خيانة امرأة مثالية
غادرت عملها مسرعة، كادت أن تقع وهي تقفز فوق سلالم الدرج، تسارعت أنفاسها وهي تحاول اللحاق بالحافلة، كان عليها أن تسابق الزمن حتى لا ينتظرها أبناؤها طويلا، فقد عبروا لها مرارا عن انزعاجهم من تأخرها في التقاطهم من المدرسة.
ما إن وقفت الحافلة بالقرب من المدرسة حتى قفزت منها وأسرعت الخطى إلى صغارها الذين قابلوها بتجهم، وعاقبوها على بعض التأخير بصمتهم وتقطيبهم طوال طريق العودة إلى المنزل.
دخلت المطبخ دون أن تبدل ملابسها، فقد كان عليها أن تسرع في تسخين الطعام الذي أعدته ليلا، حتى لا تتأخر على أبنائها في الغذاء.
وضعت الطعام أمامهم فتناولوه بضجر، معبرين عن انتقادهم لتشابه وجبات الطعام.. قال الابن الأكبر إن زميله في الفصل يخبره عن أكلات مميزة تعدها والدته باستمرار.. كتمت الأم غصة، وتمنت لو يعرفوا كم بذلت من جهد واقتطعت من ساعات نومها لتعد هذا الطعام.
لم يكن من حقها أن تحظى بقيلولة مثلهم، رغم شدة حاجتها إلى النوم، نظمت البيت بسرعة، ونثرت زخات من معطر المنزل الذي يحبه زوجها، وأسرعت إلى الحمام لتزيل عن جسدها المنهك آثار الإجهاد بوابل من الماء المنعش، ولهثت إلى غرفتها لترتدي ثوبًا أنيقًا، وتجفف شعرها وتعطره.. وضعت قليلا من الزينة على وجهها، نظرت مسرعة إلى وجهها في المرآة.. ابتسمت بمراراة، فقد طافت في ذهنها ذكرى لأيام بعيدة كانت تضع فيها الزينة باحتراف وتمهل، كانت تستمتع بأدق التفاصيل، وتبحث عن الجديد.. أما اليوم فقد أصبح التزين مهمة، تماما كالطهي، ومذاكرة الأبناء، والعلاقة الزوجية، كلها مهام تهدف إلى إنجازها بأقل قدر من النقد.
استقبلت زوجها بعد عودته من العمل، كان صامتًا شاردًا كعادته في الآونة الأخيرة، حاولت مرارًا البحث عن أسباب شروده.. إخراجه من دائرة الصمت، ولكن هذا لم يزده إلا ابتعادًا عنها.. تناولا الطعام سويًا في صمت ثقيل لم يقطعه سوى كلمات قليلة معتادة.
دخل ليحظى بنوم هانيء بعد ساعات العمل المرهقة، كان عليها أن توفر له هدوءًا يساعده على الراحة، وكانت تفعل بلا كلل، وبلا مطالبة بأن تحظى هي براحة مماثلة، فما أن يدخل لينام، حتى يستيقظ الأبناء.. فتذاكر لهم جميعًا، لساعات متواصلة، وتتحين الفرص لتحضر الطعام في هذه الأثناء، وبعد أن يفرغوا من المذاكرة، تصطحبهم في نزهة خاطفة ليغيروا جو المنزل، ويتمكنوا من اللعب في الحديقة المجاورة، وكعادتهم لم يكونوا ممتنين لها، وكانوا يقارنون بين هذه النزهة البسيطة وبين ما يحظى به بعض أقرانهم من الترفيه..
عادوا إلى المنزل، وحضرت لهم وجبة العشاء، كان زوجها لا يزال نائمًا، دخلت إلى الغرفة بهدوء، جلست على السرير إلى جواره، شعرت بالتعب يعم جسدها، وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة الساكنة أخيرًا ليعلن عن نفسه.. مددت جسدها فوق السرير أغمضت عينيها، ولكن رنين هاتفه الجوال قطع عليها مشروع غفوة.. أمسكت الهاتف فوجدت رقما بدون اسم، أغلقت الرنين حتى لا يقلق زوجها.. قلبت الهاتف بين يديها، كان هاتفًا حديثًا، أصر زوجها على اقتنائه، فقد كان حريصًا دوما على أن يكون أنيقًا، وأن يظهر وسط زملائه بشكل ممتاز، كان يخصص جزءًا رئيسيا من راتبه الشهري لمظهره وأغراضه الخاصة التي لم تخلُ من بذخ.. وكان عليها أن تُعوض النقص في البيت من رابتها الخاص، كان راتبها في الحقيقة هو الذي يوفر حاجات الأبناء، ويقيم أركان البيت، رغم أنه لا يبلغ حتى نصف ما يتقاضاه زوجها.
