معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بك يا زائر في معهد دار الهجرة للقراءات وعلوم القرآن الكريم


    تفريغ درس :" تدبر سورة الأنفال "

    ابنة عائشة
    ابنة عائشة


    تفريغ درس :" تدبر سورة الأنفال " Empty تفريغ درس :" تدبر سورة الأنفال "

    مُساهمة من طرف ابنة عائشة الأربعاء 29 سبتمبر 2010, 8:07 am

    بسم الله الرحمن الرحيم
    تفريغ درس تدبر سورة الأنفال للشيخة خادمة الإسلام بارك الله فيها
    ملاحظة : التفريغ يشمل مقدمة واطلالة على السور السابقة + تلخيص الشيخة لتدبر سورة الأنفال




    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وجودك ومغفرتك يارب العالمين
    اللهم ياربنا لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق
    اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه اللهم كما رزقتنا رمضان تفضلا منك ورحمه تقبله منا يارب واجعلنا من عتقائك فيه
    يارب تقبل منا رمضان
    اللهم كما مننت علينا بهذا القران العظيم فهمنا وعلمنا واجعلنا نتدبر آياته ونفهم احكامه اجعلنا نقيم حروفه وحدوده انت ولى ذلك والقادر عليه
    اللهم لك الحمد ان مننت علينا بهذا القران العظيم الذى كلما قرأنا وتدبرنا وجدنا فمعانى هذا القران لا تنتهى ابدا ولا يعلم تأويله إلا الله سبحانه وتعالى ولن تنجلى معانى هذا القران العظيم كاملة إلا فى الآخرة يجليها لنا الله سبحانه وتعالى بفضله وهو الأعلم بهذه المعانى ونحن على صغرنا وقلة علمنا حاولنا أن نمر على السور بشكل متكامل لم نتوقف عند كل آيه ولا كل كلمة فلن يكفينا لا زمان ولا وقت ولا يسمح بذلك علم ولكن هو مجرد مرور على السور ومحاولة فهم شمولى للسور من اول القران العظيم إلى أن وصلنا الى سورة الأعراف
    سورة الفاتحة
    وانها ام الكتاب وأن القران كله جمع فى الفاتحة فالقران مابين ايمان بالله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته وباليوم الآخر وما بين دعاء وما بين قصص السابقين لنتعلم منها وكل هذا جمع فى الفاتحة فجمعت كل الكتب السابقة فى القرآن وجمع القرآن فى الفاتحة لذلك هى المثانى
    وسورة الفاتحة كأنها مفتاح لكل سور القران ما من سورة فى القران إلا ولها علاقة بسورة الفاتحة

    سورة البقرة

    وكما تعلمن أن سورة البقرة هى أول ما نزل فى المدينة المنورة وأسست لأحكام الدولة الإسلامية بشكل عام وبشكل متكامل وكان هناك أساس فى الموضوع ( أنتم أيها المسلمون المسؤلون عن هذه الأرض ) وهذا هو المنهج . هذه هى سورة البقرة : أنتم المسؤلون وهذا هو المنهج ثم انتقل بنا بعد ذلك إلى

    سورة ال عمران

    وسورة ال عمران تتحدث عن الثبات على هذا المنهج وهذا أمر سبحان الله من رحمته سبحانه وتعالى أعطانا المنهج فى البقرة ثم بين لنا كيف نثبت عليه إذ لو أعطينا المنهج ولم نعرف كيف نثبت فهذه سبحان الله كارثه ان لا اعرف فأعطتنا سورة ال عمران بفضل من الله الثبات سواء كان ثبات امام الآخرين أو ثبات مع النفس كيف أثبت داخليا أو خارجيا كان هذا فى سورة ال عمران ثم انتقل سبحانه وتعالى ووضع لنا ترتيب المصحف هكذا, فهذا الترتيب من الله لم يرتبه أحد الصحابة ولا النبى صلى الله عليه وسلم ولكن ترتيب الآيات وترتيب السور وحتى أسمائها هو توقيفى من الله سبحانه وتعالى
    السورة الثالثة بعد الفاتحة لأنها هى السبع المثانى والقران العظيم اذن السورة الثالثة هى

