تشبع من أقبل عليها وتسعد من جلس إليها، وهو الحل لكل مشكلة، والمخرج من كل معضلة، وهو طمأنينة للنفس وراحة للقلب.
كانت البشرية تعيش قبله في دروب مظلمة متخبطة، إلا جاء هذا القرآن فأضاء له الطريق، وأرشدها إلى الصراط المستقيم.
وما هي إلا سنوات قلائل حتى سار الصحابة الكرام يجوبون الفيافي ويقطعون القفار حاملين مشعل الهداية والتوحيد للبشرية .. فكانت أبدانهم ودماؤهم وأموالهم وأرواحهم ثمناً لذلك.
ثم دار الزمان دورته، وبدأت بشائر النور تلوح في الأفق، تشعر جيل الصحوة وحاملي لوائها أن نجاة الأمة وفلاحها وطريق عزها هو في العودة إلى القرآن الكريم وتدارسه وتعلمه وتعليمه.
يشهد لهذا الإقبال المتميز المتزايد على الحلقات القرآنية، وعلى الدور النسائية، وهذا يزيد من عظم المسؤولية الملقاة على عاتق المعلمين والقائمين على هذه الحلقات.
ومع هذه الشعبية المباركة لها لانريد أن ينحصر دور حلقات تحفيظ القرآن الكريم في تخريج أكبر عدد من الحفاظ فحسب ـ مع أن هذا هدف من الأهداف ، ومطلب من مطالب الحلقات القرآنية ـ بل نتمنى أن يتعدى هذا الأمر إلى تخريج أناس تمثلوا القرآن واقعاً وسلوكاً وتربية في حياتهم وإن لم يحفظوا القرآن كاملاً.
وإن معلم القرآن لا ينحصر عمله في كونه محفظاً (آلة رد)، بل هو في مكانة دينية، فعمله عبادة، والتربية عبادة، فالمعلم مؤتمن على الطالب أن يربيه على الأخلاق الفاضلة والآداب الإسلامية، فلا نريد طالباً يتخرج آله يردد ما لا يفهم.
فالقرآن الكريم جاء ليربي أمة، وينشئ مجتمعاً ويقيم نظاماً، والتربية تحتاج إلى زمن وإلى تأثير وانفعال بالكلمة، وإلى حركة تترجم التأثير والانفعال إلى واقع.
وفي هذا التحقيق سنحاول تسليط الأضواء على الدور التربوي الذي تتحمله الحلقات القرآنية ، من حيث الأهداف والغايات التربوية ، والأطراف اللازم توافرها وتظافرها لإنجاح هذا الدور المهم ، وعن المقومات التربوية لمعلم الحلقة القرآنية ، وختاماً : ماهي الأساليب والبرامج التربوية في الحلقات القرآنية .
ويشاركنا في طيات هذا التحقيق بعض المختصين والباحثين والعاملين في مجال الحلقات القرآنية .
الأهداف التربوية في الحلقات القرآنية:
الدكتور / أحمد محمد حسبو ( عضو جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف )
يرى تصنيف هذه الغايات والأهداف التربوية في الحلقات، ومن الحلقات، ويقول :
أ- في الحلقات:
1- انضباط في الحضور يدفعهم شوق الطير الظامئ يهفو إلى الماء.
2- جو إيماني عظيم يشعر الرائي – حقاً – أن الملائكة تحفهم، والرحمة تغشاهم والسكينة تنزل عليهم.
3- دموع تترقرق من خشية الله _عز وجل_ في هذا الجو الإيماني.
4- معلم يفيض على طلابه علماً وحلماً وخلقاً، وهم يفيضون عليه توقيراً وتبجيلاً واحتراماً وحباً.
5- تقدم في حفظ، وازدياد في إتقان، وبشائر خير بحفظة جدد.
6- أخوة تجمع الطلاب ومحبة تؤلف بينهم.
7- انصراف وقور ينطق بأثر القرآن على أهله حتى لو عادوا إلى بيوتهم.
8- آثار القرآن تبدو في سمت الطالب في أخلاقه وسلوكه وعبادته.
9- تزود بزاد العلم من أحكام وآداب إسلامية، وإضاءات من سير الأنبياء والصحابة والعلماء، إضافة إلى جوانب الثقافة الإسلامية،
ويضيف الدكتور / أحمد حسبو :
ب- والأهداف التربوية من الحلقات، هي :
1- تربية جيل مسلم على القرآن، تلاوة وأخلاقاً ومنهجاً.