كانت بعض زميلاتها يمتلكن هواتف مثل هاتف زوجها.. ولكنها بالطبع لم تحلم حتى بأن تكون مثلهن، سمحت لنفسها بأن تتعرف على الهاتف، فتحت بعض التطبيقات، أعجبها شكل الرسائل والمكالمات، لم يدر بخلدها ولو للحظة أن تراقبه، أو تطلع على خصوصياته.. كانت فقط تريد أن تتعرف على الهاتف المميز، الذي اضطرت لتغطية ثمنه من حاجات المنزل، فقط ليرضى.. ولكن تجوالها في هاتفه كان به مفاجآت صادمة لها... فقد وجدت صورًا مبتذلة أرسلتها له عدة أسماء نسائية، عبر الرسائل الخاصة والواتس أب.. وجدت رسائل مغرقة بكلام معسول يفيض غرامًا وسفولا من وإلى زوجها، الذي كادت أن تصدق أن الصمت جزءًا من شخصيته، والذي بالفعل نسيت طعم الكلمات الرقيقة منه..
انتفضت نبضات قلبها، حتى لم تعد تشعر بتعبها الجسدي.. مر شريط أيامها أمام عينيها، تسعى لإرضاء الجميع.. والجميع ساخطون، نسيت تماما كل متعة خاصة لها، كل حق لها في الراحة والضحك وتقدير الذات.. كانت مركز حياتهم، وكانوا يعاملونها وكأنها متطفلة عليهم، توفر للجميع أسباب الراحة، ولا يفكر أحد في راحتها، فهي نفسها لا تعتقد أن من حقها أن تكون سعيدة!
استيقظ زوجها ليجد الهاتف في يديها، ودمعاتها مكتومة في عينيها، قال لها بغلظة: ماذا تظنين أنك فاعلة؟!
لم ترد.. فاستطرد: هل تراقبينني؟.. كيف تسمحين لنفسك بالتفتيش في هاتفي؟..
قالت بخفوت: هل تخونني؟
رد بتهكم: أخونك!.. وهل تحسبين نفسك امرأة؟.
قام مسرعا وارتدى ملابسه والتقط هاتفه، تعطر وتأنق وأغلق باب المنزل خلفه بقوة ليتركها بين نيران الصدمة..
ظلت الكلمة تتردد في رأسها: "وهل تحسبين نفسك امرأة؟".
أحاطت بها الأسئلة التي لا ترحم: ماذا ينقصني؟.. فيمَ قصرت؟.. إنني أعيش من أجلهم ولكنهم لا يرضون؟.. لقد تخليت عن كل ما يُسعدني.. ضحيت من أجلهم بكل شيء...
اعتصرت قلبها المراراة، قامت بتثاقل، شعرت بحاجة شديدة إلى الصلاة، توضأت، وفي ظلام غرفتها توجهت إلى ربها.. وكأنها لم تُصلِ منذ سنين، بكت بين يدي الله، شعرت بأنها كانت غائبة طويلًا وعادت إلى الوطن.. أحست بالندم على الأيام المتتالية التي أضاعت فيها لذة الصلاة، ونسيت فيها اللجوء إلى خالقها..
هدأت نفسها، أضاءت مصباحًا خافتًا، مسحت من على مصحفها غبار الإهمال، فتحته، ومن بين دموعها بدأت تقرأ.. يغلبها البكاء ولكنها تقرأ.. أغمضت عينيها، وفكرت في حياتها، لماذا؟..