    سورة النساء

    وسورة النساء تتحدث عن العدل والعدل شرط أساسى لضمان هذا الإستخلاف لأنه لو كان هناك ظلم فإن الله سبحانه وتعالى لا يقيم الدولة الظالمة فإن أدرنا أن نبقى مستخلَفين على الأرض فلابد من العدل
    نعود مرة اخرى
    البقرة ::: أنتم المستخلفون على الأرض وهذا هو المنهج
    ال عمران :: اثبتوا على هذا المنهج
    النساء ::: عليكم بالعدل لضمان البقاء على هذا الإستخلاف

    ثم سورة المائدة

    أهمية الوفاء بالمنهج والعقود التى قطعناها على أنفسنا لنطبقها أى الوفاء بكل ما عاهدنا الله عليه سبحانه وتعالى
    والوفاء بالعقود بشكل عام

    سورة الأنعام

    وهى السورة التالية
    توحيد الله سبحانه وتعالى , ليس توحيدا فقط فى القول أن أقول لا اله إلا الله ولكن توحيد فى الإعتقاد وفى التطبيق أنى فعلا بداخلى أوقن بأنه لا إله إلا الله وأنه هو المتصرف وبالتالى لا اخاف من أحد , أخاف من الله وحده سبحانه وتعالى وأيضا التوحيد فى التطبيق طالما اننى عندى هذا اليقين إذن أطبق بتوحيد الله سبحانه وتعالى , أنفذ شرع الله, لا انفذ أوامر غير الله إن خالفت أوامر الله سبحانه وتعالى, إذن حياتها كلها تكون لله سبحانه وتعالى فكما ختمت السورة ( قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين ) صلاتى :: العبادة
    ونسكى :: طريقتى فى حياتى بشكل عام
    ومحياى :: حياتى كلها
    وحتى مماتى لله رب العالمين لا شريك له سبحانه وتعالى , هذا هو التوحيد الحقيقى فى الإعتقاد وفى التطبيق
    وتأتى بعد ذلك

    سورة الأعراف

    وهذا هو مكانها بما انك عرفت المنهج وثبت عليه وأخذت بالعدل ووفيت بالعهود ووحدت الله سبحانه وتعالى فى المنهج , فى العقيدة , فى التطبيق إذن لابد من حسم الموقف سورة الأعراف تقول لا تقفى متفرجه , خذى دور لأن الذى يقف متفرج ربما يجمع مع الظالم فى كفة واحدة اذن لا تقفى متفرجة ولكن احسمى موقفك تجاه هذا المنهج بالدعوة الى الله , بالأمر بالمعروف, بالنهى عن المنكر , بكل ما تستطيعى احسمى موقفك ولا تكونى متفرجه بعد كل هذا كأن

