عظة بليغة:
افق يا ذي الغي والمحال واستيقظ يا ذا السهو والإغفال وانتبه من السكرات الطوال أترضى يا مسكين أن يرد صومك في وجهك من غير قبول من الله اتستحسن ان تكون جائعاً عطشاناً وليس لك جاه عند الله أين النية المجردة؟ أين النية المجددة ؟ أين الندامة المؤكدة ؟ أين الحلال من الطعام؟أين اجتناب الطعمة الحرام ؟ أين حجر الأوزار والآثام ؟ أين الرحمة لذوى الفقر والضعفاء والأيتام؟ أين الإخلاص للملك العلام ؟أين التزام شريعة الإسلام؟ أين الأسوة بالنبي (عليه الصلاة والسلام )؟
انظر يا مسكن إذا قطعت نهارك بالعطش والجوع وأحييت ليلك بطول السجود والركوع إنك في ما تظن صائم وأنت في جهالتك جازم وفي صلاتك دائم وفي بحار سكراتك هائم اين انت من التواضع والخشوع ؟ أين انت من الذلة لمولاك والخضوع ؟ أتحسب أنك عند الله من أهل الصيام والأمان الفائزين في شهر رمضان ؟
كلا والله حتى تخلص النية وتجردها وتطهر الطوية وتجودها وتجتنب الأعمال الدنية ولا تردها وتكثر البكاء والحسرة وتسيل الدموع والعبرة وتلزم الفكرة والعبرة وتسأل مولاك إقالة العثرة وحين إذن يكون صيامك لك من الذنوب شفاء ومن العيوب سترة وجلبا .
أين الصائمون ؟ أين القائمون؟ أين الطائعون ؟ أين العاملون ؟ أين السابقون ؟ أين الخاشعون ؟ أين الذاكرون ؟ أين القانتون ؟أين الصادقون؟ أين الصابرون ؟ أين المتصدقون ؟ أين الآمرون بالمعروف ؟ أين المغيثون الملهوف؟أين الناهون عن المنكر ؟أين المستشعرون للفكر ؟ أين السامعون للعبر ؟بادوا والله مع الصالحين ، وانقلبوا مع المؤمنين ونزلوا مع النبيين وسكنوا مع الصديقين...
وبقينا والله مع الجاهلين وسكنا مع الفاسقين وتأسينا بالغافلين واصطلحنا على معصية رب العالمين فصيامك يا مسكين في وجهك مردود وأنت عن رشدك مغيب مفقود وعن صلاحك ونجاحك غير موجود وأنت عن باب مولاك مبعد مطرود وأعمالك بالفسق موصولة وجوارحك للعصيان مبذولة وألفاظك في الغيبة مجعولة وعزيمتك للطاعة محلولة وعبادتك في هذا الشهر غير مقبولة وفرائض مولاك بالمعاصي مهمولة .
الصوم جنة أقوام من النار ** والصوم حصن لمن يخشى من النار
والصوم ستر لأهل الخير كلهم ** الخائفين من الأوزار والعار
والشهر شهر إله العرش من به** رب رحيم لثقل الوزر ستار
فصام فيه رجال يربحون به ** ثوابهم من عظيم الشأن غفار
فاصبحوا في جنان الخلد قد نزلوا ** من بين حور وأشجار وأنهار
فهنيئا لمن أطاع الملك الرحمان في شهر الرحمة شهر رمضان لقد فاز بالحور والولدان في دار السلام والرضوان صبروا الأيام القليلة فأعقبهم الراحة الطويلة والنعمة الجزيلة كلما تعودت من الخير وما تعمل في هذا الشهر جزيت الى آخر العمر فإن الخير عادة والشر لجاجة أين انت يا صائم يا قائم ؟
أقبل على الخير تفوز بسرور دائم تاجر مع مولاك فإنك تربح وعامله فإنك تفلح وأعتذر اليه فأنه يقبل عذرك واستغفره فإنه يغفر ذنبك وارغب اليه يكشف كربك واساله من فضله فإنه يوسع رزقك وتب اليه فإنه يعظم حظك...
يا أخي هذا شهر تستر فيه القبائح والعيوب وتلين فيه النفوس والقلوب وتغفر فيه الأوزار والذنوب وينفس الله عن الحزين والمكروب يقول المولى جل جلاله لملائكته يا ملائكتي انظروا الى الألسنة اليابسة كيف تبل بذكري انظروا الى الأحداق (جمع حدقة وهو سواد العين) الصلبة كيف تدمع من خوفي انظروا الى الأقدام المنعمة تنصب في المحاريب ابتغاء وجهي ...
يا اخي متى اطعمت في هذا الشهر لله رب الأرضين والسموات رفعت الى الدرجات في قرار الجنات وحصلت مع مولاك مكسياً من الحسنات عرياناً من السيئات.
المصدر كتاب : بستان العارفين ورياض السامعين