لماذا أحرم نفسي من كل شيء من أجل من حولي.. ولكن سياط نقدهم وسخطهم تظل تلاحقني؟
لماذا لا أشعر بالسعادة ولا يشعرون هم أيضًا بها رغم كل ما أبذله؟..
لماذا تغيرت مشاعر زوجي تجاهي.. فلم يعد حتى يراني امرأة؟!
احتاج الأمر منها لأسابيع، حتى تُدرك أن التعيس لا يستطيع أن يمنح السعادة.. ففاقد الشيء لا يعطيه.
وأن التضحية ليست كلمة سعيدة، ولا تصلح اختيارًا دائمًا للحياة!
وأن إيجابيتنا الزائدة قد تخنق من حولنا كثيرا.. فيما نظن أننا نسعدهم بها..
احتاجت لجلسات مع النفس، وتأمل لواقعها حتى تصل إلى قناعات غيرت مجرى حياتها، وبدلت ألوانها الرمادية الكئيبة..
وبعد أن قدمت على أجازة بدون مرتب من العمل، كانت أولى الخطوات التي اتخذتها أن تُعلم أبناءها الكثير من مهارات الاعتماد على النفس، فكان على ابنها الكبير أن يصطحب إخوانه ذهابًا وإيابًا إلى المدرسة.. وأن يضع كل منهم جدولًا لمذاكرته، ويجتهد في التحصيل بنفسه، وأن يقتصر دورها على المتابعة.
وضعت حدودًا لهم في معاملتها، فلم يعد مقبولًا لديها أن يتجهموا في وجهها، أو أن يضعوها في مقارنات.. واكتشفت كم يسعد الأبناء باحترام أمهم قبل أن تسعد هي، اكتشفت كم تستوي نفوسهم عندما تكون لديهم قواعد في التعامل معها مبنية على الاحترام.. وجدتهم يقبلون يديها، ويمتنون لها، ويشعرون باحترام ذواتهم وهم يعتمدون على أنفسهم، ويمارسون الأدب والخلق الرفيع في علاقاتهم.. كانت إيجابيتها ومرونتها الزائدة وسعيها لإرضائهم يحول بينهم وبين اكتمال النمو.. يمنعهم من السعادة!
ومع زوجها.. اكتشفت مذهولة أنه كان يحتاج أن يشعر بحاجتها!
أنه كان يحتاج لشعوره بدلالها لا بتضحيتها..
أنه بداخل كل رجل استعدادًا لتدليل امرأة وحمايتها وإسعادها، وأنها إذا لم تكن قابلة لاستقبال ذلك منه لفرط عطائها وغرقها في دور التضحية، فسيبحث عمن تحتاجه.
ليس للخيانة مبرر، فالخائن يخون نفسه ودينه.. ولكن الأسباب قد لا تكون دائمًا مباشرة كما اعتدناها.
وتعلمت أن عليها ألا تتقمص شخصية المرأة الحديدية، وأن على الآخرين أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن من ذكائها أن تدرب زوجها على ممارسة أبوته، فيشارك أبنائه، ويقترب من همومهم.
وأن من حقها الإنساني أن تنام.. فقلة النوم أسرع طريق للمرض الجسدي والنفسي.
وأن الذي لا يرحم نفسه لا يرحمه الآخرون.
وأنه دائمًا إذا ما كلفنا أنفسنا ما لم يكلفنا به الله، طال علينا الطريق، ووجدنا من سفرنا نصبًا.. فلم يكلف الله المرأة النفقة والتربية معًا.. ولم يحملها هم الخارج والداخل. والأهم.. أنها تذكرت أن عليها أن تكون متصلة بالله، وألا تشغلها دوامة الحياة اليومية عن ذكره.
أنا وأنت لسنا وقف للآخرين....
و قصتي هذه وجدتها قصة بيوت كثيره حتى لأناس ملتزمون...زوج يخون زوجته بكل ذلك و أكثر.....
و لذا أقول الى كل زوجه...ارجعي الى نفسك...صححي مسارك...كفاك تضحيات غير محسوسه...اشعري زوجك بحاجتك له و الا سيشعر انك رجل مثله و يبحث عن امرأة غيرك...لا تتركيه وحده لأي سبب......
أفيقي قبل أن تكون الخيانه واقعا مريرا.............