    سورة الأنفال

    اليوم تختم الثلث الأول من القران , تختم هذه السور بماذا ؟ بما انه عندنا كل هذه المقومات فماذا نريد ؟
    نريد أن نكون أمة عزيزة , أمة منتصرة , أمة لها شأن , فماذا علينا ؟
    هذه السورة تقول: قوانين الله فى النصر ليست فقط ايمانية ,
    صحيح إن ينصركم الله فى غالب لكم وصحيح وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى
    لكنه ايضا لابد من الأخذ بالأسباب فهذه السورة توضح أن قوانين النصر مادية وربانية وهذا من شمول المنهج
    ولذلك فى اعلان المحاضرة دعينا كثير , معقول انه لا يوجد احد فى الأمة كلها تقى يقبل الله سبحانه وتعالى منه الدعاء وهو الذى قال ادعونى استجب لكم وهو المجيب سبحانه وتعالى
    اذن لماذا لم يتحقق النصر ؟؟
    لأننا لم نأخذ بأسباب النصر , الله سبحانه وتعالى عدل حكيم ومن عدله وحكمته أن وضع لهذا الكون قوانين جعلها سبحانه وتعالى لهذا الكون وجعل الأمور تسرى بها فهو الذى وضعها وهو قادر على تغيريها وقادر على الغائها من الأصل سبحانه وتعالى , لكنه من رحمته ان وضع هذه القوانين
    لا ينتصر من لم يبذل الجهد وهذا نفس فكرة التوكل والتواكل
    أتوكل على الله , يقينا انى اعلم ان الله سبحانه وتعالى الحافظ لكن لابد من الأخذ بالأسباب , النبى صلى الله عليه وسلم فى رحلة الإسراء والمعراج لما وصل الى بيت المقدس, وصل الى المسجد الأقصى وأراد أن يدخل كان يركب البراق وهذا البراق خلقه الله من أجل هذه الرحلة اذن فالله سوف يحفظ البراق ولم يمشى ولكن لا لابد ان اعقله واخذ بالأسباب برغم ان الله تعالى قادر ان يحفظه ربطه صلى الله عليه وسلم فى حائط البراق وسمى حائط البراق وظل هذا الإسم ولكن غيره اليهود وقالوا حائط المبكى ولكن هذا لايعنينا فى شىء وهم يطمسون كل معالم المدينة فلا جديد ولكنه هو حائط البراق لأن النبى صلى الله عليه وسلم ربط فيه البراق قبل ان يدخل الى المسجد الأقصى ثم يعرج به الى السماء السابعة
    لماذا ربط الرسول صلى الله عليه وسلم البراق ؟ اليس متيقنا فى قدرة الله تعالى على حفظه ان ينطلق هذا البراق حتى يعود اليه , اكيد ان هناك يقين فى قدرة الله لكن هناك فرق فى الأخذ بالأسباب.
    ومثال اخر عمر بن الخطاب رضى الله عنه وارضاه لما دخل المسجد فوجد رجلا هو دائما بالمسجد يتعبد فسأل عنه فقال ان له اخا يصرف عليه فقال أخوه خيرا منه ( ان السماء لا تمطر ذهبا ولا فضه)
    اعبدوا الله تعالى والعمل نفسه عباده فلابد من تحقيق التوكل على الله تعالى





    سورة الأنفال (مدنيّة)، نزلت بعد سورة البقرة، وهي في ترتيب المصحف بعد سورة الأعراف، وعدد آياتها خمس وسبعون آية.
    وتسمى ايضا سورة الفرقان وقد أنزلت هذه السورة بعد غزوة بدر للتعقيب عليها (لذلك سماها بعض العلماء سورة بدر أو سورة الفرقان). وغزوة بدر هي أول معركة في الإسلام، وسماها الله تعالى في هذه السورة بيوم الفرقان، لأنه اليوم الذي فرّق الله به بين الحق والباطل، يوم يمثل فرقاً بين عهدين في تاريخ البشرية: عهد كان الإسلام فيه مستضعفاً وعهد سيكون فيه الإسلام قوياً وله أمة قوية تدافع عنه إلى يومنا هذا. لقد كان يوماً عظيماً في تاريخ البشرية، لذلك نزلت السورة كلها للتعقيب على ذلك اليوم.
    ولو كان النصر يقاس بالمقاييس المادية، فإن المسلمين لم يكونوا لينتصروا في ذلك اليوم، لأن عدد المسلمين كان ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ولم يكونوا مهيئين نفسياً أو مجهزين عتاداً للقتال، في حين كان عدد الكفار ما يقرب من ألف مقاتل كامل الجهوزية للحرب.
    والجدير بالذكر أنه كان مع المسلمين في هذه المعركة فرسٌ واحد، في حين كان مع المشركين ثلاثمائة فرس. فبالمقاييس المادية كان من المستحيل أن ينتصر المسلمين في هذه المعركة.
    سيئات الأبرار
    الأنفال معناها الغنائم، وقد سميت السورة باسم هذه الغنائم - الأنفال -.

