محاضرات في الوقف والابتداء رسالة ( الوقف الاختياري )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الفرد الصمد الحي القيوم ذي الجلال والإكرام ، المنان بديع السماوات والأرض، ليس له مثيل ولا شبيه ، لا معقب لحكمه ، ولا رادَّ لأمره ، له الحمد في الأولى والآخرة ، والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد : فمن خلال مدارستي لعلم الوقف والابتداء لفترة من الزمن لاحظت أن هذا العلم يحتاج إلى كل العلوم ، سواء اللغوية كالنحو، البلاغة، أم الشرعية كالتفسير وعلومه، والفقه وأصوله، والحديث وعلومه ، والسير والقصص .. إلخ ، ويحتاج إلى مدارسة وتأصيل قد يحتاج إلى فترة من الزمن بحسب قوة الدارس اللغوية والتفسيرية ، وقد حاولت قصارى جهدي الأخذ بأسباب التيسير– مع تقصيري وقلة حيلتي ، وضعف قوتي - وقلة بضاعتي- ، ويعلم الله أنني لست أهلاً للخوض في هذا العلم الغزير بعلومه وفنونه ، الممتلئ بمهارته، فإن أصبت من الله الكريم المنان ، وإن أخطأت فمن نفسي المقصرة والشيطان ، وقد وضعت خطة لـسلسلة منهجية متدرجة لدراسة علم الوقف والابتداء، أسميتها سلسلة : (( دراسة علم الوقف والابتداء )) ، اقتبستها من كتابي (زاد المقرئين – رسالة أضواء البيان)، لتكون بمثابة بداية انطلاق لدراسة هذا العلم . وهذه السلسلة كما يلي:
المستوى الأولى: الوقف الاختياري (الذي بين أيدينا).
المستوى الثاني: الوقف اللازم .
المستوى الثالث: الوقف على (كلا وبلى ونعم ).
وستتوالى بمشيئة الله باقي السلسلة ، ومن المصادر التي تم الرجوع إليها :
1- إيضاح الوقف والابتداء، للعلامة: أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري النحوي - رحمه - الله -، المتوفى عام / 328 هـ .
2- القطع والائتناف، للعلامة: أبي جعفر النحاس – رحمه الله - المتوفى عام: 338 هـ .
3- المكتفى في معرفة الوقف والابتداء ، للإمام أبي عمرو الداني
- رحمه الله - المتوفى عام:444 هـ .
4- علل الوقوف للعلامة، محمد بن طيفور السجاوندي - رحمه الله - ، المتوفى عام:560 هـ .
5- المقصَد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء ، لشيخ الإسلام/ زكريا بن محمد الأنصاري- رحمه الله - المتوفى عام:926 هـ.
6- منار الهدى في بيان الوقف والابتداء للشيخ/أحمد بن محمد بن عبد الكريم الأشموني –رحمه الله – من علماء القرن الحادي عشر الهجري.
وقد كان كتاب المكتفى للإمام الداني – رحمه الله تعالى - العمدة في اختيار الكثير من التبريرات المذكورة في هذا الكتاب .
ومن المصادر التي استفدت منها لقاءات أجريتها مع ثلة من القراء المعاصرين حفظهم الله أجمعين (1) ، ومن المصاحف التي تم الرجوع إليها :
1 ـ مصحف المدينة المنورة، مجمع الملك فهد .
2 ـ مصحف الفتح، دار الفجر ( دمشق) .
3 ـ مصحف الحرمين، ( الشمرلي ) القاهرة .
4 ـ مصحف الأزهر الشريف ، المطابع الأميرية .
وهذه الرسالة خاصة بـرواية حفص عن عاصم ، ولذلك لم أتطرق إلى أثر اختلاف القراءات على الوقف والابتداء .
وبعد، فالكمال عزيز، وهذا عمل بشري لا يخلو من نقص، فإن أصبنا فمن الله الكريم، وإن أخطأنا فمن أنفسنا المقصرة والشيطان أعاذنا الله منه.
أسأل الله - جل وعلا - أن يجعل هذا العمل مفتاح خير لراغبي هذا العلم ، ويرزقنا منه الثواب الأوفى ، وأن يعيننا على استكماله على الوجه الذي يرضيه عنا ، إنه مولانا القادر على ذلك نعم المولى ونعم النصير ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .
(1) كالشيخ رزق خليل حبة ، والدكتور عبد العزيز القارئ، والشيخ إبراهيم الأخضر ، … وغيرهم انظر: زاد المقرئين أثناء تلاوة الكتاب المبين: ص: 151.
موضوعات الرسالة
أولاً : مقدمة عن الوقف والابتداء
ثانيًا : أنواع الوقف الاختياري
ثالثًا : الوقف القبيح
رابعًا : القطع والابتداء
خامسًا : الابتداء المتعين
سادسًا : اختبار شامل
أولاً:مقدمة عن الوقف والابتداء : وتشتمل على :
1 - أهمية دراسة الوقف والابتداء .
2 - تعريفه وأنواعه .
3 - مقدمة عن الوقف الاختياري .
4 - قواعد في المتعلقات اللفظية .
- أهمية دراسة الوقف والابتداء
يُعد الوقف والابتداء من الموضوعات الهامة لحملة القرآن الكريم ، حيث أوجب المتقدِّمون على القارئ معرفة الوقف والابتداء .
سئل الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن قوله تعالى : " وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلا" { المزمل:4 }، فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف ، قال ابنُ الجزري: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته (1) ، وقال في مقدمته :
وَبَعْدَ تَجْوِيدِكَ لِلْحُرُوفِ لابُدَّ مِنْ مّعْرِفَةِ الوقُوفِ
وقال ابن الأنباري: من تمامِ مَعرفةِ القرآن معرفةُ الوقف والابتداء، إذ لا يتأتى لأحدٍ معرفة معاني القرآن إلا بمعرفة الفواصل، فهذا أدلُّ دليل على وجوبِ تعلُّمِه وتعلِيمه اهـ (2).
وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه أنه قال لرجل معه ناقة : أتبيعها بكذا فقال : (( لا عَافَاكَ اللهُ )) ، فقال: لا تقل هكذا ! ، ولكن قل: (( لا وَعَافَاكَ اللهُ )) ، فأنكر عليه لفظه ، ولم يسأله عن نيته )) أ .هـ (3).
وقال أبو جعفر النحاس – رحمه الله تعالى - : (( وقد كره إبراهيم النخعي أن يقال: لا، وَالحمْدُ للهِ ، ولم يكره: (( نعم، والحمد لله )) (4).
(1) انظر: النشر: ص:225 .
(2) انظر: منار الهدى: ص: 5 – 6 ، هداية القارئ: ص:365 .
(3) انظر: القطع والائتناف: ص: 94، والمكتفى: ص: 58 .
(4) انظر: القطع والائتناف : ص: 31 .
* فنون علم الوقف والابتداء :
قال ابن مجاهد: لا يقوم بالتمام في الوقف إلا:
1- نحويّ .
2- عالم بالقراءات .
3- عالم بالتفسير .
4- عالم بالقصص ، وتخليص بعضها من بعض .
5، 6- عالمٌ باللغة التي نزل بها القرآن ، وكذا علم الفقه (1).
* الوقف بحر لا يدرك ساحله: جاء في التقرير العلمي لمصحف المدينة المنورة : وقد صار هذا الشأن عِلمًا جليلا ، صُنفت فيه المصنفات ، وحُرِّرت مسائله وغوامضه، إلا أنه مع ذلك يعد مجالاً واسعًا لإعمال الفكر والنظر ، لأنه ينبني على الاجتهاد في فهم معاني الآيات القرآنية واستكشاف مراميها، وتجلية غوامضها .
وذكر التقرير العلمي كذلك أن الوقف والابتداء بحرٌ لا يدرك ساحله ، ولا يوصل إلى غوره ، وإنَّ اللجنة بذلَتْ جهدها قدر الوسع والطاقة ، وحرَّرتْ ما أمكن لها تحريره من الوقف دون أن تدعي حصر ذلك ولا بلوغ الكمال فيه ، إذ بقي فيه مجال لأهل العلم ممن أوتي حظًا من العلوم التي ذكرها ابن مجاهد، أن يتكلم فيه (2).
1) القطع والائتناف: ص: 94 ، والمكتفى: للإمام أبي عمرو الداني: ص: 58 (2) التقرير العلمي لمصحف المدينة النبوية: 1405هـ ص: 49 .
