السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الضاد الفصيحة التي نزل بها القرآن الكريم
الضاد القرآنية من خصائص لغة القرآن التي تميزت بها اللغة العربية. ذكر ذلك ابن الجزري في "التمهيد" بقوله: "وكذا ستة أحرف انفرد العرب بكثرة استعمالها وهي قليلة في لغات العجم، وهي العين والصاد والضاد والقاف والظاء والثاء".
ومخرج الضاد القرآنية من حافتي اللسان أو من إحداهما مع ما يحاذي ذلك من أضراس النواجذ والطواحن والضواحك، يصاحب ذلك جريان اللسان وجريان الصوت في وقت واحد، فجريان اللسان يسمى: (الاستطالة)، وأما جريان الصوت وامتداده فيسمى: (الرخاوة).
وتحقيق ذلك أنه عند نطق الضاد تنطبق حافتا اللسان أو إحداهما على غار الحنك الأعلى فينحبس الهواء خلفهما؛ فيؤدي ذلك إلى ضغط هواء الصوت خلف الحافتين فيندفع اللسان إلى الأمام قليلاً إلى أن يقرع منتهى اللسان موضع التقاء اللحم بالأسنان (أي اللثة العليا)، وهذا ما سماه علماء التجويد واللغة بـ(الاستطالة) أي الامتداد، ووصفها آخرون بـ(التفشي) أي الانتشار، والمعنيان مترادفان.
وعلى القارئ أن يحذر من استمرار اللسان في الاستطالة أبْعَدَ مما ذكرنا؛ بحيث لو زاد حتى يصل أطراف الثنايا لتولَّد صوت آخر هو صوت الظاء اللثوية، وفرق شاسع بين الضاد والظاء، انظر فرق المعنى بين (أضلَّ، أظلَّ)، (ناضرة، ناظرة).
وأما صفة (الرخاوة) فتتحقق بجريان الصوت وامتداده كما ذكرنا، ولا يشابه الضاد أيَّ حرف آخر؛ لأن باقي الحروف يتحقق صوتها بالتلامس أو بالتباعد أو ما يسمى: بـ(القرع) أو (القلع)، أما الضاد فيتحقق صوتها بالقرع مع جريان اللسان والصوت معاً.
ثم ليُعلم أن جريان الصوت يكون أضعف عند نطق الضاد الساكنة بشكل خاص؛ لأن المخرج يغلق فينحصر الصوت بين اللسان وغار الحنك الأعلى؛ وذلك تحقيق لصفة أخرى للضاد هي صفة (الإطباق).
كما تتصف الضاد بصفات أخرى منها سِمَنٌ يدخل على صوتها فيمتلئ الفم بصداه، فهذه صفة (التفخيم)، ثم إن انحباس هواء الزفير فلا يجري مع صوتها نَفَسٌ يحقق لها صفة (الجهر)، ثم إن حرف الضاد هو أحد حروف الاستعلاء المجموعة في قولك: (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ).
مما سبق يُفهم أن الضاد العربية التي نزل بها القرآن الكريم هي: (مجهورة رخوة مستعلية مُطْبِقة مفخَّمة مستطيلة)؛ فلو أتى القارئ بهذه الصفات على كمالها فقد نطق بها صحيحة كما نزل بها القرآن الكريم، والأفضل بل الأحرى أن تُتَلقى كيفيتها الصحيحة من شيوخ الأداء المتصل سندهم بالحبيب المصطفى .
تنبيه مهم:
ليُعلم أن الضاد حرف من القرآن، ولا يُقبل فيه نطق إلا ما تواتر واستفاض ونقلته مئات الألسنة وسمعته مئات الآذان؛ ولذا يجب الرد على القائلين بنطق الضاد شبيهة بالظاء وبيان عدم صحة ذلك لأنه يغير اللفظ والمعنى، بل قال بعض العلماء بأن من يقرأ بذلك في الصلاة تبطل صلاته، وفي قول للإمام الزمخشري صاحب "الكشاف" ما نصه: "من الواجب إتقان الفصل بين الضاد والظاء ومعرفة مخرج كلٍّ منهما". وقول الشيخ العلامة أحمد عبدالعزيز الزيات يرحمه الله: "ولم نجد مَنْ نَطَق الضاد شبيهة بالظاء في السمع فيما تلقينا من القرآن على المشايخ الثقات الأثبات".
ثم اعلم -أخي القارئ- أنه باستثناء صفة (الرخاوة) فإن جميع صفات الضاد قوية؛ ولهذا لا تدغم في أيِّ حرف مقارب لها؛ لأن الحرف الذي فيه زيادة صوت لا يدغم في ما هو أنقص منه صوتاً، واستثنوا إدغامها في حرف الشين من {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} [النور:62] لِعِلَّة صفة التفشي في الشين، والله تعالى أعلى وأعلم
( عبدالرحمن جبريل )
الضاد الفصيحة التي نزل بها القرآن الكريم
الضاد القرآنية من خصائص لغة القرآن التي تميزت بها اللغة العربية. ذكر ذلك ابن الجزري في "التمهيد" بقوله: "وكذا ستة أحرف انفرد العرب بكثرة استعمالها وهي قليلة في لغات العجم، وهي العين والصاد والضاد والقاف والظاء والثاء".