    وللصحابة تعليق لطيف على سورة الأنفال، فإنهم يقولون: فينا نحن معشر أصحاب رسول الله نزلت سورة الأنفال، حين اختلفنا على النفل وساءت فيه أخلاقنا. وليس سوء الخلق الذي يتحدثون عنه هو الذي نعرفه اليوم، ولكن عبروا عن اختلافهم بذلك لعظيم أدبهم وتواضعهم.
    قوانين النصر مادية وربانية
    إن السورة تتحدث عن القوانين التي يعتمد عليها النصر، وهذا مناسب لجو السورة وسبب نزولها. فبعد أن انتصر المسلمون في بدر نزلت السورة لترسخ للمسلمين الأسباب الكونية للنصر، فهو لا يأتي من قبيل الصدفة ولا العبث، وإنما للنصر قوانين مادية وقوانين ربانية.
    وهذا يعني أن للنصر سببين هامين:
    وَمَا ٱلنَّصْرُ
    ]1. اليقين بأن النصر من عند الله عز وجل (101).[إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله
    2. الأخذ بالأسباب والسعي الجدي لتقريب موازين القوى مع الأعداء، بل والتفوق عليها إن كان ذلك ممكناً، ووضع الخطط والدراسات وكل ما له تأثير مادي على النصر.
    فهذه السورة تحقق مفهوم التوكل على الله، بأن نوقن بأن الله هو الناصر، وأن نبذل كل جهد ممكن لتحقيق هذا النصر من طاقة مادية. ولذلك ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱلله لَمْ يَكُ مُغَيّراً
    ]فإن السورة قد تضمنت قول الله تعالى: (53).[نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ فالآية تشير إلى أن الفعل في التأثير ليس إلا لله الواحد، ولكن بشرط أن تأخذ بالأسباب ما أمكن. فيجب أن ندرك أن النصر بين أمرين: جهد البشر وعمل القدر - تدبير الله تعالى -.
    بعض الناس يظنون أن النصر معجزة ربانية فقط، فتراهم يدعون الله لينصرهم وبعد ذلك يتساءلون عن سبب تأخير النصر. فهم حقيقة لم يفهموا أن هناك أسباباً مادية ينبغي الأخذ بها من تخطيط وجهد وبذل. فلا يكفي الدعاء واللجوء إلى الله مع ترك الأخذ بالأسباب، لأننا بذلك نكون مقصرين في فهمنا لطبيعة ديننا ولسنن الله في هذه الأرض.
    وبالمقابل، هناك نوع آخر من الناس يأخذون بالأسباب كلها من وضع الخطط والدراسات وجهد بالليل والنهار وبعد ذلك حين يريدون المقابلة والمقارنة مع قوة الكفار يجدون أنفسهم ضعفاء للغاية، فيظنون أنهم عاجزون عن فعل أي شيء والسبب في ذلك أنهم اعتمدوا على الأسباب المادية فقط ونسوا أن النصر من عند الله.
    فالسورة ترشدنا إلى التوازن بين هذين النقيضين: أن نؤمن بتدبير الله أولاً، وأن نبحث عن الشروط المادية لتحقيق النصر.
    النصر من عند الله
    تبدأ (1)، أي يسألون عن كيفية تقسيم
    [يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلانفَالِ]السورة بسؤال: الغنائم.
    يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلانفَالِ قُلِ ٱلانفَالُ لله وَٱلرَّسُولِ
    ] فَٱتَّقُواْ ٱلله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱلله وَرَسُولَهُ (1).[إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
    وتنتقل الآيات بعد ذلك إلى سرد صفات المؤمنين:
    [إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱلله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ...] (2). واللطيف أن الجواب على سؤالهم عن تقسيم الغنائم لم يأت بعد السؤال مباشرةً، إنما جاء الجواب في الآية الواحدة والأربعين أي بعد أربعين آية من السؤال: وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ] .[وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ...
    وسبب تأخير الإجابة أنهم حين سألوا السؤال كانوا يريدون المكافأة الدنيوية على النصر، والله علمهم أن النصر أولاً وآخراً هو بتقديره ومن عنده سبحانه وتعالى.
