بسم الله الرحمن الرحيم
الاحتجاج للقراءات الشاذة
هنالك فرق بين الاحتجاج للقراءات والاحتجاج بالقراءات، فالأول فن من فنون القراءات ويقصد به (الكشف عن وجه القراءة في نحوها أو صرفها أو لغتها، وتسويغ الاختيار، وذلك بأساليب اللغة الأخرى من قرآن وشعر ولغات، ولا يراد به توثيق القراءة أو إثبات صحة قاعدة نحوية فيها)
وذلك لأن التوثيق وإثبات صحة القواعد إنما هو مقرر في علم النحو ومن أصوله [35، ص6] فالغاية من الاحتجاج للقراءة إنما هو للكشف عن الوجوه النحوية، وتبيين مراتبها لا الاحتجاج بمعنى الإثبات كما خيل لبعضهم
وقد ألف العلماء على مر العصور كتبًا في الاحتجاج للقراءات متواترها وشاذها، يوضحون عللها ويسفرون عنها، فكانت تعد بحق من الكتب القيمة في تراثنا، لبروز مكانتها التي لا تجحد من الناحيتين اللغوية والنحوية.
ومن الكتب التي صنفت في التعليل للقراءات الشاذة كتاب المحتسب لابن جني الذي أبان في مقدمته أهمية القراءات الشاذة بقوله: (إلا أنه مع خروجه عنها (أي خروج الشاذ عن المتواتر) نازع بالثقة إلى قرائه محفوف بالروايات عن أمامه وورائه، ولعله أو كثيرًا منه مساوٍ في الفصاحة للمجتمع عليه. . . إلى أن قال لكن غرضنا منه أن نري وجه قوة ما يسمى الآن شاذًا وأنه ضارب في صحة الرواية بجرانه آخذ من سمت العربية مهلة ميدانه لئلا يرى مري أن العدول عنه إنما هو غض منه أو تهمة له)
ومن الكتب أيضًا كتاب تعليل القراءات الشاذة لأبي البقاء العكبري وهو أوسع في ذكر الشواذ من المحتسب، وابن خالويه، وابن حيان في تفسيره في البحر المحيط.
ثم أن توجيه القراءات الشاذة أقوى في الصناعة من توجيه المشهورة لما يتطلب من معرفة دقيقة بالعربية واستعمالاتها وأساليبها
وقد انبرى لهذه المهمة أبو الفتح ابن جني فاستطاع (أن يؤلف بين الأساليب اللغوية جميعًا وبين وجوه الشواذ، كما استطاع أن يمزج الشواذ بأقيسته مزجًا محببًا حتى بدت فيه مواد المحتسب وحدة لغوية منسجمة يقوي بعضها بعضًا)
ومن فوائد هذا الاحتجاج للقراءات الوصول إلى كشف القراءة لا إلى توثيقها أو تقويتها فالعودة إلى النحو وغيره إذًا ما هي إلا لبيان القراءة وتوضيحها ولذلك يقول ثعلب: (إذا اختلف الإعرابان في القراءات لم أفضل إعرابًا على إعراب فإذا أخرجت إلى كلام الناس فضلت الأقوى)
ومن أمثلة الاحتجاج للقراءات الشاذة ما استشهد به ابن جني لقراءة قتادة: {بل مكر الليل والنهار} [سبأ: 33] برفع راء مكر منونة ونصب لام الليل، وبقوله تعالى: {أو إطعام في يوم ذي مسغبةٍ يتيمًا ذا مقربة} [البلد: 14-15] حيث عمل المصدر المنون فيهما عمل فعله فنصب مفعولاً فيه
ومن خلال الاحتجاج لهذه الشواذ توصل ابن جني إلى الأمور الآتية:
1- يتوصل أحيانًا إلى تفضيل الشاذة على المشهورة.
2- كما أن الشاذة جعلها دليلاً على المشهورة.
3- والشاذ دليل على مذهب نحوي مختلف فيه.
