لعل من أشد ما يصد الناس- مسلمهم وكافرهم - عن إتِباع شرع الله والالتزام بأحكامه تلك الشبهة الشيطانية التي غلبت على كثير من الناس: أن الإيمان بالله وطاعة الرحمن يعمر الآخرة ويهدم الدنيا،
أو على الأقل الإيمان لا يعمر دنيا الناس إنما يعمر آخرتهم فقط، فاستطاع شياطين الإنس والجن بهذه الشبهة أن يوهموا الناس أنهم إن اتبعوا الهدى من الله فإنهم سيخسرون دنياهم وأموالهم وتجاراتهم وغيرها،
مستغلين بذلك الميل البشري تجاه الدنيا وضعفهم نحو زينتها كما قال تعالى : زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ
فالدنيا بزخرفها وزينتها أعظم ما حمل الكفار على الكفر بالله كما قال تعالى: اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ
وقال تعالى: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
وهي السبب الرئيس في حمل من آمن بالله على الردة والكفر بعد الايمان كما قال تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
فالخوف من ذهاب الدنيا وذهاب السلطان، والخوف من ضياع الأموال والتجارات حمل أكثر الناس على الكفر بالله أو التفلت من أحكام الشرع.
فالدنيا معبودة أغلب الجماهير كما في الحديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ» رواه البخاري.
فهي نقطة ضعف كثير من الناس، فاستغل شياطين الإنس والجن هذا الضعف فخوفوهم على محبوبتهم ومعبودتهم "الدنيا".
فجاء الرد القرآني على هذه الشبهة الشيطانية، فما من شبهة يلقيها الشيطان وأتباعه على الحق وأهله إلا وتجد الرد عليها في كتاب الله ولا بد، علمه من علمه - وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء - وجهله من جهله، فيقول تعالى في الرد على تلك الشبهة في سورة النساء بعد أن أمر بتقواه وطاعته قال تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)،
يقول ابن كثير في تفسيره: أي: يا من ليس هَمُّه إلا الدنيا، اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والآخرة، وإذا سألته مِن هذه وهذه أعطاك وأغناك وأقناك، ثم قال بعد ذلك: فإن قوله {فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} ظاهر في حضور الخير في الدنيا والآخرة،
أي: بيده هذا وهذا، فلا يقْتَصِرَنَّ قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط، بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة، فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع، وهو الله الذي لا إله إلا هو، الذي قد قسم السعادة والشقاوة في الدنيا والآخرة بين الناس، وعدل بينهم فيما علمه فيهم .
{من كان يريد ثواب الدنيا، فعند الله ثواب الدنيا والآخرة.. وكان الله سميعاً بصيراً}..
وإنه ليكون من الحمق، كما يكون من سقوط الهمة، أن يملك الإنسان التطلع إلى الدنيا والآخرة معاً , ثم يكتفي بطلب الدنيا، ويضع فيها همه؛ ويعيش كالحيوان والدواب والهوام؛
بينما هو يملك أن يعيش كالإنسان! قدم تدب على الأرض وروح ترف في السماء، وكيان يتحرك وفق قوانين هذه الأرض؛ ويملك في الوقت ذاته أن يعيش مع الملأ الأعلى.
فيا من تريد الدنيا وثوابها فاعلم إن الله عنده ثواب الدنيا والآخرة، وبإمكان الإنسان أن ينال ثواب الدنيا والآخرة بالإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى:
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، وقال على لسان رسوله نوح عليه السلام:
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)
وهذا وعد من الله لا يتبدل ولا يتخلف وتاريخ أمة الإسلام يشهد بذلك، فعندما كانت الأمة ملتزمة بشرع الله ومعتزة بالله نصرها الله وأعزها وملكها الدنيا وكانت خير أمة أخرجت إلى الناس، فالسر يكمن في مدى يقيننا بالله والتزامنا بشرعه والتوكل عليه، وبذلنا للسبب،
فمن السفه أن الإنسان يستطيع بعمل واحد أن ينال أو يكسب شيئيين وبرمية واحدة أن يصيب عصفورين، ثم هو يأبى إلا أن ينال بعمله الواحد شيئا واحداً وما ذاك إلا لجهله أو عناده أو تصديقه لإملاءات شياطين الإنس والجن.
وكذلك يقول تعالى في رده على كفار قريش عندما تلكؤوا عن الإيمان بحجة خوفهم على أنفسهم وأهليهم وأموالهم، قال تعالى:
وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
يقول سيد قطب في تفسيره عند هذه الآية: {وقالوا: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا}..