    فكان الجواب المبدئي على سؤالهم: (1)، وليس لكم منها شيء، وذلك من لطف القرآن في
    [قُلِ ٱلانفَالُ لله وَٱلرَّسُولِ] التربية في صرف أنظارهم عن الأنفال لترسيخ قوانين النصر أولاً، ثم بعد ذلك تمّ شرح فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ]كيفية توزيع الغنائم إلى أن قال لهم في آخر السورة (69). فالله تعالى رسّخ ما هو أهم وبيّن أن مسألة تقسيم الأنفال[حَلَـٰلاً طَيّباً هي مسألة فرعية لأنها من المسائل الدنيوية.
    إن السورة تنقسم إلى نصفين: النصف الأول يركّز بشدة على أن منزّل النصر هو الله تعالى. والنصف الثاني يتحدث عن الأسباب المادية التي ينبغي الأخذ بها حتى ينزل النصر علينا.
    القسم الأول (وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله)
    وهو يظهر منة الله تعالى وفضله على المؤمنين بالنصر، وذلك من خلال:
    1. ترتيب المعركة
    كَمَا أَخْرَجَكَ
    ]قال تعالى: رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقّ وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ (5).[لَكَـِّرِهُونَ
    فالكثير من المؤمنين لم يكونوا يريدون القتال، لكن الله تعالى دبّر ذلك ليحقّ الحق:
    وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱلله إِحْدَى ٱلطَّائِفَتَيْنِ
    ] أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱلله أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَـٰطِلَ وَلَوْ كَرِهَ&ٱلْكَـٰفِرِينَ (7-[ٱلْمُجْرِمُونَ .
    إن هذه الآيات لهي غايةٌ في الوضوح، فترتيب المعركة ابتداءً كان بتقدير الله عز وجل.
    2. الإعداد النفسي للمعركة
    يقول الله تعالى: إِذْ يُغَشّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مّنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن ٱلسَّمَاء
    ] مَاء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَـٰنِ وَلِيَرْبِطَ (11).[عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبّتَ بِهِ ٱلاْقْدَامَ
    فأنامهم قبل المعركة وبعد أن استيقظوا من نومهم أنزل عليهم من السماء رذاذاً من المطر لكي يغتسلوا ويتوضأوا ويتنشطوا للقتال. فحتى الإعداد النفسي كان بتقدير من الله عز وجل.
    أحد الصحابة يصف هذا الموقف فيقول بأنه حين كان يحرس المسلمين غلب عليه النعاس فنظر فإذا جميع الصحابة يغطون في النوم على الرغم من الخوف الشديد والرهبة التي كانت تحف الموقف، وذلك كله بتقدير من الله تعالى.
    3. التجهيز المعنوي للجيش
    وليس الإعداد النفسي وترتيب المعركة كانا من الله وحسب، بل إن الحالة النفسية - والتي ينفق الجيوش عليها مبالغ طائلة - كانت أيضاً بتدبيره سبحانه.
    إن التجهيز المعنوي إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱلله فِى
    ]الرباني للمسلمين في غزوة بدر يتجلى في قوله تعالى: مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَـٰزَعْتُمْ (43)[فِى ٱلاْمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱلله سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِى أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً] (44).[وَيُقَلّلُكُمْ فِى أَعْيُنِهِمْ...
    فكان المسلمون يرون الكفار قليلاً فلا يخافون وكان المشركون يرون المسلمون قليلاً فيستهترون. نفس الرؤية ونفس المنظر كانا لهما في وقع كل طرف أثر مختلف. فسبحان من يخرج النصر ويهيّء له ويعين عليه.
    4. نزول الملائكة
    إِذْ تَسْتَغِيثُونَ
    ]وهذا واضح في قوله تعالى: رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ (9).[مُرْدِفِينَ
    إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلَـئِكَةِ أَنّي
