ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله تعالى وذلك بالقيام بحقوق الإيمان والأعمال الصالحة فرضها ونفلها
قال تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ سورة النحل : الآية 97 ]
فوعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالحبالحياة الطيبة في هذه الدار وبالأجر العظيم والثواب الجزيل في دار القرار .
وكل واجب ومستحب فهو داخل في العمل الصالح ويدخل في ذلك ترك الفسوق وجميع القبائح , فمن قام بذلك فليبشر بالحياة الطيبة
فهو المفلح الناجح
لا تحسبن الحياة الطيبة مجرد التمتع بالشهوات ولا الإكثار من عرض الدنيا وتشييد المنازل المزخرفات
إنما الحياة الدنيا راحة القلوب وطمأنينتها والقناعة التامة برزق الله وسرورها بذكر الله وبهجتها وانصباغها بمكارم الأخلاق وانشراح الصدور وسعتها
لا حياة طيبة لغير الطائعين ولا لذة حقيقة لغير الذاكرين ولا راحة ولا طمأنينة قلب لغير المكتفين برزق الله القانعين
ولا نعيما صحيحا لغير أهل الخلق الجميل والمحسنين
لقد قال أمثال هؤلاء الأخيار لو علم الملوك ما نحن فيه من لذة الأنس بالله لجالدونا بالسيوف عليه
ولو ذاق أرباب الدنيا ما ذقناه من حلاوة الطاعة لغبطونا وزاحمونا عليه
ما ظنك بمن يمسي ويصبح ليس له هم سوى طاعة مولاه ولا يخشى ولا يرجو ولا يتعلق بأحد سواه
إن أعطي شكر وإن منع صبر وإذا أذنب استغفر وتاب مما جناه
هذه والله الحياة الطيبة التي لمثلها يعمل العاملون
أي نعيم لمن قلبه يغلي بالخطايا والشهوات ؟
وأي سرور لمن يتلغب فؤاده بحب الدنيا وهو ملآن من الحسرات ؟
وأي راحة لمن فاته عيش القانعين ؟
وأي حياة لمن تعلق قلبه بالمخلوقين ؟
وأي عاقبة وفلاح لمن انقطع عن رب العالمين ؟
لقد فاز الموفقون بعز الدنيا والآخرة ورجع أهل الدناءة بالصفقة الخاسرة