بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان وركبَ فيه معنى الأنسة بمثيله وشبيهه، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد إمام أهل البر في الصلة، وعلى آله وصحبه ومن سَلكَ على نهجه إلى يوم الدين..
هل واظبنا على ورد المجلس الماضي؟ من ارتقاب الأرزاق الحسية والمعنوية من كلٍ من الأسباب الحسية والمعنوية؟ هل توقعت عندما ذهبت إلى عملك مع حصول المال أن تحصل على المغفرة؟ انتظرت المغفرة كما انتظرت المال؟ “من أمسى كالاً -تعباً- من عمل يده، أمسى مغفوراً له”، هل انتظرت مع تلاوتك لسورة الواقعة كل يوم والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الأجر والمغفرة والصلة به صلى الله عليه وسلم، حصول الرزق؟
هذه المجالس ثمرتها تظهر بالعمل ]العلم ينادي بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل]، في هذا المجلس نكمل ما كنا قد بدأنا به في المجلس الماضي، وهو ما خلـُصنا إليه من الحديث عن الرزق إلى الحديث عن أثر أو تأثر موضوع الرزق بصلتنا بالخلق، ثم تأثرنا نحن في سيرنا إلى الله بصلتنا بالخلق.
أنواع الصلة بالناس من حولنا
النوع الأول : لا اختيار لك في صلتك بهم :
أنت مُجبر على أن تكون ذا صلة بهم، الوالد والوالدة، الوالدان لم تخترهما أبدا، أعجباك لم يعجباك مناسبان غير مناسبين أحسنا إليك أساءا إليك هما والداك، لا خيار في المسألة، الأرحام (الأعمام العمات الخالات الأخوال أبناء العمومة أبناء الخؤولة الأجداد الجدات…..) هل اخترتهم؟ أيضاً لم تخترهم. هذا النوع من الناس الذين لا خيار لك في الصلة بهم، الأمر في ارتباط صلتك بهم في سيرك إلى الله قوي فلا يمكن أن يصح سيرك إلى الله إذا أخللت بالصلة مع هؤلاء، لماذا؟ لأن هذه الصلة لم يكن لك فيها اختيار فاختبار العبودية فيها قوي، أنت لم تختار والديك، ولو اخترت ربما قد تختار والدين غير هذين أو مستوى مختلف أو نوعية مختلفة أو أخلاقيات مختلفة، ربما!! وهنالك الكثير قد أكرمهم الله بوالدين ليس في نيته أو في خاطره أن يفكر في غيرهما، أحمد الله على والدي، لكن هنا وجه العبودية، السير إلى الله عبودية، جعل لك والدين لم تخترهما ثم جعل لهما حقوقاً عليك، ولاحظوا..
كلما فـُقِدَ الاختيار كلما كانت الحقوق أقوى، وكلما حصل شيء من الإختيار كلما كانت الحقوق أخف، الأصدقاء والأصحاب أنت تختارهم في الغالب، أنت الذي تختار من يناسبك من بين ثلاثين أو أربعين طالب في الصف الذي تدرس فيه، اخترت من بينهم فلان وفلان وفلان ليكونوا اصحابك، أو ما أعجبوك أثناء الاستراحة تعرفت على غيرهم وصحبتهم، أنت اخترت فلاناً من زملائك العشرة أو العشرين أو الثلاثين في العمل ليكون أنيسك وصاحبك الذي تميل إليه، ها هنا نسبة من الاختيار أوسع، وللصحبة حقوق، لكن أيها أعظم؟ حقوق الصحبة أو حقوق الوالدين؟ حقوق الوالدين، كلها عظيم، لكن أيهما أعظم؟ حقوق الوالدين، لماذا؟ لأن نسبة الإختيار أقل، فيها معنى العبودية لله أكبر، أنا اخترت لك هذين وقلت لك أن تـُحسن إليهما، أمرتك.. هل تمتثل أو لا تمتثل؟ أمرتك بالاحسان إليهما، وجعلت الإحسان إليهما أول المطالب بعد التوحيد (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ) مباشرة بعد بعد التوحيد (إِلاَّ إِيَّاهُ)، (وَبِالْوَالِدَيْنِ) فجعل الإحسان إلى الوالدين أول مطلب بعد التوحيد، وجعل عقوق الوالدين أشد كبيرة بعد الشرك، (أكبر الكبائر) كما جاء في الحديث الصحيح قال “الإشراك بالله وعقوق الوالدين” وكان متكئً فجلس وقال “ألا وشهادة الزور” صلى الله عليه وآله وسلم، طيب يا رب أنا ما اخترتهما، واحد يقول والدي سيئا الخـُلق آذياني لم يعطياني حقي، أنت مُطالب من الله بالاحسان إليهما، أنا متضايق من الوالدين، أنت مُطالب من الله بلإحسان إليهما، تـُطيع أو لا تـُطيع؟ هذا اختبار العبودية لله.