    ]وكذلك قوله: مَعَكُمْ فَثَبّتُواْ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلاعْنَـٰقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ (12).[بَنَانٍ
    فمن الذي فعل كل هذا، من هو المالك للأرض الذي يفعل ما يشاء؟ وكيف لا يثق الإنسان بربه وأن النصر من عنده تعالى؟ وكيف يثق المرء بغير الله؟ وكيف يعتمد على غيره؟
    5. مكان المعركة وزمانها
    تنتقل الآيات إلى ما هو أبعد من إِذْ
    ]العوامل النفسية، فحتى مكان المعركة كان بترتيب من الله فالآية 42 تقول: أَنتُم بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ وَٱلرَّكْبُ [أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَـٰدِ (42).
    فالعدوة الدنيا - حيث كان المسلمون - تتمتع بنوعية خاصة من التراب حيث أن المطر كان عند نزوله يثبّت الرمال تحت أقدام المسلمين مما يسهل حركتهم، وأما في العدوة القصوى فكان المطر يسبب سيولاً عند نزوله مما يعيق حركة جنود الكفار وفرسانهم. إنها قدرة الله تعالى مقدّر النصر وناصر المؤمنين.
    6. (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱلله قَتَلَهُمْ(
    وتتتابع الآيات ونصل إلى قوله فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱلله قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ
    ]تعالى: (17). هذه الآية توضح نتيجة المعركة وخط سيرها[رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱلله رَمَىٰ حتى عند رمي النبي للتراب في وجوههم وقوله "شاهت الوجوه".
    لذلك تؤكد الآيات على (10)، ولهذا كان
    [وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله]ضرورة طلب النصر من الله ، فكانr يوم غزوة بدر يدعو ويدعو حتى ظهر بياض إبطيه ووقع الرداء عن ظهره rالنبي أبو بكر رضي الله عنه يقول له هوّن عليك يا رسول الله.
    لأن النصر من عند الله فلا بد أن نستجيب لنداء الله تعالى:
    يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ
    ] [ٱسْتَجِيبُواْ لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ (24).
    القسم الثاني (وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُم)
    1. أهمية الأخذ بالأسباب وأثر ذلك على النصر:
    وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا
    ]يقول الله تعالى: (60). إن هذه الآية واضحة جداً في بيان هذا المعنى، فنفس[ٱسْتَطَعْتُم مّن قُوَّةٍ السورة التي تؤكد أن النصر هو من عند الله تعالى وحده، تؤكد أيضاً ضرورة الأخذ بالأسباب. فالتخطيط إلى جانب اللجوء إلى الله هما السببان الرئيسيان في النصر، وهذه السورة تتحدث عن موازين القوى، وتشير إلى أن المعارك لا يجدي بها أن يقوم فرد وَمَا]ليقاتل منفرداً وينتصر على الجيوش الجرارة بحجة أن الله تعالى يقول: (10). إن هذا فهم خاطئ وناقص لدين الله تعالى[ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله وسننه التي يدير بها الكون.
    والملاحظ أن الإرهاب الذي ذكر في الآية يهدف إلى منع القتال لا إلى سفك الدماء. فالمطلوب هو أن تكون للمسلمين قوة رادعة ترهب أعداءهم فتكون النتيجة وقف القتال. حتى في الحرب نرى الإسلام يدعو إلى السلم (عكس ما يعتقد وَءاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ
    ]الكثيرون عن هذا الدين). فالآية تقول بعد ذلك: (60)، فهي تشمل إظهار قوة المسلمين أمام كل[تَعْلَمُونَهُمُ ٱلله يَعْلَمُهُمْ أعدائهم لردعهم عن القتال. لذلك تأتي الآية التي بعدها مباشرة لتقول:
    وَإِن
    ] (61).[جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلله...
    2. موازين القوى المادية:

    صحيح أن الله يؤيد بنصره من يشاء لكن لا بد من مراعاة موازين القوة والأخذ بالأسباب المادية حتى لا يقول بعض الناس: هناك تأييد رباني يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَرّضِ]بالملائكة فلم الإعداد؟ يقول تعالى: ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مّنكُمْ مّاْئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مّنَ ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ] (65) [ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ٱلله عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مّنكُمْ مّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ (66).[أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱلله وَٱلله مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ
    بِإِذْنِ
    ]فقوله: فيه إشارة إلى أن الله تعالى هو الناصر وهو الذي يؤيد بنصره من يشاء، وقوله[ٱلله إشارة إلى أنه لا بد من الصبر لتحقيق النصر.[وَٱلله مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ]تعالى: فسبحان من جمع بين السببين في سورة واحدة.
    3. فقه قوانين الحرب:
    وتشير الآيات بعد ذلك إلى سبب من أسباب هزيمة المشركين في المعركة، فإضافة إلى كونهم كفار فهم لم يأخذوا بالأسباب المادية التي تجعل النصر حليفهم، وقد أشارت إلى ذلك الآية (65): ... وَإِن يَكُنْ مّنكُمْ مّاْئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ
    ] أي لا يفقهون الحق فيتبعوه , ولا يفقهون[بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ الأسباب التي تجعل النصر حليفهم ولا يملكون الحنكة والتخطيط الحربي. يا مسلمون، تعلموا من سورة الأنفال سنن الله تعالى وقوانينه وافقهوا الأسباب المادية للنصر.
    4. طاعة الله والأخوة في الله:
    وتبيّن الآيات بعد ذلك أن هناك سبباً وَأَطِيعُواْ ٱلله
    ]دنيوياً ينبغي تحقيقه ليتحقق النصر، وتوضح ذلك الآية (46): وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ .[إِنَّ ٱلله مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ
    فالتكاتف وترك التنازع من أهم قوانين وأسباب النصر.
    وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱلله
    ]ويقول تعالى: وَأَلَّفَ بَيْنَ&هُوَ ٱلَّذِى أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلاْرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ (62-63). فالأخوة هي من الأسباب[قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱلله أَلَّفَ بَيْنَهُمْ الرئيسية حتى يحصل هذا النصر للمؤمنين.
    5. ترك الرياء والعجب
    وذلك واضح في وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَـٰرِهِم بَطَراً
    ]قوله تعالى: (47) فهذا عامل مادي آخر إضافي أدى لهزيمة المشركين عندما[وَرِئَاء ٱلنَّاسِ... نحروا الإبل وسكروا وأقاموا الاحتفالات قبل موعد المعركة زهواً ليخيفوا كل العرب، فكان عجبهم بنفسهم سبباً في استخفافهم بعدوهم.
    6. صفات المؤمنين إيجابية وعملية:
    ونجد آيات كثيرة في هذه السورة توفِّق بين مفهوم التوكّل ومفهوم الأخذ بالأسباب، ولذلك نلاحظ معلومة هامة للغاية، فبداية السورة تذكر صفات المؤمنين وبعد وفي آخر
    [أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً]ذكر هذه الصفات يقول تعالى: السورة أيضاً يذكر تعالى صفات المؤمنين في الآية (74) ويعقب عليها بقوله سبحانه . نفس الكلمات جاءت في أول السورة[أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً]وتعالى: وفي آخرها مع أنه يوجد فارق في تصنيف هذه الصفات وحقيقتها.
    فالصفات التي ذكرت في وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ
    ]أول السورة كلها صفات إيمانية، وهي تناسب قوله تعالى: إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱلله]. فيقول تعالى: [عِندِ ٱلله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُهُ زَادَتْهُمْ (2). فهي صفات إيمانية رقيقة، لأن[إِيمَـٰناً وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ هذا الجزء من السورة يختص بالجانب الإيماني من أسباب النصر.
    وفي آخر السورة - وهو الجزء الثاني والمادي من أسباب النصر والمختص بالأخذ بالأسباب - جاءت صفات ... ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ
    ]المؤمنين بأنهم: ٱلله وَٱلَّذِينَ ءاوَواْ وَّنَصَرُو[اْ أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً (74) فالمؤمنون حقاً هم الذين يجمعون بين الصفات الواردة في أول السورة وآخرها، فهم خاشعون لله عباداً له ومجاهدون في سبيله وناصرون لدينه يعيشون لأجل الإسلام ويأخذون بالأسباب المادية. ولذلك كانت الآية المحورية في السورة هي قوله تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ] (45) فأسباب النصر جاءت[وَٱذْكُرُواْ ٱلله كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ هو من الأخذ[فَٱثْبُتُواْ]مجموعة في هذه الآية، فالأمر بالثبات في قوله: هو من اللجوء إلى[وَٱذْكُرُواْ ٱلله كَثِيراً]بالأسباب، والأمر بالذكر في قوله: فالفلاح يكون نزول[لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ]الله صانع النصر، وختام الآية: النصر. وهذه القوانين ثابتة على مر العصور، وهذا واضح في تكرار قوله تعالى: (52) مرتين للتأكيد على هذا[كَدَأْبِ ءالِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ] المعنى. فالآية توضِّح أن سبب الهلاك كان كفرهم بالله (السبب الرباني) بينما الآية .[وَكُلٌّ كَانُواْ ظَـٰلِمِينَ](54) توضِّح السبب المادي لهلاكهم: الظلم
    لماذا سميت السورة بالأنفال
    إن الأنفال وهي الغنائم هي إشارة للدنيا، والواقع أن المسلمين بعد غزوة بدر اختلفوا ودبت بينهم الشحناء وكادت الأخوة أن تضيع بسبب الدنيا. فالله تعالى من خلال هذه السورة يحذِّر المؤمنين من التنافس على الدنيا فتكون بذلك سبباً للفرقة وضياع الأخوة بين المؤمنين، مما يضيع اكتمال الأسباب المادية والربانية ويسبِّب الهزيمة. لذلك الآيات أمرتهم بإهمال الأنفال تماماً حتى ترسخ أسباب النصر عندهم. فلما رسخ المعنى
    [قُلِ ٱلانفَالُ لله وَٱلرَّسُولِ] قسمها في الآية (41) إلى أن نصل إلى الآية (69) لتوضح أن مسألة الأنفال فرعية وتحل .[فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَـٰلاً طَيّباً...]لهم ما أخذوا:
    وأسباب النصر كما ذكرنا هي لجوء إلى الله واخذٌ بالأسباب، ومن الأخذ بالأسباب الأخوة الشديدة ووحدة الصف، فلو ضاعت الأخوة وحلّت الفرقة فإن الهزيمة قادمة لا محالة. فسميت السورة بالأنفال حتى تذكرنا بما يسبب الهزيمة.
    نسخ أحكام الميراث
    وأخيراً ختمت السورة بنسخ حكم الميراث الذي كان متعاملاً به بين الصحابة وَأُوْلُواْ
    ]وهو أن الأخ يرث أخاه في الله. فجاءت الآية في ختام السورة لتقول: (75) فالتوارث بين[ٱلارْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَـٰبِ ٱلله المتآخين كان مرحلة مؤقتة قبل غزوة بدر لتعميق معاني الأخوة بين المؤمنين، فلما جاء النصر وكانت الأخوة من أسبابه تحقق انصهار المجتمع لأن النصر يصلح مشاكل نفسية كثيرة في المجتمعات.
    هذه سورة الأنفال. فلنحرص جميعاً على فهم قوانين النصر حتى وَمَا
    ]يؤيد الله تعالى هذه الأمة. فلنلجأ إلى الله ولنثق بأنه صانع النصر: ، ولنأخذ بالأسباب المادية من طلبٍ للعلم وتفوق[ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله في حياتنا الاجتماعية والعملية مع الحذر من التعلق بالدنيا وزينتها "الأنفال" حتى يستجيب الله دعاءنا ويعيد العز لهذه الأمة.
    ختام معالم المنهج
    بعد أن انتهت أول 10 سور من القرآن، نرى أن معالم المنهج اللازمة للاستخلاف على الأرض قد صارت واضحة، وأن أهداف السور ورسائلها تتكامل أمام ناظري قارئ القرآن:
    - أنتم مسؤولون عن هذه الأرض أيها المسلمون، وهذا هو منهجكم (سورة البقرة).
    - أهمية الثبات على هذا المنهج (سورة آل عمران).
    - العدل شرط أساسي لضمان الاستخلاف (سورة النساء).
    - أهمية الوفاء بالمنهج والعقود التي قطعتموها لتطبيقه (سورة المائدة).
    - توحيد الله تعالى في الاعتقاد والتطبيق أمران لازمان في هذا المنهج.
    - احسم موقفك أيها المسلم تجاه هذا المنهج.
    - قوانين ربنا في النصر مادية وربانية، وهذا من شمول المنهج وواقعيته.
    أرأيت كيف تتكامل هذه السور في رسائلها لتكون سلسلة واحدة متماسكة في موضوعاتها؟
    لذلك بعد أن وضحت معالم المنهج، تأتي الأجزاء العشرة التالية لتقدّم لنا عوامل مساعدة على تحقيق المنهج، ومنها:
    - التوبة.
    - استشعار نعم الله تعالى (سورة النحل)، والتي من أهمها نعمة الإيمان (سورة إبراهيم).
    - الاعتدال والوسطية في الدعوة إلى المنهج (سورة هود).
    - الصبر والأمل بنصر الله (سورة يوسف).
    بعد أن فهمنا أين نحن من تدبّر آيات ربنا، تعالوا إلى الأجزاء العشرة التالية من القرآن، وإلى المزيد من روائع القرآن وإعجازه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 25 نوفمبر 2024, 3:18 pm