غادرت عملها مسرعة، كادت أن تقع وهي تقفز فوق سلالم الدرج، تسارعت أنفاسها وهي تحاول اللحاق بالحافلة، كان عليها أن تسابق الزمن حتى لا ينتظرها أبناؤها طويلا، فقد عبروا لها مرارا عن انزعاجهم من تأخرها في التقاطهم من المدرسة.
ما إن وقفت الحافلة بالقرب من المدرسة حتى قفزت منها وأسرعت الخطى إلى صغارها الذين قابلوها بتجهم، وعاقبوها على بعض التأخير بصمتهم وتقطيبهم طوال طريق العودة إلى المنزل.
دخلت المطبخ دون أن تبدل ملابسها، فقد كان عليها أن تسرع في تسخين الطعام الذي أعدته ليلا، حتى لا تتأخر على أبنائها في الغذاء.
وضعت الطعام أمامهم فتناولوه بضجر، معبرين عن انتقادهم لتشابه وجبات الطعام.. قال الابن الأكبر إن زميله في الفصل يخبره عن أكلات مميزة تعدها والدته باستمرار.. كتمت الأم غصة، وتمنت لو يعرفوا كم بذلت من جهد واقتطعت من ساعات نومها لتعد هذا الطعام.
لم يكن من حقها أن تحظى بقيلولة مثلهم، رغم شدة حاجتها إلى النوم، نظمت البيت بسرعة، ونثرت زخات من معطر المنزل الذي يحبه زوجها، وأسرعت إلى الحمام لتزيل عن جسدها المنهك آثار الإجهاد بوابل من الماء المنعش، ولهثت إلى غرفتها لترتدي ثوبًا أنيقًا، وتجفف شعرها وتعطره.. وضعت قليلا من الزينة على وجهها، نظرت مسرعة إلى وجهها في المرآة.. ابتسمت بمراراة، فقد طافت في ذهنها ذكرى لأيام بعيدة كانت تضع فيها الزينة باحتراف وتمهل، كانت تستمتع بأدق التفاصيل، وتبحث عن الجديد.. أما اليوم فقد أصبح التزين مهمة، تماما كالطهي، ومذاكرة الأبناء، والعلاقة الزوجية، كلها مهام تهدف إلى إنجازها بأقل قدر من النقد.
استقبلت زوجها بعد عودته من العمل، كان صامتًا شاردًا كعادته في الآونة الأخيرة، حاولت مرارًا البحث عن أسباب شروده.. إخراجه من دائرة الصمت، ولكن هذا لم يزده إلا ابتعادًا عنها.. تناولا الطعام سويًا في صمت ثقيل لم يقطعه سوى كلمات قليلة معتادة.
دخل ليحظى بنوم هانيء بعد ساعات العمل المرهقة، كان عليها أن توفر له هدوءًا يساعده على الراحة، وكانت تفعل بلا كلل، وبلا مطالبة بأن تحظى هي براحة مماثلة، فما أن يدخل لينام، حتى يستيقظ الأبناء.. فتذاكر لهم جميعًا، لساعات متواصلة، وتتحين الفرص لتحضر الطعام في هذه الأثناء، وبعد أن يفرغوا من المذاكرة، تصطحبهم في نزهة خاطفة ليغيروا جو المنزل، ويتمكنوا من اللعب في الحديقة المجاورة، وكعادتهم لم يكونوا ممتنين لها، وكانوا يقارنون بين هذه النزهة البسيطة وبين ما يحظى به بعض أقرانهم من الترفيه..
عادوا إلى المنزل، وحضرت لهم وجبة العشاء، كان زوجها لا يزال نائمًا، دخلت إلى الغرفة بهدوء، جلست على السرير إلى جواره، شعرت بالتعب يعم جسدها، وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة الساكنة أخيرًا ليعلن عن نفسه.. مددت جسدها فوق السرير أغمضت عينيها، ولكن رنين هاتفه الجوال قطع عليها مشروع غفوة.. أمسكت الهاتف فوجدت رقما بدون اسم، أغلقت الرنين حتى لا يقلق زوجها.. قلبت الهاتف بين يديها، كان هاتفًا حديثًا، أصر زوجها على اقتنائه، فقد كان حريصًا دوما على أن يكون أنيقًا، وأن يظهر وسط زملائه بشكل ممتاز، كان يخصص جزءًا رئيسيا من راتبه الشهري لمظهره وأغراضه الخاصة التي لم تخلُ من بذخ.. وكان عليها أن تُعوض النقص في البيت من رابتها الخاص، كان راتبها في الحقيقة هو الذي يوفر حاجات الأبناء، ويقيم أركان البيت، رغم أنه لا يبلغ حتى نصف ما يتقاضاه زوجها.
