همة المؤمن متعلقة بالآخرة
همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحرِّكه إلى ذكر الآخرة، وكل من شغله شيء؛ فهمَّتُه شغله.
والمؤمن إذا رأى ظلمة؛ ذكر ظلمة القبر، وإن رأى مؤلمًا؛ ذكر العقاب، وإن سمع صوتًا فظيعًا؛ ذكر نفخة الصور، وإن رأى الناس نيامًا؛ ذكر الموتى في القبور، وإن رأى لذة الجنة، فهمَّتُه متعلقة بما ثمَّ، وذلك يشغله عن كل ما تمَّ.
وأعظم ما عنده أنه يتخايل دوام البقاء في الجنة، وأن بقاءه لا ينقطع ولا يزول ولا يعتريه منغص، فيكاد إذا تخايل نفسه متقلبًا في تلك اللذات الدائمة التي لا تفنى يطيش فرحًا، ويَسْهُل عليه ما في الطريق إليها من ألمٍ، ومرضٍ، وابتلاءٍ، وفقد محبوب، وهجوم الموت ومعالجة غصصه.
فإن المشتاق إلى الكعبة يهون عليه رمل زَرُود[1]، والتائق إلى العافية لا يبالي بمرارة الدواء.
ويعلم أن جودة الثمر ثمَّ على مقدار جودة البذر ههنا، فهو يتخيَّر الأجود، ويغتنم الزرع في تشرين العمر من غير فتور.
ثم يتخايل المؤمن دخول النار والعقوبة، فينغِّص عيشه، ويقوى قلقه، فعنده بالحالين شغل عن الدنيا وما فيها، فقلبه هائم في بيداء الشوق تارة وفي صحراء أخرى، فما يرى البنيان.
فإذا نازله الموت؛ قَوِيَ ظنه بالسلامة، ورجا لنفسه النجاة فيهون عليه.
فإذا نزل إلى القبر وجاءه من يسألونه، قال بعضهم لبعض: دعوه فما استراح إلا الساعة.
المرجع: صيد الخاطر
للإمام: ابن الجوزي -رحمه الله-
همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحرِّكه إلى ذكر الآخرة، وكل من شغله شيء؛ فهمَّتُه شغله.
والمؤمن إذا رأى ظلمة؛ ذكر ظلمة القبر، وإن رأى مؤلمًا؛ ذكر العقاب، وإن سمع صوتًا فظيعًا؛ ذكر نفخة الصور، وإن رأى الناس نيامًا؛ ذكر الموتى في القبور، وإن رأى لذة الجنة، فهمَّتُه متعلقة بما ثمَّ، وذلك يشغله عن كل ما تمَّ.
وأعظم ما عنده أنه يتخايل دوام البقاء في الجنة، وأن بقاءه لا ينقطع ولا يزول ولا يعتريه منغص، فيكاد إذا تخايل نفسه متقلبًا في تلك اللذات الدائمة التي لا تفنى يطيش فرحًا، ويَسْهُل عليه ما في الطريق إليها من ألمٍ، ومرضٍ، وابتلاءٍ، وفقد محبوب، وهجوم الموت ومعالجة غصصه.
فإن المشتاق إلى الكعبة يهون عليه رمل زَرُود[1]، والتائق إلى العافية لا يبالي بمرارة الدواء.
ويعلم أن جودة الثمر ثمَّ على مقدار جودة البذر ههنا، فهو يتخيَّر الأجود، ويغتنم الزرع في تشرين العمر من غير فتور.
ثم يتخايل المؤمن دخول النار والعقوبة، فينغِّص عيشه، ويقوى قلقه، فعنده بالحالين شغل عن الدنيا وما فيها، فقلبه هائم في بيداء الشوق تارة وفي صحراء أخرى، فما يرى البنيان.
فإذا نازله الموت؛ قَوِيَ ظنه بالسلامة، ورجا لنفسه النجاة فيهون عليه.
فإذا نزل إلى القبر وجاءه من يسألونه، قال بعضهم لبعض: دعوه فما استراح إلا الساعة.
المرجع: صيد الخاطر
للإمام: ابن الجوزي -رحمه الله-