2- استنقاذهم من وطأة الأخلاق الذميمة والعادات المشينة.
3- شغل الشباب بمعالي الأمور ورفيع المنازل.
4- تنمية روح الاعتزاز لدى الطالب بإسلامه وهويته وكتاب ربه.
5- فتح آفاق جديدة وواسعة أمام الشباب على معاني القرآن الآسرة، وحقائقه الفذة تفجر الطاقات الإبداعية.
6- إمداد الأمة والمجتمع بحفظة القرآن – ليبقى فيها الميزتان – حفظ الصدور، وحفظ السطور، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من أصحاب النقول إلينا جيلاً بعد جيل.
7- مداواة مرضى العقوق الذي يشكو منه الوالدان، وقد استشرى في الأمة، ودواؤه من صيدلية القرآن.
8- تقديم القرآن بطريقة مشوقة فيها أسلوب العصر وسرعته وإغراؤه، وفيها أصالة التراث الإسلامي وخلوده وعظمته،
ومن الأهداف أيضاً :
9- عمارة المساجد بتلاوة القرآن الكريم، وتعليم العلم الشرعي، وإحياء رسالة المسجد.
10- تخريج دفعات مؤهلة للتدريس والتربية على ضوء القرآن الكريم، وتولي إمامة المصلين في المساجد.
11- تقويم ألسنة الطلاب والعمل على إجادة النطق السليم للغة العربية وإثرائهم بجملة وافرة من مفرداتها وأساليبها.
كيف نحقق هذه الأهداف التربوية؟
لكي نصل إلى الثمرة المرجوة، ونستطيع أن نحقق أهدافنا التربوية في الحلقات، لا بد أن تتكاتف وتتظافر أربعة أطراف يسند بعضها بعضاً، ويأخذ بعضها برقاب بعض:
(إدارة الحلقة، والمعلم ، والطالب ، ووالده) أربعة أطراف لها بصماتها المؤثرة في إنجاح الدور التربوي للحلقة القرآنية،
فلا بد أن تسعى إدارة الحلقة أولاً إلى اختيار المعلم الناجح الذي يجمع بين الكم العلمي والحس التربوي، وأن يكون الإشراف على الحلقة متكاملاً في كل النواحي، من الناحية الفنية والشكلية، وأيضاً من الناحية التربوية والعلمية التي كثيراً ما تتجاهلها إدارة الحلقة ، وأن تسعى الإدارة مع المعلم في إقامة مدارسة فكرية ونفسية تربوية للطفل والمراهق لمعرفة المدخل التربوي لكل مرحلة عمرية، ولكل نوع من الأمزجة حتى تؤتي التربية مفعولها.
وفي علاقة الإدارة مع المعلم ينبغي أن يراعى جانب التربية والكيف بالإضافة إلى الكم، وأيضاً يكون الذي يتابع المعلم أعلى رتبة علمية وتربوية من المعلم، فيكون قد عمل معلماً مدة زمنية طويلة بحيث يعرف معاناة المعلمين واحتياجاتهم.
ويأتي بعد ذلك دور المعلم التربوي المباشر في علاقته مع الطالب (الطرف الثالث) بأن يسعى إلى غرس القيم القرآنية، والعمل على تربيته تربية صادقة، يشعر فيها الطالب بأن المعلم أخ كبير له يتابع أحواله برفق ولين، ويسعى لمصلحته في كل حين.
وللمعلم المربي الناجح مقومات يلزم توفرها فيه من أجل إتمام بناء دور تربوي متماسك سنأتي على بعضها بالإيضاح.
ويأتي في الأخير دور الطرف الرابع في إتمام المسيرة التربوية، وهو (أب الطالب) حيث يسعى الأب إتمام علاقته مع جميع من سبق بدءاً من ابنه الذي استودعه في هذه الحلقة، وأيضاً مع معلمه وإدارته.
فيراقب الأب تطور ابنه التربوي، ويسعى إلى تعزيز القيم والأخلاق الفاضلة التي تلقاها في الحلقة، حتى تتكامل الثمرة وتنضج.
وينبغي أن تسعى الإدارة والمعلم إلى التواصل المستمر مع ولي أمر الطالب لمناقشة حال الطالب واطلاع الأب على المستوى الذي وصل إليه.
