أطفالنا والموهبة في الإسلام | ||
تمثل القوى البشرية أساس كل تنمية وتقدم، ولا نستطيع أن نتصور مجتمعا استغل طاقته وموارده الطبيعية الاستغلال الأمثل دون طاقات بشرية تسخر هذه الموارد الطبيعية بما يفيد المجتمع ، فالعناية بالطاقة البشرية هي السبيل الوحيد لاستغلال الثروات الطبيعة في المجتمع . ويعتبر الأطفال أثمن ثروة لأي مجتمع من المجتمعات إذا أحسنت تربيتهم ورعايتهم، حيث أصبحت العناية بالأطفال من العلامات البارزة لرقي الشعوب والأمم ومظهرا من مظاهر تقدمها وتطورها. والموهبة هي عطية تمنح للإنسان بلا عوض أو غرض، فهناك واهب للموهبة وهناك موهوب يتلقاها ويحملها، فالواهب هو الله سبحانه وتعالى واجب الشكر والحمد والثناء والموهوب هو الإنسان المنعم إليه . فالموهبة هي استعداد فطري، يحمله إنسان معين ، ولكل فرد موهبة معينة ، تكمن فيها فتيلة الإبداع، وتظل هذه الفتيلة كامنة إلى أن يهيئ لها الله من يكتشفها، فحينئذ يتفجر الإبداع وفي الحديث الشريف "كل ميسر لما خلق له" [رواه البخاري]. فالموهبة إذن هي صناعة (خلق) الله سبحانه وتعالى الذي أتقن كل شئ خلقه ومنه خلق بني الإنسان ، قال تعالى : { ولتصنع على عيني } [ طه 39] . ولا يوجد طفل دون موهبة، فالإرادة الإلهية غرست بذورا طيبة ومفيدة في أعماق كل طفل، والمهم هو إظهارها إلى حيز الوجود، والاستفادة منها لخدمة الإنسان وسعادته الذي هو غاية الغايات . وتشرق بوادر الموهبة منذ السنين الأولى من حياة الطفل، فنلاحظ أن الفاعلية اليدوية لديه تبدو سريعة متناسقة ، وكذلك نموه اللغوي واكتسابه مهارات القراءة والكتابة والحساب بسهولة كبيرة، وعلى نحو مبكر جدا، ولكن قد يتعثر البعض لأسباب عديدة فيتأخر ظهور موهبتهم. ولقد اهتم الإسلام باكتشاف المواهب، فقد روى البخاري ، عن ابن عمر قال : كنا عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : "أخبروني عن شجرة تشبه المؤمن ـ أو ـ كالرجل المسلم ، لا يتحات ورقها صيفا ولا شتاء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها؟ قال ابن عمر : فوقع في نفسي أنها النخلة، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان، فكرهت أن أتكلم، فلما لم يقولوا شيئا قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "أنها النخلة " : فلما قمنا، قلت لعمر: يا أبتاه والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة ، قال : ما منعك أن تتكلم ؟ قلت لم أركم تتكلمون فكرهت أن أتكلم، وأقول شيئا قال عمر: أن تكون قلتها، أحب إلى من كذا وكذا " . وهكذا نجد تشجيع المواهب من القادة الإسلاميين وسيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ يضرب لنا مثلا في تشجيع الأطفال على تفجير مواهبهم، وما أحرانا نحن أن نشجع أطفالنا على إبراز مواهبهم . وإذا لم نستطع كشف الموهبة عند الطفل، فنحن لا نفقد شخصا فحسب، بل نفقد ثروة من ثروات الإنسانية التي تتقدم بمبادرة المبدعين والموهوبين . والأطفال الموهوبون هم علماء المستقبل إنهم في مجتمعاتهم، كالنجوم في السماء يهتدي بها في جميع المجالات الدينية والدنيوية. وحتى يتمكن الأطفال الموهوبون مستقبلا من إفادة مجتمعهم بما لديهم من طاقات وقدرات ومواهب، ومن الإسهام في تطوير الحياة في مجتمعهم ، وإدارة عجلة التقدم العلمي ، لابد من إحاطتهم بالرعاية والعناية المناسبة التي تساعدهم على تفجير طاقاتهم، وتنمية قدراتهم ومواهبهم ، كما يجب أن نوفر لهم الحماية والتقدير والتشجيع مدى الحياة، حتى نحفزهم على الإسهام في تطويل سبل العيش، وأهم ما يحتاجه الموهوبون لكي ينفعوا الناس بعلمهم ومواهبهم ومهاراتهم هي الإيمان بالجزاء وراحة النفس، وحرية الفكر، وتقدير المجتمع . ==================== المصدر : مجلة التبيان العدد العاشر |
عدل سابقا من قبل هومه في الأربعاء 19 نوفمبر 2008, 3:47 am عدل 1 مرات