حديث مع النفس...
غدا" تطوى الدفاتر يا نفس و يصير تحت التراب مثوانا
بين الظلمات و تحت طبقات الثرى نلقاه حاضرا" ما قدمت يدانا
و نمسى لا نملك من أمرنا شيىء و بيد الله وحده منتهانا
اما جنات و نعيم أو نجزى على ما جنيناه جحيما" و نيرانا
أيها المغرور المزهو بمجده غدوت بين الرفات فى ذل و هوانا
لله عدل القبور فعظام الشريف و الحقير سيانا
ما دامت لأحد قبلنا الدنيا و أين تلك القبور من عهد آدم أبانا
موت و قبر و حساب و صراط بينهم يا نفس تسير خطانا
فى دجى القبر الكئيب لا يشفع الا خيرا" قدمناه أو احسانا
كيف بك يا نفس و الموت مخيم و قد نعقت فوق الديار غربانا
و سحبت الروح منك و جهز لك مغسلا" و أكفانا
و علا النحيب حولك و ذرفت دموع زور و بهتانا
و حملوك و أنا الى مصير قصر الخوف منه رجانا
أو كيف بك و قد وضعوك فى حفرة و ذهب الأهل و الخلانا
و أهالوا عليك الثرى و داسوا فوقه بالأقداما
و جاء الملائكة يسألون عن الايمان و يبغون برهانا
فهل تقولين الا حقا" أم تحتالين عليهم نكرانا
ويلا" ان جهلت جوابا" فلن يفديك ذهب الأرض قربانا
و كيف بك يوم البعث و الخطب جلل و الناس لرب العالمين قياما
منهم مكرمون و آخرون يلقون من العذاب ألوانا
و كيف بك وقت الحساب و قد ضرب الصراط و وضع الميزانا
و وجدت ما قدمت حاضرا" و كنت عنه فى لهو و نسيانا
و كيف بك فوق الصراط و من تحتك جمر و سعير و دخانا
و ملائكة غلاظ شداد لا يقدرون على أمر الله عصيانا
فاعقلى الأمر يا نفس و أعدى لك من الآن أكفانا
و سلى أهل القبور عن حالهم ان كان ينطق موتانا