كانت بعض زميلاتها يمتلكن هواتف مثل هاتف زوجها.. ولكنها بالطبع لم تحلم حتى بأن تكون مثلهن، سمحت لنفسها بأن تتعرف على الهاتف، فتحت بعض التطبيقات، أعجبها شكل الرسائل والمكالمات، لم يدر بخلدها ولو للحظة أن تراقبه، أو تطلع على خصوصياته.. كانت فقط تريد أن تتعرف على الهاتف المميز، الذي اضطرت لتغطية ثمنه من حاجات المنزل، فقط ليرضى.. ولكن تجوالها في هاتفه كان به مفاجآت صادمة لها... فقد وجدت صورًا مبتذلة أرسلتها له عدة أسماء نسائية، عبر الرسائل الخاصة والواتس أب.. وجدت رسائل مغرقة بكلام معسول يفيض غرامًا وسفولا من وإلى زوجها، الذي كادت أن تصدق أن الصمت جزءًا من شخصيته، والذي بالفعل نسيت طعم الكلمات الرقيقة منه..
انتفضت نبضات قلبها، حتى لم تعد تشعر بتعبها الجسدي.. مر شريط أيامها أمام عينيها، تسعى لإرضاء الجميع.. والجميع ساخطون، نسيت تماما كل متعة خاصة لها، كل حق لها في الراحة والضحك وتقدير الذات.. كانت مركز حياتهم، وكانوا يعاملونها وكأنها متطفلة عليهم، توفر للجميع أسباب الراحة، ولا يفكر أحد في راحتها، فهي نفسها لا تعتقد أن من حقها أن تكون سعيدة!
استيقظ زوجها ليجد الهاتف في يديها، ودمعاتها مكتومة في عينيها، قال لها بغلظة: ماذا تظنين أنك فاعلة؟!
لم ترد.. فاستطرد: هل تراقبينني؟.. كيف تسمحين لنفسك بالتفتيش في هاتفي؟..
قالت بخفوت: هل تخونني؟
رد بتهكم: أخونك!.. وهل تحسبين نفسك امرأة؟.
قام مسرعا وارتدى ملابسه والتقط هاتفه، تعطر وتأنق وأغلق باب المنزل خلفه بقوة ليتركها بين نيران الصدمة..
ظلت الكلمة تتردد في رأسها: "وهل تحسبين نفسك امرأة؟".
أحاطت بها الأسئلة التي لا ترحم: ماذا ينقصني؟.. فيمَ قصرت؟.. إنني أعيش من أجلهم ولكنهم لا يرضون؟.. لقد تخليت عن كل ما يُسعدني.. ضحيت من أجلهم بكل شيء...
اعتصرت قلبها المراراة، قامت بتثاقل، شعرت بحاجة شديدة إلى الصلاة، توضأت، وفي ظلام غرفتها توجهت إلى ربها.. وكأنها لم تُصلِ منذ سنين، بكت بين يدي الله، شعرت بأنها كانت غائبة طويلًا وعادت إلى الوطن.. أحست بالندم على الأيام المتتالية التي أضاعت فيها لذة الصلاة، ونسيت فيها اللجوء إلى خالقها..
هدأت نفسها، أضاءت مصباحًا خافتًا، مسحت من على مصحفها غبار الإهمال، فتحته، ومن بين دموعها بدأت تقرأ.. يغلبها البكاء ولكنها تقرأ.. أغمضت عينيها، وفكرت في حياتها، لماذا؟..
