توبة رجل على يد ابنته ذات الخمس سنوات
كان هذا الرجل يقطن مدينة الرياض ويعيش في ضياع ولا يعرف الله إلا قليلا، منذ سنوات لم يدخل المسجد، ولم يسجد لله سجدة واحدة .. ويشاء الله عز وجل أن تكون توبته على يد ابنته الصغيرة .. يروي صاحبنا هذه القصة فيقول: كنت أسهر حتى الفجر مع رفقاء السوء في لهو ولعب وضياع تاركاً زوجتي المسكينة وهي تعاني من الوحدة والضيق والألم ما الله به عليم، لقد عجزت عني تلك الزوجة الصالحة الوفية، فهي لم تدخر وسعاً في نصحي وإرشادي ولكن دون جدوى. وفي إحدى الليالي .. جئت من إحدى سهراتي العابثة، وكانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحا، فوجدت زوجتي وابنتي الصغيرة وهما يغطان في سبات عميق، فاتجهت إلى الغرفة المجاورة لأكمل ما تبقى من ساعات الليل في مشاهدة بعض الأفلام الساقطة من خلال جهاز الفيديو .. تلك الساعات التي ينزل فيها ربنا عزوجل فيقول: "هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه سؤاله؟". وفجأة فتح باب الغرفة .. فإذا هي ابنتي الصغيرة التي لم تتجاوز الخامسة من العمر .. نظرت إلي نظرة تعجب واحتقار، وبادرتني قائلة: "يا بابا عيب عليك، اتق الله ..."، قالتها ثلاث مرات، ثم أغلقت الباب وذهبت .. أصابني ذهول شديد، فأغلقت جهاز الفيديو وجلست حائراً .. وكلماتها لا تزال تتردد في مسامعي وتكاد تقتلني .. فخرجت في اثرها .. فوجدتها قد عادت إلى فراشها .. أصبحت كالمجنون، لا أدري ما الذي أصابني في ذلك الوقت، وما هي إلا لحظات حتى انطلق صوت المؤذن من المسجد القريب .. ليمزق سكون الليل الرهيب، مناديا لصلاة الفجر .. توضأت وذهبت إلى المسجد، ولم تكن لدي رغبة شديدة في الصلاة، وإنما الذي كان يشغلني ويقلق بالي، كلمات ابنتي الصغيرة .. وأقيمت الصلاة وكبر الإمام، وقرأ ما تيسر له من القرآن، وما أن سجد وسجدت خلفه .. ووضعت جبهتي على الأرض .. حتى انفجرت ببكاء شديد .. لا أعلم له سببا، فهذه أول سجدة أسجدها لله عز وجل منذ سبعة سنوات! كان ذلك البكاء فاتحة خير لي، لقد خرج مع ذلك البكاء كل ما في قلبي من كفر ونفاق وفساد، وأحسست بأن الإيمان بدأ يسري بداخلي .. وبعد الصلاة جلست في المسجد قليلا .. ثم رجعت إلى بيتي فلم أذق طعم النوم حتى ذهبت إلى العمل، فلما دخلت على صاحبي استغرب حضوري مبكرا .. فقد كنت لا أحضر إلا في ساعة متأخرة بسبب السهر طوال ساعات الليل، ولما سألني عن السبب، أخبرته بما حدث لي البارحة، فقال: احمد الله أن سخر لك هذه البنت الصغيرة التي أيقظتك من غفلتك، ولم تأتك منيتك وأنت على تلك الحال .. ولما حان وقت صلاة الظهر كنت مرهقا .. حيث لم أنم منذ وقت طويل، فطلبت من صاحبي أن يستلم عملي، وعدت إلى بيتي لأنال قسطا من الراحة، وأنا في شوق لرؤية ابنتي الصغيرة التي كانت سببا في هدايتي ورجوعي إلى الله .. دخلت البيت، فاستقبلتني زوجتي وهي تبكي .. فقلت لها: ما لك يا إمرأة؟! فجاء جوابها كالصاعقة: لقد ماتت ابنتك، لم أتمالك نفسي من هول الصدمة، وانفجرت بالبكاء .. وبعد أن هدأت نفسي .. تذكرت أن ما حدث لي .. ما هو إلا ابتلاء من الله عز وجل ليختبر إيماني، فحمدت الله عز وجل ورفعت سماعة الهاتف واتصلت بصاحبي، وطلبت منه الحضور لمساعدتي .. حضر صاحبي وأخذ الطفلة وغسلها وكفنها، وصلينا عليها، ثم ذهبنا بها إلى المقبرة، فقال لي صاحبي: لا يليق أن يدخلها في القبر غيرك. فحملتها والدموع تملأ عيني، ووضتها في اللحد .. أنا أدفن ابنتي .. وإنما دفنت النور الذي أضاء لي الطريق في هذه الحياة، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها سترا لي من النار، وأن يجزي زوجتي المؤمنة الصابرة خير الجزاء.
المصدر: كتاب "التائبون إلى الله"، لفضيلة الشيخ/ إبراهيم بن عبدالله.
