قصتنا ( أنا وهي والصدقة)
هذه القصة حقيقية وحدثت معي شخصياً، فقد كان لي صديق عزيز جداً جمعتني وإياه الغربة في أحد البلاد العربية، وفي احد الأيام قبل حوالي سبع سنوات اتصلت به وكان مهموماً ، فسألته عن سبب همه فأخبرني ان حماته وهي خالته الوحيدة مريضة بسرطان الثدي، ولا يعلم ماذا يفعل؟ ، وبعد التشاور اخبرني انه سيتابع مع الأطباء ترتيب عملية سريعة لها علماً بأنهم اخبروه ان العملية صعبة نظراً لكبر سنها ومعاناتها من امراض أخرى، فارشدته إلى الصدقة عنها بنية الشفاء واخبرته بحديث قرأته عن " داووا مرضاكم بالصدقة"، فقال لي أنه سيتصدق، وكنت اخفي في نفسي أني سأقوم بالتصدق عنها أيضاً ، وكنت اعرف هذه المرأة وطيبتها وانها من اهل الصلاح حيث التقيت بها لدى صديقي وكان يحدثني عنها وعن طيب نفسها كثيراً، فتصدقت عنها ودعوت لها.
وبعد أيام اتصلت بصديقي لأطمئن على حالة المريضة، فأخبرني والسرور يملأ صوته، الحمدلله لقد أجرت العملية وشفيت تماماً وهي بصحة جيدة ويقول عجيب وكأنه لم يكن معها المرض، فأسررتها في نفسي ولم أقل له عن الصدقة ولا يعلمها حتى يومنا هذا، وبعد سنتين تقريباً من هذه الحادثة تركت العمل الذي كنت أعمل به وأصابتني ضائقة مالية شديدة وأنا في غربة، حتى صرت استصعب توفير ابسط ضروريات الحياة، وأردت بيع سيارتي فلم اجد من يشتري، وقررت أن أرسل زوجتي وأولادي إلى الأردن وأن يسبقهم ما لدينا من عفش، ولم يكن معي أيضاً نقود لذلك ولكن اصطحبت زوحتي وأولادي وكانت تظن ان معي ما يغطي تكلفة شحن العفش والسفر ولم يعلم أني لا أملك ذلك إلا الله، وكنت احدث نفسي بالطريق ماذا سافعل؟ من أين سآتي بالنقود؟ وما الذي يخرجني مسافة مائة وخمسين كيلو متر بدون أن أملك قرشاً واحداً في جيبي؟ وكانت فترة عصيبة في حياتي وملأني الهم، وما لبثت ان سرت حوالي ثلاثين دقيقة فإذا بصديقي نفسه يتصل بي، ويسألني أين أنت؟ هل بعت سيارتك؟ فقلت له لأ، قال هل يمكن لك أن تأتي الآن إلى مكان كذا فهنالك مشتري لسيارتك، فقلت نعم، وذهبت إلى المكان فإذا بصديقي لوحده ولا يوجد معه أحد، فسألته عن المشتري فلم يجبني، وناولني ظرفاً فيه أربعة آلاف درهم وقال لي هذه الفلوس لك ويمكنك أن تسدها بالوقت الذي تستطيع، فقلت سبحان الله الذي يسر لي هذا واخرجني من الهم وانقذني من ذل السؤال. ورجعت إلى الأردن عندها
ولم تنتهي قصتنا هنا، حيث اني لم أنسى لصاحبنا هذا فضله، وكنت عازماً على سداد دينه، وبعد عدة سنوات وقبل ست شهور توفر لدي المبلغ المطلوب وكنت فرحاً بذلك، فذهبت إلى أحد محلات الصرافة لتحويل المبلغ واتصلت بصاحبي من عند المحل، وطلبت منه عنواناً يمكن له أن يستقبل حوالتي المالية من خلاله، فقال لي أنه لا يريد النقود فصممت على ذلك ولم يستجب، فألحيت عليه وكانت المفاجاة وقال لي : بصراحة هذه ليست نقودي، فقلت باستغراب ولمن اذن؟ فقال لي لخالتي، فصعقت فانا لم أرى هذه المرأة إلا مرات معدودة في حياتي، فطلبت منه مكالمتها فقالت لي : والله لا ترد النقود ابداً وانت عندي بمثابة ابني ولا يمكن فاصريت ولم تستجب.
أطرقت رأسي وأخذت أفكر طوال الطريق وأقول في نفسي، سبحان الله ما أعظمه وما أحكمه، كيف يسرني بصدقة خفية ودعاء خفي ليشفي هذه المرأة التي لا أعرفها إلا قليلا وكيف يسرها بالخفاء لتفك ضائقتي وتخرجني من كرب اتعب نفسي وضاق له صدري وضاقت علي به الأرض بما رحبت، وسألت نفسي ما هو السر بالصدقة؟ فلم أجد جوباً أفضل من أنك تضعها أمانة بيد الله فيردها لك مع الزيادة بكرمه وفضله عند حاجتك.
هذه القصة ارسلها اليكم وكنت نادراً ما أقصها على احد، وهدفنا اليوم أعظم وهو إحياء إحدى السنن الواردة في الحديث الحسن الذي صححه الألباني، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( حصنوا اموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع ))، حيث نرغب بضرب القدوة للآخرين ليعرفوا أجر وفوائد الصدقة في الدنيا قبل الآخرة، فعليه نطلب من كل من لديه قصة حقيقية حول الصدقة وأثارها في التداوي ودفع البلاء والتيسير او أي عجيبة من عجائب الصدقة أن يتصدق علينا مرة أخرى بقول قصته مخلصاً النية لله وطمعاً في لقاء الرسول عليه الصلاة والسلام وقد ساهم في حث الناس على الخير وإحياء إحدى سننه،