قال الله فى كتابه العزيز{ قل هذه سبيلى أدعو إلى اللهعلى بصيرة أنا ومن اتبعنى }
يوسف 108
الشرح :
وهذه الآية لها معنيان :
· الأول : لكى تكون من أتباع الرسول لابد أن تدعو إلى الله وإلا لم تكُ على الحقيقة التبعية المرضية التى يترتب عليها الوعد المذكور .
· الثانى : أى أنه هو ومن اتبعه يدعون على بصيرة وليس على جهل وغيرهم قد يدعو إلى الله ولكن ليس على بصيرة فأحبار اليهود ورهبان النصارى يدعون إلى الله كما يظنون لكنهم ليسوا على بصيرة إنما يدعون إلى الضلال والشرك ..
وكم يبذلون من أموال وجهود من أجل الدعوة إلى دينهم ، ونحن بفضل رب العالمين يدخل فى ديننا الكثير دون جهد يُذكر بل حتى دون كلام يُقال ، وحادثة الدنمارك خير شاهد على ذلك فهُم سبوا الرسول – قاتلهم الله – وظنوا أنهم بذلك يمكنهم الإساءة إليه صلى الله عليه وسلم والإساءة إلى الإسلام فعاقبهم الله بضد مقصدهم
فدخل بسبب هذه الإساءة منهم الكثير والكثير فى الإسلام وأذكر لكم واقعة حقيقية حدثت فى أحد البلاد العربية كان هناك رجل غير مسلم يملك شركات وأموال وأسهم وسندات وقصور وكان يعمل بإحدى شركاته شاب مسلم بوظيفة عادية بمرتب ضئيل وكان هذا الرجل كلما دخل شركته لقى الشاب دائماً مبتسماً ولم يراه أبداً يوماً عابساً حتى كان يوم وقف أمامه وسأله : هل يمكننى أن أسألك سؤال ؟
فقال الشاب : نعم تفضل . قال له : إننى أملك أموال كثيرة ومتاع أكثر ولكنى لم أشعر يوماً بالسعادة ولم أبتسم أبداً فى حياتى وأنت أراكَ تعمل ومرتبك لا يكفيك ولا يُغطى إحتياجاتك العادية ورغم ذلك أراكَ دائماً مبتسماً فما سر إبتسامتك ؟
قال الشاب : السر فى أننى مسلم . قال الرجل : أتهزأ بى هل معنى ذلك أن كل المسلمين مبتسمين سعداء ؟ قال له : نعم لأن هناك حديث أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل من عمل بهذا الحديث كان دائماً سعيداً مبتسماً . قال له الرجل : أخبرنى بهذا الحديث . قال له الشاب : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجباً لأمر المؤمن أمره كله خير له إن أصابه ضراء صبر وإن أصابه سراء شكر فقال له الرجل : ماذا أفعل لكى أسلم ؟
قال له الشاب : تشهد الشهادتين فتُصبح مُسلماً وأخذه إلى شيخ لكى ينطق على يديه الشهادتين ويُعلمه أصول دينه فلمّا أعلن الرجل إسلامه ونطق الشهادتين ظل يبكى بكاء شديد فحاول من معه تهدئته لكن الشيخ قال أتركوه حتى إنتهى فقال له : ما يُبكيك يا بُنى ؟ فقال له : لأول مرة فى حياتى الآن أشعر بالسعادة وأذق طعم الراحة .. سبحان الله ..
وإن كان قوله ( ومن اتبعنى ) معطوفاً على الضمير فى ( أدعو ) فهو دليل على أن أتباعه هُم الدعاة إلى الله وإن كان معطوفاً على الضمير المنفصل فهو صريح أن أتباعه هُم أهل البصيرة فيما جاء به دون غيرهم ؛ وكلا المعنيين حق
قال ابن القيم فى مفتاح دار السعادة : والقولان متلازمان فلا يكون الرجل من أتباعه حقاً حتى يدعو إلى ما دعا إليه ويكون على بصيرة لأنه لا يمكن أن يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على غير بصيرة لأن حقيقة الدين لا تكون إلا لذوى البصيرة ولا يتحلاها إلا أولوا البصيرة فكأنه لا يدعو إلا أولوا البصيرة وكأن من كان أولوا بصيرة فلابد أن يدعو .. أ.هـ.
والبصيرة هى أن يصير المعلوم إلى القلب كالمتصور إلى العين وكأنه يبصر بعين قلبه فيصير المعلوم لديه يقيناً لا شك فيه ولا ريب .