فأنواع الصلة التي لا خيار لك فيها هي محكُ العبودية، أنا اخترت لك فلان خالاً وفلانة خالة وفلان عم وفلانة عمة، فيهم من آذاك فيهم من قاطعك فيهم من ضرك فيهم من كاد لكِ فيهن من آذتكِ واغتابتكِ من نمّت عليكِ من حاولت أن تؤذيكِ أو آذتكِ، ولكن مع ذلك نـُهينا عن قطيعة الرحم، في الحديث “ إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرحم، فقال: مه؟ فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فذلك لك“.. خطير مخيف، قطيعة الله لعنة، تخرج من رحمة الله، (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ) عندما ذكر الله الذين يقطعون أرحامهم، إذن موضوع الرحم خطير مخيف، لا عُذر في قطيعة الرحم، آذوك، أساءوا إليك، كادوا لك، ضروك، لا عُذر في القطيعة. يا أخي كل ما تواصلت معهم زادت المشاكل، اجعل الصلة بينك وبينهم على القدر الذي ينفي القطيعة،، السلام عليكم، عليكم السلام، كل عام وأنتم بخير، من العايدين، شهر مبارك، مناسبة زواج مبروك، عزاء عظم الله أجركم، جاء مقتضى من المقتضيات تواصلت معهم، التقيتم في مناسبة تبادئ أنت بالمصافحة والسلام، تبادئين أنتِ بالمصافحة والسلام، أما مسألة القطيعة حرام، ولا عذر في قطيعة الرحم قطُ، لو كان الرحم كافر؟، لو كان الرحِمُ كافراً، قطيعة الحم محرمة، لو كان أحد الوالدين فاسق؟ انظر مدخل الشيطان، أنت سالك إلى الله وسائر تصلي الفرائض في المسجد تصلي الرواتب والوتر والضحى وتقوم الليل ولك ورد من القرآن وماشاء الله حالة ممتازة، لا قدّر الله الوالد أو الوالدة في طريق غير مستقيم، الوالد يشرب ولا يعمل كذا ولا يؤذي، لا لا لا هذا فاسق اتقي الله يا أبي حرام أنت تدخل النار أي نوع من الآباء أنت،. تعال تعال تعال، أنت سائر إلى الله؟ أنت هنا تضحك على نفسك أو نفسك تضحك عليك كلاهما إشكال، أنت تضحك على نفسك تقول انك تنصح أنت هنا لا تنصح أنت تتمرد على مفهوم البنوة أنت تتمرد على مفهوم البـِـر بالوالدين، كيف أتمرد على مفهوم البر بالوالدين؟ أنا أغضب لله،، لا، ما هكذا يكون الغضب لله.
لو كان هذا الأب كافراً، الكفر أشد من المعصية، لو كان الأب يُطالبك بالكفر (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) المعصية لا تطعها “لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق“، لا أب لا أم لا ملك لا رئيس لا وزير لا كبير لا صغير لا زوج لا زوجة، لكن لا طاعة تقوم تضارب وتصايح وتتمرد؟، لا، (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً). إذن الرحم الذي يسيء، أو الأب والأم الذَين يُسيئان الاسائة التي تصدر منهم لا تـُبرر القطيعة هذا سير إلى الله علاقة متعلق بالسير إلى الله.
