تعريف الفتور
فأقول مستعينا بالله -جل وعلا- ومتوكلا عليه ومصليا
ومسلما على رسوله صلى الله عليه وسلم
ما هو الفتور؟
قبل أن أعرفه من الناحية اللغوية، أريد أن أنبه أن
تركيزي في هذه الدروس يتعلق بالفتور في طلب العلم، والدعوة إلى الله، وسيدخل في
ذلك تبعا وضمنا بقية أنواع الفتور، كالفتور في العبادة ونحوها، ولكن التركيز
ينصبُّ على هذين الأمرين، كما ستلاحظون بإذن الله عند الحديث في مظاهر الفتور
وأسبابه وعلاجه.
ما هو الفتور؟
عرف علماء اللغة الفتور بعدة تعريفات متقاربة، يكمل
بعضها بعضا، ويوضح بعضها بعضا.
قال في مختار الصحاح: الفترة: الانكسار والضعف، وطرف
فاتر: إذا لم يكن حديدا، أي قويا، وقال ابن الأثير: والمفتر الذي إذا شرب أي الذي
إذا شرب أحمى الجسد، وصار فيه فتور، وهو ضعف وانكسار؛ ولذلك يسمى الخمر من
المفترات، وبعض الحبوب، وبعض المسكرات التي يستخدمها بعض الناس تسمى من المفترات؛
لأنها تحدث في الجسم ضعفا وخورا وفتورا.
يقال: أفتر الرجل فهو مفتر: إذا ضعفت جفونه، وانكسر طرفه
وقال الراغب: الفتور، تعريف جميل للراغب -رحمه الله- الراغب الأصبهاني في مفردات
القرآن قال: الفتور: سكن بعد حدة، ولين بعد شدة، وضعف بعد قوة، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) أي سكون حال عن مجيء رسول الله صلى الله عليه
وسلموقوله: لا يفترون، أي لا يسكنون عن نشاطهم في العبادة.
وقال ابن منظور: وفتر الشيء، والحر، وفلان يفتر فتورا
وفتارا: سكن بعد حدة، ولان بعد شدة.
ونخلص من هذا: إلى أن الفتور: هو الكسل والتراخي،
والتباطؤ بعد الجد، والنشاط والحيوية.
نخلص بعد هذا من هذه التعريفات إلى أن الفتور: هو الكسل
والتراخي والتباطؤ بعد الجد والنشاط والحيوية.
قال ابن حجر -رحمه الله، ورحم من سبقه-: الملال استثقال
الشيء، ونفور الناس عنه بعد محبته، وهو داء يصيب بعض العباد والدعاة وطلاب العلم،
فيضعف المرء ويتراخى ويكسل، وقد ينقطع بعد جد وهمة ونشاط
أقسام المصابين بداء الفتور
المصابون بداء الفتور ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم يؤدي بهم الفتور إلى الانقطاع كلية،
وهم كثير، قسم يؤدي بهم الفتور إلى الانقطاع يكون من العباد، فيترك العبادة يكون
من طلاب العلم الجادين، فيترك طلب العلم، يكون من الدعاة المعروفين، فينقطع نشاطه.
النوع الثاني: قسم يستمر في حالة الضعف والتراخي دون
انقطاع، وهم الأكثر، أكثر من يصاب بالفتور يبقى معه بعض الأثر من جده ونشاطه، ولكن
ينخفض نشاطه وعلمه وجده كثيرا إلى أكثر من نسبة سبعين أو ثمانين بالمائة، إذا
أردنا أن نستخدم نسبة الأرقام.
هؤلاء هم الأكثر بحيث تجد أن الشخص من الدعاة، أو من
طلاب العلم، فبدل أن كان عنده مثل خمسة دروس في الأسبوع إذا هو يقتصر على درس
واحد، بدل أن كان يعمل في اليوم قرابة عشر ساعات إذا هو يعمل ساعة أو أقل، وهلم
جرا، بدل إن كان ينفق في سبيل الله كثيرا إذا هو لا ينفق إلا القليل، هذا هو النوع
الثاني.
