الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قد تقدم أن من الأذكار ما يتعلق بالزمان ومنها ما يتعلق بالمكان ، ومنها ما يتعلق بالأحوال .
وفي مسائل الأذكار المتعلقة بالزمان قلنا : فيأذكار المساء وفي أذكار الليل
أن هناك فرقاً بين أذكار المساء وأذكار الليل .
فإذا ورد في ذكر أنه من أذكار الليل فلابد أن يكون من بعد المغرب لأن الليل يبدأ من بعد المغرب ، وأما إذا كان الذكر ذكر مسائي فنريد أن نعرف متى يبدأ المساء وكذلك أذكار الصباح .
متى يبدأ الصباح ومتى ينتهي ؟
فلو نسي واحد أن يقول بعد الفجر فالوقت في أذكار الصباح إلى متى يمتد ؟
وأذكار المساء متى تبدأ ومتى ينتهي وقت المساء ، بحيث يقال : فات موضع الذكر !
فأما بالنسبة للصباح والمساء :
فالعلماء تكلموا في هذه المسألة وذكروا أقوالاً :
القول الأول :
أن وقت أذكار الصباح ما بين طلوع الفجر إلى شروق الشمس .
وأذكار المساء ما بين العصر إلى المغرب .
القائلين به : واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم كما في الوابل الصيب حيث قال : ( الفصل الأول في ذكر طرفي النهار وهما ما بين الصبح وطلوع الشمس وما بين العصر والغروب )
واستدل بقوله تعالى : ( يا أيها الذين اءمنوا أذكروا الله كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً ) .
قال الجوهري : الأصيل هو الوقت بعد العصر إلى المغرب .
وكذلك في قوله تعالى : ( وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ).
الإبكار : أول النهار ، والعشي : آخر النهار .
فما هو آخر النهار : يعني من العصر إلى المغرب .
قبل المغرب : هذا آخر النهار .
وقال تعالى : ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ) .
قال ابن القيم رحمه الله في هذه الآيات : ( وهذا تفسير ما جاء في الأحاديث : من قال كذا وكذا حين يصبح وحين يمسي أن المراد به قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، وأن محل هذه الأذكار بعد الصبح وبعد العصر ) . هذا القول الأول وعرفنا أدلته .
القول الثاني في المسألة :
ومن أهل العلم من قال : وقت أذكار الصباح من بعد الفجر إلى الزوال ( يعني إلى وقت صلاة الظهر )
ووقت أذكار المساء : من زوال الشمس _ وقت دخول وقت صلاة الظهر ــ إلى غروب الشمس .
القائلين به : وقال بهذا من العلماء المعاصرين علماء اللجنة الدائمة فورد في فتاوى اللجنة الدائمة : ( أذكار المساء تبدأ من زوال الشمس إلى غروبها وفي أول الليل ، وأذكار الصباح تبدأ من طلوع الفجر إلى زوال الشمس ) .
القول الثالث في المسألة :
وذكر السيوطي ونقله عن ابن علان : ( أن أذكار المساء من زوال الشمس إلى منتصف الليل ) .
وقيل :أذكار المساء تبدأ من الغروب إلى طلوع الشمس وهو قول ابن الجزري .
وذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( أن المساء واسع من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء كل ذلك يسمى مساء وسواء قال الذكر في الأول أو في الآخر ) .
القول الوسط في المسألة :
أذكار الصباح بعد الفجر إلى طلوع الشمس
فإن فاته هذا الوقت يأتي بهابعد طلوع الشمس إلى وقت الضحى .
قال الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله :
( والظاهر أن المراد بالأحاديث في المساء أول الليل وبالصباح أوائل النهار على الاتيان بأذكار الصباح بعد الفجر إلى طلوع الشمس ) يركز على هذا الوقت في أذكار الصباح .
ومتى ينتهي وقت الضحى ؟
قبيل الظهر بقليل يعني قبل أذان الظهر بربع ساعة تقريباً ينتهي وقت صلاة الضحى .
فلو فاتتك أذكار الصباح من بعد الفجر إلى طلوع الشمس ؟ فاذكرها بعد طلوع الشمس .
وأن يأتي بأذكار المساء من بعد العصر إلى المغرب فإن فاته فلا بأس أن يذكره إلى ثلث الليل .
والدليل على هذا التفضيل :
ما ورد في القرآن من الحث في الذكر في البكور وهو أول الصباح والعشي وهو مابين العصر إلى المغرب .
قال الحافظ بن حجر عن أذكار الصباح :
الظاهر أنه لو قال أثناء النهار يعني ــ لا ينطبق الحديث عليها في أذكار الصباح ــ ولكن عظيم بركة الذكر يقتضي الحصول ـــ )
وعن أذكار المساء قال ( الظاهر أنه لو قال في أثناء الليل ــ يعني لا ينطبق عليه الحديث لأن المساء ما بين العصر والمغرب لكن عظيم بركة الذكر يقتضي الحصول ) .
فلو فاتتك أذكار المساء رجاء المغرب ؟
قلها بعد المغرب إلى ثلث الليل
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إليّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة ) حسنه الألباني .
ولعل من المناسبة في قول الأذكار بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس ؟
أن هذين الوقتين من أوقات النهي عن الصلاة فيشتغل بالأذكار ، فبما أنه منهي عن الصلاة فماذا يبقى ؟
إذا من العبادة كثير ومنها هذه الأذكار مادام نهينا عن الصلاة في هذين الوقتين نحن نذكر الله تعالى فيهما .
ولهذا جاءت في القرآن التأكيدات على هذين الوقتين من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ومن بعد العصر إلى غروب الشمس .
المصدر