النوع الثاني: لك نسبة من الإختيار ونسبة من الاضطرار في صلتك بهم :
كالجيران، أنت اخترت البيت واحياناً الظروف، في نسبة ونسبة، سبحان الله جعل حقوق الذين هناك نسبة من الاختيار ونسبة من عدم الاختيار أكبر من حقوق من نسبة الاختيار أكبر، انظر لاحظ.. كلما زادت مساحة الاختيار كلما قلت عظمة الحقوق وكلما ضاقت مساحة الاختيار كلما اشتدت مسألة الحقوق. الجار، “لا يؤمن من بات طاعماً وجاره جائع” نفى النبي الايمان، واحد يبيت شبعان وجاره جائع،…. لم يكمل إيمانك، “من لم يأمن جاره ضوائقه” لا يأمنه ينظر إلى نساءنا أو يرمينا بالحجارة، يذهب شيء من الأرض النبي نفى إيمان هذا الإنسان، فكيف يكون سائر إلى الله؟
* قصة : الإمام أبو حنيفة رحمه الله (الإمام الأعظم) له قصة لطيفة في هذا الباب، كان له جار، الجار هذا مؤذي، ابتـُليَ بهذا الجار المؤذي، نسبة من الاختير أقل تمام؟ كان جاره يضرب على العود يبيت يضرب على العود وكان الجار معجباً بنفسه، صوته نشاز، وإذا جلس الإمام أبو حنيفة مع طلابه يتجاذبون أطراف الحديث في الدرس أو في المذاكرة العلمية يبدأ هو يدق على عوده ويغني أبيات من الشعر يرضي بها شعوره بأن الناس قد ضيعوه (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ) أنا فارس قومي ما عرفوا قيمتي، في الغالب المؤذي لمن يحيط به يكون عنده نسبة من الاغترار بنفسه، انتبه، انتبه، كلما ازداد اغترارك بنفسك والعياذ بالله كلما ازداد أذاك لغيرك، وكلما ازداد تواضعك وفقهك ومعرفتك بنفسك كلما قلَّ أذاك لغيرك،،. المهم.. الإمام أبو حنيفة متضايق والطلاب متضايقون، يا إمام كلم هذا الجار يكف عنـّا أذاه، قال لهم إنه جاري، لا أكدر على جاري، من ناحية لشريعة من حقه أن يشتكيه ولكن الكلام هنا ليس من جانب هناك حق أو ليس هناك حق، الشريعة سبحان الله جاءت لتتناسب مع مقدرات البشر المختلفة، انسان من عموم الناس ما يطيق الأذى يجوز شرعا له ان يشتكي لأنه أوذي، لكن نحن لا نتكلم عن عموم المسلمين نحن نتكلم عن من؟ عنك ايها السائر إلى الله يا من تريد نيل منزلة قريبة من الله وأنت قادر على ذلك بإذن الله، لا تقل أنا وين وأبو حنيفة وين؟ لا. لا، قادر بإذن الله، الذي أعطى أبو حنيفة لايزال يعطي سبحانه وتعالى لايزال يُكرم جل جلاله وتعالت عظمته..