ومخرج الضاد القرآنية من حافتي اللسان أو من إحداهما مع ما يحاذي ذلك من أضراس النواجذ والطواحن والضواحك، يصاحب ذلك جريان اللسان وجريان الصوت في وقت واحد، فجريان اللسان يسمى: (الاستطالة)، وأما جريان الصوت وامتداده فيسمى: (الرخاوة).
وتحقيق ذلك أنه عند نطق الضاد تنطبق حافتا اللسان أو إحداهما على غار الحنك الأعلى فينحبس الهواء خلفهما؛ فيؤدي ذلك إلى ضغط هواء الصوت خلف الحافتين فيندفع اللسان إلى الأمام قليلاً إلى أن يقرع منتهى اللسان موضع التقاء اللحم بالأسنان (أي اللثة العليا)، وهذا ما سماه علماء التجويد واللغة بـ(الاستطالة) أي الامتداد، ووصفها آخرون بـ(التفشي) أي الانتشار، والمعنيان مترادفان.
وعلى القارئ أن يحذر من استمرار اللسان في الاستطالة أبْعَدَ مما ذكرنا؛ بحيث لو زاد حتى يصل أطراف الثنايا لتولَّد صوت آخر هو صوت الظاء اللثوية، وفرق شاسع بين الضاد والظاء، انظر فرق المعنى بين (أضلَّ، أظلَّ)، (ناضرة، ناظرة).
وأما صفة (الرخاوة) فتتحقق بجريان الصوت وامتداده كما ذكرنا، ولا يشابه الضاد أيَّ حرف آخر؛ لأن باقي الحروف يتحقق صوتها بالتلامس أو بالتباعد أو ما يسمى: بـ(القرع) أو (القلع)، أما الضاد فيتحقق صوتها بالقرع مع جريان اللسان والصوت معاً.
ثم ليُعلم أن جريان الصوت يكون أضعف عند نطق الضاد الساكنة بشكل خاص؛ لأن المخرج يغلق فينحصر الصوت بين اللسان وغار الحنك الأعلى؛ وذلك تحقيق لصفة أخرى للضاد هي صفة (الإطباق).
كما تتصف الضاد بصفات أخرى منها سِمَنٌ يدخل على صوتها فيمتلئ الفم بصداه، فهذه صفة (التفخيم)، ثم إن انحباس هواء الزفير فلا يجري مع صوتها نَفَسٌ يحقق لها صفة (الجهر)، ثم إن حرف الضاد هو أحد حروف الاستعلاء المجموعة في قولك: (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ).
مما سبق يُفهم أن الضاد العربية التي نزل بها القرآن الكريم هي: (مجهورة رخوة مستعلية مُطْبِقة مفخَّمة مستطيلة)؛ فلو أتى القارئ بهذه الصفات على كمالها فقد نطق بها صحيحة كما نزل بها القرآن الكريم، والأفضل بل الأحرى أن تُتَلقى كيفيتها الصحيحة من شيوخ الأداء المتصل سندهم بالحبيب المصطفى .
تنبيه مهم:
ليُعلم أن الضاد حرف من القرآن، ولا يُقبل فيه نطق إلا ما تواتر واستفاض ونقلته مئات الألسنة وسمعته مئات الآذان؛ ولذا يجب الرد على القائلين بنطق الضاد شبيهة بالظاء وبيان عدم صحة ذلك لأنه يغير اللفظ والمعنى، بل قال بعض العلماء بأن من يقرأ بذلك في الصلاة تبطل صلاته، وفي قول للإمام الزمخشري صاحب "الكشاف" ما نصه: "من الواجب إتقان الفصل بين الضاد والظاء ومعرفة مخرج كلٍّ منهما". وقول الشيخ العلامة أحمد عبدالعزيز الزيات يرحمه الله: "ولم نجد مَنْ نَطَق الضاد شبيهة بالظاء في السمع فيما تلقينا من القرآن على المشايخ الثقات الأثبات".
ثم اعلم -أخي القارئ- أنه باستثناء صفة (الرخاوة) فإن جميع صفات الضاد قوية؛ ولهذا لا تدغم في أيِّ حرف مقارب لها؛ لأن الحرف الذي فيه زيادة صوت لا يدغم في ما هو أنقص منه صوتاً، واستثنوا إدغامها في حرف الشين من {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} [النور:62] لِعِلَّة صفة التفشي في الشين، والله تعالى أعلى وأعلم
( عبدالرحمن جبريل )