كتاب : بلاغة الكلمة في التعبير القرآني
كتب الدكتور فاضل السامرائي
مقدمة الكتاب
كتب الدكتور فاضل السامرائي
مقدمة الكتاب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين إمام الهدى محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
هذا كتاب يبحث في المفردة في القرآن الكريم . والمقصود بـ (المفردة) هو الكلمة الواحدة كما هو معلوم.
إن موضوع المفردة في القرآن في القرآن موضوع واسع متشعب الأطراف متعدد المناحي، غير أني آثرت أن أبحث باختصار أموراً أراها ذات أهمية خاصة فيما أحسب، وإن كان التعبير القرآني كله مهماً.
وهذه الأهمية تعود إلى أكثر من سبب:
منها: أن قسماً مما بحثته في هذا الكتاب لم أجد المعنيين بدراسة بلاغة القرآن والمعنيين بدراسة المتشابه قد أشاروا إليه فيما وقع بين يدي من المصادر، وإن كان لا يبعد أن يكون مطروقاً في الأسفار التي لم يُسعفنا الحظ في الوصول إليها وما أكثرها!
وذلك نحو كثير من أحوال الذكر والحذف في المفردة نحو (تنزّل) و(تتنزّل)، و(توفاهم) و(تتوفاهم)، و(نبغ) و(نبغي) وغيرها.
وذلك كقوله تعالى: "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ " (القدر 4)، وقوله: "تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا " (فصلت 30).
وقوله: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ " (النساء 97)، وقوله (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ" (النحل 28).
وقوله: "قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ" (الكهف 64)، وقوله: "قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي " (يوسف 65).
ونحو كثير من أحوال الإبدال في المفردة مثل (يضّرّعون) و(يتضرعون)، و(يذّكّرون) و(يتذكرون)، و(اطّيرنا) و(تطيرنا)، وكاستعمال (اللآئي) و(اللآتي) وغيرها كقوله تعالى: "قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ" (يس 18)، وقوله: "قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ" (النمل 47).
ولا شك أن كل مفردة وُضعت وضعاً فنياً مقصوداً في مكانها المناسب. وأن الحذف من المفردة مقصود كما أن الذكر مقصود وأن الإبدال مقصود كما أن الأصل مقصود، وكل تغيير في المفردة أو إقرار على الأصل مقصودٌ له غرضه، كما سنبيّن ذاك ما وسعنا البيان.
والسبب الآخر الذي دعاني إلى تناول هذه المباحث هو أن قسماً مما بحثته قد طرقه الباحثون قبلي وحاولوا أن يتلمسوا الفروق بين استخدام المفردات غير أني لم أقتنع بقسم من هذه التعليلات، ورأيت أن كثيراً منها متكلّف فحاولت أن أُعللها تعليلاً آخر وجدته أشفى لنفسي وأكثر اقناعاً لي، وأنا لا أزعم أني أتيت بأحسن مما ذكروه، وأن توجيهي أصوب مما ذهبوا إليه ولكني أذكر ما وجدته في نفسي.
وهذا نحو توجيه (فعّل) و(أفعل) بمعنى (نزّل) و(أنزل) و(نجّى) و(أنجى) كقوله تعالى: "مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ " (الأعراف 71)
وقوله: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ " (يوسف 40) وقوله: "فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ " (يونس 73)، وقوله: "فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ " (الشعراء 119).
وكاستعمال الإفراد والتثنية والجمع كالنخل والنخيل.
وتعاور المفردات كالعاكفين والقائمين في قوله تعالى: "أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (البقرة: 125)، وقوله: "وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (الحج:26) وما إلى ذلك.
ثم إن هناك أمراً آخر دعاني إلى تناول مثل هذه الأبحاث وهو أني لم أجد في شأن المفردة في القرآن الكريم وتعليل استعمالها كتباً مختصة في حدود ما اطلعت عليه.
نعم هناك في كتب التفسير وكتب المتشابه وغيرها إشارات إلى سبب اختيار هذه اللفظة في هذا الموضع دون غيرها من المتشابه كاختيار (يخرصون) في قوله: "وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ " (لأنعام: 116) واختيار (يظنون) في قوله: "وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" (البقرة: 78) أو استعمال (القسط) في قوله: "وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" (يونس ـ 54) واستعمال (الحق) في قوله: "وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " (الزمر:69).
كما أن هناك كتباً في مفردات غريب القرآن قد تذكر الفرق بين لفظة وأخرى كالفرق بين جاء وأتى، والفرق بين الصراط والطريق والسبيل، والفرق بين (يفعلون) و(يعملون) و(يصنعون) وهو أشبه بما يُكتب في الفروق اللغوية. غير أني لم أر كتاباً يبحث في المفردة في القرآن ويُبوبها على الموضوعات ويجمع ما تشابه من ذلك ويدرسه. فحاولت أن أضع بداية متواضعة في هذا الموضوع فلعلّه يأتي من يُتم هذا العمل ويتوسّع فيه.