حين تتكامل هذه الأطراف ، ويؤدي كل طرف دوره المناط به فإنه أدعى لإنضاج الثمرة .
المقومات التربوية لمعلم الحلقة:
المقومات الشخصية لمعلم الحلقة كثيرة لكن في هذا الصدد سوف نركز على المقومات التربوية لمعلم الحلقة القرآنية وهي كثيرة ، لذا سنأتي على أهمها وألصقها بالحلقات القرآنية .
فمن المقومات التربوية:
1- أن يحترم المعلم شخصية الطالب: فالمعلم الحريص على بناء شخصية قرآنية متكاملة متوازنة حفظاً وعملاً ينبغي أن يراعي جهود الطالب الكبيرة التي قدمها في الحفظ والمراجعة؛ لأن المحبة والاحترام شرط من شروط الإفادة من المربي، ومتى فُقد هذا الشرط فلا تربية ولا مربي.
2- الاتزان العاطفي: فالاعتدال والاتزان هو الذي يضفي على الجهود التربوية دفعة قوية إلى التأثير، فالنفس المحبة السمحة غير الحاقدة المتشائمة، والنفس المطمئنة الراضية، والوجه المشرق والثغر الباسم له أثر في النفوس غير الوجه البائس العابس الكئيب.
3- التدرج في الثواب والعقاب: فلا تفرط في العقوبة؛ لأن النفس تنفر من ذلك بل وتصر على الخطأ، وفي نفس الوقت فإن تجاهل الخطأ مخالف لأمر الله، وحين يفرط المربي في العقوبة ينقلب الأمر إلى تأثير مضاد، فيندفع المتربي شعوره بأنه المظلوم إلى الإصرار على الخطأ وتبريره وينشغل بالعقوبة التي وجهت له عن الاعتناء بإصلاح الخطأ، وكثيراً ما يصر عليه ويكره الحق وأهله.
4- مراعاة أحوال النفوس المختلفة: فعلى المعلم أن يعرف مفتاح شخصية تلاميذه ليقدر على التأثير الإيجابي، فالنفس البشرية لها مسالك متشعبة ودروب وعرة، تحتاج من المعلم الواعي أن يفهم طلابه حق الفهم حتى يمكن له أن يغرس التربية والإيمان وحب القرآن وحب العلم، وأن يحرص على مراعاة النفوس المختلفة، ويعرف مداخلها ومخارجها.
5- إيجاد الدوافع ثم استخدام وسائل الحفز والتنشيط الملازمة: فالمعلم يحتاج إلى إيجاد الإقبال من المتعلم على القرآن والإسلام، ثم ينشط ويزيد من الدافعية بحوافز تزيد من حماسة للحفظ والمراجعة في دوائرها الأربع المادية والنفسية والعقلية والغيبية، فالمادي مثل الهدايا، والنفسي مثل الثناء، والعقلي مثل تحفيزه ومقارنته مع زملائه أو التحدي والمحاجة، والغيبي بتحفيزه بالأجر الأخروي لمن يحفظ ويتلو ويعمل بالقرآن.
والمقومات التربوية لمعلم الحلقة كثيرة جداً اقتصرنا على ما سبق لأهميتها وفاعليتها في إنجاح الدور التربوية داخل الحلقات القرآنية، ومن المقومات التربوية بصورة عامة: الورع، الرفق، العدل بين المتعلمين، الصبر على التعليم، والتواضع للمتعلم، وتقدير المحسن وإعانة المخطئ على تجاوز الخطأ.
وحول أثر هذه المقومات التربوية على الطالب وعلى الحلقة، يقول الأستاذ أمين صبحي جلبي (المحاضر بمعهد الإمام الشاطبي، والمدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة): المربي الذي امتلك هذه المقومات التأهيلية ليكون معلماً مربياً هو الذي يقوم بعملية التفاعل التربوي على أتم وجه، وهو الذي سوف يساهم في نشر دعوة الله _عز وجل_ وبناء جيل قرآني قوي.