النوع الثالث: قسم يعود إلى حالته الأولى، أو بعبارة أصح
إلى قرب حالته الأولى؛ لأنه قليل أو نادر أن يعود إلى حالته الأولى، قسم يعود إلى
قرب حالته الأولى وهم قليل جدا؛ لأن أثر الفتور قد يبقى، ويؤثر في الإنسان.
أدلة الفتور من الكتاب والسنة: وأريد أن أشير قبل أن
أتجاوز أقسام الناس في الفتور إلى أن هناك قسم بعض الناس يؤدي به الفتور -والعياذ
بالله- إلى الانحراف، ولكن لم أتحدث عن هذا النوع؛ لأن غالبا النوع الذي يؤدي به
الفتور إلى ترك العمل هم منهم قسم كبير يؤدي بهم الأمر إلى الانحراف -والعياذ
بالله- فقد رأينا أناسا كانوا في غاية النشاط، والعبادة والصلاح، ورأيناهم بعد
حين، وقد انحرفوا عن الجادة -والعياذ بالله-.
لا زلت أتذكر شابا، دخلت في مسجد من المساجد في يوم من
الأيام قبل صلاة المغرب، فإذا هو في المسجد عليه آثار الانكسار والذل والخشوع بين
يدي الله وآثار العبادة عليه بادية، فوالله لقد أثر علي مشهده ومنظره، ثم مضت
السنوات فرأيته، وليتني لم أره رأيته شابا قد وقع فيما يغضب الله -جل وعلا-
وانحرف، نسأل الله الثبات والعافية.
أنا لا أتحدث هنا عن الانحراف، ولكنني أنبه إلى أن
الفتور من أعظم أبواب الانحراف.
إن الفتور مرحلة وسطية بين العبادة والدعوة والعلم
والانحراف، قل أن تجد إنسان عابدا وداعية ومعلما أو متعلما وينحرف مباشرة، أقول:
موجود، ولكنه قليل جدا.
إن ما يحدث أن يفتر أولا، أن يضعف أولا، ويعيش سنوات في
ضعف، ثم الإنسان لا يستقر على حالة واحدة، إن لم يتداركه الله برحمته، ويعود يستمر
في الانحدار حتى يقع في الانحراف -والعياذ بالله-.
فأقول مستعينا بالله -جل وعلا- ومتوكلا عليه ومصليا
ومسلما على رسوله صلى الله عليه وسلم
ما هو الفتور؟
قبل أن أعرفه من الناحية اللغوية، أريد أن أنبه أن
تركيزي في هذه الدروس يتعلق بالفتور في طلب العلم، والدعوة إلى الله، وسيدخل في
ذلك تبعا وضمنا بقية أنواع الفتور، كالفتور في العبادة ونحوها، ولكن التركيز
ينصبُّ على هذين الأمرين، كما ستلاحظون بإذن الله عند الحديث في مظاهر الفتور
وأسبابه وعلاجه.
ما هو الفتور؟
عرف علماء اللغة الفتور بعدة تعريفات متقاربة، يكمل
بعضها بعضا، ويوضح بعضها بعضا.
قال في مختار الصحاح: الفترة: الانكسار والضعف، وطرف
فاتر: إذا لم يكن حديدا، أي قويا، وقال ابن الأثير: والمفتر الذي إذا شرب أي الذي
إذا شرب أحمى الجسد، وصار فيه فتور، وهو ضعف وانكسار؛ ولذلك يسمى الخمر من
المفترات، وبعض الحبوب، وبعض المسكرات التي يستخدمها بعض الناس تسمى من المفترات؛
لأنها تحدث في الجسم ضعفا وخورا وفتورا.
يقال: أفتر الرجل فهو مفتر: إذا ضعفت جفونه، وانكسر طرفه
وقال الراغب: الفتور، تعريف جميل للراغب -رحمه الله- الراغب الأصبهاني في مفردات
القرآن قال: الفتور: سكن بعد حدة، ولين بعد شدة، وضعف بعد قوة، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) أي سكون حال عن مجيء رسول الله صلى الله عليه
وسلموقوله: لا يفترون، أي لا يسكنون عن نشاطهم في العبادة.
وقال ابن منظور: وفتر الشيء، والحر، وفلان يفتر فتورا
وفتارا: سكن بعد حدة، ولان بعد شدة.