وقد ترى أن لم أبحث في هذا الكتاب موضوعات كان من المتوقع أن أبحثها كالإدغام والفكّ نحو (من يرتد) و(من يرتدد) وكالفروق اللغوية كالخوف والخشية والشُّح والبخل والصراط والسبيل والاختلاف بين المصادر ونحوها فأقول:لقد حاولت أن أتجنب كثيراً مما بحثته في كتبي السابقة قدر الإمكان كموضوع الإدغام والفك الذي ترددت آياته في أكثر من موضوع في كتاب (التعبير القرآني) وكتاب (الجملة العربية) ونحو كثير من معاني الأبنية كالمصادر والجموع وغيرها مما بحثته في كتاب (معاني الأبنية في العربية).
أما الموضوعات الأخرى التي لم أبحثها فإن الكلام فيها يتّسع اتساعاً كبيراً فلعلّ الله ييسر لنا أن تكتب فيها شيئاً في قابل الأيام.
وهناك أمر مهم جدير بأن أنبّه عليه وما كنت لأذكره لولا أني رأيت جملة من حملة العلم أشاروا إليه. وذلك أن في أثناء إلقاء محاضرات من هذا الموضوع على جماعة من أهل العلم وعلى طلبة الدكتوراة، وفي مواقف أخرى طرح سؤال وهو أن هذه التعليلات قد تكون مقبولة بموجب الرسم القرآني الذي بين أيدينا فكيف يكون التعليل إذا كان الرسم مختلفاً على قراءات أخرى؟
فمثلاً قوله تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ" (القمر:54) لقد عللنا فيه سبب التعبير بـ (نهر) دون الجمع1 فكيف إذا كانت هناك قراءة أخرى (إن المتقين في جنات وأنهار)؟ وقوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ " (النساء: 97) فكيف إذا كانت هناك قراءة أخرى (تتوفاهم)؟
وقوله: "قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ" (الكهف: 64) بحذف الياء فكيف إذا كانت هناك قراءة بإثبات الياء أي (ذلك ما كنا نبغي)؟
وقوله تعالى: "قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ" (النمل:47) فكيف إذا كانت هناك قراءة إبدال أي (قالوا إنا تطيرنا بك)؟
وكاستعمال اللاتي واللآئي وذلك كقوله تعال: "وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ" (الأحزاب:4)، وقوله: "وَاللّاَتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ" ( النساء: 15) وما إلى ذلك.
والجواب أن أركان القراءة الصحيحة ـ كما هو مقرر ـ ثلاثة:
هذا كتاب يبحث في المفردة في القرآن الكريم . والمقصود بـ (المفردة) هو الكلمة الواحدة كما هو معلوم.
إن موضوع المفردة في القرآن في القرآن موضوع واسع متشعب الأطراف متعدد المناحي، غير أني آثرت أن أبحث باختصار أموراً أراها ذات أهمية خاصة فيما أحسب، وإن كان التعبير القرآني كله مهماً.
وهذه الأهمية تعود إلى أكثر من سبب:
منها: أن قسماً مما بحثته في هذا الكتاب لم أجد المعنيين بدراسة بلاغة القرآن والمعنيين بدراسة المتشابه قد أشاروا إليه فيما وقع بين يدي من المصادر، وإن كان لا يبعد أن يكون مطروقاً في الأسفار التي لم يُسعفنا الحظ في الوصول إليها وما أكثرها!
وذلك نحو كثير من أحوال الذكر والحذف في المفردة نحو (تنزّل) و(تتنزّل)، و(توفاهم) و(تتوفاهم)، و(نبغ) و(نبغي) وغيرها.
وذلك كقوله تعالى: "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ " (القدر 4)، وقوله: "تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا " (فصلت 30).
وقوله: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ " (النساء 97)، وقوله (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ" (النحل 28).
وقوله: "قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ" (الكهف 64)، وقوله: "قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي " (يوسف 65).
ونحو كثير من أحوال الإبدال في المفردة مثل (يضّرّعون) و(يتضرعون)، و(يذّكّرون) و(يتذكرون)، و(اطّيرنا) و(تطيرنا)، وكاستعمال (اللآئي) و(اللآتي) وغيرها كقوله تعالى: "قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ" (يس 18)، وقوله: "قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ" (النمل 47).
ولا شك أن كل مفردة وُضعت وضعاً فنياً مقصوداً في مكانها المناسب. وأن الحذف من المفردة مقصود كما أن الذكر مقصود وأن الإبدال مقصود كما أن الأصل مقصود، وكل تغيير في المفردة أو إقرار على الأصل مقصودٌ له غرضه، كما سنبيّن ذاك ما وسعنا البيان.