لماذا أحرم نفسي من كل شيء من أجل من حولي.. ولكن سياط نقدهم وسخطهم تظل تلاحقني؟
لماذا لا أشعر بالسعادة ولا يشعرون هم أيضًا بها رغم كل ما أبذله؟..
لماذا تغيرت مشاعر زوجي تجاهي.. فلم يعد حتى يراني امرأة؟!
احتاج الأمر منها لأسابيع، حتى تُدرك أن التعيس لا يستطيع أن يمنح السعادة.. ففاقد الشيء لا يعطيه.
وأن التضحية ليست كلمة سعيدة، ولا تصلح اختيارًا دائمًا للحياة!
وأن إيجابيتنا الزائدة قد تخنق من حولنا كثيرا.. فيما نظن أننا نسعدهم بها..
احتاجت لجلسات مع النفس، وتأمل لواقعها حتى تصل إلى قناعات غيرت مجرى حياتها، وبدلت ألوانها الرمادية الكئيبة..
وبعد أن قدمت على أجازة بدون مرتب من العمل، كانت أولى الخطوات التي اتخذتها أن تُعلم أبناءها الكثير من مهارات الاعتماد على النفس، فكان على ابنها الكبير أن يصطحب إخوانه ذهابًا وإيابًا إلى المدرسة.. وأن يضع كل منهم جدولًا لمذاكرته، ويجتهد في التحصيل بنفسه، وأن يقتصر دورها على المتابعة.
وضعت حدودًا لهم في معاملتها، فلم يعد مقبولًا لديها أن يتجهموا في وجهها، أو أن يضعوها في مقارنات.. واكتشفت كم يسعد الأبناء باحترام أمهم قبل أن تسعد هي، اكتشفت كم تستوي نفوسهم عندما تكون لديهم قواعد في التعامل معها مبنية على الاحترام.. وجدتهم يقبلون يديها، ويمتنون لها، ويشعرون باحترام ذواتهم وهم يعتمدون على أنفسهم، ويمارسون الأدب والخلق الرفيع في علاقاتهم.. كانت إيجابيتها ومرونتها الزائدة وسعيها لإرضائهم يحول بينهم وبين اكتمال النمو.. يمنعهم من السعادة!
ومع زوجها.. اكتشفت مذهولة أنه كان يحتاج أن يشعر بحاجتها!
أنه كان يحتاج لشعوره بدلالها لا بتضحيتها..
أنه بداخل كل رجل استعدادًا لتدليل امرأة وحمايتها وإسعادها، وأنها إذا لم تكن قابلة لاستقبال ذلك منه لفرط عطائها وغرقها في دور التضحية، فسيبحث عمن تحتاجه.
ليس للخيانة مبرر، فالخائن يخون نفسه ودينه.. ولكن الأسباب قد لا تكون دائمًا مباشرة كما اعتدناها.
وتعلمت أن عليها ألا تتقمص شخصية المرأة الحديدية، وأن على الآخرين أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن من ذكائها أن تدرب زوجها على ممارسة أبوته، فيشارك أبنائه، ويقترب من همومهم.
وأن من حقها الإنساني أن تنام.. فقلة النوم أسرع طريق للمرض الجسدي والنفسي.
وأن الذي لا يرحم نفسه لا يرحمه الآخرون.
وأنه دائمًا إذا ما كلفنا أنفسنا ما لم يكلفنا به الله، طال علينا الطريق، ووجدنا من سفرنا نصبًا.. فلم يكلف الله المرأة النفقة والتربية معًا.. ولم يحملها هم الخارج والداخل. والأهم.. أنها تذكرت أن عليها أن تكون متصلة بالله، وألا تشغلها دوامة الحياة اليومية عن ذكره.
أنا وأنت لسنا وقف للآخرين....
و قصتي هذه وجدتها قصة بيوت كثيره حتى لأناس ملتزمون...زوج يخون زوجته بكل ذلك و أكثر.....
و لذا أقول الى كل زوجه...ارجعي الى نفسك...صححي مسارك...كفاك تضحيات غير محسوسه...اشعري زوجك بحاجتك له و الا سيشعر انك رجل مثله و يبحث عن امرأة غيرك...لا تتركيه وحده لأي سبب......
أفيقي قبل أن تكون الخيانه واقعا مريرا.............