الوقف على أواخر الكلم وأنواعه
مدخل
...
الوقفُ على أواخرِ الكَلِمِ:
الوقف على أواخر الكلم أنواعه ثلاثة:
1- السكون الْمَحْض، 2- الرَّوْم، 3- الإشْمَام.
وفيما يلي الكلام عليها بالتفصيل:
النوع الأول: السكون المحض
والسكون المحض هو السكون الخالص الذي لا حركة فيه، وهو الأصل في الوقف، وإلى هذا يشير الإمام ابن الجزري في الطَّيِّبَة بقوله:
والأصل في الوقف السكون
وإذا كان الوقوف عليه بالسكون مشددًا فيراعى معه التشديد مثل: {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ} [الأنفال: 42].
والعرب لا يبتدئون بساكن، كما لا يقفون على متحرك؛ لأن الابتداء بالساكن متعذر أو متعسِّر؛ ولأن الوقف بالسكون أخف من الوقف بالحركة.
فإن قيل: الأصل هو الحركة لا السكون فبأي علة يصير السكون أصلا في الوقف؟
والجواب على ذلك: أنه لما كان الغرض من الوقف الاستراحة، والسكون أخف من الحركة كلها، وأبلغ في تحصيل الاستراحة، لذا صار أصلا بهذا الاعتبار1.
النوع الثاني: الرَّوم
والرَّوم كما قال صاحب التيسير: هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب معظم صوتها فتسمع لها صوتًا خفيًّا، هذا الصوت يسمعه القريب المصغي دون البعيد، والمراد بالبعيد الأعم من أن يكون حقيقة أو حكمًا فيشمل الأصم والقريب إذا لم يكون مصغيًا، وقد أشار الإمام الشاطبي إلى هذا المعنى بقوله:
ـــــــ
1 "نهاية القول المفيد" ص218.
ورَوْمُكَ إسماع المحرك واقفًا ... بصوت خفي كل دان تنولا
وقد عرَّفه بعضهم بقوله: هو الإتيان بثلث الحركة بحيث يسمعه القريب دون البعيد.
وهو لا يكون إلا مع القصر في حالة الوقف فقط لقول الإمام الشاطبي: ورومهم كما وصلهم، ويدخل في المجرور والمرفوع من المعربات نحو: {الرَّحِيم} 1، {نَسْتَعِينُ} 2، وكذا المكسور والمضموم من الْمَبْنِيَّات نحو: {هَؤُلاء} 3، {وَمِنْ حَيْثُ} 4، ولا بد مع الروم من حذف التنوين؛ لأن التنوين المجرور أو المرفوع يحذف في حالة الوقف.
ولم يقع الروم في وسط الكلمة إلا في موضع واحد وهو قوله تعالى: {مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا} 5 بيوسف.
وقد عبَّر الإمام الشاطبي عن الرَّوم في هذا الموضع بالإخفاء، أي بإخفاء حركة النون الأولى، يعني بإظهارها واختلاس حركتها حيث قال: "وتأمننا للكل يخفى مفصلا"؛ ولذا يعبر عنه بعضهم بالاختلاس.
وذكر صاحب "إتحاف فضلاء البشر" أن الإشارة في النون الأولى يجعلها بعضهم رومًا فيكون حينئذٍ إخفاء فيمتنع معه الإدغام الصحيح؛ لأن الحركة لا تسكن رأسًا، وإنما يضعف صوتها. انتهى6.
والرَّوم والاختلاس يشتركان في تبعيض الحركة إلا أن الرَّوم يخالفه فلا يكون في المفتوح والمنصوب على الأصح وهو رأي جميع القراء، أما إمام النحو سيبويه فقد أجازه فيهما، إلى ذلك يشير الإمام الشاطبي بقوله:
ولم يَرَهُ في الفتح والنصب قارئ ... وعند إمام النحو في الكل أعملا
ـــــــ
1 سورة الفاتحة: 1.
2 سورة الفاتحة: 5.
3 سورة البقرة: 31.
4 سورة البقرة: 149.
5 سورة يوسف: 11.
6 انظر: "إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر" ص262.