ليلة من الليالي تذاكروا الدرس ولم يسمعوا الصوت فأثناء الدرس بعد ان انقضت فترة انتبه الإمام أبو حنيفة قال أين صاحبنا (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ)؟ سبحان الله بعض الناس يُفتقدون اذا غاب أذاهم وبعض الناس يفتقدون إذا غاب خيرهم، أنت من أيهم؟ هل يفتقدك الناس اذا غبت يفتقد الناس منك الأذى السوء،.. أم انك من النوع اذا غبت اذا افتقدك الناس افتقدوا الوجه اللطيف الحسن البشوش الأخلاق الة العطاء البر الصدق؟ انظر عندما تغيب من هذه الحياة ماذا سيفتقد الناس منك؟ المسألة متعلقة بالصلة بالناس لازلنا لم نخرج عن الموضوع، الإمام أبو حنيفة “أين صاحبنا؟” فضحك الطلاب، كل واحد ينظر إلى الآخر ويضحك، قال مابالكم؟ قالوا قد خلصك الله من شره، قال وما ذاك أصابه أذى؟ قالوا تعارك مع الشرطة واودَعوه السِجن، قال وجبت وقام الإمام أبو حنيفة، قالوا وما وجبت؟ قال الشفاعة، وذهب في الليل وقد مضى هزيعٌ من الليل وقرع باب الخليفة في بغداد من في الباب؟ قال النعمان أبو حنيفة، يقول الحاجب أبو حنيفة!! مو مصدّق، أبو حنيفة لا يأتي إلى الخليفة إلا إذا طلبه الخليفة، فتح الباب فإذا به أبو حنيفة وقال له أهلا سيدي، قال أريد أن أقابل الخليفة، قال سيدي الخليفة قد دخل إلى أهل بيته لا أدري أنام أم لا يزال مستيقظ، قال فانظر واسأل عنه، فقرع الحاجب على الخليفة يسأل… من؟ قال له سيدي أبا حنيفة في الباب، قال أجُنِنت؟ إن أبا حنيفة لا يأتينا في النهار سيأتينا في الليل؟ ولا يأتي إلا إذا طلبناه وأفتقدناه، قال إنه في الباب، لبس الخليفة ما تيسر وخرج… ما القصة يا أبا حنيفة؟ قال لي جار قد حبسته الشرطة إن كان مسيئاً فأنا كفيله ضميته أدفع مال وإن كان مضمون فاطلقوه، قال أمن أجل هذه قد جئت في هذه الساعة؟ قال إنه جاري يا أمير المؤمنين .
- يا أصحاب الوجاهات لا تترددوا في بذل وجاهاتكم لنفع الخلق فإن لكل شيء زكاة، وزكاة الجاه بذله للمستحقين، لا تظن أن وجاهتك وجاهك سيذهب، أهل المال وأهل السلطان يفرقون بين من يأتي يتكلم في شؤونه الخاصة وبين من يأتي يتكلم بشؤون من هم أهل استحقاق، بالمعروف بقدر المستطاع والأمور بموازينها- ..
قال له غداً تعال إن شاء الله تعالى ونـُصدر الأمر بما تريد، قال الليلة يا أمير المؤمنين إن شئت، قال الليلة يا أبا حنيفة وأمر الحاجب أن يوقظ من في السجن ليُخرج الرجل، فوقف الإمام أبو حنيفة على مقربة من السجن ينتظر خروج الرجل، فلما خرج الرجل وأقبل على أبا حنيفة مشى الإمام أبو حنيفة فمشى الراجل وراء الإمام أبو حنيفة، فإذا بأبو حنيفة رضي الله عنه يسير ويقول (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ)، قال لم يضيعني أحد أنا الذي أضعت نفسي يا إمام، أشهد الله وأشهدك أني قد تبت، تتلمذ على الإمام أبو حنيفة. غـَيَـرَ أم لم يُغير؟ قوة أم ضعف؟
المشكلة أن الشيطان يضحك علينا يقول نحن لو صبرنا وتعاملنا بالأخلاق يا شيخ الله يهديك الناس قد تغيرت الله يرحم،… أبي حنيفة أين؟ النفس البشرية هيَ هيَ.
لكن السؤال.. هل لك قوة وعزيمة؟ لا تضعف، لا تقل الناس، قل نفسي ضعيفة وابدأ قوي نفسك. لا يا أخي نحن بشر.. ماطالبناك بشيء خارج حدود البشر أنت بشر وأنا بشر، لكن هذه المراقي أنت تستطيعها بإذن الله، واعلم أن هذه قوة “ما ازداد عبداً بعفوٍ إلا عِـزا” هذه قوة، وكلما كنت أنت الأرقى في التعامل مع من كنت مجبراً على الصلة بهم أولاً، أصحاب الحقوق الكبرى، أيضا أقول للآباء الأبناء لهم حقوق “رحم الله أب أعان ابنه على بـِرهِ”
الحمد لله الذي خلق الإنسان وركبَ فيه معنى الأنسة بمثيله وشبيهه، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد إمام أهل البر في الصلة، وعلى آله وصحبه ومن سَلكَ على نهجه إلى يوم الدين..
