كيف ينبغي لطالب العلم أن يكون ورعاً زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة ؟ .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...أما بعد :
ينبغي لطالب العلم أن يكون ورعاً وزاهداً ، فالله عز وجل يقول: ( إنما يخشى الله من عباده العلماء) ومقتضى ذلك الورع والزهد.
والورع : هو ترك ما يضر في الآخرة ، والزهد : هو ترك مالا ينفع في الآخرة ، هكذا فرق شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله بينهما .
والأصل في الورع قوله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) ، قال بعض العلماء هذه الآية أصل في الورع .
وفي الحديث الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة ملقاة فقال : " أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها " ، فترك النبي صلى الله عليه وسلم أكلها ورعاً.
وأبو بكر رضي الله تعالى عنه لما شرب شربة ، من غلامه ، ثم أخبره غلامه أن هذه الشربة بسبب كهانة تكهنها في الجاهلية ولا يحسن الكهانة فأعطاه من تكهن لـه هذه الشربة ، أدخل أبو بكر يده فقاء كل ما في بطنه ، وقال إن لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها ، وقال اللهم إني أعتذر إليك مما حملت العروق والأمعاء ، فهذا هو مقام الورع .
وأيضاً العلماء رحمهم الله ألفوا مؤلفات في الزهد وفي الورع ، وليس المقصود أن الإنسان يتورع عن الحرام ،فهذا شيء يجب تركه أو عن الحلال ، فهذا ورع مذموم ، لكن يتورع عن المشتبهات ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت قسماً ثالثاً ، وهو قسم المشتبهات ، فقال عليه الصلاة والسلام : " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.." .
واضرب لذلك أمثلة ، مثلاً : ما يوجد الآن على الساحة من هذه الأسهم التي توجد في البنوك مع ما يعتريها من الشبهات ، فالورع أن يترك ذلك المسلم .
وأيضاً اللحوم التي تأتي من الخارج هذه فيها شبهة ، أنه لم تتوفر فيها شروط التذكية الشرعية ، فالورع لطالب العلم أن يترك ذلك .
وأما الزهد فقد تكلم على ذلك ابن القيم في كتابه الفوائد ، وذكر أن الزهد أربعة أقسام :
1. الزهد في الحرام : وهذا القسم واجب .
2. الزهد في المكروه وفضول المباحات ، والتفنن في الشهوات المباحة : وهذا مستحب.
3. زهد المشمرين إلى الله عزوجل وهو نوعان :
أ- الزهد في الدنيا جملة : فلا يلتفت إليها ولا يدع قلبه يلتفت إليها .
ب- الزهد في النفس : وهذا أصعب الأقسام وأشقها كالجهاد في سبيل الله .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله