بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين قوسين هذه الهمسة من الى قارئة الموضوع :
هذا الموضوع هام جدا ولاهميته اتمنى ممن تقراه وعندها الاهلية لتعليم اللغة العربية ومستعدة تعطي دورة فيها عندنا تخبرنا هنا في نفس الصفحة مشكورة ماجورة كي نرتب لها ان شاء الله تعالى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله الذي أنزل الكتابَ ولم يجعل له عِوجَا.
فقد قال عزّ مِن قائل: {قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}الزمر28
فربط سبحانه بين كونه عربيًا وبين استقامتة وعدم اعوجاجه، فكونه عربيًا أدى لوضوحه فلا لبس فيه ولا انحراف، فهو سهل المعاني واضح الألفاظ، ليس فيه خلل ولا نقص.
وختم الآية بقوله سبحانه: لعلهم يتقون؛ أي لعل الفهم الصحيح لهذه اللغة التي نزل بها القرآن، وبالتالي فهم معانيه، تؤدي إلى تقوى الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه.
وقال سبحانه: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }يوسف2
{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }الزخرف3
فختم الآيتين بقوله سبحانه: لعلكم تعقلون أي تفهمون عنه فهمًا يصل إلى العقل؛ فيُحكِم العقلُ إمساكَ هذا الكلام فلا يتفلت، ويعي عنه عزَّ وجلَّ ما يقول، وما ذلك إلا لكونه عربيًا.
وورود كلمة العربية إلى جانب القرآن في كثير من الآيات لا شك أكسبها صبغة دينية، وزاد من أهميتها فقد قال تعالى أيضًا:
{وكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً}طه113
{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}فصلت3
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}الشورى7
{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)علَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ(194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ(195) }الشعراء
وقد ذكر سبحانه أن الغاية من إنزال القرآن هي التدبر والتذكُّر لما فيه، ومن ثم العمل به فقال عزَّ وجلَّ:
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}ص29
وهل يكون التدبر إلا بفهم المعاني؟ وهل تُفهَمُ المعاني إلا بدراسة العربية التي نزل بها، وتَعَلـُّمِ قواعدِها؟
فمرحلة التدبُّر مرحلة لاحقة لهذه المرحلة مبنية عليها.
ولاَ شَكَّ أنَّ دِعامة العُلُوم العربيَّة وقانونها الأَعلى، الذي ترجع إليه في جميع مسائلها، هو علم النَّحو.
فهل ندركُ كلام الله تعالى، ونَفهم دقائقَ التَّفسير، وأحاديث الرَّسول، عليه أفضل الصلاة والسَّلام، وأصول العقائد، والمسائل الفقهيَّة، والبحوث الشرعيَّة المختلفة، التي تَرقَى بصاحبها إلى مراتب الأئمَّة، وتسمو به إلى منازل المجتهدينَ إلاَّ بإلهام النَّحو وإرشاده؟!
ولذلكَ أجْمَعَ الأئمَّة منَ السَّلَف والخَلَف على أنَّ النَّحو شرط في رتبة الاجتهاد، وأن المجتهد لو جَمَع كُلَّ العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلم النَّحو، فيعرف به المعاني التي لا سبيل لمعرفتها بغيره، فرُتبة الاجتهاد مُتَوَقِّفة عليه، لا تتم إلاَّ به.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يؤدبون أولادهم على اللحن: الخطأ في الكلام، والزيغ عن الإعراب.
روي عن علي بن أبي طالب، رضيَ الله عنه، أنَّه كان يضرب الحَسَن والحُسَين على اللَّحن.
وفي "معجم الأدباء" للحَمَوي، قال: وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يضرب أولاده على اللَّحن، ولا يضربهم على الخَطَأ.
ورُوي عنه، رضي الله عنه، أنه جاءه كتاب من أبي موسى الأشعري أيام كان أميرا على البصرة جاء فيه: "من أبو موسى إلى أمير المؤمنين " فغضب عمر من خطأ الكاتب برفعه (أبو) بدلا من جرها (أبي) وأرسل إليه: عزمت عليك إلا ضربت كاتبك سوطا.
وفيه أيضًا: وقد كان عمر بن عبدالعزيز أشد الناس في اللَّحن على ولده وخاصته ورعيته، وربَّما أَدَّبَ عليه.
- قال سالم بن قتيبة: كنتُ عند ابن هُبَيرة الأكبر، فجَرَى الحديث، حتى ذكر العربيَّة، فقال: والله ما استوى رجلان، دينُهما واحد، وحسبهما واحد، ومروءتهما واحدة، أحدهما يَلحَنُ، والآخرُ لا يَلحَنُ، إنَّ أفضلَهما في الدنيا والآخرة الذي لا يَلحَنُ.
قلت: أصلحَ اللهُ الأميرَ، هذا أفضلُ في الدُّنيا لفضل فصاحتِه وعَرَبيته، أرأيتَ الآخرة، ما باله فُضِّل فيها؟
قال: إنَّه يَقرأُ كتابَ اللهِ على ما أنزَل اللهُ، وإنَّ الذي يلحنُ يحمِلُه لَحنُه على أن يُدْخِلَ في كتابِ الله ما ليس فيه، ويُخْرِجَ منه ما هو فيه.