والسبب الآخر الذي دعاني إلى تناول هذه المباحث هو أن قسماً مما بحثته قد طرقه الباحثون قبلي وحاولوا أن يتلمسوا الفروق بين استخدام المفردات غير أني لم أقتنع بقسم من هذه التعليلات، ورأيت أن كثيراً منها متكلّف فحاولت أن أُعللها تعليلاً آخر وجدته أشفى لنفسي وأكثر اقناعاً لي، وأنا لا أزعم أني أتيت بأحسن مما ذكروه، وأن توجيهي أصوب مما ذهبوا إليه ولكني أذكر ما وجدته في نفسي.
وهذا نحو توجيه (فعّل) و(أفعل) بمعنى (نزّل) و(أنزل) و(نجّى) و(أنجى) كقوله تعالى: "مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ " (الأعراف 71)
وقوله: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ " (يوسف 40) وقوله: "فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ " (يونس 73)، وقوله: "فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ " (الشعراء 119).
وكاستعمال الإفراد والتثنية والجمع كالنخل والنخيل.
وتعاور المفردات كالعاكفين والقائمين في قوله تعالى: "أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (البقرة: 125)، وقوله: "وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (الحج:26) وما إلى ذلك.
ثم إن هناك أمراً آخر دعاني إلى تناول مثل هذه الأبحاث وهو أني لم أجد في شأن المفردة في القرآن الكريم وتعليل استعمالها كتباً مختصة في حدود ما اطلعت عليه.
نعم هناك في كتب التفسير وكتب المتشابه وغيرها إشارات إلى سبب اختيار هذه اللفظة في هذا الموضع دون غيرها من المتشابه كاختيار (يخرصون) في قوله: "وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ " (لأنعام: 116) واختيار (يظنون) في قوله: "وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" (البقرة: 78) أو استعمال (القسط) في قوله: "وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" (يونس ـ 54) واستعمال (الحق) في قوله: "وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " (الزمر:69).
كما أن هناك كتباً في مفردات غريب القرآن قد تذكر الفرق بين لفظة وأخرى كالفرق بين جاء وأتى، والفرق بين الصراط والطريق والسبيل، والفرق بين (يفعلون) و(يعملون) و(يصنعون) وهو أشبه بما يُكتب في الفروق اللغوية. غير أني لم أر كتاباً يبحث في المفردة في القرآن ويُبوبها على الموضوعات ويجمع ما تشابه من ذلك ويدرسه. فحاولت أن أضع بداية متواضعة في هذا الموضوع فلعلّه يأتي من يُتم هذا العمل ويتوسّع فيه.
وقد ترى أن لم أبحث في هذا الكتاب موضوعات كان من المتوقع أن أبحثها كالإدغام والفكّ نحو (من يرتد) و(من يرتدد) وكالفروق اللغوية كالخوف والخشية والشُّح والبخل والصراط والسبيل والاختلاف بين المصادر ونحوها فأقول:لقد حاولت أن أتجنب كثيراً مما بحثته في كتبي السابقة قدر الإمكان كموضوع الإدغام والفك الذي ترددت آياته في أكثر من موضوع في كتاب (التعبير القرآني) وكتاب (الجملة العربية) ونحو كثير من معاني الأبنية كالمصادر والجموع وغيرها مما بحثته في كتاب (معاني الأبنية في العربية).
أما الموضوعات الأخرى التي لم أبحثها فإن الكلام فيها يتّسع اتساعاً كبيراً فلعلّ الله ييسر لنا أن تكتب فيها شيئاً في قابل الأيام.
وهناك أمر مهم جدير بأن أنبّه عليه وما كنت لأذكره لولا أني رأيت جملة من حملة العلم أشاروا إليه. وذلك أن في أثناء إلقاء محاضرات من هذا الموضوع على جماعة من أهل العلم وعلى طلبة الدكتوراة، وفي مواقف أخرى طرح سؤال وهو أن هذه التعليلات قد تكون مقبولة بموجب الرسم القرآني الذي بين أيدينا فكيف يكون التعليل إذا كان الرسم مختلفاً على قراءات أخرى؟
فمثلاً قوله تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ" (القمر:54) لقد عللنا فيه سبب التعبير بـ (نهر) دون الجمع1 فكيف إذا كانت هناك قراءة أخرى (إن المتقين في جنات وأنهار)؟ وقوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ " (النساء: 97) فكيف إذا كانت هناك قراءة أخرى (تتوفاهم)؟
وقوله: "قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ" (الكهف: 64) بحذف الياء فكيف إذا كانت هناك قراءة بإثبات الياء أي (ذلك ما كنا نبغي)؟
وقوله تعالى: "قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ" (النمل:47) فكيف إذا كانت هناك قراءة إبدال أي (قالوا إنا تطيرنا بك)؟
وكاستعمال اللاتي واللآئي وذلك كقوله تعال: "وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ" (الأحزاب:4)، وقوله: "وَاللّاَتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ" ( النساء: 15) وما إلى ذلك.
