الذكر .. دعوة للتأمل | ||
قال صلى الله عليه وسلم : " كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن .. سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم[ " رواه مسلم ] هذه الكلمات تُقال ومعها دافع ورغبة في هذه الغنيمة العظيمة السهلة التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم . فكلمات الحب والتقديس والحمد هي أقصر الطرق إلى رحمات الله عز وجل ، ومستقر هذه الرحمة في جنة عرضها السموات والأرض .. فاللهم لك الحمد حمدا يوافي نعمك ويكافئ مزيدك . وإذا استوت خفة الكلمات على كل لسان ، فلا أظن أن الثقل في الميزان والمحبة إلى الرحمن يتساوى فيها كل العباد ؛ فالذكر المصحوب بظلال المعنى مع حضور القلب وشهود العقل ، غير الذكر بحركة اللسان بين الشفتين فقط ، والعقل ذاهل والقلب غافل ، ودرجات الثقل والمحبة تتفاوت بينهما .. وفي كلّ منهم خير . ومعلوم سبب خفتهما على اللسان ، وذلك لقلة حروفهما مع سهولة المخارج وسلامة النطق بهما . ولكن .. لماذا هما ثقيلتان في الميزان ؟ وما مصدر هذا الثقل ؟ ولماذا هما حبيبتان إلى الرحمن ؟ ألم يستوقفك هذا الحديث يوما فالتمست إجابة عن هذه الأسئلة ؟ العمل مفتاح العلم *** أصل العبارة : أسبّحه .. سبحان الله ، وأسبّح بحمده .. أسبِّحه .. سبحان الله العظيم ، وفعل التسبيح محذوف إلا أنه مقدّر ، أي في حكم المذكور ، ومعناه في الكلمات المنطوقة ؛ لأنها تتطلّب وجودَه . الفعل أسبّح : تعبير عن حال الذاكر وقت الذكر ، وكلمة سُبحان : تعبير عن استحقاق الله تبارك وتعالى للتسبيح والتنزيه في كل وقت .. المستقبل .. والحاضر .. والماضي . وتكرر كلاهما : (أسبح ، سبحان ) في الكلمتين : مرة مع الإحساس بالنعمة والحمد عليها ، ومرة مع الإحساس بعظمة الواهب . في الكلمتين اسمان من أسمائه تبارك وتعالى : الله ، العظيم .. والأول تكرر ذكره مع الحمد على نعمه ، ومع الإحساس بعظمته . وأفضل ما يعين على فهم الحديث أو الآية هو العمل بهما ؛ فالقارئ لوصية النبي صلى الله عليه وسلم " لا يزال لسانك رطبا بذكر الله " . يفهم منه جريان اللعاب في الفم بسبب حركة اللسان بالذكر .. ولكن الذي يديم الذكر يشعر من كلمة ( رطبا ) معنى آخر لا يستطيع أن يصفه ، ولكن يحسه وهو يصلي أو وهو يتلو القرآن .. وكأنه يتذوقه ويشعر بحلاوته في فمه ... !! فهيا نتعايش مع هذه المعاني ، ونحرك ألسنتنا بها تين الكلمتين مع حضور القلب والعقل وسيفتح الله لنا وعلينا من معانيها . سبحان الله وبحمده *** تسبيح الله .. تنزيهه عن كل نقص ، ومباعدته عن كل عيب ، فلا يشعر الإنسان مع ذات الله إلا كل جلال وجمال .. وللحمد معنيان : أولهما الشكر لله على نعمائه والآخر الثناء عليه بما هو أهله .. وإذا كانت نعمه لا تُحصى ، فإن شكرها لا ينقضي عدده .. وإذا كان الشكر جزءا من معنى الحمد ، فإن شكر الله جل شأنه ، ماينفك عن مدحه والثناء والثناء عليه ، ومن هنا كان حمده عبودية كاملة . روى أبو داوود أن رجلا قال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن صاحب الكلمة ؟ فسكت الرجل وظن أنه قد هجم من رسول الله على شيء يكرهه ! فقال النبي : " مَن هو ؟ فإنه لم يقل إلا صوابا " . فقال الرجل : أن قلتها يا رسول الله ، أرجو بها الخير . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لقد رأيت ثلاثة عشر ملكا يبتدرون كلمتك ، أيهم يرفعها إلى الله " . وقد امتلأ الكتاب والسنة بالتسبيح والتنزيه والتمجيد . يقول تعالى : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون . وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون ) ومن العبث تصور التسبيح والتحميد حركة شفتين واضطراب لسان .. إنه تفتّح قلب واتضاح غاية وسفر نفس لربها فالليل والنهار خطوات سير ومراحل طريق سبحان الله العظيم *** إن الشعور بعظمة الله وقدرته الواسعة ، وعلمه الشامل وكرمه الرحب وعفوه الجميل ومودته لخلقه ، وبره بهم ... إن ذلك كله يُفْعم القلوب بالولاء ويطلق الألسنة بالثناء ... وهل الصلوات الخمس في أفعالها وأقوالها إلا هذه المعاني منسقة مرتبة .. فعندما يقف المصلي يقرأ ( الحمد لله رب العالمين ) وعندما يركع يقول : سبحان ربي العظيم ، وعندما يسجد يقول : سبحان ربي الأعلى ، وعندما يقعد يقول : التحيات لله ، وعندما ينهي صلاته يعود مرة أخرى لتسبيح الله وتحميده وتكبيره مئات المرات في أعقاب الصلوات المكتوبات . وفي كل وقت بينهما ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ) . ( وسبح بحمد ربك حين تقوم . ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) ( وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ) إن فقر البشر إلى الله شديد ، وما يستمتعون به من سمع وبصر وأفئدة وغير ذلك مما لا يُحصى ، محض فضل من الله ، ولو شاء استردها في أي لحظة ( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم مَنْ إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون ) ومن أفضل العبادات الإحساس بهذا الفقر بين يدي الله وشدة الحاجة إليه .. نعترف له بعجزنا ليمنحنا القوة وينضّر وجوهنا بالكرامة ، ونبرأ إليه من حولنا وقوتنا ليهبَنا من حوله وقوته ، ونعظم نعمته علينا لتبقى وتزيد ، ويرتفع معها إيماننا به ويقيننا فيه .. ( وما بكم من نعمة فمن الله ) من أسباب الثقل والمحبة *** في الكلمتين تنزيه لله ومناجاة بأسمائه الحسنى ، وإحساس بالنعمة وذِكْر لها : ( فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون ) وفي التسبيح والتنزيه زكاة للقلب ، وفي تقدير النعمة فلاح لصاحبها ودوام لها : ( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ) فالثقل في معنى الكلمتين ، ومحبة الرحمن لهما .. لما فيهما من صدق العبودية .. والثناء على الله بأسمائه الحسنى [ الله ـ العظيم ] ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه النعمان بن بشير : " إن مما تذكرون مِنْ إجلال الله من التسبيح والتحميد والتهليل ، ينعطفن حول العرش لهن دويّ كدويّ النحل ، تذكر صاحبها ، أما يحب أحدكم أن يكون له ما يُذكر به " [ رواه ابن ماجه ] . والوصية أن نردد هاتين الكلمتين ـ ولو قليلا ـ وفي كل مرة نستحضر في قلوبنا وأذهاننا إحدى نعم الله علينا .. نعمة الإسلام ، وستر العيوب ، ومغفرة الذنوب ، ونعمة التفكير ، والتوفيق للذكر ، ... ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم ) واربطوا إخواني وأخواتي بين الآية وختامها وبين الحديث : حبيبتان إلى الرحمن ... !!! سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم |
3 مشترك
الذكر .. دعوة للتأمل
هومه
- مساهمة رقم 1
الذكر .. دعوة للتأمل
مها صبحي- الإدارة
- مساهمة رقم 2
رد: الذكر .. دعوة للتأمل
جزاك الله الجنة حبيبتي هومه
تأملات رائعة
رطب الله ألسنتنا بذكره
تأملات رائعة
رطب الله ألسنتنا بذكره
ام بودى
- مساهمة رقم 3
رد: الذكر .. دعوة للتأمل
الله عليك ياهومه
موضوع رائع و معانى اكثر من رائعة
جزاك الله خيرا
اللهم اعنا على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك
موضوع رائع و معانى اكثر من رائعة
جزاك الله خيرا
اللهم اعنا على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك
زائر- زائر
- مساهمة رقم 4
رد: الذكر .. دعوة للتأمل
بارك الله فيك ياهومه
هذا مرور سريع ولي عودة للتامل فيما كتبت
بوركت وبورك ممشاك
هذا مرور سريع ولي عودة للتامل فيما كتبت
بوركت وبورك ممشاك