هل واظبنا على ورد المجلس الماضي؟ من ارتقاب الأرزاق الحسية والمعنوية من كلٍ من الأسباب الحسية والمعنوية؟ هل توقعت عندما ذهبت إلى عملك مع حصول المال أن تحصل على المغفرة؟ انتظرت المغفرة كما انتظرت المال؟ “من أمسى كالاً -تعباً- من عمل يده، أمسى مغفوراً له”، هل انتظرت مع تلاوتك لسورة الواقعة كل يوم والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الأجر والمغفرة والصلة به صلى الله عليه وسلم، حصول الرزق؟
هذه المجالس ثمرتها تظهر بالعمل ]العلم ينادي بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل]، في هذا المجلس نكمل ما كنا قد بدأنا به في المجلس الماضي، وهو ما خلـُصنا إليه من الحديث عن الرزق إلى الحديث عن أثر أو تأثر موضوع الرزق بصلتنا بالخلق، ثم تأثرنا نحن في سيرنا إلى الله بصلتنا بالخلق.
أنواع الصلة بالناس من حولنا
النوع الأول : لا اختيار لك في صلتك بهم :
أنت مُجبر على أن تكون ذا صلة بهم، الوالد والوالدة، الوالدان لم تخترهما أبدا، أعجباك لم يعجباك مناسبان غير مناسبين أحسنا إليك أساءا إليك هما والداك، لا خيار في المسألة، الأرحام (الأعمام العمات الخالات الأخوال أبناء العمومة أبناء الخؤولة الأجداد الجدات…..) هل اخترتهم؟ أيضاً لم تخترهم. هذا النوع من الناس الذين لا خيار لك في الصلة بهم، الأمر في ارتباط صلتك بهم في سيرك إلى الله قوي فلا يمكن أن يصح سيرك إلى الله إذا أخللت بالصلة مع هؤلاء، لماذا؟ لأن هذه الصلة لم يكن لك فيها اختيار فاختبار العبودية فيها قوي، أنت لم تختار والديك، ولو اخترت ربما قد تختار والدين غير هذين أو مستوى مختلف أو نوعية مختلفة أو أخلاقيات مختلفة، ربما!! وهنالك الكثير قد أكرمهم الله بوالدين ليس في نيته أو في خاطره أن يفكر في غيرهما، أحمد الله على والدي، لكن هنا وجه العبودية، السير إلى الله عبودية، جعل لك والدين لم تخترهما ثم جعل لهما حقوقاً عليك، ولاحظوا..
كلما فـُقِدَ الاختيار كلما كانت الحقوق أقوى، وكلما حصل شيء من الإختيار كلما كانت الحقوق أخف، الأصدقاء والأصحاب أنت تختارهم في الغالب، أنت الذي تختار من يناسبك من بين ثلاثين أو أربعين طالب في الصف الذي تدرس فيه، اخترت من بينهم فلان وفلان وفلان ليكونوا اصحابك، أو ما أعجبوك أثناء الاستراحة تعرفت على غيرهم وصحبتهم، أنت اخترت فلاناً من زملائك العشرة أو العشرين أو الثلاثين في العمل ليكون أنيسك وصاحبك الذي تميل إليه، ها هنا نسبة من الاختيار أوسع، وللصحبة حقوق، لكن أيها أعظم؟ حقوق الصحبة أو حقوق الوالدين؟ حقوق الوالدين، كلها عظيم، لكن أيهما أعظم؟ حقوق الوالدين، لماذا؟ لأن نسبة الإختيار أقل، فيها معنى العبودية لله أكبر، أنا اخترت لك هذين وقلت لك أن تـُحسن إليهما، أمرتك.. هل تمتثل أو لا تمتثل؟ أمرتك بالاحسان إليهما، وجعلت الإحسان إليهما أول المطالب بعد التوحيد (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ) مباشرة بعد بعد التوحيد (إِلاَّ إِيَّاهُ)، (وَبِالْوَالِدَيْنِ) فجعل الإحسان إلى الوالدين أول مطلب بعد التوحيد، وجعل عقوق الوالدين أشد كبيرة بعد الشرك، (أكبر الكبائر) كما جاء في الحديث الصحيح قال “الإشراك بالله وعقوق الوالدين” وكان متكئً فجلس وقال “ألا وشهادة الزور” صلى الله عليه وآله وسلم، طيب يا رب أنا ما اخترتهما، واحد يقول والدي سيئا الخـُلق آذياني لم يعطياني حقي، أنت مُطالب من الله بالاحسان إليهما، أنا متضايق من الوالدين، أنت مُطالب من الله بلإحسان إليهما، تـُطيع أو لا تـُطيع؟ هذا اختبار العبودية لله.
