أحسن القصص
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
...وموقفنا اليوم مع قوله تعالى:"نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ" (يوسف:3).
ذكر بعض الأدباء أن القصص والأخبار هي "لقاح العقول،ومشكاة الأفهام، وزناد التجارب،ومقياس التيقظ، ومنهاج الاعتبار،وجدد السالك"وهو كذلك،ولهذا كثرت قصص السابقين وأخبار الماضين،في القرآن الكريم،وقد اعتنى القرآن ببيان أخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقد ساق من أخبار أولي العزم من الرسل ومناظراتهم القطع التي لا تنقضي عجائبها،ولا تنضب فوائدها،وإذا كان الأمر كذلك
فلماذا خص وصْف قصة يوسف في هذه السورة بكونها أحسن القصص؟
للعلماء في ذلك اجتهادات عدة:
=فقال بعضهم:سميت أحسن القصص؛لأنها وردت متكاملة من أولها إلى آخرها في نفس السورة،أما بقية القصص فتذكر في عدة مواضع.قصة موسى عليه السلام مثلاً،أشمل موضع ذكرت فيه هو سورة القصص،ومع ذلك فصل فيها في سور أخرى.
=وقال آخرون:إنها وصفت بأنها أحسن القصص لاشتمالها على موضوعات متعددة،وأغراض متنوعة،فقد عالجت مسائل تربوية واجتماعية ودعوية وغير ذلك، ولهذا كانت فيها كما قال الله:"آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ"
=وذهب بعض أهل المعاني إلى أنها وصفت بذلك؛لأن كل من ورد فيها كان مآله حسناً وعاقبته طيبة،فيعقوب رد عليه بصره،وظفر بفلذتي كبده،ويوسف عليهم السلام آتاه الله الملك والحكمة وعلمه من تأويل الأحاديث،وإخوته تاب الله عليهم،وحسن حالهم،بل ذكر بعض أهل العلم أن الله اصطفاهم أنبياء،وما فعلوه لا يتعارض مع عصمة الأنبياء؛لأنهم إنما فعلوا ذلك قبل النبوة،وامرأة العزيز ذكروا لها أخباراً تفيد حسن مآلها،وما جاء في السورة يفيد إقرارها بذنبها،وندمها عليه،وذلك خير،وأهل مصر اجتازوا السبع الشداد،بل كان يأتيهم الناس من أقطارها طلباً لمؤنتهم،وصاحبي السجن أما أحدهما فأسلم ونجا وصار من خاصة الملك،وأما الآخر فدعاه يوسف عليه السلام فوافاه أجله وهو مسلم وتلك غنيمة،أما قتله فإن كان بحق فهو كفارة له وإلا فلن يضيع حقه يوم القيامة،وأجره على الله تعالى.
=ومن تعليقات أهل العلم على هذه السورة قول السعدي في سبب كونها أحسن القصص:"وذلك لصدقها وسلاسة عبارتها ورونق معانيها"،ثم قال :"واعلم أن الله ذكر أنه يقص على رسوله أحسن القصص في هذا الكتاب،ثم ذكر هذه القصة وبسطها،وذكر ما جرى فيها،فعلم بذلك أنها قصة تامة كاملة حسنة،فمن أراد أن يكملها أو يحسنها بما يذكر في الإسرائيليات التي لا يعرف لها سند ولا ناقل وأغلبها كذب،فهو مستدرك على الله،ومكمل لشيء يزعم أنه ناقص،وحسبك بأمر ينتهي إلى هذا الحد قبحاً،فإن تضاعيف هذه السورة قد ملئت في كثير من التفاسير،من الأكاذيب والأمور الشنيعة المناقضة لما قصه الله -تعالى بشيء كثير.
فعلى العبد أن يفهم عن الله ما قصه،ويدع ما سوى ذلك مما ليس عن النبي ينقل.
أسأل الله أن يرزقنا الاعتبار من قصص القرآن،وأن يثبت بها قلوبنا،وأن يرزقنا السير على نهج أولئك الصالحين،والحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا وآله وصحبه أجمعين.
