بسم الله الرحمن الرحيم
الم
ألف لام ميم:
هذه ثلاثة أحرف من حروف الهجاء استفتح الله تبارك وتعالي بها هذه السورة كما استفتح بمثلها غيرها وحروف الهجاء ثمانية وعشرون حرفا وحروف الهجاء في أوائل السور خمسة عشر حرفا
فحروف الهجاء المذكورة في أوائل السور نصف حروف الهجاء
والسور التي استفتحت بحروف الهجاء تسعا وعشرون سورة علي عدد حروف الهجاء
وأكثر السور التي افتتحت بحروف الهجاء مكية إلا البقرة وآل عمران.
وقد اختلفت أقوال العلماء في هذه الحروف المقطعة في أوائل السور:
- فمنهم من قال هي من المتشابه الذي يجب السكوت عن الخوض فيه ويرد علمه إلى الله تبارك تعالى.
- ومن العلماء من قال لا يجوز أن يخاطبنا الله تبارك وتعالى بشيء لا نعرف تأويله.
ولا سيما أنه تبارك وتعالى قال:
" إِنَّ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" يوسف(2)
وأمرنا بتدبره وفهمه فقال :
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} ص (29)
فما دام قرآنا عربيا وأمرنا بفهمه وتدبره فلا بد من الخوض في هذه الحروف وفي سر وجودها في أوائل بعض السور
والذين أجازوا الكلام في الخوض في هذه السور انقسموا أقساما كثيرة وكانت لهم آراء متباينة وأرجح الأقوال كما ذهب إليه الذمخشري وصاحب البحر المحيط وابن تيميه وتبعهم علي ذلك ابن كثير رحمه الله
أرجح الأقوال في سر وجود هذه الحروف المقطعة في أوائل السور ـ والله تعالى أعلم بأسرار كلامه ـ أرجح الأقوال أن المشركين قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين
المشركون لما سمعوا القرآن قالوا إن هذا إلا أفك افتراه وأعانه عليه قوما آخرون (وإذا تتلي عليهم آياتنا ) الأنفال (31)
قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا
تقدروا نحنا نتكلم بكلام زى ده - هذا كلام محمد افتراه – هذا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة وأصيلا
فقال الله تبارك وتعالي:
(أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون (فليأتوا إذا لو كان تقوله كما قال) فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين )الطور (33)
مش بيقولوا نقدر نقولو زيه لو نشاء لقلنا مثل هذا يله جيبو فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين
ثم تنزل بهم في التحدي فقال: ( فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) هود (13)
ثم نزل في التحدي فقال: ( فأتوا بسورة مثله) يونس (3 8
وتكرر هذا التحدي في مكة للمشركين العرب الأميين فلما هاجر النبي صل الله عليه وسلم إلي المدينة و بها اليهود أهل كتاب تكرر التحدي بأقل مما سبق في مكة حتى لا يقال أن محمد كان يتحدي قوما أميين لا علم لهم لا يقرئون ولا يكتبون ولو تحدانا نحن أهل كتاب لجئنا بمثل ما جاء به
فقال تعالي:
((وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (( البقرة الآية 23
فان لم تفعلوا الآن ولن تفعلوا إلي يوم القيامة فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة بالإيمان بان القران كتاب الله رب العالمين نزل به الروح الأمين علي قلب محمد صلي الله علي وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين
فقال الله لهم إن هذا القرآن الذي تزعمون أن محمدًا افتراه مؤلف من هذه الحروف التي يتألف منها كلامهم الألف واللام والميم والصاد والحاء إلي غيره
فلو كان محمدا افتراه وهو واحد فلن تعجزوا مجتمعين أن تأتوا بشي من مثله
فإن عجزتم مجتمعين عن الإتيان بشي من مثله فمحمد أعجز لأن الواحد أعجز عن ما تعجز عنه الجماعة
فإذا عجزتم مجتمعين عن الإتيان بشي من مثله فمحمد اعجز فآمنوا به ولا تقولوا أساطير الأولين.
قال العلماء ويدلك على رجحان هذا القول أنك لا ترى سورة استفتحت بهذه الحروف المقطعة إلا رأيت الله تعالي في مطلعها يشيد بكتابه و يشير إلي علو منزلته ومكانته وأنه تنزيل رب العالمين اقرأ مثلا هذه السورة
الـم ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ
ثم اقرأ آل عمران
الــم اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ
ثم انزل إلي الحوا ميم فترى الله يقول:
(حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم) غافر
( حم تنزيل من الرحمن الرحيم) فصلت
( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) الجاثية
فالراجح في وجود هذه الحروف المقطعة في أوائل السور أن الله أراد بها إبطال قول المشركين إن محمدا صلى الله عليه وسلم افترى هذا القرآن من عنده،
فقال كذبت إن هذا القرآن مؤلف من هذه الحروف التي يتألف منها كلامكم
ومحمد واحد منكم لسانه لسانكم ولغته لغتكم فإذا عجزتم عن الإتيان بشي من مثل ما جاء به فهو اعجز عنة فدل عجزكم كلكم علي انه كلام الله رب العالمين وليس كلام محمد صلي الله عليه وسلم
الـم ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ
ذا: اسم إشارة
واللام: للبعد
والكاف: للخطاب
وليست كلها اسم إشارة
فهذا اسم إشارة للبعيد
ذلك الكتاب يشير الله تبارك وتعالى إلى علو مكانته وارتفاع منزلته كما قال
(وانه في أم الكتاب لدينا ، لعلي حكيم) الزخرف 4
ذلك الكتاب- الكتاب اسمه القران العظيم سماه الله تبارك وتعالي بذلك دون غيره مما انزل على رسله فذكر التوراة باسمها الإنجيل باسمها وذكر القرآن باسم الكتاب ، الكتاب الجامع لكل العلوم النافعة التي يحتاج الناس إليها في دينهم ودنياهم وآخرتهم
ذلك الكتاب وكأنه لا يستحق شي مجموع من العلم أن يسمي الكتاب سوى ايه؟ سوى القرآن الكريم
" ذلك الكتاب لا ريب فيه "
منقول بتصرف للفائدة
عدل سابقا من قبل انتصار في الخميس 19 فبراير 2009, 9:55 am عدل 2 مرات