فأنواع الصلة التي لا خيار لك فيها هي محكُ العبودية، أنا اخترت لك فلان خالاً وفلانة خالة وفلان عم وفلانة عمة، فيهم من آذاك فيهم من قاطعك فيهم من ضرك فيهم من كاد لكِ فيهن من آذتكِ واغتابتكِ من نمّت عليكِ من حاولت أن تؤذيكِ أو آذتكِ، ولكن مع ذلك نـُهينا عن قطيعة الرحم، في الحديث “ إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرحم، فقال: مه؟ فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فذلك لك“.. خطير مخيف، قطيعة الله لعنة، تخرج من رحمة الله، (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ) عندما ذكر الله الذين يقطعون أرحامهم، إذن موضوع الرحم خطير مخيف، لا عُذر في قطيعة الرحم، آذوك، أساءوا إليك، كادوا لك، ضروك، لا عُذر في القطيعة. يا أخي كل ما تواصلت معهم زادت المشاكل، اجعل الصلة بينك وبينهم على القدر الذي ينفي القطيعة،، السلام عليكم، عليكم السلام، كل عام وأنتم بخير، من العايدين، شهر مبارك، مناسبة زواج مبروك، عزاء عظم الله أجركم، جاء مقتضى من المقتضيات تواصلت معهم، التقيتم في مناسبة تبادئ أنت بالمصافحة والسلام، تبادئين أنتِ بالمصافحة والسلام، أما مسألة القطيعة حرام، ولا عذر في قطيعة الرحم قطُ، لو كان الرحم كافر؟، لو كان الرحِمُ كافراً، قطيعة الحم محرمة، لو كان أحد الوالدين فاسق؟ انظر مدخل الشيطان، أنت سالك إلى الله وسائر تصلي الفرائض في المسجد تصلي الرواتب والوتر والضحى وتقوم الليل ولك ورد من القرآن وماشاء الله حالة ممتازة، لا قدّر الله الوالد أو الوالدة في طريق غير مستقيم، الوالد يشرب ولا يعمل كذا ولا يؤذي، لا لا لا هذا فاسق اتقي الله يا أبي حرام أنت تدخل النار أي نوع من الآباء أنت،. تعال تعال تعال، أنت سائر إلى الله؟ أنت هنا تضحك على نفسك أو نفسك تضحك عليك كلاهما إشكال، أنت تضحك على نفسك تقول انك تنصح أنت هنا لا تنصح أنت تتمرد على مفهوم البنوة أنت تتمرد على مفهوم البـِـر بالوالدين، كيف أتمرد على مفهوم البر بالوالدين؟ أنا أغضب لله،، لا، ما هكذا يكون الغضب لله.
لو كان هذا الأب كافراً، الكفر أشد من المعصية، لو كان الأب يُطالبك بالكفر (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) المعصية لا تطعها “لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق“، لا أب لا أم لا ملك لا رئيس لا وزير لا كبير لا صغير لا زوج لا زوجة، لكن لا طاعة تقوم تضارب وتصايح وتتمرد؟، لا، (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً). إذن الرحم الذي يسيء، أو الأب والأم الذَين يُسيئان الاسائة التي تصدر منهم لا تـُبرر القطيعة هذا سير إلى الله علاقة متعلق بالسير إلى الله.