4- وبلغ به إلى أن يوجه عددًا من القراءات الشاذة التي أعيت النحاة الذين سبقوه
منقول
الاحتجاج للقراءات الشاذة
هنالك فرق بين الاحتجاج للقراءات والاحتجاج بالقراءات، فالأول فن من فنون القراءات ويقصد به (الكشف عن وجه القراءة في نحوها أو صرفها أو لغتها، وتسويغ الاختيار، وذلك بأساليب اللغة الأخرى من قرآن وشعر ولغات، ولا يراد به توثيق القراءة أو إثبات صحة قاعدة نحوية فيها)
وذلك لأن التوثيق وإثبات صحة القواعد إنما هو مقرر في علم النحو ومن أصوله [35، ص6] فالغاية من الاحتجاج للقراءة إنما هو للكشف عن الوجوه النحوية، وتبيين مراتبها لا الاحتجاج بمعنى الإثبات كما خيل لبعضهم
وقد ألف العلماء على مر العصور كتبًا في الاحتجاج للقراءات متواترها وشاذها، يوضحون عللها ويسفرون عنها، فكانت تعد بحق من الكتب القيمة في تراثنا، لبروز مكانتها التي لا تجحد من الناحيتين اللغوية والنحوية.
ومن الكتب التي صنفت في التعليل للقراءات الشاذة كتاب المحتسب لابن جني الذي أبان في مقدمته أهمية القراءات الشاذة بقوله: (إلا أنه مع خروجه عنها (أي خروج الشاذ عن المتواتر) نازع بالثقة إلى قرائه محفوف بالروايات عن أمامه وورائه، ولعله أو كثيرًا منه مساوٍ في الفصاحة للمجتمع عليه. . . إلى أن قال لكن غرضنا منه أن نري وجه قوة ما يسمى الآن شاذًا وأنه ضارب في صحة الرواية بجرانه آخذ من سمت العربية مهلة ميدانه لئلا يرى مري أن العدول عنه إنما هو غض منه أو تهمة له)
ومن الكتب أيضًا كتاب تعليل القراءات الشاذة لأبي البقاء العكبري وهو أوسع في ذكر الشواذ من المحتسب، وابن خالويه، وابن حيان في تفسيره في البحر المحيط.
ثم أن توجيه القراءات الشاذة أقوى في الصناعة من توجيه المشهورة لما يتطلب من معرفة دقيقة بالعربية واستعمالاتها وأساليبها
وقد انبرى لهذه المهمة أبو الفتح ابن جني فاستطاع (أن يؤلف بين الأساليب اللغوية جميعًا وبين وجوه الشواذ، كما استطاع أن يمزج الشواذ بأقيسته مزجًا محببًا حتى بدت فيه مواد المحتسب وحدة لغوية منسجمة يقوي بعضها بعضًا)
ومن فوائد هذا الاحتجاج للقراءات الوصول إلى كشف القراءة لا إلى توثيقها أو تقويتها فالعودة إلى النحو وغيره إذًا ما هي إلا لبيان القراءة وتوضيحها ولذلك يقول ثعلب: (إذا اختلف الإعرابان في القراءات لم أفضل إعرابًا على إعراب فإذا أخرجت إلى كلام الناس فضلت الأقوى)
ومن أمثلة الاحتجاج للقراءات الشاذة ما استشهد به ابن جني لقراءة قتادة: {بل مكر الليل والنهار} [سبأ: 33] برفع راء مكر منونة ونصب لام الليل، وبقوله تعالى: {أو إطعام في يوم ذي مسغبةٍ يتيمًا ذا مقربة} [البلد: 14-15] حيث عمل المصدر المنون فيهما عمل فعله فنصب مفعولاً فيه
ومن خلال الاحتجاج لهذه الشواذ توصل ابن جني إلى الأمور الآتية:
1- يتوصل أحيانًا إلى تفضيل الشاذة على المشهورة.
2- كما أن الشاذة جعلها دليلاً على المشهورة.
3- والشاذ دليل على مذهب نحوي مختلف فيه.
4- وبلغ به إلى أن يوجه عددًا من القراءات الشاذة التي أعيت النحاة الذين سبقوه
منقول