يتبع ان شاء الله
_______
مدخل
...
الوقفُ على أواخرِ الكَلِمِ:
الوقف على أواخر الكلم أنواعه ثلاثة:
1- السكون الْمَحْض، 2- الرَّوْم، 3- الإشْمَام.
وفيما يلي الكلام عليها بالتفصيل:
النوع الأول: السكون المحض
والسكون المحض هو السكون الخالص الذي لا حركة فيه، وهو الأصل في الوقف، وإلى هذا يشير الإمام ابن الجزري في الطَّيِّبَة بقوله:
والأصل في الوقف السكون
وإذا كان الوقوف عليه بالسكون مشددًا فيراعى معه التشديد مثل: {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ} [الأنفال: 42].
والعرب لا يبتدئون بساكن، كما لا يقفون على متحرك؛ لأن الابتداء بالساكن متعذر أو متعسِّر؛ ولأن الوقف بالسكون أخف من الوقف بالحركة.
فإن قيل: الأصل هو الحركة لا السكون فبأي علة يصير السكون أصلا في الوقف؟
والجواب على ذلك: أنه لما كان الغرض من الوقف الاستراحة، والسكون أخف من الحركة كلها، وأبلغ في تحصيل الاستراحة، لذا صار أصلا بهذا الاعتبار1.
النوع الثاني: الرَّوم
والرَّوم كما قال صاحب التيسير: هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب معظم صوتها فتسمع لها صوتًا خفيًّا، هذا الصوت يسمعه القريب المصغي دون البعيد، والمراد بالبعيد الأعم من أن يكون حقيقة أو حكمًا فيشمل الأصم والقريب إذا لم يكون مصغيًا، وقد أشار الإمام الشاطبي إلى هذا المعنى بقوله:
ـــــــ
1 "نهاية القول المفيد" ص218.
ورَوْمُكَ إسماع المحرك واقفًا ... بصوت خفي كل دان تنولا
وقد عرَّفه بعضهم بقوله: هو الإتيان بثلث الحركة بحيث يسمعه القريب دون البعيد.
وهو لا يكون إلا مع القصر في حالة الوقف فقط لقول الإمام الشاطبي: ورومهم كما وصلهم، ويدخل في المجرور والمرفوع من المعربات نحو: {الرَّحِيم} 1، {نَسْتَعِينُ} 2، وكذا المكسور والمضموم من الْمَبْنِيَّات نحو: {هَؤُلاء} 3، {وَمِنْ حَيْثُ} 4، ولا بد مع الروم من حذف التنوين؛ لأن التنوين المجرور أو المرفوع يحذف في حالة الوقف.
ولم يقع الروم في وسط الكلمة إلا في موضع واحد وهو قوله تعالى: {مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا} 5 بيوسف.
وقد عبَّر الإمام الشاطبي عن الرَّوم في هذا الموضع بالإخفاء، أي بإخفاء حركة النون الأولى، يعني بإظهارها واختلاس حركتها حيث قال: "وتأمننا للكل يخفى مفصلا"؛ ولذا يعبر عنه بعضهم بالاختلاس.
وذكر صاحب "إتحاف فضلاء البشر" أن الإشارة في النون الأولى يجعلها بعضهم رومًا فيكون حينئذٍ إخفاء فيمتنع معه الإدغام الصحيح؛ لأن الحركة لا تسكن رأسًا، وإنما يضعف صوتها. انتهى6.
والرَّوم والاختلاس يشتركان في تبعيض الحركة إلا أن الرَّوم يخالفه فلا يكون في المفتوح والمنصوب على الأصح وهو رأي جميع القراء، أما إمام النحو سيبويه فقد أجازه فيهما، إلى ذلك يشير الإمام الشاطبي بقوله:
ولم يَرَهُ في الفتح والنصب قارئ ... وعند إمام النحو في الكل أعملا
ـــــــ
1 سورة الفاتحة: 1.
2 سورة الفاتحة: 5.
3 سورة البقرة: 31.
4 سورة البقرة: 149.
5 سورة يوسف: 11.
6 انظر: "إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر" ص262.
يتبع ان شاء الله
_______