الحمد لله الذي أعلى بالقرآن قدراً، وأعظم به أجراً، ووضع به وزراً، ورفع به ذكراً، والصلاة والسلام على أشرف من علمه، وأذكى من فهم وأفهمه، وعلى آله وصحبه الذين ترجموا القرآن واقعاً، واتخذوه إلى جميع المكرمات دافعاً، فسعدوا به في الدنيا ونهجاً في الآخرة شافعاً، أما بعد:
فما أحوج الناس اليوم إلى العودة إلى القرآن الكريم فهو النور الذي لا يخبو، والطريق الذي يسلكه لا يكبو، وهو المائدة التي تشبع من أقبل عليها وتسعد من جلس إليها، وهو الحل لكل مشكلة، والمخرج من كل معضلة، وهو طمأنينة للنفس وراحة للقلب.
كانت البشرية تعيش قبله في دروب مظلمة متخبطة، إلا جاء هذا القرآن فأضاء له الطريق، وأرشدها إلى الصراط المستقيم.
وما هي إلا سنوات قلائل حتى سار الصحابة الكرام يجوبون الفيافي ويقطعون القفار حاملين مشعل الهداية والتوحيد للبشرية .. فكانت أبدانهم ودماؤهم وأموالهم وأرواحهم ثمناً لذلك.
ثم دار الزمان دورته، وبدأت بشائر النور تلوح في الأفق، تشعر جيل الصحوة وحاملي لوائها أن نجاة الأمة وفلاحها وطريق عزها هو في العودة إلى القرآن الكريم وتدارسه وتعلمه وتعليمه.
يشهد لهذا الإقبال المتميز المتزايد على الحلقات القرآنية، وعلى الدور النسائية، وهذا يزيد من عظم المسؤولية الملقاة على عاتق المعلمين والقائمين على هذه الحلقات.
ومع هذه الشعبية المباركة لها لانريد أن ينحصر دور حلقات تحفيظ القرآن الكريم في تخريج أكبر عدد من الحفاظ فحسب ـ مع أن هذا هدف من الأهداف ، ومطلب من مطالب الحلقات القرآنية ـ بل نتمنى أن يتعدى هذا الأمر إلى تخريج أناس تمثلوا القرآن واقعاً وسلوكاً وتربية في حياتهم وإن لم يحفظوا القرآن كاملاً.
وإن معلم القرآن لا ينحصر عمله في كونه محفظاً (آلة رد)، بل هو في مكانة دينية، فعمله عبادة، والتربية عبادة، فالمعلم مؤتمن على الطالب أن يربيه على الأخلاق الفاضلة والآداب الإسلامية، فلا نريد طالباً يتخرج آله يردد ما لا يفهم.
فالقرآن الكريم جاء ليربي أمة، وينشئ مجتمعاً ويقيم نظاماً، والتربية تحتاج إلى زمن وإلى تأثير وانفعال بالكلمة، وإلى حركة تترجم التأثير والانفعال إلى واقع.
وفي هذا التحقيق سنحاول تسليط الأضواء على الدور التربوي الذي تتحمله الحلقات القرآنية ، من حيث الأهداف والغايات التربوية ، والأطراف اللازم توافرها وتظافرها لإنجاح هذا الدور المهم ، وعن المقومات التربوية لمعلم الحلقة القرآنية ، وختاماً : ماهي الأساليب والبرامج التربوية في الحلقات القرآنية .
ويشاركنا في طيات هذا التحقيق بعض المختصين والباحثين والعاملين في مجال الحلقات القرآنية .
الأهداف التربوية في الحلقات القرآنية:
الدكتور / أحمد محمد حسبو ( عضو جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف )
يرى تصنيف هذه الغايات والأهداف التربوية في الحلقات، ومن الحلقات، ويقول :
أ- في الحلقات:
1- انضباط في الحضور يدفعهم شوق الطير الظامئ يهفو إلى الماء.
2- جو إيماني عظيم يشعر الرائي – حقاً – أن الملائكة تحفهم، والرحمة تغشاهم والسكينة تنزل عليهم.
3- دموع تترقرق من خشية الله _عز وجل_ في هذا الجو الإيماني.
4- معلم يفيض على طلابه علماً وحلماً وخلقاً، وهم يفيضون عليه توقيراً وتبجيلاً واحتراماً وحباً.
5- تقدم في حفظ، وازدياد في إتقان، وبشائر خير بحفظة جدد.
6- أخوة تجمع الطلاب ومحبة تؤلف بينهم.
7- انصراف وقور ينطق بأثر القرآن على أهله حتى لو عادوا إلى بيوتهم.