النوع الثاني: لك نسبة من الإختيار ونسبة من الاضطرار في صلتك بهم :
كالجيران، أنت اخترت البيت واحياناً الظروف، في نسبة ونسبة، سبحان الله جعل حقوق الذين هناك نسبة من الاختيار ونسبة من عدم الاختيار أكبر من حقوق من نسبة الاختيار أكبر، انظر لاحظ.. كلما زادت مساحة الاختيار كلما قلت عظمة الحقوق وكلما ضاقت مساحة الاختيار كلما اشتدت مسألة الحقوق. الجار، “لا يؤمن من بات طاعماً وجاره جائع” نفى النبي الايمان، واحد يبيت شبعان وجاره جائع،…. لم يكمل إيمانك، “من لم يأمن جاره ضوائقه” لا يأمنه ينظر إلى نساءنا أو يرمينا بالحجارة، يذهب شيء من الأرض النبي نفى إيمان هذا الإنسان، فكيف يكون سائر إلى الله؟
* قصة : الإمام أبو حنيفة رحمه الله (الإمام الأعظم) له قصة لطيفة في هذا الباب، كان له جار، الجار هذا مؤذي، ابتـُليَ بهذا الجار المؤذي، نسبة من الاختير أقل تمام؟ كان جاره يضرب على العود يبيت يضرب على العود وكان الجار معجباً بنفسه، صوته نشاز، وإذا جلس الإمام أبو حنيفة مع طلابه يتجاذبون أطراف الحديث في الدرس أو في المذاكرة العلمية يبدأ هو يدق على عوده ويغني أبيات من الشعر يرضي بها شعوره بأن الناس قد ضيعوه (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ) أنا فارس قومي ما عرفوا قيمتي، في الغالب المؤذي لمن يحيط به يكون عنده نسبة من الاغترار بنفسه، انتبه، انتبه، كلما ازداد اغترارك بنفسك والعياذ بالله كلما ازداد أذاك لغيرك، وكلما ازداد تواضعك وفقهك ومعرفتك بنفسك كلما قلَّ أذاك لغيرك،،. المهم.. الإمام أبو حنيفة متضايق والطلاب متضايقون، يا إمام كلم هذا الجار يكف عنـّا أذاه، قال لهم إنه جاري، لا أكدر على جاري، من ناحية لشريعة من حقه أن يشتكيه ولكن الكلام هنا ليس من جانب هناك حق أو ليس هناك حق، الشريعة سبحان الله جاءت لتتناسب مع مقدرات البشر المختلفة، انسان من عموم الناس ما يطيق الأذى يجوز شرعا له ان يشتكي لأنه أوذي، لكن نحن لا نتكلم عن عموم المسلمين نحن نتكلم عن من؟ عنك ايها السائر إلى الله يا من تريد نيل منزلة قريبة من الله وأنت قادر على ذلك بإذن الله، لا تقل أنا وين وأبو حنيفة وين؟ لا. لا، قادر بإذن الله، الذي أعطى أبو حنيفة لايزال يعطي سبحانه وتعالى لايزال يُكرم جل جلاله وتعالت عظمته..