أسأل الله أن ينفعنا بالعلم النافع ويجعله حجة لنا لا علينا
المرجع : سلسلة الوقف والابتداء ( الوقف الاختياري) لـ جمال القرش
يتابع بإذن الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الفرد الصمد الحي القيوم ذي الجلال والإكرام ، المنان بديع السماوات والأرض، ليس له مثيل ولا شبيه ، لا معقب لحكمه ، ولا رادَّ لأمره ، له الحمد في الأولى والآخرة ، والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد : فمن خلال مدارستي لعلم الوقف والابتداء لفترة من الزمن لاحظت أن هذا العلم يحتاج إلى كل العلوم ، سواء اللغوية كالنحو، البلاغة، أم الشرعية كالتفسير وعلومه، والفقه وأصوله، والحديث وعلومه ، والسير والقصص .. إلخ ، ويحتاج إلى مدارسة وتأصيل قد يحتاج إلى فترة من الزمن بحسب قوة الدارس اللغوية والتفسيرية ، وقد حاولت قصارى جهدي الأخذ بأسباب التيسير– مع تقصيري وقلة حيلتي ، وضعف قوتي - وقلة بضاعتي- ، ويعلم الله أنني لست أهلاً للخوض في هذا العلم الغزير بعلومه وفنونه ، الممتلئ بمهارته، فإن أصبت من الله الكريم المنان ، وإن أخطأت فمن نفسي المقصرة والشيطان ، وقد وضعت خطة لـسلسلة منهجية متدرجة لدراسة علم الوقف والابتداء، أسميتها سلسلة : (( دراسة علم الوقف والابتداء )) ، اقتبستها من كتابي (زاد المقرئين – رسالة أضواء البيان)، لتكون بمثابة بداية انطلاق لدراسة هذا العلم . وهذه السلسلة كما يلي:
المستوى الأولى: الوقف الاختياري (الذي بين أيدينا).
المستوى الثاني: الوقف اللازم .
المستوى الثالث: الوقف على (كلا وبلى ونعم ).
وستتوالى بمشيئة الله باقي السلسلة ، ومن المصادر التي تم الرجوع إليها :
1- إيضاح الوقف والابتداء، للعلامة: أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري النحوي - رحمه - الله -، المتوفى عام / 328 هـ .
2- القطع والائتناف، للعلامة: أبي جعفر النحاس – رحمه الله - المتوفى عام: 338 هـ .
3- المكتفى في معرفة الوقف والابتداء ، للإمام أبي عمرو الداني
- رحمه الله - المتوفى عام:444 هـ .
4- علل الوقوف للعلامة، محمد بن طيفور السجاوندي - رحمه الله - ، المتوفى عام:560 هـ .
5- المقصَد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء ، لشيخ الإسلام/ زكريا بن محمد الأنصاري- رحمه الله - المتوفى عام:926 هـ.
6- منار الهدى في بيان الوقف والابتداء للشيخ/أحمد بن محمد بن عبد الكريم الأشموني –رحمه الله – من علماء القرن الحادي عشر الهجري.
وقد كان كتاب المكتفى للإمام الداني – رحمه الله تعالى - العمدة في اختيار الكثير من التبريرات المذكورة في هذا الكتاب .
ومن المصادر التي استفدت منها لقاءات أجريتها مع ثلة من القراء المعاصرين حفظهم الله أجمعين (1) ، ومن المصاحف التي تم الرجوع إليها :
1 ـ مصحف المدينة المنورة، مجمع الملك فهد .
2 ـ مصحف الفتح، دار الفجر ( دمشق) .
3 ـ مصحف الحرمين، ( الشمرلي ) القاهرة .
4 ـ مصحف الأزهر الشريف ، المطابع الأميرية .
وهذه الرسالة خاصة بـرواية حفص عن عاصم ، ولذلك لم أتطرق إلى أثر اختلاف القراءات على الوقف والابتداء .
وبعد، فالكمال عزيز، وهذا عمل بشري لا يخلو من نقص، فإن أصبنا فمن الله الكريم، وإن أخطأنا فمن أنفسنا المقصرة والشيطان أعاذنا الله منه.
أسأل الله - جل وعلا - أن يجعل هذا العمل مفتاح خير لراغبي هذا العلم ، ويرزقنا منه الثواب الأوفى ، وأن يعيننا على استكماله على الوجه الذي يرضيه عنا ، إنه مولانا القادر على ذلك نعم المولى ونعم النصير ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .
(1) كالشيخ رزق خليل حبة ، والدكتور عبد العزيز القارئ، والشيخ إبراهيم الأخضر ، … وغيرهم انظر: زاد المقرئين أثناء تلاوة الكتاب المبين: ص: 151.
موضوعات الرسالة
أولاً : مقدمة عن الوقف والابتداء
ثانيًا : أنواع الوقف الاختياري
ثالثًا : الوقف القبيح
رابعًا : القطع والابتداء
خامسًا : الابتداء المتعين
سادسًا : اختبار شامل
أولاً:مقدمة عن الوقف والابتداء : وتشتمل على :
1 - أهمية دراسة الوقف والابتداء .
2 - تعريفه وأنواعه .
3 - مقدمة عن الوقف الاختياري .
4 - قواعد في المتعلقات اللفظية .
- أهمية دراسة الوقف والابتداء
يُعد الوقف والابتداء من الموضوعات الهامة لحملة القرآن الكريم ، حيث أوجب المتقدِّمون على القارئ معرفة الوقف والابتداء .
سئل الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن قوله تعالى : " وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلا" { المزمل:4 }، فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف ، قال ابنُ الجزري: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته (1) ، وقال في مقدمته :
وَبَعْدَ تَجْوِيدِكَ لِلْحُرُوفِ لابُدَّ مِنْ مّعْرِفَةِ الوقُوفِ
وقال ابن الأنباري: من تمامِ مَعرفةِ القرآن معرفةُ الوقف والابتداء، إذ لا يتأتى لأحدٍ معرفة معاني القرآن إلا بمعرفة الفواصل، فهذا أدلُّ دليل على وجوبِ تعلُّمِه وتعلِيمه اهـ (2).
وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه أنه قال لرجل معه ناقة : أتبيعها بكذا فقال : (( لا عَافَاكَ اللهُ )) ، فقال: لا تقل هكذا ! ، ولكن قل: (( لا وَعَافَاكَ اللهُ )) ، فأنكر عليه لفظه ، ولم يسأله عن نيته )) أ .هـ (3).
وقال أبو جعفر النحاس – رحمه الله تعالى - : (( وقد كره إبراهيم النخعي أن يقال: لا، وَالحمْدُ للهِ ، ولم يكره: (( نعم، والحمد لله )) (4).
(1) انظر: النشر: ص:225 .
(2) انظر: منار الهدى: ص: 5 – 6 ، هداية القارئ: ص:365 .
(3) انظر: القطع والائتناف: ص: 94، والمكتفى: ص: 58 .
(4) انظر: القطع والائتناف : ص: 31 .
* فنون علم الوقف والابتداء :
قال ابن مجاهد: لا يقوم بالتمام في الوقف إلا:
1- نحويّ .
2- عالم بالقراءات .
3- عالم بالتفسير .
4- عالم بالقصص ، وتخليص بعضها من بعض .
5، 6- عالمٌ باللغة التي نزل بها القرآن ، وكذا علم الفقه (1).
* الوقف بحر لا يدرك ساحله: جاء في التقرير العلمي لمصحف المدينة المنورة : وقد صار هذا الشأن عِلمًا جليلا ، صُنفت فيه المصنفات ، وحُرِّرت مسائله وغوامضه، إلا أنه مع ذلك يعد مجالاً واسعًا لإعمال الفكر والنظر ، لأنه ينبني على الاجتهاد في فهم معاني الآيات القرآنية واستكشاف مراميها، وتجلية غوامضها .
وذكر التقرير العلمي كذلك أن الوقف والابتداء بحرٌ لا يدرك ساحله ، ولا يوصل إلى غوره ، وإنَّ اللجنة بذلَتْ جهدها قدر الوسع والطاقة ، وحرَّرتْ ما أمكن لها تحريره من الوقف دون أن تدعي حصر ذلك ولا بلوغ الكمال فيه ، إذ بقي فيه مجال لأهل العلم ممن أوتي حظًا من العلوم التي ذكرها ابن مجاهد، أن يتكلم فيه (2).
1) القطع والائتناف: ص: 94 ، والمكتفى: للإمام أبي عمرو الداني: ص: 58 (2) التقرير العلمي لمصحف المدينة النبوية: 1405هـ ص: 49 .
أسأل الله أن ينفعنا بالعلم النافع ويجعله حجة لنا لا علينا
المرجع : سلسلة الوقف والابتداء ( الوقف الاختياري) لـ جمال القرش
يتابع بإذن الله تعالى