8- آثار القرآن تبدو في سمت الطالب في أخلاقه وسلوكه وعبادته.
9- تزود بزاد العلم من أحكام وآداب إسلامية، وإضاءات من سير الأنبياء والصحابة والعلماء، إضافة إلى جوانب الثقافة الإسلامية،
ويضيف الدكتور / أحمد حسبو :
ب- والأهداف التربوية من الحلقات، هي :
1- تربية جيل مسلم على القرآن، تلاوة وأخلاقاً ومنهجاً.
2- استنقاذهم من وطأة الأخلاق الذميمة والعادات المشينة.
3- شغل الشباب بمعالي الأمور ورفيع المنازل.
4- تنمية روح الاعتزاز لدى الطالب بإسلامه وهويته وكتاب ربه.
5- فتح آفاق جديدة وواسعة أمام الشباب على معاني القرآن الآسرة، وحقائقه الفذة تفجر الطاقات الإبداعية.
6- إمداد الأمة والمجتمع بحفظة القرآن – ليبقى فيها الميزتان – حفظ الصدور، وحفظ السطور، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من أصحاب النقول إلينا جيلاً بعد جيل.
7- مداواة مرضى العقوق الذي يشكو منه الوالدان، وقد استشرى في الأمة، ودواؤه من صيدلية القرآن.
8- تقديم القرآن بطريقة مشوقة فيها أسلوب العصر وسرعته وإغراؤه، وفيها أصالة التراث الإسلامي وخلوده وعظمته،
ومن الأهداف أيضاً :
9- عمارة المساجد بتلاوة القرآن الكريم، وتعليم العلم الشرعي، وإحياء رسالة المسجد.
10- تخريج دفعات مؤهلة للتدريس والتربية على ضوء القرآن الكريم، وتولي إمامة المصلين في المساجد.
11- تقويم ألسنة الطلاب والعمل على إجادة النطق السليم للغة العربية وإثرائهم بجملة وافرة من مفرداتها وأساليبها.
كيف نحقق هذه الأهداف التربوية؟
لكي نصل إلى الثمرة المرجوة، ونستطيع أن نحقق أهدافنا التربوية في الحلقات، لا بد أن تتكاتف وتتظافر أربعة أطراف يسند بعضها بعضاً، ويأخذ بعضها برقاب بعض:
(إدارة الحلقة، والمعلم ، والطالب ، ووالده) أربعة أطراف لها بصماتها المؤثرة في إنجاح الدور التربوي للحلقة القرآنية،
فلا بد أن تسعى إدارة الحلقة أولاً إلى اختيار المعلم الناجح الذي يجمع بين الكم العلمي والحس التربوي، وأن يكون الإشراف على الحلقة متكاملاً في كل النواحي، من الناحية الفنية والشكلية، وأيضاً من الناحية التربوية والعلمية التي كثيراً ما تتجاهلها إدارة الحلقة ، وأن تسعى الإدارة مع المعلم في إقامة مدارسة فكرية ونفسية تربوية للطفل والمراهق لمعرفة المدخل التربوي لكل مرحلة عمرية، ولكل نوع من الأمزجة حتى تؤتي التربية مفعولها.
وفي علاقة الإدارة مع المعلم ينبغي أن يراعى جانب التربية والكيف بالإضافة إلى الكم، وأيضاً يكون الذي يتابع المعلم أعلى رتبة علمية وتربوية من المعلم، فيكون قد عمل معلماً مدة زمنية طويلة بحيث يعرف معاناة المعلمين واحتياجاتهم.
ويأتي بعد ذلك دور المعلم التربوي المباشر في علاقته مع الطالب (الطرف الثالث) بأن يسعى إلى غرس القيم القرآنية، والعمل على تربيته تربية صادقة، يشعر فيها الطالب بأن المعلم أخ كبير له يتابع أحواله برفق ولين، ويسعى لمصلحته في كل حين.
وللمعلم المربي الناجح مقومات يلزم توفرها فيه من أجل إتمام بناء دور تربوي متماسك سنأتي على بعضها بالإيضاح.
ويأتي في الأخير دور الطرف الرابع في إتمام المسيرة التربوية، وهو (أب الطالب) حيث يسعى الأب إتمام علاقته مع جميع من سبق بدءاً من ابنه الذي استودعه في هذه الحلقة، وأيضاً مع معلمه وإدارته.
