لا شك أن الدعاء هو العبادة، وأن الدعاء بما ورد من الأدعية النبوية أفضل
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، لكن قد يسمع المرء دعاء فيعجبه،
كما تعجب عمر بن عبد العزيز من دعاء الحجاج بن يوسف الثقفي لما حضرته الوفاة أخذ يدعو ويقول اللهم اغفر لي فإنهم يقولون إنك لا تغفر لي .
كذلك قابلني هذا الدعاء:
قال عمرُ بن عبد العزيز رَضي الله عنه: ما قَوْم أَشْبَه بالسلف من الأعراب لولا جَفَاء
فيهم.
وقال غَيْلان: إذا أَردتَ أن تَسْمع الدُّعاء فاسمع دُعاء الأعراب. قال أبو حاتم: أَمْلَى
علينا أَعرابي! يقال له مرثد:
اللهم اغْفِر لي والجلْدُ بارد، والنَّفْس رابطة، واللَسان مُنْطَلِق، والصُحف مَنْشورة، والأقلام جارية، وَالتوبة مَقْبولة، والأنْفُس مُريحة، والتَضرع مَرْجُو، قبل أَزّ العُروق، وحَشَكِ النًفْس، وعلز الصَّدر، وتَزَيُّل الأوْصال، ونُصول الشَعَر، وتَحيًّف التُّراب.
وقبل ألّا أقدرَ على استغفارك حين يَفْنى الأجَل، ويَنْقَطع العَمَل، أَعِنِّي على الموت
وكُرْبَته،وعلى القَبْر وغُمَّته، وعلى الميزان وخِفّته وعلىِ الصِّراط وزَلَّته، وعلى يوم القيامة ورَوْعته، اغفِر لي مَغْفرة واسعة، لا تُغادر ذَنْباً، ولا تَدَع كَرْباً، اغْفِر لي جميع ما افْتَرَضْتَ عليَّ ولم
أُؤده إليك، اغفر لي جميعَ ما تُبْتُ إليك منه ثم عدْتُ فيه. يا رب، تظاهرَتْ عليّ منك
النِّعم، وتداركتْ عندك منّي الذنوب، فلك الحمد على النِّعم التي تظاهرَتْ، وأستغفرك
للذنوب التي تَدَاركت، وأَمْسيتَ عن عذابي غَنِيّا، وأصبحتُ إلىِ رحمتك فقيراً؟
اللهم إنِّي أسألك نَجَاح الأمَل عند انقطاع الأجل، اللهم اجعل خيْرَ عَمَلي ما وَلي أجَلي، اللهم اجعلني من الذين إذا أعطيتَهم شَكَرِوا، وإذا ابتليتَهم صبروا، إذا هم ذكرتهم ذكروا،
واجعل لي قلباً توَّاباً أواباًً، لا فاجراَ ولا مُرْتاباً، اجعلني من الذين إذا أحسنوا ازدادوا،
وإذا أساءوا استغفروا، اللهمِ لا تُحَقِّق عليَّ العَذاب، ولا تَقْطَع بي الأسباب،
واحفظني في كل ما تًحِيط بن شفَقتي، وتأتي من ورِائه سُبْحَتي، وتَعْجِز عنه قُوَّتيِ، أَدْعوك دُعاء خَفيفٍ عمله، مُتَظاهرةٍ ذُنوبهُ، ضنينٍ على نفسِه، دُعاءَ مَن بدنه ضعَيف، ومُنَّته عاجزة، قد انتهت عُدَّته،
وخَلُقَت جِدَّته، وتمَّ ظِمْؤهُ. اللهم لا تُخَيِّبني وأنا أَرْجوك، ولا تُعَذِّبني وأنا أدعوك،
والحمدُ للّه على طُول النَّسيئة، وحُسن!التِّباعة، وتَشنُج العُروق، وإساغة الرِّيق، وتأخّر
الشَّدائد، والحمدُ لله على حَلْمه بعد عِلْمه، وعلى عَفْوه بعد قُدْرَته، والحمد للهّ الذي لا يودي قتيلُه، ولا يَخيب سُولُه، ولا يرَدّ رسولُه، اللهم إنّي أَعوذ بك من الفقر إلّا إليك،
ومن الذُل إلّا لك، وأعوذ بك أن أقول زُوراً، أو أغشى فُجوراً، أو أكون بك مَغْروراً،
أعوذ بك من شماتة الأعداء، وعُضال الداء، وخَيْبة الرَّجاء، وزَوال النَّعمِة، أو فجاءة
النِّقمة، دعا أعرابيّ وهو يَطوف بالكَعْبة، فقال: إلهي، مَنْ أَوْلى بالتَقْصير والزّلَل منّي وأَنتَ خَلَقتني، ومَن أَوْلى بالعَفْو منك عَنّي، وعِلْمكُ بي مُحيط، وقَضاؤك فيّ ماض.
إلهي أطعْتًك بقُوَّتك والمِنَّة لك، ولم أحْسِن حين أَعْطَيْتَني، وعَصَيْتك بِعلْمك، فَتَجَاوز عن
الذُّنوب التي كَتبتَ عليَّ، وأسألك يا إلهي بوجوب رَحْمَتك، وانقطاع حُجتّي، وافتقاري إليك، وغِنَاك عنّي، أن تَغفِر لي وتَرْحمني. اللهم إِنّا أطعناك في أحبِّ الأشياء إليك، شَهادِة
أنْ لا إله إلّا أنت وَحْدَك، لا شريكَ لك، ولم نَعْصِك في أبغض الأشياء إليك، الشَّرْكِ بك،
فأغفر لي ما بين ذلك. اللهم إنّك انسُ المُؤنسين لأوليائك، وخَيْر المعنيين للمُتوكلين
عليك. إلهي، أنت شاهدُهم وغائبهم والمُطلع على ضمائرهم وسرِّ ي لك مَكشوف، وأنا
إليك مَلهوف، إذا أَوْحشتني الغُرْبة، انسني ذِكرُك، وإذا أكَبَّتْ عليَّ الهُموم لجأْتُ إلى
الاستجارة بك، عِلْماً بأن أزِمَّة الأمور كُلِّها
بيدك، ومَصْدَرَها عن قَضائك، فأَقلّني إليك مَغْفُوراً لي، مَعْصوماً بطاعتك باقيَ عُمري، يا
أَرْحَم الراحمين.
منقول