ليلة من الليالي تذاكروا الدرس ولم يسمعوا الصوت فأثناء الدرس بعد ان انقضت فترة انتبه الإمام أبو حنيفة قال أين صاحبنا (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ)؟ سبحان الله بعض الناس يُفتقدون اذا غاب أذاهم وبعض الناس يفتقدون إذا غاب خيرهم، أنت من أيهم؟ هل يفتقدك الناس اذا غبت يفتقد الناس منك الأذى السوء،.. أم انك من النوع اذا غبت اذا افتقدك الناس افتقدوا الوجه اللطيف الحسن البشوش الأخلاق الة العطاء البر الصدق؟ انظر عندما تغيب من هذه الحياة ماذا سيفتقد الناس منك؟ المسألة متعلقة بالصلة بالناس لازلنا لم نخرج عن الموضوع، الإمام أبو حنيفة “أين صاحبنا؟” فضحك الطلاب، كل واحد ينظر إلى الآخر ويضحك، قال مابالكم؟ قالوا قد خلصك الله من شره، قال وما ذاك أصابه أذى؟ قالوا تعارك مع الشرطة واودَعوه السِجن، قال وجبت وقام الإمام أبو حنيفة، قالوا وما وجبت؟ قال الشفاعة، وذهب في الليل وقد مضى هزيعٌ من الليل وقرع باب الخليفة في بغداد من في الباب؟ قال النعمان أبو حنيفة، يقول الحاجب أبو حنيفة!! مو مصدّق، أبو حنيفة لا يأتي إلى الخليفة إلا إذا طلبه الخليفة، فتح الباب فإذا به أبو حنيفة وقال له أهلا سيدي، قال أريد أن أقابل الخليفة، قال سيدي الخليفة قد دخل إلى أهل بيته لا أدري أنام أم لا يزال مستيقظ، قال فانظر واسأل عنه، فقرع الحاجب على الخليفة يسأل… من؟ قال له سيدي أبا حنيفة في الباب، قال أجُنِنت؟ إن أبا حنيفة لا يأتينا في النهار سيأتينا في الليل؟ ولا يأتي إلا إذا طلبناه وأفتقدناه، قال إنه في الباب، لبس الخليفة ما تيسر وخرج… ما القصة يا أبا حنيفة؟ قال لي جار قد حبسته الشرطة إن كان مسيئاً فأنا كفيله ضميته أدفع مال وإن كان مضمون فاطلقوه، قال أمن أجل هذه قد جئت في هذه الساعة؟ قال إنه جاري يا أمير المؤمنين .
- يا أصحاب الوجاهات لا تترددوا في بذل وجاهاتكم لنفع الخلق فإن لكل شيء زكاة، وزكاة الجاه بذله للمستحقين، لا تظن أن وجاهتك وجاهك سيذهب، أهل المال وأهل السلطان يفرقون بين من يأتي يتكلم في شؤونه الخاصة وبين من يأتي يتكلم بشؤون من هم أهل استحقاق، بالمعروف بقدر المستطاع والأمور بموازينها- ..
قال له غداً تعال إن شاء الله تعالى ونـُصدر الأمر بما تريد، قال الليلة يا أمير المؤمنين إن شئت، قال الليلة يا أبا حنيفة وأمر الحاجب أن يوقظ من في السجن ليُخرج الرجل، فوقف الإمام أبو حنيفة على مقربة من السجن ينتظر خروج الرجل، فلما خرج الرجل وأقبل على أبا حنيفة مشى الإمام أبو حنيفة فمشى الراجل وراء الإمام أبو حنيفة، فإذا بأبو حنيفة رضي الله عنه يسير ويقول (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ)، قال لم يضيعني أحد أنا الذي أضعت نفسي يا إمام، أشهد الله وأشهدك أني قد تبت، تتلمذ على الإمام أبو حنيفة. غـَيَـرَ أم لم يُغير؟ قوة أم ضعف؟
المشكلة أن الشيطان يضحك علينا يقول نحن لو صبرنا وتعاملنا بالأخلاق يا شيخ الله يهديك الناس قد تغيرت الله يرحم،… أبي حنيفة أين؟ النفس البشرية هيَ هيَ.
لكن السؤال.. هل لك قوة وعزيمة؟ لا تضعف، لا تقل الناس، قل نفسي ضعيفة وابدأ قوي نفسك. لا يا أخي نحن بشر.. ماطالبناك بشيء خارج حدود البشر أنت بشر وأنا بشر، لكن هذه المراقي أنت تستطيعها بإذن الله، واعلم أن هذه قوة “ما ازداد عبداً بعفوٍ إلا عِـزا” هذه قوة، وكلما كنت أنت الأرقى في التعامل مع من كنت مجبراً على الصلة بهم أولاً، أصحاب الحقوق الكبرى، أيضا أقول للآباء الأبناء لهم حقوق “رحم الله أب أعان ابنه على بـِرهِ”