الشيخ ناصر بن سليمان العمر حفظه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
...وموقفنا اليوم مع قوله تعالى:"نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ" (يوسف:3).
ذكر بعض الأدباء أن القصص والأخبار هي "لقاح العقول،ومشكاة الأفهام، وزناد التجارب،ومقياس التيقظ، ومنهاج الاعتبار،وجدد السالك"وهو كذلك،ولهذا كثرت قصص السابقين وأخبار الماضين،في القرآن الكريم،وقد اعتنى القرآن ببيان أخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقد ساق من أخبار أولي العزم من الرسل ومناظراتهم القطع التي لا تنقضي عجائبها،ولا تنضب فوائدها،وإذا كان الأمر كذلك
فلماذا خص وصْف قصة يوسف في هذه السورة بكونها أحسن القصص؟
للعلماء في ذلك اجتهادات عدة:
=فقال بعضهم:سميت أحسن القصص؛لأنها وردت متكاملة من أولها إلى آخرها في نفس السورة،أما بقية القصص فتذكر في عدة مواضع.قصة موسى عليه السلام مثلاً،أشمل موضع ذكرت فيه هو سورة القصص،ومع ذلك فصل فيها في سور أخرى.
=وقال آخرون:إنها وصفت بأنها أحسن القصص لاشتمالها على موضوعات متعددة،وأغراض متنوعة،فقد عالجت مسائل تربوية واجتماعية ودعوية وغير ذلك، ولهذا كانت فيها كما قال الله:"آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ"
=وذهب بعض أهل المعاني إلى أنها وصفت بذلك؛لأن كل من ورد فيها كان مآله حسناً وعاقبته طيبة،فيعقوب رد عليه بصره،وظفر بفلذتي كبده،ويوسف عليهم السلام آتاه الله الملك والحكمة وعلمه من تأويل الأحاديث،وإخوته تاب الله عليهم،وحسن حالهم،بل ذكر بعض أهل العلم أن الله اصطفاهم أنبياء،وما فعلوه لا يتعارض مع عصمة الأنبياء؛لأنهم إنما فعلوا ذلك قبل النبوة،وامرأة العزيز ذكروا لها أخباراً تفيد حسن مآلها،وما جاء في السورة يفيد إقرارها بذنبها،وندمها عليه،وذلك خير،وأهل مصر اجتازوا السبع الشداد،بل كان يأتيهم الناس من أقطارها طلباً لمؤنتهم،وصاحبي السجن أما أحدهما فأسلم ونجا وصار من خاصة الملك،وأما الآخر فدعاه يوسف عليه السلام فوافاه أجله وهو مسلم وتلك غنيمة،أما قتله فإن كان بحق فهو كفارة له وإلا فلن يضيع حقه يوم القيامة،وأجره على الله تعالى.
=ومن تعليقات أهل العلم على هذه السورة قول السعدي في سبب كونها أحسن القصص:"وذلك لصدقها وسلاسة عبارتها ورونق معانيها"،ثم قال :"واعلم أن الله ذكر أنه يقص على رسوله أحسن القصص في هذا الكتاب،ثم ذكر هذه القصة وبسطها،وذكر ما جرى فيها،فعلم بذلك أنها قصة تامة كاملة حسنة،فمن أراد أن يكملها أو يحسنها بما يذكر في الإسرائيليات التي لا يعرف لها سند ولا ناقل وأغلبها كذب،فهو مستدرك على الله،ومكمل لشيء يزعم أنه ناقص،وحسبك بأمر ينتهي إلى هذا الحد قبحاً،فإن تضاعيف هذه السورة قد ملئت في كثير من التفاسير،من الأكاذيب والأمور الشنيعة المناقضة لما قصه الله -تعالى بشيء كثير.
فعلى العبد أن يفهم عن الله ما قصه،ويدع ما سوى ذلك مما ليس عن النبي ينقل.
أسأل الله أن يرزقنا الاعتبار من قصص القرآن،وأن يثبت بها قلوبنا،وأن يرزقنا السير على نهج أولئك الصالحين،والحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا وآله وصحبه أجمعين.
الشيخ ناصر بن سليمان العمر حفظه الله