مــمــ قـــرأت ـــا
كان هذا الرجل يقطن مدينة الرياض ويعيش في ضياع ولا يعرف الله إلا قليلا، منذ سنوات لم يدخل المسجد، ولم يسجد لله سجدة واحدة .. ويشاء الله عز وجل أن تكون توبته على يد ابنته الصغيرة .. يروي صاحبنا هذه القصة فيقول: كنت أسهر حتى الفجر مع رفقاء السوء في لهو ولعب وضياع تاركاً زوجتي المسكينة وهي تعاني من الوحدة والضيق والألم ما الله به عليم، لقد عجزت عني تلك الزوجة الصالحة الوفية، فهي لم تدخر وسعاً في نصحي وإرشادي ولكن دون جدوى. وفي إحدى الليالي .. جئت من إحدى سهراتي العابثة، وكانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحا، فوجدت زوجتي وابنتي الصغيرة وهما يغطان في سبات عميق، فاتجهت إلى الغرفة المجاورة لأكمل ما تبقى من ساعات الليل في مشاهدة بعض الأفلام الساقطة من خلال جهاز الفيديو .. تلك الساعات التي ينزل فيها ربنا عزوجل فيقول: "هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه سؤاله؟". وفجأة فتح باب الغرفة .. فإذا هي ابنتي الصغيرة التي لم تتجاوز الخامسة من العمر .. نظرت إلي نظرة تعجب واحتقار، وبادرتني قائلة: "يا بابا عيب عليك، اتق الله ..."، قالتها ثلاث مرات، ثم أغلقت الباب وذهبت .. أصابني ذهول شديد، فأغلقت جهاز الفيديو وجلست حائراً .. وكلماتها لا تزال تتردد في مسامعي وتكاد تقتلني .. فخرجت في اثرها .. فوجدتها قد عادت إلى فراشها .. أصبحت كالمجنون، لا أدري ما الذي أصابني في ذلك الوقت، وما هي إلا لحظات حتى انطلق صوت المؤذن من المسجد القريب .. ليمزق سكون الليل الرهيب، مناديا لصلاة الفجر .. توضأت وذهبت إلى المسجد، ولم تكن لدي رغبة شديدة في الصلاة، وإنما الذي كان يشغلني ويقلق بالي، كلمات ابنتي الصغيرة .. وأقيمت الصلاة وكبر الإمام، وقرأ ما تيسر له من القرآن، وما أن سجد وسجدت خلفه .. ووضعت جبهتي على الأرض .. حتى انفجرت ببكاء شديد .. لا أعلم له سببا، فهذه أول سجدة أسجدها لله عز وجل منذ سبعة سنوات! كان ذلك البكاء فاتحة خير لي، لقد خرج مع ذلك البكاء كل ما في قلبي من كفر ونفاق وفساد، وأحسست بأن الإيمان بدأ يسري بداخلي .. وبعد الصلاة جلست في المسجد قليلا .. ثم رجعت إلى بيتي فلم أذق طعم النوم حتى ذهبت إلى العمل، فلما دخلت على صاحبي استغرب حضوري مبكرا .. فقد كنت لا أحضر إلا في ساعة متأخرة بسبب السهر طوال ساعات الليل، ولما سألني عن السبب، أخبرته بما حدث لي البارحة، فقال: احمد الله أن سخر لك هذه البنت الصغيرة التي أيقظتك من غفلتك، ولم تأتك منيتك وأنت على تلك الحال .. ولما حان وقت صلاة الظهر كنت مرهقا .. حيث لم أنم منذ وقت طويل، فطلبت من صاحبي أن يستلم عملي، وعدت إلى بيتي لأنال قسطا من الراحة، وأنا في شوق لرؤية ابنتي الصغيرة التي كانت سببا في هدايتي ورجوعي إلى الله .. دخلت البيت، فاستقبلتني زوجتي وهي تبكي .. فقلت لها: ما لك يا إمرأة؟! فجاء جوابها كالصاعقة: لقد ماتت ابنتك، لم أتمالك نفسي من هول الصدمة، وانفجرت بالبكاء .. وبعد أن هدأت نفسي .. تذكرت أن ما حدث لي .. ما هو إلا ابتلاء من الله عز وجل ليختبر إيماني، فحمدت الله عز وجل ورفعت سماعة الهاتف واتصلت بصاحبي، وطلبت منه الحضور لمساعدتي .. حضر صاحبي وأخذ الطفلة وغسلها وكفنها، وصلينا عليها، ثم ذهبنا بها إلى المقبرة، فقال لي صاحبي: لا يليق أن يدخلها في القبر غيرك. فحملتها والدموع تملأ عيني، ووضتها في اللحد .. أنا أدفن ابنتي .. وإنما دفنت النور الذي أضاء لي الطريق في هذه الحياة، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها سترا لي من النار، وأن يجزي زوجتي المؤمنة الصابرة خير الجزاء.
المصدر: كتاب "التائبون إلى الله"، لفضيلة الشيخ/ إبراهيم بن عبدالله.
مــمــ قـــرأت ـــا