الأصل والعارض في أحكام التجويد والقراءات
د. حاتم جلال التميمي
أستاذ مساعد بكلية القرآن والدراسات الإسلامية
ملخص:
تلقى الصحابة رضي الله عنهم القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة، ولم تكن له
قواعد مدونة، ثم جاء بعد ذلك العلماء ووضعوا للتجويد قواعد تضبطه وتسهل على
الدارسين تعلمه وتعليمه.
لكن بعض الأحكام التي تتعلق بالتجويد لم توضع لها قواعد؛ ومن ذلك "الأصل والعارض
"، فلم توضع لهما قواعد تبين متى يؤخذ بالأصل، ومتى يؤخذ بالعارض، ومتى يجوز
الأخذ بهما. وفي هذا البحث استقرأ الباحث
المواضع التي وردت في أحكام التجويد والقراءات مما يتصل بهذا
الموضوع ، وبين الحكم المأخوذ به في كل موضع . وحاول الباحث بعد استقراء تلك
الأحكام و ضع قواعد تضبط موضوع الأصل والعارض، وتيسر التعامل معه.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد :
خدمة القرآن الكريم، وبيان أحكامه، مهمة جليلة، وشرف عظيم . ولو
صرفت الأعمار في تلك المهمة النبيلة لم يكن كثير ًا. ولقد تسابق في ذلك المضمار
فحول الرجال، وجهابذة العلماء، مبينين
معانيه وأحكامه ، ومبينيين أحكام قراءته وتلاوته . وألفت في ذلك عشرات من الكتب،
ولا يزال المجال مفتوحًا للعلماء أن يدلوا بدلائهم في تحقيق أحكام القرآن وتدقيقها،
ووضع القواعد اللازمة لدراستها. وقد تطرق كثير من علماء التجويد
والقراءات في أثناء تناولهم لأحكام التجويد والقراءات إلى ذكر
أشياء تتعلق بالأصل والعارض، ولكن لم يستقصِ أحد منهم –فيما أعلم - الأحكام
المبنية على الأصل والعارض، ولم يحاول استقراءها وصوًلا
إلى وضع قواعد تضبط هذا الموضوع، وتجمع متفرقه، وتلم شتاته.
وكثيرًا ما كنت أتساءل ، وكثيرًا ما ُ كنت أُسأل : لماذا أُخذ في مسألة ما بالأصل؟
ولماذا أُخذ في مسألة أخرى بالعارض؟ ولماذا جاز في مسألة ثالثة
الأخذ بهما؟ فكان هذا من الدوافع التي حدتْ
بي إلى تجميع المسائل التي تتصل بهذا الموضوع، واستعراض أقوال العلماء
فيها، مع ذكرالتعليلات المتعلقة بذلك، وبيان مأخذ كلٍّ من الأصل
والعارض في كلِّ مسألة.
وقد بدا لي أن أرتب أبواب هذا البحث –بشكل رئيس - على وفق الترتيب المتبع في كتب
القراءات؛ لا سيما الشاطبية ( ١) والطيبة ( ٢)، مع زيادة أبواب عليهما
بحسب ما اقتضته طبيعة البحث ومادته. وبدا لي أيضًا
أن يكون مجال البحث هو القراءات العشر الكبرى لا الصغرى ( ٣)؛ حرصًا
على استيعاب أكبر قدر ممكن من المسائل المتعلقة بموضوع البحث.
هذا وألحقت المسائل التي يتنازعها أكثر من باب بأشد الأبواب بها تعلقًا،
مع عدم إعادتها؛ تجنبًا للإطالة والتكرار.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
١
عدل سابقا من قبل مودة في الثلاثاء 15 يوليو 2008, 3:53 am عدل 1 مرات