السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُ ۥدَ شُكۡرً۬اۚ وَقَلِيلٌ۬ مِّنۡ عِبَادِىَ ٱلشَّكُورُ
انه مقطع من آيه يحمل أمرا لآل داود بالعمل شكرا لله سبحانه وتعالى والناظر في هذا النص تستوقفه وقفات عدة نستعرض بعضها حسب يقتضيه المجال
أول هذه الوقفات أن هذا الامر جاء بمثابة الختام لذكر مجموعه من النعم
وهو بهذا كأنه يوجه آل داود أن إذا أردتم حفظ هذه النعم فاشكروا الله تعالى عليها
ولقد جاء هذا المعنى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله حيث قال :
أيها الناس قيدوا النعم بالشكر - حلية الأولياء
وليس فقط نحن موعودون على الشكر بحفظ النعم ايضا
بل نحن موعودون بالمزيد كما قال سبحانه :
لَٮِٕن شَڪَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡ*ۖ
وقفه أخرى أن الأمر لم يأت من صيغة الشكر اي اشكروا بل جاء بصيغة طلب:
ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُ ۥدَ
وكلمة العمل تمثل النشاط الانساني كله
فليس المطلوب الشكر باللسان فقط . بل المطلوب الشكر بعمل الجوارح كلها بما فيها اللسان
ولقد سئل التابعي أبو حازم عن شكر الجوارح فقيل له:
ما شكر العينين يا ابا حازم ؟ قال: إن رأيت بهما خيراً أعلنت . وإن رأيت بهما شراً سترته فقال السائل: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت بهما خبراً وعيته وإن سمعت بهما شراً سترته قيل:
فما شكر اليدين؟ قال: لا تاخذ بهما ما ليس لهما ولا تمنع حقا لله غيهما قيل: فما شكر البطن؟ قال أن يكون أسفله طعاماً وأعلاه علما قيل: فما شكر الجوارح؟ قال :
وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَـٰفِظُونَ
قيل: فما شكر الرجلين: قال: إن علمت ميتاً تغبطه
استعملت بهما عمله وإن مقته رغبت عن عمله وأنت شاكر لله
ثم قال رحمه الله
وأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كثل رجل له كساء فأخذ بطرفه
ولم يلبسه فما نفعه ذلك من الحر والبرد والثلج