قال: قلتُ: صَدَق الأميرُ، وبَرَّ.
وقال شَّيخُ الإسلام ابن تيميّة: واعلم أنَّ اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرًا قويًّا بَيِّنًا، ويؤثِّر أيضًا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق. وأيضًا فإن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرضٌ واجب؛ فإنَّ فَهْمَ الكتاب والسنة فرض، ولايُفْهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لايتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ.
وقال الشافعي، رحمه الله: مَن تَبَحَّرَ في النحو اهتدَى إلى كل العلوم.
وهذه أبيات من قصيدة لإسحاق بن خَلَف المعروف بابن الطَّبيب، يقول فيها:
النَّحْوُ يَبْسُطُ مِنْ لِسَانِ الأَلْكَنِ *** وَالمَرْءُ تُعْظِمُهُ إِذَا لَمْ يَلْحَنِ
فَإِذَا طَلَبْتَ مِنَ العُلُومِ أَجَلَّهَا *** فَأَجَلـُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الأَلْسُنِ
لحْنُ الشَّرِيفِ يُزِيلـُهُ عَنْ قَدْرِه ِ*** وَتَرَاهُ يَسْقُطُ مِنْ لِحَاظِ الأَعْيُنِ
َوتَرَى الوَضِيعَ إِذَا تَكَلَّمَ مُعْرِبًا *** نَالَ المَهَابَةَ بِاللِّسَانِ الأَلْسَنِ
مَا وَرَّثَ الآبَاءُ عِنْدَ وَفَاتِهِمْ *** لِبَنِيهِمُ مِثْلَ العُلُومِ فَأَتْقِنِ
فَاطْلُبْ هُدِيتَ وَلا تَكُنْ مُتَأَبِّيًا *** فَالنَّحْوُ زَيْنُ العَالِمِ المُتَفَنِّنِ
والنَّحْوُ مِثْلُ المِلْحِ إِنْ أَلْقَيْتَهُ *** فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْ طَعَامٍ يَحْسُنِ
فهذه جملة منَ الآثار الواردة عن سَلَفنا الصالح - رحمهم الله، تبين عنايتهم البالغة باللُّغة، وكيفَ أنَّها كانت أهم وسيلة عندهم لتَعَلُّم دينهم.
ونحن مأمورونَ باقتفاء آثارهم، والاهتداء بمنارهم، ففيهم وفي سلوك سبيلهم الخير كله
وما زال الأمر على ذلكَ حتى يومنا هذا، فها هو سماحة الشَّيخ ابن عُثَيمين، رحمَه الله، ينادي بضرورة تعلُّم علم النَّحو، فقد ذَكَر في مقدمة شرحه لكتاب "نزهة النَّظَر" أنَّ علمَ النَّحو أهم من علم الحديث من وجه.
وكلنا يعلم ما لعلم الحديث من أهميَّة إذ هو الطريق لمعرفة ما صَحَّ عن رسول الله، صَلَّى الله عليه وَسَلَّم، من أحاديث؛ حتى يتعَبَّد لله بها.
ولم يكن ابن عثيمين رحمه الله بدعا في هذا القول فقد ذكر مثل قوله سلفنا الصالح
قال المغيرة بن عبدالرحمن: جاء عبدالعزيز بن محمد إلى أبي يعرض عليه الحديث، فجعل يقرأ ويلحن لحنًا بَيِّنًا، فقال له أَبِي: وَيحكَ، أنتَ كنتَ بإقامة لسانِكَ قبل هذا الشأن أحرى.
وقال الأصمعي، رحمه الله: إن أخوفَ ما أخافُ على طالب العلم، إذا لم يعرف النَّحو، أن يَدخلَ في جملة قوله، صَلَّى الله عليه وَسَلَّم : ((مَن كذب عليَّ متعمدًا فَلْيَتَبَوَّأ مقعده منَ النار)).
وكل ما سبق دليل على أهمية دراسة اللغة متمثلة في دراسة النحو على الأخص.
وقد بذل علماؤنا جهدا في تأليف الكتب لضبط هذه القواعد، ولم يدخروا وسعا في ذلك؛ خوفا منهم أن يتسرب اللحن إلى القرآن العظيم، الذي نزل بهذه اللغة؛ فكان بداية من أبي الأسود الدؤلي الذي ساءه أن تخطئ ابنته في الكلام عندما قالت له : يا أبتِ ما أجملُ السماءِ. فقال: نجومُها، فقالت: ما قصدت السؤال وإنما التعجب من جمالها، فقال: إذًا قولي: ما أجملَ
السماءَ.
ثم أسرع إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأخبره بخبر ابنته، وخوفِه من تفشي اللحن، فطلب منه علي كرم الله وجهه وضعَ قواعدَ للعربيةِ يَستقرئُ فيها كلامَ العربِ، ويَضعُ الضوابطَ لقواعدَ تحفظُ اللسانَ مِن الخطأِ.
وتتابعت بعد ذلك المؤلفات.
لمصدر