فيراقب الأب تطور ابنه التربوي، ويسعى إلى تعزيز القيم والأخلاق الفاضلة التي تلقاها في الحلقة، حتى تتكامل الثمرة وتنضج.
وينبغي أن تسعى الإدارة والمعلم إلى التواصل المستمر مع ولي أمر الطالب لمناقشة حال الطالب واطلاع الأب على المستوى الذي وصل إليه.
حين تتكامل هذه الأطراف ، ويؤدي كل طرف دوره المناط به فإنه أدعى لإنضاج الثمرة .
المقومات التربوية لمعلم الحلقة:
المقومات الشخصية لمعلم الحلقة كثيرة لكن في هذا الصدد سوف نركز على المقومات التربوية لمعلم الحلقة القرآنية وهي كثيرة ، لذا سنأتي على أهمها وألصقها بالحلقات القرآنية .
فمن المقومات التربوية:
1- أن يحترم المعلم شخصية الطالب: فالمعلم الحريص على بناء شخصية قرآنية متكاملة متوازنة حفظاً وعملاً ينبغي أن يراعي جهود الطالب الكبيرة التي قدمها في الحفظ والمراجعة؛ لأن المحبة والاحترام شرط من شروط الإفادة من المربي، ومتى فُقد هذا الشرط فلا تربية ولا مربي.
2- الاتزان العاطفي: فالاعتدال والاتزان هو الذي يضفي على الجهود التربوية دفعة قوية إلى التأثير، فالنفس المحبة السمحة غير الحاقدة المتشائمة، والنفس المطمئنة الراضية، والوجه المشرق والثغر الباسم له أثر في النفوس غير الوجه البائس العابس الكئيب.
3- التدرج في الثواب والعقاب: فلا تفرط في العقوبة؛ لأن النفس تنفر من ذلك بل وتصر على الخطأ، وفي نفس الوقت فإن تجاهل الخطأ مخالف لأمر الله، وحين يفرط المربي في العقوبة ينقلب الأمر إلى تأثير مضاد، فيندفع المتربي شعوره بأنه المظلوم إلى الإصرار على الخطأ وتبريره وينشغل بالعقوبة التي وجهت له عن الاعتناء بإصلاح الخطأ، وكثيراً ما يصر عليه ويكره الحق وأهله.
4- مراعاة أحوال النفوس المختلفة: فعلى المعلم أن يعرف مفتاح شخصية تلاميذه ليقدر على التأثير الإيجابي، فالنفس البشرية لها مسالك متشعبة ودروب وعرة، تحتاج من المعلم الواعي أن يفهم طلابه حق الفهم حتى يمكن له أن يغرس التربية والإيمان وحب القرآن وحب العلم، وأن يحرص على مراعاة النفوس المختلفة، ويعرف مداخلها ومخارجها.
5- إيجاد الدوافع ثم استخدام وسائل الحفز والتنشيط الملازمة: فالمعلم يحتاج إلى إيجاد الإقبال من المتعلم على القرآن والإسلام، ثم ينشط ويزيد من الدافعية بحوافز تزيد من حماسة للحفظ والمراجعة في دوائرها الأربع المادية والنفسية والعقلية والغيبية، فالمادي مثل الهدايا، والنفسي مثل الثناء، والعقلي مثل تحفيزه ومقارنته مع زملائه أو التحدي والمحاجة، والغيبي بتحفيزه بالأجر الأخروي لمن يحفظ ويتلو ويعمل بالقرآن.
والمقومات التربوية لمعلم الحلقة كثيرة جداً اقتصرنا على ما سبق لأهميتها وفاعليتها في إنجاح الدور التربوية داخل الحلقات القرآنية، ومن المقومات التربوية بصورة عامة: الورع، الرفق، العدل بين المتعلمين، الصبر على التعليم، والتواضع للمتعلم، وتقدير المحسن وإعانة المخطئ على تجاوز الخطأ.
وحول أثر هذه المقومات التربوية على الطالب وعلى الحلقة، يقول الأستاذ أمين صبحي جلبي (المحاضر بمعهد الإمام الشاطبي، والمدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة): المربي الذي امتلك هذه المقومات التأهيلية ليكون معلماً مربياً هو الذي يقوم بعملية التفاعل التربوي على أتم وجه، وهو الذي سوف يساهم في نشر دعوة الله _عز وجل_ وبناء جيل قرآني قوي.