والجواب أن أركان القراءة الصحيحة ـ كما هو مقرر ـ ثلاثة:
- صحة السّند.
- موافقة خط المصحف العثماني
- موافقة العربية
ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة أم عن العشرة أم عمن هو أكبر منهم.
هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف 2
فموافقة رسم المصحف العثماني شرط من شروط القراءة الصحيحة، ومتى اختل هذا الشرط فخالفت القراءةُ رسم المصحف دخلت في الضعف والشذوذ أو البطلان.
وبهذا يزول الإشكال فإن كل قراءة تخالف رسم المصحف لا تدخل في الصحيح. وبهذا يتضح أن ليست هناك قراءة صحيحة (إن المتقين في جنات وأنهار) فإن كلمة أنهار تخالف رسم المصحف.
وكذلك ما ورد في (توفّاهم) و (تتوفاهم) فإن توفّاهم تُكتب يتاء واحدة و(تتوفاهم) تُكتب بتاءين، فلا تكون إحداهما مكان الأخرى لآن ذلك مخالف لرسم المصحف.
وكذلك قوله (ما كنا نبغ) فإنه ليست هناك قراءة معتمدة بإثبات الياء لأنها رسمت في المصحف بلا ياء.
ونحو قوله (اطّيرنا) فإنه لا يصح أن تُقرأ في الموضع نفسه (تطيرنا) لأنها مخالفة لرسم المصحف.
ونحو اللائي واللاتي فإنهما في الرسم العثماني مختلفتان.
فاللاّئي تُرسم بلا صورة للهمزة (الّ~ئ) أما اللاّتي فتُرسم فيها للتاء صورة (الّتي)
وكذلك سائر ما ذكرناه فإنه لا يصح أن يٌقرأ بما يخالف رسم المصحف فسقطت هذه الشبهة أصلاً.
وأود أن أذكر في الختام أمراً تجدر الإشارة إليه وهو أني حاولت أن أعتمد في التوجيه والترجيح على الأمور اللغوية المسلّمة والقواعد المقررة ـ على قدر علمنا المتواضع ـ والاستعانة بالسياق لتلمُس الفروق في الاستعمال، وهو مهم جداً في الدلالة على سبب الاختيار لئلا تزِلّ بنا القدم، وتذهب بنا بُنيّات الطريق.
نسأل الله أن يلهمنا الرُشد ويهدينا الصراط المستقيم. إنه سميع مجيب.
يتبع مختارات من الكتاب
هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف 2
فموافقة رسم المصحف العثماني شرط من شروط القراءة الصحيحة، ومتى اختل هذا الشرط فخالفت القراءةُ رسم المصحف دخلت في الضعف والشذوذ أو البطلان.
وبهذا يزول الإشكال فإن كل قراءة تخالف رسم المصحف لا تدخل في الصحيح. وبهذا يتضح أن ليست هناك قراءة صحيحة (إن المتقين في جنات وأنهار) فإن كلمة أنهار تخالف رسم المصحف.
وكذلك ما ورد في (توفّاهم) و (تتوفاهم) فإن توفّاهم تُكتب يتاء واحدة و(تتوفاهم) تُكتب بتاءين، فلا تكون إحداهما مكان الأخرى لآن ذلك مخالف لرسم المصحف.
وكذلك قوله (ما كنا نبغ) فإنه ليست هناك قراءة معتمدة بإثبات الياء لأنها رسمت في المصحف بلا ياء.
ونحو قوله (اطّيرنا) فإنه لا يصح أن تُقرأ في الموضع نفسه (تطيرنا) لأنها مخالفة لرسم المصحف.
ونحو اللائي واللاتي فإنهما في الرسم العثماني مختلفتان.
فاللاّئي تُرسم بلا صورة للهمزة (الّ~ئ) أما اللاّتي فتُرسم فيها للتاء صورة (الّتي)
وكذلك سائر ما ذكرناه فإنه لا يصح أن يٌقرأ بما يخالف رسم المصحف فسقطت هذه الشبهة أصلاً.
وأود أن أذكر في الختام أمراً تجدر الإشارة إليه وهو أني حاولت أن أعتمد في التوجيه والترجيح على الأمور اللغوية المسلّمة والقواعد المقررة ـ على قدر علمنا المتواضع ـ والاستعانة بالسياق لتلمُس الفروق في الاستعمال، وهو مهم جداً في الدلالة على سبب الاختيار لئلا تزِلّ بنا القدم، وتذهب بنا بُنيّات الطريق.
نسأل الله أن يلهمنا الرُشد ويهدينا الصراط المستقيم. إنه سميع مجيب.
يتبع مختارات من الكتاب