ونخلص من هذا: إلى أن الفتور: هو الكسل والتراخي،
والتباطؤ بعد الجد، والنشاط والحيوية.
نخلص بعد هذا من هذه التعريفات إلى أن الفتور: هو الكسل
والتراخي والتباطؤ بعد الجد والنشاط والحيوية.
قال ابن حجر -رحمه الله، ورحم من سبقه-: الملال استثقال
الشيء، ونفور الناس عنه بعد محبته، وهو داء يصيب بعض العباد والدعاة وطلاب العلم،
فيضعف المرء ويتراخى ويكسل، وقد ينقطع بعد جد وهمة ونشاط
أقسام المصابين بداء الفتور
المصابون بداء الفتور ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم يؤدي بهم الفتور إلى الانقطاع كلية،
وهم كثير، قسم يؤدي بهم الفتور إلى الانقطاع يكون من العباد، فيترك العبادة يكون
من طلاب العلم الجادين، فيترك طلب العلم، يكون من الدعاة المعروفين، فينقطع نشاطه.
النوع الثاني: قسم يستمر في حالة الضعف والتراخي دون
انقطاع، وهم الأكثر، أكثر من يصاب بالفتور يبقى معه بعض الأثر من جده ونشاطه، ولكن
ينخفض نشاطه وعلمه وجده كثيرا إلى أكثر من نسبة سبعين أو ثمانين بالمائة، إذا
أردنا أن نستخدم نسبة الأرقام.
هؤلاء هم الأكثر بحيث تجد أن الشخص من الدعاة، أو من
طلاب العلم، فبدل أن كان عنده مثل خمسة دروس في الأسبوع إذا هو يقتصر على درس
واحد، بدل أن كان يعمل في اليوم قرابة عشر ساعات إذا هو يعمل ساعة أو أقل، وهلم
جرا، بدل إن كان ينفق في سبيل الله كثيرا إذا هو لا ينفق إلا القليل، هذا هو النوع
الثاني.
النوع الثالث: قسم يعود إلى حالته الأولى، أو بعبارة أصح
إلى قرب حالته الأولى؛ لأنه قليل أو نادر أن يعود إلى حالته الأولى، قسم يعود إلى
قرب حالته الأولى وهم قليل جدا؛ لأن أثر الفتور قد يبقى، ويؤثر في الإنسان.
أدلة الفتور من الكتاب والسنة: وأريد أن أشير قبل أن
أتجاوز أقسام الناس في الفتور إلى أن هناك قسم بعض الناس يؤدي به الفتور -والعياذ
بالله- إلى الانحراف، ولكن لم أتحدث عن هذا النوع؛ لأن غالبا النوع الذي يؤدي به
الفتور إلى ترك العمل هم منهم قسم كبير يؤدي بهم الأمر إلى الانحراف -والعياذ
بالله- فقد رأينا أناسا كانوا في غاية النشاط، والعبادة والصلاح، ورأيناهم بعد
حين، وقد انحرفوا عن الجادة -والعياذ بالله-.
لا زلت أتذكر شابا، دخلت في مسجد من المساجد في يوم من
الأيام قبل صلاة المغرب، فإذا هو في المسجد عليه آثار الانكسار والذل والخشوع بين
يدي الله وآثار العبادة عليه بادية، فوالله لقد أثر علي مشهده ومنظره، ثم مضت
السنوات فرأيته، وليتني لم أره رأيته شابا قد وقع فيما يغضب الله -جل وعلا-
وانحرف، نسأل الله الثبات والعافية.
أنا لا أتحدث هنا عن الانحراف، ولكنني أنبه إلى أن
الفتور من أعظم أبواب الانحراف.
إن الفتور مرحلة وسطية بين العبادة والدعوة والعلم
والانحراف، قل أن تجد إنسان عابدا وداعية ومعلما أو متعلما وينحرف مباشرة، أقول:
موجود، ولكنه قليل جدا.
إن ما يحدث أن يفتر أولا، أن يضعف أولا، ويعيش سنوات في
ضعف، ثم الإنسان لا يستقر على حالة واحدة، إن لم يتداركه الله برحمته، ويعود يستمر
في الانحدار حتى يقع في الانحراف -والعياذ بالله-.