فهم لا ينكرون أنه الهدى، ولكنهم يخافون أن يتخطفهم الناس، وهم ينسون الله، وينسون أنه وحده الحافظ، وأنه وحده الحامي؛ وأن قوى الأرض كلها لا تملك أن تتخطفهم وهم في حمى الله؛ وأن قوى الأرض كلها لا تملك أن تنصرهم إذا خذلهم الله، ذلك أن الإيمان لم يخالط قلوبهم، ولو خالطهم لتبدلت نظرتهم للقوى، ولاختلف تقديرهم للأمور، ولعلموا أن الأمن لا يكون إلا في جوار الله، وأن الخوف لا يكون إلا في البعد عن هداه وأن هذا الهدى موصول بالقوة موصول بالعزة.
البركة
كم من إنسان يعمل ساعات قليلة يبارك له فيها خير من إنسان يعمل الليل والنهار، فهذه هي الكلاب نرى الأنثى منها تضع في العام مرة أو مرتين في كل مرة أربع جراء أو أكثر ولا تجد لها وجودا كثيراً في الطبيعة،
بينما انظر إلى الغنم تضع الأنثى منها في العام مرة واحدة -في الغالب- في كل مرة شاة أو شاتين وانظر إلى عددهم الكثير في الطبيعة، مع إن أغلب الناس يأكلون لحم الغنم، وما ذاك إلا للبركة التي أنزلها الله تعالى في الغنم فبارك فيها وكثرها.
وأخيراً... فقد يقول قائل: كلامك جميل ولكن يخالفه الواقع! فهؤلاء الكفار مع كفرهم فهم قد ملكوا الدنيا وتمكنوا فيها، فكيف يكون ذلك؟ فأقول هذا صحيح، وهذه شبهة تحتاج إلى رد مفصل ولكن باختصار:
إن الله يعطى الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطى الآخرة إلا من يحب، والدنيا لها سنن وقوانين وأسباب مادية من أخذ بها نالها وفاز بها بإذن الله تعالى، كما قيل في الأمثال:
من جد وجد، ومن زرع حصد 000 الخ، والله تعالى لا يظلم أحدا فمن أراد الدنيا وسعى لها سعيها أعطاه الله منها بما يشاء الله كما قال تعالى:
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)سورة هود،
وقال تعالى أيضا: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) سورة الإسراء
0 فهم – أي الكفار المعاصرين - قد أخذوا وبذلوا الأسباب المادية وجدوا واجتهدوا في نيل الدنيا وتخاذلنا نحن وتركنا الأسباب الشرعية والمادية، فأعطاهم الله تعالى عدلاً منه وحرمنا نحن.
وأيضا الله تعالى قد يعجّل للكافر طيباته في حياته الدنيا حتى إذا جاء يوم القيامة لم يجد شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه كما قال تعالى:
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) سورة الأحقاف،
وجاء في حديث عمر بن الخطاب عندما دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم– انه قال: فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى فِى بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِى بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ. فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَالَ « أَوَفِى هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » رواه البخاري.
وكذلك قد يكون ذلك استدراجا من الله ومكرا بهم كما قال تعالى:
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) سورة الأعراف،
يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: ومعناه أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا، حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء، كما قال تعالى:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:44، 45]. اهـ
0 فهم – أي الكفار المعاصرين - قد أخذوا وبذلوا الأسباب المادية وجدوا واجتهدوا في نيل الدنيا وتخاذلنا نحن وتركنا الأسباب الشرعية والمادية، فأعطاهم الله تعالى عدلاً منه وحرمنا نحن.
وأيضا الله تعالى قد يعجّل للكافر طيباته في حياته الدنيا حتى إذا جاء يوم القيامة لم يجد شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه كما قال تعالى:
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) سورة الأحقاف،
وجاء في حديث عمر بن الخطاب عندما دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم– انه قال: فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى فِى بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِى بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ. فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَالَ « أَوَفِى هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » رواه البخاري.
وكذلك قد يكون ذلك استدراجا من الله ومكرا بهم كما قال تعالى:
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) سورة الأعراف،
يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: ومعناه أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا، حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء، كما قال تعالى:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:44، 45]. اهـ
فلابد من الإيمان بالله والعمل الصالح ثم بذل الأسباب المادية – التي يدعو إليها الإيمان بالله - لنيل خيري الدنيا والآخرة
والله تعالى أعلى وأعلم.